الكاتب : عامر عبد السلام

تنحو جميع المصادر إلى التكتم عن الأزمة التي يعيشها اقتصادنا في الوقت الحالي، فبعيداً عن تدهور سعر الليرة السورية التي بات إنقاذها من أهم أولويات وزير المالية الجديد وحاكم مصرف سورية المركزي، إلا أن الشكوى أصبحت عالية من بطئ الحركة التجارية، والركود الذي يعيشه اقتصادنا منذ ستة أشهر ومن المتوقع أن تستمر إلى ستة أشهر أخرى، وفقاً لعدد من الخبراء الاقتصاديين.

فأحد المحللين الاقتصاديين تنبأ بالأزمة الاقتصادية قبل أربع أشهر، نتيجة السياسيات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة الاقتصادية السابقة، إلا أن الأوضاع التي تحيط بالمنطقة كانت سبباً رئيسياً حالياً ليرفع الكثيرين أيديهم مستسلمين من قسوة الظروف التي تمر بها المنطقة ككل وليس سورية فقط.

ولفت المحلل إلى أن عدد من الاقتراحات تم رفعها إلى الحكومة السابقة إلى أنهم غطوا أوراقهم ولم يأنفوا من ترديد إستراتيجيتهم، وابتعادهم عن أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري والاقتصاديات النامية مثلها..

فأهم التحديات التي تواجه الاقتصاد الحالي عدم وجود خطة واضحة للتنمية الاقتصادية بما تأخذه هذه الخطة من أهداف كحماية الأمن القومي مع تلبية الاحتياجات العاجلة للمواطنين واستمرار النمو، وبذلك نحقق الثلاثي الصعب بالنسبة للحكومات وهو الدفاع (الأمن القومي) والاستهلاك (الحاجات اليومية) والاستثمار (النمو الاقتصادي) لننتقل بعد ذلك إلى إيجاد مخرج لمشكلة البطالة التي تؤرق كافة المسسؤولين في الوقت الحالي، ويتم حلها بإيجاد فرص عمل للآلاف، لكن المشكلة أين العمل لليد العاملة في حالة الركود التام الذي يعيشه الاقتصاد السوري في الفترة الماضية، فالبطالة تحتاج إلى سياسية اقتصادية اجتماعية تمارسها الحكومات من خلال اعتبار المواطن السورية هو الهدف من كافة العمليات الاصلاحية فيتم إيجاد المشاريع وتوسيع الخدمات لامتصاص القوى العاملة خاصة بعد أن عزف القطاع الخاص عن التوظيف نتيجة هذه الأزمة، بل انتقل لتسريح العمل في سابقة نشهدها منذ سنة وأكثر، ونتيجة إقدام القطاع الخاص على كل ذلك أتت مما وصفه بالسياسيات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة السابقة والتي تم قبول استقالتها دون ان تحاسب على ما فعلت!!!.

لياتي العنصر الثالث وهو التشريعات والتي لم تبخل الحكومة وعلى مدار ستة سنوات بها، بالإصدار وبالتعديل، حتى بات العديد من القانونيين يرددون أن التساهل بالقوانين يؤدي إلى إزمات، وهذا ما حصل، إذ عاش القانون السوري فترة من الاضطرابات الواضحة من خلال الإصدار والتعديل السريع حتى قبل ان يدرك المواطن والقانوني والتاجر أن هناك قانون صدر، بل أدى إلى هروب عدد من المستثمرين الذي أكدوا وفي اكثر من مناسبة أن أول مبادئ الاستثمار في أي بلد هو استقرار القوانين، وهذا ما لم تعشه سورية في الفترة الماضية..

ليأتي العنصر الرابع وهو التعقيدات المالية والأعباء على أي شخص يريد البدء بالمشروع الخاص به، بعيداً عن التوظيف في دوائر الدولة أو البحث عن عمل في المصانع والمعامل والشركات، ليقع في فخ التراخيص التي تبدأ ولا تنتهي، عدا عن التكليف المالي والضريبي وغيرها من الأوراق التي تستهلك الجزء الأكبر من رأسمال أي شخص يريد البدء بأقل تكلفة لينطلق كما يجب، حتى أن عدد من الغرف التجارية والصناعية اقتراحت وفي أكثر من مناسبة على المسؤولين الحكومين إن كان في وزارة المالية أو الاقتصاد والتجارة على تخفيض الرسوم على أي شركة حديثة العهد وإعفائها من الضرائب لخمس سنوات في البداية، وبعد ذلك يبدأ بمحاسبتها فتكون حينها بدأت بالانتاج والربح، وفي حال التلاعب هناك ضوابط لأي عمل تجاري.. وطبعاً كما العادي بات بطي الالغاء..

التحدي المؤرق في الوقت الحالي لأي صناعي أو تاجر هو البنية في الاتصالات والمعلومات المتوفرة في السوق حالياً فالحكومة الالكترونية والتجارة الالكترونية باتت بعيدة بمقدار التصريحات النارية التي تؤكد أنها على الأبواب، فجميع من يتكلم عن شبكة الاتصالات والمعلومات يغفل البطء وسوء الشبكات والانقطاعات المستمرة، ليختصر الكلام بـ((منيحة))..

وقد يكون التسويق من أهم التحديات التي تواجه الخطط الحكومية، فالكثير من المؤسسات الاقتصادية الحكومية خاسرة وبجدارة، ورغم أن الكثير من المسؤولين السابقين أكدوا على أهمية التسويق واتباع مناهج عالمية في طرق تعلمه وممارسته إلا أن الواقع يختلف كثيراً، ليرتبط ذلك بالتصدير بصورة هيئة الصادرات التي يعدها الكثير من المصدرين متوقفة عن العمل نتيجة عدم منحها كافة الامتيازات التي منحها إياها المرسوم الخاص بها، ووضع العراقيل في أعمالهما من قبل عدد من الجهات، منها وزارة الاقتصاد وومنها المالية ومنها الصناعة..

ليقف الجميع بالنهاية أمام الإدارة التي تحدث بها كافة الخبراء والاقتصاديين والإداريين لتكون النتيجة أن تصدر الخطة الخمسية العاشرة ويفرد المختصين باب كامل لها، ولا تنفذ بالطبع..

الاقتصاد السوري في الوقت الحالي يعيش أزمة، وستزداد هذه الأزمة مع مضي الوقت، والركود والكساد (معدل نمو متناقص لربعين من السنة) يمتدادن حتى الربعين القادمين، ليخلق بذلك حركة تجارية ضعيفة وإيقاف للآلة الصناعية واختفاء المستثمر الخارجي، وإنخفاض سعر الليرة السورية....