الكاتب : إعداد زينب الدبس

السلطة القضائية سلطة أساسية من سلطات الدولة الثلاث ومرتكز رئيسي من مرتكزات الحكم، فالدولة مهما كانت حصينة امنياً وعسكرياً واستخباراتياً لا يمكن لها أن تستمر وان تصمد ما لم تكن دولة عادلة يخضع فيها الجميع -حاكمين ومحكومين- لسلطة القانون ولمظلة القضاء العادل.

انطلاقاً من أهمية الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة على خلفية الأحداث التي شهدتها البلاد أقامت سورية الغد ورشة عمل ضمت العديد من الإخصائيين بالمجال القانوني ناقشوا فيها عدة محاور أهمها الإصلاح القضائي في سورية وآلية تحقيقه.

المحامي بسام نجيب رأى أن "موضوع الإصلاح القضائي مطروق ومفتاح لكل شي لكنالنقطة الجوهرية تكمن في الأشخاص الذين يطبقون هذا القانون، فالنص القانوني واحد قد تتبعه ويوصلك لحالة سلبية في المجتمع وقد يتبعه شخص آخر وتصل لحالة إيجابية ،أما أهمية السلطة القضائية والإصلاح القضائي تنبع لأن القضاة بالنتيجة هم من سيطبقون هذا القانون على الأرض وفي حال عدم توافر أرضية جيدة لهذه القوانين التي ستصدر يصبح القانون بهذه الحالة لافائدة منه

وعن عدم استقلالية القضاء ومرده لعدم القدرة على تنفيذ الأحكام القضائية أرجع المحامي بسام نجيب الموضوع إلى الفساد الموجود بالبلد ككل قائلاً" أننا نملك بسوريا غطاء تشريعي كبير

بعد صدورحكم قضائي جزائي تذهب نسخة منه إلى وزارة الداخلية لتقوم بتنفيذ الحكم لكن الفساد الموجود بجهاز الشرطة وجهازوزارة الداخلية هو أحد أسباب عدم تنفيذ القراراتالجزائية،بالإضافة لعدم أهمية عامل الوقت لدينا، والعامل الاقتصادي (الكلفة لتنفيذ قرار قضائي معين)، كذلك لابد من العمل على تغيير الأرقام المصاحبة للقوانين (الغرامات) لأن أكثر القوانين لدينا صادرة في العام 1949وبالتالي لابد من تغيرها بمايتناسب مع العصر الحالي".

تسلط السلطة التنفيذية

ويتابع نجيب "المسؤول عن تنفيذ الأحكام القضائية هي النيابة العامة (الشرطة) والقضاء يمارس حالة رقابية في حال نفذت أو لم تنفذ، وهنا يأتي ضعف العلاقة بين وزارة العدل ووزارة الداخلية، أوتسلط وقوة وزارة الدخلية على وزارة العدل. هذا يعني أن موضوع السلطات لايأخذ سوية واحدة من القوة على الصعيد التشريعي والدستوري والحقوقي. بالمقابل مبدأ فصل السلطات يعتمد على قيام كل سلطة بممارسة مهامها كاملة وبنفس القوة وهنا يصبح الخلل عندما تتفوق سلطة على سلطة أخرى ونحن لدينا السلطة التنفيذية تستقوي على السلطتيين التشريعية والقضائية بالتالي قاضي النيابة غير قادر على رقابة تنفيذ الأحكام القضائية التي تصدر لأنه عملياً غير مستجاب من وزارة الداخلية، وبالتالي حرمنا القاضي من أي مزايا بسبب رؤية وتصورعام لدى الدولةأن القادر على تسيير أمورها هي وزارة الداخلية وبناءاً على هذه المعطيات تم إعطائها الدفع الكامل".

خلل قضائي واجتماعي

يضيف نجيب" لدينا بالشأن القضائي الخاص خلل وبالشأن العام خلل اجتماعي بداية الخلل الإجتماعي والسياسي هوالذي أدى إلى الخلل القضائي لذلك يجب أن نرفع( حالة الوعي، تنمية الثقافة القانونية) لنخلق انسان مسؤول بالمجتمع ولديه وعي بالقانون أي يطبق القانون بلا رقابة، وبالتالي ضعف الانتماء هو الذي يولد عدم الحس بالمسؤولية، وضعف الانتماء جاء من ضعف العدالة في تطبيق القانون وعدم العدالة وتكافوء الفرص أدى بالشخص إلى تجاوز القانون".

