طغى الموقف الدولي، أمس، على الوضع في سوريا، ولا سيما مع مطالبات فرنسيّة وألمانيّة بفرض عقوبات شديدة على دمشق، مطالبات تأتي بعد إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيّب أردوغان، عدم رغبته برؤية ’سوريا مقسمة’، موضحا إن هذا يمكن أن يلحق الضرر بتركيا، فيما اعتبرت واشنطن أن العملية العسكرية في درعا عبارة ’عن إجراءات همجية ترقى إلى كونها عقابا جماعيا في حق مدنيين أبرياء’.

في الغصون، برز موقف رئيس الحكومة القطرية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي ’استمهل’ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بمنح المزيد من الوقت للرئاسة السورية كي تتوصل إلى حل داخلي مقبول.

وقال بحسب صحيفة السفير اللبنانية خلال زيارته باريس:’لدينا علاقات مميزة مع سوريا، والوضع فيها مهم بالنسبة للمنطقة ولقطر وللاستقرار. هناك حديث يجري عن (العقوبات) لكننا نحن نؤيد حلا من داخل البيت السوري ويلبي رغبات الشعب السوري’.

وذكّر المسؤول القطري بالعلاقات المتميزة التي تربط بلاده مع سوريا، لكنه شدد على ضرورة إيجاد حل للأزمة التي تعيشها.

وفي الأثناء، صعدت الولايات المتحدة لهجتها تجاه النظام السوري واعتبرت أن ما تقوم به القوات السورية في درعا يرقى إلى درجة العقاب الجماعي للمدنيين ووصفته بأنه ’همجي’.

وعبرت الخارجية الأميركية الثلاثاء عن انزعاجها بسبب التقارير الخاصة بالعملية العسكرية السورية في درعا، بما في ذلك استخدام الدبابات والاعتقالات التعسفية للشبان، ووصفت هذه الأعمال بأنها ’إجراءات همجية’.

وكان سفراء الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الاوروبي قد كلّفوا الجمعة الماضي خبراء بالعمل على صياغة العقوبات التي قد تشمل حظر الأسلحة وتجميد أموال ومنع منح تأشيرات سفر تطال المسؤولين عن القمع.

وعلى وقع تصاعد الموقف الدولي، نقل شهود أن تظاهرة خرجت مساء أمس الثلاثاء في مدينة بانياس شارك فيها المئات استمرت لساعتين هتفت للحرية وفك الحصار عن مدينة درعا واطلاق المعتقلين من أبناء المدينة.كما شهدت جامعة حلب مساء أمس تظاهرة طلابية للمطالبة بفك الحصار عن مدينة درعا المحاصرة التي كانت مهد الاحتجاجات التي خرجت مطالبة بالحرية والإصلاح.

وروى ناشطون بحسب وكالات الانباء أن ’عشرات من طلاب جامعة حلب خرجوا أمس في تظاهرة مطالبين بالحرية أمام المكتبة المركزية في الجامعة’. وقالوا: ’إن التظاهرة كانت في طريقها الى أمام مبنى شعبة الحزب ولكن سرعان ما طوقتها الأجهزة الأمنية وفرقتها بالعنف’.

وفي القامشلي خرج الآلاف وهم يحملون الشموع ويهتفون بشعارات الحرية، وفق ما أكدت وكالة رويترز للأنباء.

وفي حمص، قال ناشط حقوقي لوكالة الأنباء الفرنسية، إنه يخشى ’هجوما وشيكا’ على تلبيسة والرستن، مشيرا إلى وجود نحو خمسين دبابة للجيش على الطريق بين حمص وحماة.

وفي سياق الدعوات لفك الحصار عن مدينة درعا، قال الرئيس بشار الأسد إن وحدات الجيش التي دخلت درعا في الخامس والعشرين من الشهر الماضي ستنهي مهمتها ’قريباً جداً’.

وأضاف الاسد أمام وفد يمثل الفعاليات الأهلية في مدن محافظة دير الزور إن كل بلد في العالم من الممكن أن يتعرض للأحداث التي تعرضت لها درعا.

ونقلت صحيفة الوطن السورية أن الاجتماع دام أربع ساعات ودون حضور أي من المسؤولين، حيث بحث الأسد وأعضاء الوفد البالغ عددهم نحو خمسة وثلاثين شخصا، قضايا حياتية تهم المنطقة الشرقية بشكل عام.

وجاء لقاء الثلاثاء ضمن سلسلة لقاءات يعقدها الأسد مع وفود تمثل مختلف محافظات سوريا للاطلاع منهم مباشرة على أوضاعهم المعيشية والاستماع إلى مطالبهم.

وفي إطار التحرك الشعبي الذي بدأ يتبلور بهدف إعادة الحياة إلى طبيعتها في محافظة درعا، اقترح الحضور خلال اللقاء وأسوة بوفد ريف دير الزور وحلب، تشكيل وفد شعبي يمثل مختلف مناطق القطر لزيارة المحافظة والتعزية بشهدائها وإجراء المصالحة.

بدورها، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر سوريا إلى السماح للعاملين في مجال الصحة بالوصول الآمن والفوري إلى جرحى أصيبوا في احتجاجات في مدينة درعا والسماح لهم بزيارة المعتقلين.

وقالت اللجنة إن السلطات السورية تقترب من السماح للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري بزيارة مستشفيات في الريف حول العاصمة دمشق في الأيام المقبلة.

ولكنها أضافت أن من المهم الوصول إلى درعا. وتابعت أنه لم يسمح حتى للهلال الأحمر السوري بدخول المدينة.

إلى ذلك، قام ناشطون من منظمة ’مراسلون بلا حدود’، أمس، بمناسبة اليوم العالمي للصحافة ، بسكب الطلاء الأزرق على جدران السفارة السورية في باريس، ودوّنوا عليه عبارة ’الحبر يجب أن يسيل وليس الدماء’.

وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن نحو 30 شخصاً سدّوا الطريق إلى السفارة السورية بواسطة شاحنتين صغيرتين قبل أن يسكبوا الطلاء على جدران السفارة وهم يهتفون ’الحبر يجب أن يسيل وليس الدماء.