بالتزامن مع العفو العام الذي صدر أمس، كشف مصدر رسمي سوري أن الحوار الوطني سيعلن موعده غداً الخميس، وأن فعاليات الحوار ستبدأ خلال الأسبوع المقبل على أبعد تقدير .

وأصدر الرئيس بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 61 لعام 2011 والقاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 31 أيار 2011.

وقالت وكالة الأنباء السورية سانا إن ’المرسوم يشمل جميع المنتمين إلى الإخوان المسلمين وكل الموقوفين المنتمين لتيارات سياسية، والعفو عن نصف العقوبات في الجنايات شرط عدم وجود إدعاء شخصي’.

وجاء العفو الذي شمل غالبية معتقلي التيارات السياسية، بمن فيهم اليساريون، مترافقاً مع معلومات عن قرب تشكيل هيئة للإشراف على الحوار الوطني، ستكون مسؤولة عن جمع أقطاب التحرك السياسي في سوريا تحت سقف واحد، ووضع تصور عام لمستقبل البلاد. وقبيل ساعات من افتتاح مؤتمر لنحو 300 معارض سوري في مدينة انطاليا التركية.

وأوردت سانا أن محافظ حماه أحمد عبد العزيز أعلن أن المحافظة اتخذت أيضاً قراراً حيوياً يصبّ في مصلحة عدد من أبناء المدينة، والمتمثل بإعادة النظر بالعقارات المستولى عليها لسبب ما، في إشارة إلى استملاك الدولة لأملاك المنتمين لتنظيم الإخوان المسلمين، من خلال السماح لأصحابها بتقديم طلب لاسترجاعها. وأوضح أنه بالنسبة للعقارات المصادرة فإنها تحتاج إلى إصدار قانون من شأنه تسوية أوضاعها وتحديد ملكيتها.

ورحّب متحدث باسم حركة الاخوان من لندن وأقطاب من المعارضة بـ’الخطوة’ على اعتبار أنها ’خطوة مهمة باتجاه الانفراج في البلاد’، معتبرين أنها تضع الحركة في سياق مستقبل الحياة السياسية السورية.

إلى ذلك، اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الأنباء عن تعذيب صبي سوري دلالة على أن ’انهيار تام لإرادة الحكومة السورية في الإنصات لشعبها، ويصبح موقفها أقل قابلية للاستمرار يوماً بعد يوم’.

وأضافت أن الأسد ’لم ينخرط جدياً في أي نوع من جهود الإصلاح’. وتابعت ’كل يوم يمر يصبح من الصعب أكثر فأكثر تقبّل موقف الحكومة السورية وتصبح مطالب الشعب السوري بالتغيير أكثر قوة’.

وهوّن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر من شأن عفو عام أصدره الأسد.

من جهته أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمله في ألا تتخذ المعارضة السورية موقفاً غير مرن إزاء الخطوات التي يتخذها الأسد.

وقال ’إن الرئيس الأسد قام بنشر مشروع التعديلات التي ستدرج في الدستور السوري، وهذه خطوة جدية، وإننا نرى أنها تضع بداية لخطوات عملية ونعوّل على أن تنظر فيها المعارضة كدعوة إلى الحوار وألا تتخذ موقفاً غير مرن’.

مؤتمر انطاليا

في هذه الأثناء شهدت مدينة انطاليا اليوم انطلاق ’المؤتمر السوري للتغيير’ للمعارضة السورية في الخارج وسارع معارضون، وعشية انطلاق المؤتمر الذي يضمّ أحزاباً وشخصيات معارضة، إلى التشكيك في العفو الذي أصدره الأسد عن الموقوفين السياسيين، واعتبروا أنه غير كافٍ وجاء متأخراً.

وينعقد ’المؤتمر السوري للتغيير’بهدف ’بحث سبل دعم الثورة السورية في الداخل وضمان استمرارها’، بحسب بيان الدعوة إلى المؤتمر، الذي جاء فيه أن المؤتمر المذكور هو الأول فعلياً بعد اجتماع شارك فيه معارضون سوريون في إسطنبول في 26 نيسان الماضي، وكان في حينها بدعوة من منظمات تركية غير حكومية.

