نددت دمشق أمس بالعقوبات الأوروبية الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي أمس على الرئيس السوري بشار الأسد، متهمة الاتحاد بالتدخل في شؤونها والسعي ’الى زعزعة استقرارها’.

و أعلن وزير الخارجية وليد المعلم أنه يتوقع اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد سوريا بعد العقوبات الأمريكية والأوروبية، لكنه قال إن أي إجراءات لن تصل إلى حد العمل العسكري .

معتبراً أن الاتحاد الأوروبي سيخسر من عقوباته على دمشق، مشيراً إلى أن سوريا ستخرج من الازمة الحالية أقوى مما كانت، تماماً كما خرجت من ازمة العام 2005.

وفي مقابلة مع التلفزيون السوري قال المعلم أنه لا يشعر بالقلق، مؤكداً أن أي إجراءات سياسية أو اقتصادية لن تصل إلى حد شن عمل عسكري، وأضاف أن الأسد هو قائد الشعب السوري وسوف يستمر الأمر على هذا النحو، مؤكداً ثقته في نهوض بلاده من هذه الأزمة وهي أقوى .

وقال المعلم: إن العقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي أمس تمس الشعب السوري وليس الدولة ورموزها فقط، وخاصة العقوبات الاقتصادية وتعليق برامج الإصلاح والتنمية، معتبراً أن الاتحاد الأوروبي أخطأ في رسالته فقام بإعاقة الإصلاح بدلاً من تشجيعه، وقال: إن الاتحاد الأوروبي وضع نفسه في مواجهة الشعب السوري، مؤكداً في الوقت ذاته أن شيئاً لن يغير من قرار سورية في المضي قدماً في الإصلاح الذي وصفه بالشامل وفي كل القطاعات.

وقال المعلم: إن الرهان اليوم على وعي الشعب السوري المدرك جيداً لكل ما يحصل من حوله ويعرف جيداً من المستفيد من الأحداث التي تشهدها سورية متمنياً أن تنتهي هذه الأحداث بسرعة حتى تسير عجلة الإصلاح وينخرط الجميع فيها.

واعتبر المعلم أن إغراءات غربية وصلت عبر أقنية معينة لإجراء تغييرات في السياسة الخارجية السورية كمقايضة حول الشأن الداخلي، موضحاً أن سورية رفضتها، ومشدداً على علاقة سورية المميزة بكل الدول التي تؤيد القضية الفلسطينية وتدافع عنها.

ورأى المعلم أن العالم ليس أوروبا وأميركا فقط، مشدداً على أن السياسة السورية ستركز في المستقبل القريب على البعد العربي وآسيا ودول أميركا الجنوبية.

واستهلّ المعلم حديثه بإشارته إلى العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا أمس، واصفاً إياها بأنها ’صفحة سوداء في تاريخ الاتحاد الأوروبي’، مشيرا الى أن سفر وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون الى واشنطن جاء ’تمهيداً من أجل اتخاذها’ وأن القرار الأميركي كان الهدف منه ’إنهاء الانقسام الأوروبي حول سوريا’وإن أكد أن دمشق ترى ’أن أميركا هي التي تقود هذه الحملة’.

وأشار المعلم في حديثه التلفزيوني أن الغرب لا يلتفت إلا إلى مصالحه، مذكراً بخطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي خاطب به الدول العربية والإسلامية مؤيداً دولة فلسطينية بحدود 1967 ثم تراجعه أمام مؤتمر ’آيباك’ عن هذا الوعد.

وسأل وزير الخارجية عن أسباب الموقفين الفرنسي البريطاني بعد أن بدأت العلاقات تتحسن مع هذين البلدين، فرد ذلك إلى عنصر تغير الحكومات، مشيراً الى أن وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه ربما يتخذ موقفاً ثأرياً لفترة (الرئيس الفرنسي جاك) شيراك. كما قال إنه تحدث إلى وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ سابقا، وأن الأخير اتخذ موقفا رغم أنني تحدثت له هاتفيا وكان منطقيا، ولكن في الإعلام فإنه ينظر لمصالح حزبه الداخلية.

