شهدت المدن السورية أمس الجمعة أضخم تظاهرات منذ بداية الاحتجاجات منتصف شهر آذار الماضي ، فيما نقلت وكالات أنباء دولية عن نشطاء قولهم إن 34 شخصا قتلوا وأصيب العشرات في حماه، في المظاهرات التي أطلق عليها ’جمعة أطفال الحرية’،كما أكدت السلطات السورية حدوث عمليات تخريب واسعة.

في هذه الأثناء، توقفت خدمة الانترنت في معظم المدن، وخصوصا دمشق واللاذقية، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن سكان العديد من الأحياء في المدينتين .

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن 34 شخصاً على الأقل قتلوا، وأصيب العشرات بجروح في حماة، وإن عدد المشاركين في التظاهرة في حماة فاق ال50 ألف شخص .

وأكد المرصد أن ’مظاهرات اليوم هي الأضخم في سوريا منذ بدء الاحتجاجات بالرغم من قرار العفو الذي أصدره الرئيس بشار الأسد .

وفي المنطقة الشمالية ، تظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص في القامشلي ورأس العين وعامودا أيضاً، كما تظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص في مدينة بانياس وفي منطقة برزة بدمشق، انطلقت مسيرات من أحياء الجورة، والوادي، والقصور ودوار غسان عبود، وسجلت اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين . وأشارت تقارير إلى سقوط خمس إصابات نتيجة هذه الصدامات.

في المقابل، أعلن التلفزيون الرسمي السـوري عـن ’مقتل ثلاثة مخربين خلال اقتحامهم وحرقهم مبنى حكوميا في حماه وتصدي قوات الشرطة لهم’. وتحدث التلفزيون عن ’حوالى 10 آلاف’ متظاهر في حماه.

وأشار إلى أن ’مسلحين يقطعون الطرق في حمص ويحرقون مباني حكومية، واعتدوا على عناصر الشرطة’. وأشار الى اصابة 5 من عناصر الشرطة في دير الزور. وتحدثت وكالة الانباء السورية سانا عن تجمعات في محافظة ادلب.

وفي ردود الفعل الدولية ، رحبت تركيا بقرار العفو العام الذي أصدره الرئيس الأسد، واعتبرته خطوة إيجابية، وسبق أن أشارت أنقرة إلى أنها ستكون على رأس الدول التي ستتاثر بجو الفوضى في سوريا، ولهذا فإنه من المستحيل بالنسبة لأنقرة ألا تبالي بالتطورات وتشجع خطوات إيجابية مثل هذه.

ونقلت وكالة ’الأناضول’ عن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو قوله، في مقابلة تلفزيونية، ’نريد الأفضل لسوريا، ولا نريد التدخل بشؤونها الداخلية’. وأشار إلى ان اجتماع المعارضة السورية في أنتاليا قد يزعج الإدارة السورية، لكن تركيا بلد ديموقراطي. وكرر ان بإمكان المجموعة المؤيدة للأسد أن تجتمع على الأراضي التركية ’وما من أحد سيمنع ذلك، بل نريد أن تكون تركيا بلداً تجتمع فيه كل الأطراف وتتمازج فيه كل الآراء’. وأكد أن تركيا متفائلة على المدى الطويل، لكن مثل هذه الاضطرابات يمكن أن تحصل.

وفي نيويورك، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان تصاعد أعمال العنف بحق المتظاهرين في سوريا يثير ’الصدمة’.

وقالت المتحدثة باسم الأمم المتحدة فانينا ميستراتشي أن ’الامين العام قلق بشدة إزاء تصعيد العنف في سوريا الذي يعتقد انه اوقع ما لا يقل عن 70 قتيلا خلال الاسبوع الماضي وحده، ما يرفع عدد الضحايا الاجمالي منذ منتصف آذار الى اكثر من الف قتيل وعدد اكبر من ذلك بكثير من الجرحى وآلاف المعتقلين’. وهي اول حصيلة للقتلى خلال التظاهرات تصدر عن رئاسة الامم المتحدة.

وأضافت ان بان كي مون يشعر ’بقلق شديد إزاء استمرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان، بما في ذلك التقارير المقلقة عن مقتل اطفال جراء التعذيب والرصاص الحي والقصف. يجب اجراء تحقيق كامل ومستقل وشفاف في كل اعمال القتل’.

وفي باريس، لوح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بتشديد العقوبات ضد سوريا . وقال ’لقد فرضنا نحن الأوروبيين عقوبات، ونحن مستعدون لتشديدها’.

وقال المتحدث باسم الوزارة برنارد فاليرو ’رغم الإعلانات عن العفو ورفع حالة الطوارئ التي لم نر بداية وضعها موضع التنفيذ، تستمر الانتهاكات الكثيفة لحقوق الإنسان والحريات وتتفاقم’.

على صعيد آخر، وبالتزامن مع تشكيل لجنة حوار وطني، قالت مصادر سورية كردية أن الرئيس الأسد دعا قادة 12 حزباً كردياً محظوراً للاجتماع به اليوم لبحث الأوضاع التي تشهدها البلاد.

وقال عضو اللجنة السياسية لحزب (ياكيتي) فؤاد عليكو ليونايتد برس إنترناشونال إن محافظ الحسكة معزى سلوم أبلغ بعض قادة الأحزاب الكردية أن اجتماعا مع الأسد سيعقد السبت، وذلك في إطار اللقاءات التي يعقدها الرئيس مع أطياف المجتمع كافة.

وأوضح عليكو ’من حيث المبدأ نحن موافقون على اللقاء ولكن طلبنا مهلة يومين أو ثلاث حتى يتم التشاور بين قيادات الاحزاب الكردية’، مؤكداً أن الدعوة وجهت إلى 12 حزبا كردياً.

وقال إن الاحزاب الكردية تقف على مسافة واحدة من المعارضة والنظام، مؤكدا أن الاحزاب الكردية طرحت مبادرة تتضمن تجنب اللجوء إلى القتل والعنف، والسماح بالاحتجاج السلمي والحوار الوطني الشامل بين التيارات السياسية في سوريا.

واضاف إن المبادرة تدعو ايضا إلى عقد حوار وطني شامل وإعداد صيغة مشروع لدستور سوري جديد وقانون جديد للانتخابات يطرح على التصويت ويراعي خصوصية المجتمع السوري.

وشدد عليكو على ضرورة إطلاق حرية الإعلام والصحافة وقانون الأحزاب وحل القضية الكردية بالاعتراف بها في الدستور السوري.

واعتبر ان توجيه الاسد دعوة للاجتماع بقادة هذه الاحزاب يعد اعترافاً بها.

يذكر أن أحد قادة حزب (ياكيتي)، وهو مشعل تمو، كان قد أفرج عنه الجمعة من سجن عدرا، بعد سنتين أمضاها خلف قضبانه.

ومن جانبه، اعتبر رئيس المبادرة الوطنية لأكراد سورية عمر أوسي ليونايتد برس إنترناشونال أن الدعوة تشكل بادرة طيبة لحل الأزمة الراهنة