الكاتب : أنور بيجو

الصدمة كما يعرّفها الطب تأخذ أربعة مراحل :

1- المرحلة الابتدائية

2- مرحلة الـتأقلم

3- مرحلة الاستمرار

4- المرحلة النهائية ( اللارجعية ) . ( ملحق خاص في نهاية المقال ) .

وأنصح بأهمية فائقة متصفحي الانترنيت ، وقبل أن يكملوا القراءة ، أن يعودوا مثلاً إلى موسوعة ( ويكيبيديا ) ليقرؤوا تفاصيل هذه المراحل ، وقد وضعتها كملحق في نهاية المقال ، لمن لا يريد تكبد عناء البحث ، فوالله هي مراحل شيقة جداً ، ولن تندموا على مطالعتها والتأمل فيها .

نحن المواطنون العاديون ، الذين لا نوصف بالمعارضين ، وكذلك لا نوصف بالموالين ، بالمعنى الدارج لهذه المصطلحات ، أي أننا لم نخرج بمطالبنا إلى الشارع ، لكن لدينا مطالب ، لكننا أيضاً لسـنا مندسين ، ولسنا مخربين ، لكن أيضاً لم نكن راضين عما يجري في البلد من فساد وغيره الكثير ........ فإننا أصبنا بالصدمة منذ زمن بعيد ، وقد متنا نتيجة تلك الصدمة منذ ذلك الحين ، لكن لم ينتبه أحد لموتنا ، فالموالون كان همهم ولا زال المعارضين ، والمعارضون كان همهم ومازال الموالين ، ونحن لا نلومهم ، نتيجة انشغالاتهم الفائقة الوطنية تلك ، أنهم لم ينتبهوا لموتنا ، وربما حظنا الوحيد من هذه الدنيا ، أنهم لم ينتبهوا لموتنا ، وإلا لكنا سندعو كما دعى المحكوم بالشنق ، حين أبلغوه الحُكم : (( الله يستر من الأعظم )) .

وأنصح بصدق ، كل المسؤولين ، كل الموالين ، كل المعارضين ، أن يكونوا صادقين مع أنفسهم على الأقل ، فإذا كانوا حقيقة ، قد شعروا بالصدمة نتيجة الأحداث الأخيرة في سوريا ، إن يسارعوا إلى غرفة العناية الفائقة ، فربما .... ربما ... يسعفهم ( الحظ ) في تلك الغرفة ، فلا يصلوا إلى المرحلة النهائية ، ولا يصيبهم كما أصابنا نحن من موت ، فالموضوع ليس تحليلاً سياسياً ، وليس رؤيا غيبية ، إنه موضوع علمي بحت ، ولكم أن تستشيروا طبيب ( العائلة ) .

وليس من السيئ جداً أن نكون من الأموات ، فحين نقلـّب النظر بين الأحياء الباقين ، فنضحك في سرنا ، حتى لا يحسدنا هؤلاء الأحياء على موتنا ، أي على هذه النعمة ، وحتى نوضح هذه النعمة التي نحن فيها ، فمثلاً :

ما هو العذاب الذي كان سيصيبنا ، لو سمعنا الرفيق الأمين القطري المساعد ، وهو يقول أنه لن يلغي المادة الثامنة من الدستور ، ويقول الانتخابات قادمة ، فإذا ربحتم ( مَنْ يقصد لا أعرف ) الانتخابات ، الغوا المادة الثامنة !!! هذه هي النعمة أننا أموات ، والنعمة الأكبر ، مثلاً حين يفوز حزب آخر في الانتخابات ، ويقرر ألا يلغي المادة الثامنة ، بل يضع اسمه بدلاً من حزب البعث العربي الاشتراكي ، أي تصبح المادة الثامنة مثلاً :

(( المادة 8 : الحزب الشيوعي السوري ( جناح ........ ) هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العالمية . )) . وطبعاً عندها إذا كنت مقوداً ، حسب هذه المادة ، فلا بد أن تغير الاتجاه بعد الاتكال على الله .

أليست نعمة أن تكون ميتاً ، ولا تقرأ دستوراً لجمهورية ، فيه أسماء غير أسماء محافظات الوطن ، أو سماء الوطن ، أو بحار الوطن أو حدود الوطن أو هوية الأمة ؟؟؟

ثم ماذا لو نجح الحزب الذي يقوده المناضل صفوان قدسي ؟؟ وأنا حقيقة لا أعرف إن كان ما زال يقوده أو لا يقوده ، وإن كان هناك أصلاً يوجد حزب !! لكن تذكرناه ، لأن اسمه ورد في هيئة الحوار .

