الكاتب : حسان عبه جي

نشط مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي أمس للحديث عن مسألة الحوار الوطني، وفيما تباينت الآراء بشأنه فإن أحداث يوم الجمعة كانت عاملا أساسيا في مسألة البحث بموضوع الحوار، وظهر العنف الذي ميز مناطق أطراف حمص ومحافظة أدلب كنوع من "فورة" لمسألة الاحتجاج، بعد أن تحدثت وسائل الإعلام السورية عن أن الأزمة شارفت على الانتهاء إن لم تكن انتهت كليا، لكن سقوط 17 ضحية حسب الرواية الرسمية و 44 حسب بعض النشطاء أعاد الحدث السوري إلى مربعه الأول على الأخص أن الشمال السوري دخل على مساحة الأزمة من خلال العنف الذي ظهر في منطقة معرة النعمان أو مدينة أدلب.

واللافت خلال اليومين الماضيين هو نوعية اللهجة التصعيدية على صفحات الفيس بوك، ورغم أن الأخبار المتداولة على هذه الشبكة لا تتمتع بمصداقية كاملة لكنها تقدم مؤشرا حول نوعية التفكير بالحدث السوري، فالفيس بوك على ما يبدو يمثل شريحة ربما لا تشارك بالتظاهر لكنها على الأقل تحمل رأيا مرتبطا بالمتظاهرين سواء قلوا أم كثروا، والحديث عن "الحوار الوطني" أوضح أن هذه الشريحة ليست مرتاحة لهذا الموضوع، رغم أنها بالمقابل اكتفت بالتعليق دون تقديم الملاحظات حول ما تريده أو ما تسعى إليه بشأن موضوع الحوار أو مستقبل سورية بشكل عام، فحتى ما يسمى "بالتنسيقية الداخلية" فإنها طرحت شروطها للحوار متخذة من نفسها مركزا شرعيا لكل حركة الاحتجاج!

وبعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي فإن "الحوار الوطني" وبعد عشرة أيام من الحديث عنه بشكل مكثف، فإنه يعود مجددا من خلال محورين:

الأول هو شكل هذا الحوار الذي مازال مجهولا، علما انه ظاهرة غير مسبوقة في سورية، ورغم ظهور بعض الأصوات التي ترفض تجزئة هذا الحوار عبر انعقاده في محافظات مختلفة، لكن السياق العام له بقي في نقطة واحدة معتمدة على تصريحات بعض النشطاء الذين تم التواصل معهم بهذا الخصوص.

الثاني هو أطراف هذا الحوار في ظل عدم وجود أحزاب لها نشاط كامل في المجتمع، حيث يبدو من الصعب تحديد "معايير كاملة" لمن سيشارك في جلساته، ومن جانب آخر فإن الأسئلة المفتوحة في هذا الموضوع تبدو أكثر من التصورات التي تم تداولها في الإعلام على الأقل، حيث تبدو الشريحة التي يمكن أن تشارك فيه واسعة جدا وربما تتسع خارج إطار المعارضة المعروفة في سورية، فهل ستقتصر المشاركة على "النشطاء" المعروفين بصفتهم الشخصية؟ أم بكونهم ممثلين عن تيارات حزبية؟ وهل سيشارك ممثلون عن توجهات وأفكار سياسية ليست بالضرورة معارضة؟ وأخيرا هل سيتسع الحوار ليمثل ممثلو المجتمع المدني وأصحاب الفعاليات الاقتصادية على سبيل المثال؟

هذه الأسئلة مازالت مطروحة أمام المجتمع السوري ككل، وربما ستجد إجابتها عندما يحدد الطرف الداعي للحوار رؤية ومهمة هذا الحوار والأهداف التي يريد الوصول إليها، فالإعلام الذي يرصد اليوم الحدث السوري يبدو بعيدا تماما عن هذه المواضيع التي على ما يبدو موجودة فقط على صفحات التواصل الاجتماعي من خلال كلمات قليلة لا تساعد على انجاح مثل هذه الخطوة.