الكاتب : سورية الغد

انتقل المشهد السوري باتجاه الوسط والشريط الساحلي، فيما يمكن اعتباره رهانات واضحة على خيارات سياسية سورية جديدة، فالرغم أن أجهزة الإعلام السوري بثت مقابلات لبعض المسلحين الذين ألقت القبض عليهم، فإن التحدي الأساسي استمر في ضبط الأوضاع التي شهدت عنفا ملحوظا في كل من محافظة حمص وبانياس.

ووسط حديث عن "معارك شرسة" فإن منظمات حقوق الإنسان تناقلت بعض الأنباء حول عدد الضحايا من المدنيين، والملاحظ هنا أن نفس المنظمات ترصد جانبا واحدا في الأحداث الجارية داخل سورية، في وقت يتم فيها استخدام روايات متنوعة حول الضحايا من رجال الأمن والجيش، لكن الإيقاع الأمني لم يوقف التحرك السياسي الخليجي تحديدا باتجاه دمشق، فمع انتهاء زيارة وزير الخارجية البحريني ولقاء الرئيس بشار الأسد، فإن دول مجلس التعاون الخليجي نفت أنباء عن وساطة خليجية داخل سورية، واعتبرت بعض المصادر أن "الحديث عن وساطة" يتناقض مع الواقع الموجود على الأرض، وأن رسم مثل هذا السيناريو يشكل مقاربة غير واضحة مع الوضع في اليمن، علما أن القوى في اليمن واضحة تماما كما أن الاحتجاجات تأخذ منحى أضخم بكثير مما يحدث في سورية.

ومن المتوقع أن تستقبل دمشق غدا "مراقبين" دوليين عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وكانت موافقة دمشق على هذا الأمر أعطت مساحة سياسية على صعيد الدولي لإيضاح ما يحدث على الأرض، رغم أن سورية وفق مؤشرات سياستها لا تفضل مسألة "التحقيقات" الدولية، واستقبالها للمراقبين يوضح أمرين:

الأول إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي أن دمشق واثقة من طريقة تعاملها مع الحدث الداخلي، وأن ما يجري على أرضها يملك أبعادا خرجت عن إطار التظاهر أو الاحتجاج، ودخلت في إطار العنف المسلح.

الثاني كشف بعض الأمور التي مازالت دمشق تتحفظ على نشرها عبر وسائل الإعلام، وترى بعض المصادر أن دمشق تحاول جمع كل معطياتها قبل أن يتم تقديمها بشكل كامل، وأن معظم الاعترافات التي تم بثها لها علاقة بمعطيات على الأرض وليس بترابط العنف المسلح على أرضها من خلال "شبكة" متكاملة، وهو ما يدفع للاعتقاد بأن المعلومات الأكثر تعقيدا مازالت بعيدة عن الإعلام.

ورغم عدم ظهور أي معلومات رسمية حول مسألة "المراقبين الدوليين" والبرنامج الذي سيحكم حركتهم، لكن بعض النشطاء على الفيس بوك دعا إلى تظاهرات لإحراج المؤسسات السياسية الرسمية، وهو تحرك يعبر عن تصعيد واضح على الأقل داخل المساحة الافتراضية التي تشكل الدعم اللوجستي لما يحدث في سورية.

بالتأكيد فإن مسار الحدث السوري يتسارع خلال هذا الأسبوع، وعلى الأخص أن العملية الأمنية في بانياس ربما تكون حاسمة بشأن وضع الحراك السياسي بعيدا عن "التحرك المسلح" الذي بات واضحا أن يحاول أن يخلق إرباكا أو حتى تحديا عنيقا ضد الدولة ومؤسساتها.