الكاتب : حازم خضر

يفرض الحوار الوطني الجاري الإعداد له على أعلى المستويات في سورية حراكا نشطا لم يخلق للأسف حتى اليوم في ظل حالة الجمود والإرباك التي تفرضها الحالة الأمنية وتوالي سقوط الضحايا بين عناصر الجيش والمدنيين.

فالبحث عن مستقبل مشرق لسورية وخصوصا في الجانب السياسي يفرض على الجميع مسؤولية تاريخية لا تعني الدولة فقط ، رغم دورها المحوري في العملية برمتها ، بل تفرض على القوى المجتمعية : حزبية وأهلية ومثقفين وناشطين وأفراد عاديين يتطلعون إلى مستقبل أفضل.. تفرض على كل هؤلاء التحرك الجدي لطرح أفكار ترقى إلى مستوى المشاريع لتطوير الحياة السياسية في البلد، وبالتالي نزع ورقة طالما كانت ترفع عن استئثار البعث بكل الحياة السياسية من بابها الى محرابها.

فالمناخ العام ورغبة القيادة السياسية بطرح كل ملفات الإصلاح على الطاولة كما بدا واضحا من حزمة المراسيم التشريعية التي شملت وقف العمل بقانون الطوارئ و منح الأكراد الجنسية والبحث في قانونين جديدين للأحزاب والطوارئ ..تشكل حافزا ومدخلا مهما للقوى الفاعلة في المجتمع ، وخلق حراك يشمل كل مكونات الحياة السياسية باتجاه دولة مدنية يتساوى المواطنون أمامها، ويشكل القانون الفاصل الوحيد بين أبنائها ولهم كامل الحقوق بالتظاهر والحريات السياسية والإعلامية.. كل تلك المبادئ يجب أن تحضر وغيرها الكثير جدا مما يحمله الناشطون السياسيون من أجل الوصول إلى إصلاح سياسي يلبي طموحات الشعب السوري بعيدا عن محاولة إشاعة مناخات الفوضى والفلتان الأمني الغريبة عن سورية والسوريين.

الدولة أرست اللبنة الأولى في مشوار طويل ومعقد ضمن الحوار الوطني مع الإعلان عن تأسيس هيئة الحوار المناط بها تحديد آليات وبرامج ذلك الحوار. وتبقى مهام أخرى لا تقل أهمية وصعوبة تتصل بهوية المتحاورين وسقف الحوار وهدفه وآليات تنفيذ ما يتم التوافق عليه . فهل يكفي الحديث مع شخصيات فكرية طالما قدمت على أنها معارضة لنقول أن الحوار بدأ ويسير بخطوات متسارعة ؟ وهل يحدد الحوار تحت سقف مطالب معيشية وخدمية ؟

الواضح من خلال ما حملته لقاءات الرئيس بشار الأسد مع عشرات الوفود الشعبية من رجال الدين والاقتصاديين والشباب والوجهاء من مختلف المدن والمحافظات أن لا سقف للحوار طالما أنه تحت سقف الوطن، كما أن إصدار مرسوم عفو طال بشكل خاص السياسيين والمنتمين للإخوان المسلمين شكل رسالة واضحة على قوة الدولة وهي تتجه إلى الحوار بحيث أن أي موضوع للحوار لا يشكل مصدر قلق. ما يفرض تشجيع حالة نقاش مجتمعي واسع يبدد محاولات بث الفوضى ومشاهد الدماء الأسبوعية للوصول إلى إصلاح سياسي شامل ومجدي يعيد الأمن والاستقرار الى كل أرجاء سورية ويعبد الطريق باتجاه وضع البلاد على طريق الحداثة.