الكاتب : حازم خضر

حسمت واشنطن موقفها من الأحداث في سورية مع إصدار الرئيس باراك أوباما حزمة عقوبات طالت الرئيس بشار الأسد وأركان القيادة السورية في خطوة عدوانية تمس بسورية من الناحية المعنوية والسياسية رغم ضعف آثار تلك العقوبات من الناحية الفعلية على الأرض، وخبرة السوريين مع عقوبات أمريكية لا تزال مفروضة عليهم منذ سنين طويلة.

الموقف الأمريكي التصعيدي والذي يصل درجة التدخل في الشؤون السورية الداخلية يبدد تحليلات كثيرة كانت تميل إلى أن واشنطن ستبقى على الحياد ، وفي أسوأ الظروف تطلق مواقف سياسية تنتقد الحكومة السورية دون التورط بإعلان موقف داعم للفوضى ومحاولة إرباك سورية خصوصا مع اعتماد إدارة أوباما حالة حوار سياسية قاده أعضاء من الكونغرس أهمهم جون كيري ، وتوج بإرسال سفير أمريكي يقوم بالحوار المباشر مع القيادة السورية حول حزمة كبيرة من القضايا الخلافية.

والذهاب إلى تلك العقوبات ذات الطابع السياسي ، أولا وأخيرا، لا يمكن فهمه إلا برغبة واشنطن بالحصول على تنازلات في ملفات إقليمية تمس المصالح الأمريكية والإسرائيلية بشكل مباشر. فالاحتضان والدعم السوري لقوى المقاومة وخصوصا حزب الله وحركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين شكلّ على الدوام مصدر قلق لإسرائيل خصوصا وأن تلك القوى هزمت العدوان على لبنان في تموز 2006، وأفشلت العدوان على غزة عامي 2008 و 2009.كما أن تلك المقاومة أحبطت ،بدعم سوري ،مخططات كثيرة للتسوية بدعم أمريكي مباشر وشكل عامل رادع في التوازن مع القوة الإسرائيلية.

وليس أقل أهمية من هذا الهدف محاولة فك عرى التحالف السوري – الإيراني، وهو مطلب أمريكي – غربي ، جرى العمل عليه طويلا في إطار إضعاف الحضور الإيراني الإقليمي لكنه باء بالفشل على مدى السنوات الخمس الماضية ما يجعل اللهجة الأمريكية التصعيدية ضد سورية، وزج قادة من الحرس الثوري الإيراني في قائمة عقوبات جديدة بتهمة دعم سورية محاولة للبحث في إمكانية فك التحالف السوري- الإيراني ضمن مخطط مؤجل لاستهداف إيران بدءا من نزع أوراق القوة التي تحملها.

لكن إلى مدى تنجح الأهداف الأمريكية ؟

من حيث المبدأ فشلت كل المحاولات السابقة في الضغط الأمريكي على دمشق من أجل جرها إلى قرارات لا تريدها . فمنذ اغتيال الحريري وفرض جملة عقوبات أمريكية لحقتها أخرى أوروبية ودمشق تواجه مطالب تلو الأخرى ،لكن أيا منها لم يتحقق بل على العكس ثمة حالة من الالتفاف الشعبي حول النظام السياسي يتعاظم مع كل ضغط وخطر خارجي.

والأهم منذ ذلك كله أن السوريين في كل مواقعهم أذكى من أن يتخيلوا أن الأمريكي سيكون يوما حريصا على حريتهم ومستقبلهم . البصمات الأمريكية في العراق وأفغانستان وكل بقعة تدخلوا فيها تشكل جرس إنذار للجميع بأن الأمريكي لا يبحث سوى عن مصالحه المتداخلة عضويا مع المصالح الإسرائيلية.