الكاتب : نضال الخضري
لا أعرف لماذا أصبح العاملون في الدراما من نجوم وكتاب ومخرجين وغيرهم نموذجا لمشهد سوري غريب، فبالتأكيد ما حدث ويحدث اليوم شكل اهتزازا اجتماعيا حادا، لكن انعكاسه داخل الدراما هو تلخيص عام لرؤية مشوشة عن ما يحدث، وربما ينقل مسار التفكير في شأن عام ربما هو الأخطر منذ عقود، فهل ما جرى من بيانات وبيانات مضادة وانفعالات حادة على الفضائيات صورة الدراما السورية بمجملها؟
لن أدخل في التفاصيل، لكن العناوين العريضة هي في اختلاف الرأي الذي ظهر خطا أحمر داحل "نجوم الثقافة"، فهناك محاسبة قاسية حدثت نتيجة محاولة الحراك رغم أن طرفي "الصراع" كانوا يعملون على أرضية واحدة، فهم لم يخرجوا مع المحتجين لكنهم اختلفوا على المواقف اللاحقة من مسار الحدث، وبالتأكيد هم لم يكونوا طرفا في البداية إنما دخلوا في المعادلة لاحقا، والمرعب هنا هي الحدة التي تمت فيها المجابهة، علما أن اللحظات العصيبة تحمل في كثير من الأحيان مواقف ومحاولات عمل لا يمكن أن تصبح مسار شك، فنحن نتحدث عن وسط يختصر الثقافة أو ربما يجذبها نحوه، ولنتذكر أن رسم نموذج اجتماعي هو مسؤول عن بعض الاتجاهات التي حدثت في سورية، لكن الحديث عن هذه الاتجاهات ليس للمحاسبة بل للتذكير بأهميته وبأنه عامل من العوامل التي رسمت الصورة السورية الحالية.
المشهد السوري منذ شهرين يدخل فيه التشويش كأهم العناصر، لذلك فإن المعارك داخل الوسط الدرامي ستبدو طبيعية من أحد الزوايا، لكن استمرارها يوحي بأن الموضوع ربما يكون له أبعاد أخرى داخل المشهد الثقافي وليس حصرا داخل العاملين في الدراما، وكلما طال أمد الأزمة السورية زادت الحاجة كي يأخذ الفنانون موقعا آخر، فالتفكير بأهالي درعا ضروري، ومجابهة الحملة الإعلامية أيضا هام، لكن هذه الأدوات استنفذت، وربما على "نجوم الثقافة" الحراك باتجاه آخر، وأنا شخصيا لا أعرف ماذا سيقررون في الأيام القادمة، ولكن بعضهم كتاب ولهم مقالات أو مدونات، فهل سنشهد تطورا في هذا الاتجاه؟
الانقسام الدرامي لا يعكس كما يفهم البعض "انقسام الشارع السوري" بل طبيعة الصرامة العقلية التي تحكم أي طرف في نظرته للطرف الآخر حتى ولو كانا يقفان على نفس الأرض ونفس المكان، فالمسألة ليست انقساما بل ربما "اتحاد" في آليات التفكير والنظر وهو أخطر ما يهدد المجتمع السوري في المستقبل، ومهما كانت نتائج الأزمة الحالية فإن المهام التي تلوح في المستقبل تبدو أصعب من الحدث نفسه لأنها تفسر تبديل "النظام" الفكري، وربما إحداث "انقلاب" في مصطلحات الثقافة، ألا يعبر ما حدث في الوسط الدرامي عن رفض للتعددية! في وقت تتحدث فيه المصادر الرسمية عن ضرورة هذه التعددية... نحن في زمن نطالب فيه بالتعددية لكن على ما يبدو يصعب علينا تصورها وفي بعض الأحيان احتمالها....