الكاتب : نضال الخضري

مسألة أولية... وهي أيضا غير قابلة للحل... كيف؟ فلنحاول قراءة الموقف كما يبدو داخل شبكات التواصل الاجتماعي، أو لنحاول أن نبحث عن الحلول في المساحة الافتراضية التي تعتبر نفسها بديلا على ما يبدو للمجتمع المدني...

بقدر جمال شبكات التواصل الاجتماعي فإنها في لحظات تدعو للكآبة، فهي تقف في المساحة الرمادية حيث لا موقف سوى التشنج، ولا حوار لأنه ربما يتناقض مع آراء الآخرين، وفي النهاية يبدو اننا نستخدمها خارج إطارها، فهي لا تعبر عن شخصياتنا بقدر كونها أداة لإبراز الخلاف الذي يمكن أن يشعل حربا افتراضية فقط.

المسألة الأولية أننا أشعلنا حربا على التويتر والفيس بوك، وهي حرب من أسهل الحروب وأقلها ضررا على الصعيد الشخصي، ولا تتطلب جدلا أو تحليلا فيكفي إبراز المواقف حتى يتم تصنيف الآخرين، ويكفي أيضا الحديث لمجموعات الأصدقاء حتى نرضي "النرجسية السياسية"، وفي النهاية هناك وطن لا يمكن أن نستبدله بمساحة التواصل الاجتماعي على الإنترنيت، وهناك شبكة كان من المفترض أن تغذي إحساسنا الشخصي أو قدرتنا في التعبير عن أنفسنا فأصبحت مجرد "حالة" نكتبها وشريط فيديو نستحي أن نبدي رأبنا فيه، لأن وضعه فقط يكفي لكي نخلق الفرز الممكن داخل المجتمع.

منذ أن برز الحدث السوري أصبح من الصعب التفكير بمساحات إضافية أو جديدة، أو بمشاعر داخلية أو حتى بحنين لفيض داخلي لا يسرقه من الاستقطاب القاسي الذي نشاهده اليوم أو تفرضه علينا وسائل الإعلام، فإذا كنا نسترخي داخل شبكات التواصل الاجتماعي فنحن اليوم أمام أزمة حقيقية لأن التوتر هو سيد الموقف داخل هذه المساحة التي لم نعد ندرك كيف نستطيع الخلاص منها.

هل يحق لنا التفكير بشيء آخر غير سورية؟ وهل نستطيع تكسير الغلاف الذي يجعلنا مجرد أشباح نحمل مواقفنا ونترك كل المشاعر وراءنا؟! هي في النهاية حياة تسير وعلينا معرفة أن "المسألة الأولية" ربما تستقر في ذواتنا، وفي الطاقة الحبيسة فينا، فنطلقها كيفما اتفق دون أن ندرك بأن الآخر على شبكة الانترنيت يعاني من نفس الضغط وربما لا يريد أو يشهد ذلك الاستقطاب الغريب الذي لا يمكنه أن يقدم الكثير لنا.

صراعاتنا المخفية داخل الانترنيت لا تستطيع أن تقدم إبداعا حقيقيا، وقدرتنا على تقديم الجديد الواقعي ربما يطرح لنا مسائل أفضل، فهل نتلاقى ذات يوم داخل مساحة من الهواء الطلق؟ هو مجرد سؤال علينا أن نضعه في كل لحظة نحاول فيها أن نعبر عن أنفسنا في الساحة الافتراضية، لأن الحياة في الواقع موجودة أيضا وربما متأثرة أكثر مما نتوقع بكل أشكال "الافتراض" الذي نحاول تسجيلة قبل أن ندرك بأننا نخلق فجوة جديدة داخل المجتمع.