بقيت الأرقام بشأن من سقطوا أمس في درعا وهويّتهم خاضعة لتخمينات ومعلومات غير مؤكدة، بعد أن دخل الجيش المدينة فجر أمس، في حين أعلن دبلوماسيون في الأمم المتحدة، أمس، أن دولاً غربية، وتحديداً بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال، يروجون داخل مجلس الأمن لمشروع إدانة لـ القمع الدامي للتظاهرات في سوريا، فيما تحدثت الولايات المتحدة عن توجه لفرض عقوبات على مسؤولين سوريين .
وأعلن مصدر عسكري أن الجيش دخل إلى درعا لملاحقة ’المجموعات الإرهابية المتطرفة’، متحدثاً عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الجيش و’المجموعات الإرهابية’.
وقال هذا المصدر بحسب ما نقلت عنه وكالة سانا الرسمية ’إن الجيش السوري دخل درعا استجابة لاستغاثات المواطنين والأهالي ومناشدتهم القوات المسلحة ضرورة التدخل، ووضع حد لعمليات القتل والتخريب والترويع الذي تمارسه المجموعات الإرهابية المتطرفة’.
وأضاف البيان أن وحدات من الجيش بمشاركة القوى الأمنية تلاحق المجموعات الإرهابية المتطرفة في المدينة، وتلقي القبض على العديد منهم ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر . وتابع المصدر أسفرت المواجهة عن وقوع عدد من الشهداء والجرحى في صفوف الجيش والقوى الأمنية، كما سقط عدد من القتلى والجرحى فى صفوف المجموعات الإرهابية المتطرفة.
ونقلت فرانس برس’عن ’الناشط’ عبدالله الحريري حديثه عن إطلاق نار كثيف في المدينة، وقال إن ’رجال الأمن دخلوا بالمئات مدعومين بدبابات ومدرعات’ . وأوضح الحريري لمقر الوكالة في نيقوسيا، أن ’الاتصالات الهاتفية والكهرباء قطعت بالكامل تقريباً عن المدينة’ .
ومن جهة أخرى أفاد شهود عيان في ضاحيتي دوما والمعضمية قرب العاصمة السورية دمشق أن قوات الأمن شنت حملة دهم واعتقالات واسعة بعد اقتحامها للضاحيتين.
وارتفع عدد شهداء الاحتجاجات التي بدأت قبل خمسة أسابيع في سوريا -وفق أرقام ناشطين ومنظمات حقوقية دولية بينها منظمة العفو الدولية (أمنستي)- إلى 340 على الأقل، ثلثهم تقريبا سقطوا الجمعة والسبت الماضيين.
تلميح إلى إعلان الطوارئ مجدداً
إلى ذلك، لمح وزير العدل السوري تيسير قلا عواد إلى إمكان إعلان حالة الطوارئ في البلاد خلال المرحلة المقبلة ’إذا استمرت الأعمال التي تعرض الأمن والنظام العام للخطر’ . وأشار إلى أنه من الممكن إعلان حالة الطوارئ مجددا، إذا تعرض الأمن والنظام العام لخطر حقيقي، موضحاً أن ’الفائدة التي ستجنى من المراسيم التي أصدرها الرئيس بشار الأسد مؤخراً عظيمة وتعبير حقيقي عن التطور التشريعي والاجتماعي في سوريا’.
وأضاف أن حالة الطوارئ أنشأت محكمة أمن الدولة كمحكمة استثنائية، وبزوالها عاد الاختصاص إلى القضاء العادي، مشيراً إلى أن أحكام محكمة أمن الدولة العليا كانت تصدر مبرمة، فيما الآن أصبح التقاضي على درجات .
هذا وذكرت مصادر إعلامية سورية أن اللجنة القضائية الخاصة بالتحقيق في حالات القتل باشرت عملها في بانياس . وأشارت إلى أن اللجنة ’استمعت إلى شهادات عدد من المتهمين في حادثة الاعتداء على حافلة عسكرية عند جسر القوز في بانياس على الطريق الدولي بين اللاذقية وطرطوس والتي أدت إلى مقتل ثمانية من أفراد الجيش ومدنيين اثنين’ .
واشنطن تخفض حجم بعثتها في دمشق
ودعت الولايات المتحدة رعاياها إلى مغادرة سوريا وخاصة عائلات مبعوثيها الدبلوماسيين وموظفي السفارة غير الأساسيين، معلنة تخفيض حجم بعثتها في دمشق وإخلاء جزئيا للسفارة. وقالت الخارجية الأميركية إنها أمرت بعض الموظفين غير الأساسيين بسفارتها في دمشق وجميع أسر العاملين بالسفارة بمغادرة البلاد بسبب ’حالة عدم اليقين والاضطراب’.
كما نصحت مواطنيها في سوريا بمغادرتها، وطلبت من الأميركيين عدم السفر إلى هناك.
وفي بيان أصدرته في وقت متأخر من مساء الاثنين، نبهت الوزارة مواطنيها في سوريا بأن محاولات حكومة دمشق تحميل جهات خارجية مسؤولية الاضطرابات التي تشهدها البلاد حاليا ربما تؤدي إلي زيادة المشاعر المعادية للأجانب، وقد يواجه الأميركيون الذين يتم اعتقالهم تهما بالتجسس.
في الوقت نفسه، أوضحت الخارجية الأميركية أن سفارتها في دمشق ستبقى مفتوحة ’لكن لتأدية خدمات محدودة’.
وبالتوازي مع ذلك فقد أعلن مسؤول أميركي أن الخارجية استدعت السفير السوري لدى واشنطن عماد مصطفى للاحتجاج على استخدام العنف ضد المتظاهرين.
وجاءت هذه الخطوة بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض أن واشنطن تدرس جملة خيارات تتعلق بالأوضاع في سوريا بينها فرض ’عقوبات منتقاة’ رداً على ما تصفه إدارة الرئيس باراك أوباما بأعمال قمع وقتل المحتجين.
في الوقت نفسه، أكد البيت الأبيض أن أوباما بحث الأوضاع في سوريا خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حيث عبر عن القلق العميق من استخدام دمشق للعنف، واتفقا على أنه يتعين عليها ’أن تنهي استخدام العنف الآن، وأن تنفذ على الفور إصلاحات ذات مغزى تحترم التطلعات الديمقراطية للمواطنين السوريين’.
عقوبات دولية
في الأثناء، أعلن دبلوماسيون دوليون أن أربع دول أوروبية هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال تروج داخل مجلس الأمن الدولي لمشروع قرار يدين قمع المتظاهرين في سوريا، بهدف زيادة الضغوط على النظام السوري.
وأشار دبلوماسي طلب عدم كشف اسمه الى أن مشروع الإعلان هذا يمكن أن يتم نشره على الملأ (اليوم) إذا ما توصل الأعضاء ال 15 داخل المجلس إلى اتفاق بالاجماع .
وكانت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي قد استنكرت أمس قمع الحكومة السورية المتزايد والعنيف للمتظاهرين السلميين في البلاد، ودعتها للوقف الفوري لاستخدام القوة المفرطة الذي تكثف خلال الأيام الأخيرة.
وذكر مكتب المفوضة إنه تلقى لائحة باسم 76 شخصاً قتلوا خلال مظاهرات يوم الجمعة الماضي بسوريا، لكنه لفت إلى أن العدد قد يكون أكبر بكثير، مشيرا إلى أنه تلقى تقارير عن مقتل ما لا يقل عن 13 شخصاً في جنازات تشييع شهداء السبت.