الكاتب : حسان عبه جي
العمليات الخاصة بالجيش في محيط مدينتي حمص وبانياس استمرت وفق البيانات الرسمية، وتبدو الصورة الأمنية المنقولة من المنطقتين متشابكة مع واقع إعلامي يحاول التركيز على مسألة "قمع التظاهر"، وذلك بالتزامن مع تواجد "مراقبين" من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والواضح أن الدعوات على الفيس بوك للتظاهر أمس لم تقدم جديدا حيث لم تظهر "تظاهرات" بالمعنى الواضح، وذلك مع مناخ عام يشاهد نتائج "العمليات الأمنية" التي يسقط فيها عناصر من الجيش والأمن، وهو ما يطرح سؤالا أساسيا مرتبطا بالموقف العام الذي يتبلور اليوم وذلك قبل يوم الجمعة: فهل تسير الأمور سياسيا بالتوازي مع مسألة الاستقرار الأمني؟
في المساحة الدولية لا يبدو هذا الأمر بنفس الوضوح الموجود على الساحة السورية، فمسألة "قمع التظاهر" متشابكة مع أي عمليات مرتبطة بالمجموعات المسلحة التي شكلت مأزقا حقيقيا داخل الحدث السوري، ففي الوقت التي تصف بعض وسائل الإعلام السورية عمليات الجيش بالدقيقة، فإن الحديث في مجلس الأمن يركز على مسألة مختلفة تماما ويدمج مهام الجيش بوقائع أخرى في محاولة لإيجاد "نموذج سوري" يقارب ما يحدث في ليبيا.
المشهد السوري في ظل مجموع الحراك الدولي والإقليمي يحمل بوادر أزمتين إضافتين:
الأولى - مرتبطة بشكل مباشر بالموقف التركي الذي يحذر ولكنه لا يرسم موقفا نهائيا، فهناك لهجة توحي بالانزعاج من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، لكن صورة العلاقات السورية - التركية هي التي أصبحت تحت الأنظار، حيث يتم التذكير بأن الحليف التركي القوي عام 2005 بعد الضغوط الأمريكية على سورية، ربما تحول اليوم بشكل سريع باتجاه مختلف ينافي كل التطورات بين البلدين التي حدثت على امتداد السنوات الماضية.
لكن الموقف التركي من سورية هو في عمقه موقف إقليمي أيضا، لأنه يعيد دراسة ما يحدث على ضوء التحولات التي شهدتها المنطقة، فالارتكاز إلى علاقات مع العالم العربي أصبحت مهتزة مع التدهور الحاصل في ليبيا والتحولات في مصر إضافة إلى ما يحدث في سورية، وهو ما يجعل الخيار الاستراتيجي التركي موضع مراجعة شملت أيضا العلاقة مع دمشق التي كانت تمثل في مرحلة معينة "ضغطا" باتجاه كافة الأزمات في الشرق الأوسط.
الثاني - متبدلات الموقف الإقليمي، فهناك سعي لإيجاد حلول جديدة في مسألة الجامعة العربية، وتطوير مجلس التعاون الخليجي باتجاه جديد، وهذا الأمر يعكس توجها واضحا إلى رسم جديد للمنطقة يأخذ بعين الاعتبار التوترات الحالية وربما مساراتها، فبغض النظر عن المعلومات التي تتحدث عن تدخل عربي في الأزمة السورية، فإن التشكيل السياسي الموازي لهذا الأمر يبدو في ضم الأردن إلى المجلس لإيجاد تشكيل سياسي مختلف نوعيا عن وظيفة ومهام مجلس التعاون الخليجي.
هناك مسارات مضطربة على ما يبدو تسير فيها السياسة العربية عموما، وهو ما يجعل المواقف الإقليمية تراجع استراتيجياتها، أو حتى تعتمد على خطوط التحالفات القديمة التي يعود بعضها إلى خمسينيات القرن الماضي، ولكن الشيء الواضح أن وجه الشرق الأوسط ربما يتحول على إيقاع نتائج ما يحدث في سورية.