الكاتب : ظافر الجنابي

اقتربت مجمل المواقف الرسمية والشعبية الاقليمية من الاحداث التي تمر بها سوريا منذ حوالي الشهرين من التموضع في الموقع الوسطي البعيد عن اتخاذ موقف حاسم بالتأييد او المعارضة سواءا للحكومة السورية او للمحتجين عليها ايا كانت مشاربهم واتجاهاتهم , فيما برزت هنا وهناك مواقف اخذت جانب احد طرفي النزاع بلا مواربة والى ابعد الحدود .

محاولة معظم الاطراف الاقليمية مسك العصا من الوسط , واتخاذ مواقف تبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات , هو موقف مفهوم , ففي النهاية ما يهم في بلد في العالم هو البلد نفسه وشعبه اكثر من طبيعة السلطة الحاكمة فيه , فهذه الاطراف تنطلق في مواقفها اذا من منطلقات براغماتية لا من دوافع ايدلوجية وعاطفية .

بالاضافة الى ذلك تطرح طبيعة الاحداث في سوريا ومجيئها في سياق ما تمر به المنطقة ككل من حركات احتجاجية , الكثير من الاسئلة المحيرة بالنسبة لهذه الاطراف حول طبيعة ما يجري في سوريا , هل هو ثورة شعبية مثل ماجرى في مصر وتونس واماكن اخرى ؟ , أم هو تمرد مسلح تقوم به مجموعات من المتطرفين والمهربين ويغذى بمؤامرة خارجية – كما ترى الرواية الرسمية السورية , هل سيكتب له النجاح كما حصل في مصر وتونس ام سيبوء بالفشل وستتمكن القيادة السورية من اخماده والقضاء عليه بفعل قلة عدد المحتجين وولاء الجيش السوري لقيادته – كما يرى الكثير من المحللين - , ام سيتحول النزاع الى صراع طويل الامد غير محسوم النتائج كما يحصل في ليبيا واليمن الان , وماهي النتائج المترتبة على كل من هذه الاحتمالات على اوضاع المنطقة واستقرارها ؟ .

لذلك نجد في معظم المواقف , وخاصة التي صدرت في بداية الاحداث التأكيد على الوقوف الى جانب سوريا واستقرارها جنبا الى جنب مع الدعوة الى اجراء اصلاحات , وتلبية بعض المطالب الاحتجاجية , ومثل هذا الدعوات المركبة صدرت حتى عن اقرب الحلفاء الى سورية مثل ايران مثلا .

ولكن مع تلاحق الاحداث وتطورها , لم يعد الاكتفاء بمثل هذه المواقف كافيا , وادت مواقف تحاول امساك العصا من الوسط الى ان تسوء علاقة دمشق ببلدان كانت الى وقت قريب من اقرب الاطراف لها اقليميا , وبالتحديد تركيا وقطر .

فمواصلة رئيس الوزراء التركي اردوغان بنصائحه للقيادة السورية بضرورة اجراء اصلاحات , ثم انتقاله من لغة النصح الى لغة التحذير الذي يقترب من التهديد – كما في تصريحه الشهير حول عدم سماح تركيا بتكرار حماه ثانية - , ادى الى ان تصل العلاقة بين دمشق وانقرة الى اسوء مستوياتها بعدما كانت هذه العلاقة قد بلغت مصاف الشراكة الاستراتيجية .

وعلى الجانب القطري ادت الشكوى السورية من طبيعة تغطية قناة الجزيرة القطرية للاحداث في سوريا والاتهام السوري لهذه القناة بالتحريض وافتقاد المصداقية وعدم المهنية والابتعاد عن الموضوعية الى حالة برود سياسي تكاد تقترب من القطيعة بين البلدين .