طبعاً النعمة اليوم أننا أموات ، ولسنا مضطرين أن نصرخ ونقول للرفيق الأمين القطري المساعد : (( من قال لك ولهم ، ونحن المواطنين العاديين ، أننا نريد أن يقودنا أحد ، في الدولة أو في المجتمع ، فالدولة دولتنا والمحتمع محتمعنا ، فإذا كانت الدولة دولتك والمجتمع مجتمعك ، وتريد أن تقودهما ، فما الذي أتى بنا نحن إليهما ؟؟ من قال أننا قصّر وبحاجة إلى من ( يقودنا ) ؟ وإذا كان من حقك الحفاظ على المادة ، فمن حقّ غيرك الحفاظ عليها وليس الغائها ، وتصور ياحضرة الرفيق كم من الأيادي ستتلقفنا كي ( تقودنا ) ، خاصة إذا أصبحنا دولة ديموقراطية من طراز رفيع ، وتداول الســلطة فيــها أصبح سلساً هيــناً ليـــناً ، أنقضي العمر كله بين أياديــكم ؟؟ !!! من ( إيد ) شقاع لـ .... رقاع ....

هذه هي النعمة أننا أموات ، فاختصرنا كل ذلك الصراخ ، الذي لا يجدي نفعاً حول تلك المادة من الدستور ، أما الحوار الوطني !! فربما تظهر نعمة الموت التي نحن فيها أجلى وأوضح ، فعلى الأقل نحن الأموات سعداء لأن أحداً لن يمثلنا في ذلك الحوار ، فنحن حين متنا ، اختلفنا بين بعضنا على طريقة الموت ، وصار كل واحد منا يريد أن يفرض طريقته على الآخر ، فمتنا دون اتفاق ، وهذا أجمل ما في الموضوع ، فلو متنا على طريقة أحدنا ، فكان سيتنطح ويقول أنا من سيمثلكم في الحوار ، ويجعل من نفسه ومنا جميعاً أضحوكة ، فمن سيتذكرنا ويدعوه إلى الحوار ، ثم إذا دعي ، فتصوروا ميتاً ويحاور ؟؟

اليوم ، راقبوا الصحف والبيانات السياسية ، فهؤلاء الأحياء الباقين مساكين ، الأكثر تطرفاً بينهم ، سيليّن لهجته كي يكون مقبولاً في الحوار ، والليّن سيشدد لهجته ، ويقول إياكم نسياني فأنا معارض لدود , وإياكم أن تظونني ليّن العريكة كما كنت في السنوات السابقة !! والذين سيقودون الحوار سيحتاجون الكثير من الجبن أو ( الكعك ) ، و ( الجبن ) هنا ، معاذ الله أن نقصد به عكس الشجاعة ، لا أبداً ، بل هو المادة المشتقة من الحليب ، والصانع لها ، يسمّى جبّان ( بتشديد الباء ) وليـــــــس ( جبان ) ( بتخفبف الباء ) ، وكثير من الجبن أو ( الكعك ) ينعش قلب المؤمن أو المحاور .

لكن في النهاية ، ومع أننا أموات ، لدينا رغبة هائلة ، ان نعرف من يحرك الشارع !! هل هي المؤامرة وحيدة ؟؟ وهل يمكن حينها أن تشارك المؤامرة في الحوار ؟؟ هل هم بقايا إعلان دمشق ؟؟ هل هو حسن عبدالعظيم ؟؟ هل هو هيثم منّاع ؟؟ هل هو ميشيل كيلو ؟؟ هل هو عارف دليله ؟ ...... هل هم الإخوان المسلمون ، جمعيات حقوق الإنسان ، هل ...... هل هؤلاء وغيرهم مجتمعين ؟؟ ووالله بعضهم لم نسمع به نحن الأموات من قبل ، فنرجو أن يكون قد سمع عنهم الأحياء شيئاً ، هل هؤلاء من يحرك الشارع ؟؟ إذا كانوا هم فلا بأس من الحوار معهم !! لكن إذا لم يكونوا هم ، فمن الذي حرك الشارع ؟؟ ولو لم يتحرك الشارع هل كان من لزوم للحوار ؟؟ إذن طالما أن هناك حواراً ، فلا بد من الإقرار أن هناك تحركاً في الشارع ؟؟ ومرةً بعد مرة ، من حرك الشارع ؟؟ وإذا ذهب إلى الحوار الذين لم يحركوا الشارع ، فما جدوى الحوار ؟؟ ومن يوقف التحرك أو يأمر بوقفه لنتفرغ للإصلاح ؟؟ رجال الدين ؟؟