وحيال الشراكة الأوروبية، قال المعلم إن سوريا هي التي أوقفتها لأننا ’لمسنا أن فيها إجحافا واضحا للمصلحة السورية، ولا سيما في الصناعة’.

وتابع أن سوريا ’تعوّل على الموقف الروسي’، معتبرا أن صدور قرار ليبيا، رغم الرفض الروسي الصيني، ’يعني أن الهيمنة الغربية على مجلس الأمن واضحة’، معتبراً ان ’الهيمنة تستطيع أن تؤمن 9 أصوات، وأنا أسأل الدول التي يحق لها استخدام الفيتو هل ستترك هذه الهيمنة للدول الغربية؟’.

ورفض المعلم أي تشبيه بين الحالتين السورية والليبية، ولا سيما في ما يتعلق بالعمل العسكري، موضحا أن سوريا ’ليس لديها نفط كما في ليبيا أو العراق، الذي يشمّون رائحته على بعد آلاف الأميال. ثانياً شعبنا واع، وإن كان هناك اختلاف بالرأي، وحين يستشعر العدوان الخارجي يتحد، وهم يريدون أن تستمر الأزمة في نزف سوريا’.

وفي هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء السورية عن مصدر رسمي مسؤول، القول إن’ سوريا تستنكر وتدين القرارات التي صدرت عن الاتحاد الأوروبي ضدها وضد شعبها، في وقت تسعى فيه لحفظ أمن البلاد والانخراط في حوار وطني شامل يؤدي لاستكمال خطط الإصلاحات في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفق البرنامج الزمني الوطني المحدد لها’.

وأضاف المصدر في بيان نشرته الوكالة أمس إن ’قرارات الاتحاد الأوروبي، شأنها شأن القرارات التي أصدرتها الولايات المتحدة، تستهدف بوضوح التدخل السافر بشؤون سوريا الداخلية ومحاولة زعزعة أمنها والهيمنة على قرارات ومقدرات شعبها في حاضره ومستقبله’. وتابع ’لقد لعبت بريطانيا وفرنسا، دولتا الاستعمار القديم وصاحبتا اتفاق سايكس - بيكو، الدور الأساسي في استصدار هذه القرارات غير مكترثتين بأمن ومصالح شعب سوريا وشعوب المنطقة’.

وشدّد المصدر على أن ’سوريا إذ تؤكد عزمها على إتمام برامج الإصلاح تؤكد في الوقت ذاته تمسكها التام باستقلالية قرارها الوطني وسيادتها التامة وحرصها على أمن مواطنيها ومستقبل شعبها، وترى أن أي إجراءات تتخذ ضدها لن تحرفها عن نهجها الوطني والقومي مهما كلّفها ذلك من تضحيات’.

ووافقت الدول ال27 في الاتحاد الأوروبي على إضافة اسم الرئيس الأسد مع عشرة مسؤولين سوريين آخرين إلى قائمة أولى من 13 مسؤولاً سورياً فرضت عليهم عقوبات.

في هذا الوقت، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها البريطاني وليام هيغ في لندن، انها وهيغ يطالبان الأسد ’بوقف القتل وأعمال العنف والاعتقالات، وبإطلاق سراح السجناء السياسيين والمعتقلين والاستجابة للأصوات المطالبة بعملية إصلاح ديموقراطي شاملة وذات مصداقية’.

وكان هيغ قبيل دخوله الاجتماع مع نظرائه الأوروبيين قال إن ’القمع في سوريا يتواصل’ وقال دبلوماسي أوروبي إن العقوبات تهدف إلى ’وقف العنف وحض الأسد على القبول بآلية إصلاح، وليس إرغامه على التنحي’.

وطالب الوزراء بمحاسبة المسؤولين عن العنف ضد المتظاهرين، وبالإفراج الفوري عن السجناء السياسيين والحقوقيين، وإجراء حوار وطني شامل وفق جدول زمني ملموس .