وكان الدكتور برهان غليون، أكد لوكالة ’اسوشييتد برس’، إن المؤتمر لا يمثل كل المعارضة السورية، وكان عليهم تمديد الوقت من أجل استشارة الأعضاء الآخرين، وأن يكون هناك جدول أعمال وأهداف واضحة. وأشار الى ان ’هناك تفسيرات مختلفة’ حول ما يتعلق بتوقيت عقد المؤتمر وكيفية العمل.

وأضاف ’كان من الأفضل الانتظار من اجل إنهاء المشاورات، وربما الاتفاق على مجلس وطني يضمّ الجميع’.

ميدانياً، رغم الهدوء النسبي في محافظة حمص، سُمع دوي إطلاق نار من رشاشات ثقيلة في مدينة الرستن ، حيث يواصل الجيش عملياته لليوم الثالث على التوالي، بحسب ما أفاد ناشط حقوقي طلب عدم الكشف عن هويته.

وأشارت مصادر حقوقية إلى أن محصلة قتلى العملية العسكرية المتواصلة في بلدتي تلبيسة والرستن منذ الأحد ارتفعت إلى 15 وفق مصادر حقوقية، فضلا عن اعتقال العشرات .

إلى ذللك، تقرر تشكيل لجنة تحقيق لتحديد ملابسات وفاة الفتى حمزة الخطيب (13 عاماً) الذي تعرض للتعذيب والقتل في درعا كما ذكر التلفزيون السوري، أمس .

وقال التلفزيون إن وزير الداخلية قرر تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات وفاة حمزة الخطيب . وكان ناشطون قالوا إنه تعرض للتعذيب والقتل على أيدي قوات الأمن في درعا، داعين إلى تظاهرات تكريما له .

المالكي للمعلّم: الإصلاحات تحفظ أمن سوريا واستقرارها

على صعيد آخر، وفي إطار التنسيق بين سورية والعراق التقى وزير الخارجية وليد المعلم أمس مع نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي حيث جرى استعراض الأوضاع في المنطقة وسبل تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.

وعبر المالكي عن دعم العراق لسورية ووقوفه إلى جانب القيادة السورية للخروج من الأزمة بصورة أقوى من خلال تنفيذ برنامج الإصلاحات الذي أعلنه الأسد.

من جانبه عبر الوزير المعلم عن شكر وتقدير سورية قيادة وشعبا لموقف العراق الداعم للأمن والاستقرار في سورية.

وأعلنت وزارة الخارجية العراقية على موقعها الإلكتروني أن المعلم ’نقل رسالة من سيادة الرئيس (السوري) بشار الأسد الى السيّد المالكي حول العلاقات الثنائية’. وأكّد رئيس الوزراء العراقي خلال اللقاء ’حرص العراق على استقرار سوريا وتحقيق الإصلاحات التي من شأنها المساعدة على تحقيق الأمن والاستقرار’. ودعا الى ’تنشيط التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بما يحقق مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين’.

وكان من المقرر أن يعقد المعلم مؤتمراً صحافياً مع نظيره العراقي هوشيار زيباري عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، لكن أُعلن إلغاؤه عند الساعة الرابعة.

وكان زيباري قد قال في مقابلة مع صحيفة ألمانية في الخامس من أيار الماضي، إن الرئيس الأسد ’لم يتحرك بالسرعة الكافية’، عندما بدأت الاحتجاجات، وإن النظام السوري قد يواجه ’صعوبة في البقاء’ في ظلّ هذه الاحتجاجات.

يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين العراق وسورية قد استؤنفت في أيلول من العام الماضي بعد انتهاء القطيعة بين البلدين إثر أزمة دبلوماسية حادّة استمرت أكثر من عام.