نحن الأموات ، لا نقصد من كتابتنا شيئاً جدياً ، فنرجو ألا يستمع إليها أحد ، وألا يأخذها على مستوى ( الجد ) ، نحن في الموت ، نتسلى في أوقات فراغنا ، فنكتب من ( قفى ) يدنا ، ولو كان الأمر يستحق الجدية ، لكنا أجرينا الأبحاث والدراسات ، ولجأنا إلى مراكز الأبحاث من كل الأصناف والأنواع ، لكن الموضوع تسلية وفقط تسلية .

لكن مع ذلك ، أردنا بمنتهى الجدية أن نوضح فوائد الصدمة ، وكيف تكون أحاديث الأموات عن النعمة .

ملحق هام : مراحل الصدمة

هناك أربعة مراحل للصدمة. وهذه المراحل معقدة ومستمرة ولا يوجد انتقال مفاجئ من مرحلة إلى التي تليها.

المرحلة الابتدائية

أثناء هذه المرحلة تؤدي حالة نقص التروية إلى نقص الأوكسيجين في الخلايا وهذا بدوره يؤدي بالميتوكوندريا داخل الخلية إلى عدم القدرة على إنتاج مركب الطاقة ATP.ونتيجة لنقص الأكسجين تتضرر جدر الخلايا وتصبح منفذة للسائل البين خلوي وتقوم هذه الخلايا بالتنفس اللاهوائي منتجة لكميات من حمض اللاكتيك والبايروفيك واللذان يؤديان إلى زيادة حموضة الدم.عملية إزالة هذين المركبين من الخلايا تتم بواسطة الكبد وتحتاج إلى الأكسجين والذي هو غير موجود في هذه الحالة.

مرحلة التأقلم

وتتلخص هذه المرحلة في بدء الجسم لبعض من الوظائف الطبيعية تشمل العصبية والغدية والكيميائية في محاولة منه لتصحيح الوضع. فنتيجة لزيادة حموضة الدم يبدأ الجسم بزيادة معدل تنفسه في محاولة من الجسم لطرد ثاني أكسيد الكربون والذي يعمل كحمض في الدم.

مستقبلات الضغط أيضا في الشرايين تستقبل نفس الضغط المفاجئ وتؤدي إلى إفراز الأدرينالين النورأدرينالين.

النورأدرنالين يؤدي إلى تضيق الأوعية الدموية مع زيادة بسيطة في معدل نبض القلب بينما الأدرينالين يؤدي بشكل أساسي إلى زيادة نبض القلب مع تأثير بسيط على الأوعية الدموية. النتيجة المجتمعة للمركبين تؤدي إلى زيادة ضغط الدم.

نظام الرينين أنجيوتنسين ينشط ويؤدي إلى إفراز مادة الأرجينين القابضة للأوعية الدموية والتي تؤدي أيضا إلى استرجاع الماء بواسطة الكلى مؤديا إلى نقص كمية البول. وعموما فهذا النظام يأخذ وقتا ليعمل وله أهمية أقل في استعادة الوضع الطبيعي أثناء الصدمة.

مرحلة الاستمرار

وفيها تستمر الصدمة في التفاقم إلى أن تفشل عامل التأقلم السابقة في استعادة وضع الجسم الطبيعي. وفي هذه المرحلة يزداد دخول الصوديوم إلى داخل الخلايا وخروج البوتاسيوم منها ويستمر التنفس اللاهوائي ويتم إغلاق صمامات الشعيرات وزيادة إفراز الهيستامين، وهذا يؤدي إلى توجه البروتينات والسوائل من الدم إلى الأنسجة المجاورة. نتيجة لذلك تزداد لزوجة الدم وبذلك توقف الدورة الدموية في الشعيرات الصغيرة. انقباض الأوعية الدموية المتواصل يؤدي إلى نقص التروية الدموية للأعضاء الهامة مثل الكبد والبنكرياس وقد يؤدي تفاقم الأمر إلى تسمم فيها.

المرحلة النهائية (( اللارجعية ))

وفي هذه المرحلة تفشل الأعضاء الحيوية عن أداء وظائفها ولا يمكن استعادة وظائفها الطبيعية حتى ولو تم العلاج. وعندما يكون هذا العضو الفاقد لوظيفته هو الدماغ فإن الوفاة تحدث مباشرة.