الكاتب : نجيب نصير

في الدول.. تنتهي أية أحداث أو إجراءات وحتى الحروب الى الطاولة، سمها ما شئت.. مفاوضات، ترتيبات، حوارات، ولكنها النهاية الحقيقية الممكنة بما يعني دوران عجلة العملية السياسية، وإذا كانت الأحداث نفسها تعبيرا عن انسداد ما، فالحوار هو من كان قد أنسد، وبالنتيجة ليس هناك مناص من مواجهته خصوصا ونحن نتكلم عن طرفين في معادلة واحدة أي ليس هناك من رابح ولا خاسر فالمجتمع هو مسؤول بالضرورة عن تحويل هكذا احتكاكات الى خير جمعي.

يطرح الكثيرون اليوم مع توالي أيام الحدث السوري أن مسألة الحوار تصبح أكثر تعقيدا أو صعوبة أو .. أو الخ، ولكنها ليست مستحيلة، لا بل هي ممر إجباري لإنهاء الحدث واستمرار التفاعل الذي يحتاج دوما الى العملية السياسية لضبطه ومراقبته ومحاسبته، فالمجتمع لا يستطيع أيضا الاتكاء على الحدث وحده ليكتشف حيويته، أو كي يجدد دمائه، لأنه وبعد وهلة يتحول الى سكونية متمترسة لا تستطيع الأخذ والرد كركن من أركان العملية السياسية التي يشكل تطويرها وإذكائها جل وقائع الحدث .

يبدأ الحوار عادة بمطالبات نظرية متبادلة، ولكنه يستمر بجعل هذه المطالبات موجودة وممارسة على أرض الواقع كعملية سياسية اجتماعية، فالانتخابات والأحزاب والمؤسسات التي يقرها الحوار بصورة نظرية هي "مستقبل" يحمل المطالبين بها مسؤولية فهمها ومعرفتها كمقدمة للممارسة، وإلا سوف تنتهي الى سكونية تشبه سكونية الحدث الذي جعلها موضوعا للحوار. فقيمة تحقق أية مطالبات يكمن في تفاعليتها، وقابليتها لإنتاج المتوخى منها.

ربما كانت علانية الحدث تتطلب علانية موازية للحوار، من أجل تحويل الاصطفاف الى اصطفاف تفاعلي وعملي في المختبر الاجتماعي عله يستمر في إنتاج الأحداث ولكن بهدوء العاقل المتزن، إنها البقية التي تأتي بعد أي حوار ناتج عن الإخلاص للمعرفة كما طورها الإنسان في دنياه هذه .