وبهذه الحالة لو تلافينا الخلل القائم عندها أصل لحالة من تخفيف الضغط على المرفق القضائي تصل لسبعين بالمئة، عندها سيتم اختيار 1300 قضاي بشكل جيد ونوعي وأستطيع تطبيق القانون بالشكل الأمثل الذي أتوخاه من هذا القاضي.

أما الخلل المتعلق بالمرفق القضائي أولاً قلة الدعم المالي للسلطة القضائية (وزارة العدل، القاضي، كاتب المحكمة، الخبير) فإمكانياتها ضعيفة جداً بالرغم من أنها من أهم الوزارات التي تقدم دعم لوزارة المالية، ثانياً التركيز على حالة انتقاء القاضي الذي يجب أن يتم حسب الكفاءة، وأنا مع لجنة تقوم بفحص القضاة مكونة من اخصائين نفسين واجتماعين لدراسة شخصيته بالدرجة الأولى قبل أن يتم اختباره بمدى حفظه للقانون لأن هذا العامل يكتسب بالمران والخبرة، وعدم تدخل السلطات الأمنية بتقيم القاضي مما يضطره للإستجابة لأي دعوة يقدمها ضابط من الأمن ويحسمها لمصلحته، إذا القاضي أصبح مرتبط بالحالة الأمنية بإصدار القرار الذي يريده الأمن ،ويجعله مرتبط بحاجته للسلطة التنفيذية (وزارة الداخلية) بتأمين متطلباته من سيارة، بيت.

إذاً تكامل العوامل السياسية والاقتصادية والأمنية تشكل عوامل ضاغطة على القاضي ليتحيز ولايعطي قراربشكل عادل".

تغيب دور النقابة

وعن دور نقابة المحاميين اعتبر المحامي بسام نجيب " الانتخابات لاتتم بطريقة ديمقراطية ممايؤدي لإفرازعناصر غير مؤهلة وقادرة على حمل النقابة وبالتالي لاتؤدي دورها ولا حتى بنسبة عشرة بالمئة، وعملياً السلطة التنفيذية غير مستعدة لإعطاءها دورها الحقيقي، والسؤال الأهم لماذا تغيب الدولة دور نقابة المحاميين عن التعاطي التشريعيبالإضافة لتعطيل سياسي لدور النقابات بتفعيلها على الأرض. لأنه من أهم أدوار نقابة المحاميين هي التشريع، فالمحامي بهذه الحالة اللاقانونية إذا صح التعبير بتعاطيه مع القاضي والمرفق القضائي بالعموم سيعتمد على مدى حمايته، لأنه هنالك حالات كثيرة لتوقيف محاميين مع أن هنالك نص قانوني معطل ينص على أن المحامي أثناء ممارسة عمله يعامل معاملة القاضي، وعملياً ضعف النقابة ينعكس على وضع المحاميين المزري فنحن بحاجة لحل اسعافي، وحل استراتيجي.

نحن نملك عدد من المحامين الجيدين في سورية ما المانع من تفعيل دور التفتيش القضائي وبالحق وبالعدالة يتم فصل القضاة الغير الصالحين ويتم تعيين المحاميين محلهم بهذا المرفق وهوحل إسعافي ممتاز".

الأمر الإسعفي الآخر مرتبط بالتعاميم القضائية التي تغلب أثناء تطبيق القرارات القضائية، بينما يجب العودة للنص القانوني وحتى إلى رؤية القاضي واجتهاده ومطالعاته لهذا النص، فالهدف ليس تحقيق العدالة فقط بل إرساء الاستقرار والآمان في المجتمع لكي أصل لاستقرار حقيقي فالموضوع ليس طوباوي بل مصلحي بحت على مستوى المجتمع والدولة وهنا نطرح تساؤل لماذا أثناء التظاهرات تم حرق قصور العدل أليس هذا مؤشرقوي على عدم توافر العدالة ".