الكاتب : نضال الخضري

حدث أم شكوك... أم أسئلة مفتوحة نقف عندها لنعيد رسم جغرافية من حولنا... في المشهد السوري أكثر من مجرد البحث عن حلول سياسية، لأننا عند المحاولة نصطدم بشكوك جديدة، وكأن مسألة الرؤية لمن حولنا أصبحت خاضعة لمعايير تعيد كتابتنا على مساحة هذا الوطن.

منذ البداية كان "الشك" سيد الموقف، وإذا كان الإعلام اللاعب الرئيسي فإنه في المقابل وجد ضالته في مسألة التخبط أو الجهل بأن ما يحدث هو ارتطام ثقافي لا يهمني اليوم من سببه لأن الخروج منه سيحدد وجودي، وربما وجود الجميع على مساحة الحياة وقدرتها على رسم الجمال بدلا من الاضطراب.

ومنذ البداية أيضا كانت أسئلة الأسباب والنتائج حالة قاتلة يفرضها الحدث السياسي، وارتد "المزاج الثقافي" سريعا ليشكل طيفا يخلق الشك ويرمي إشارات التعجب على كل من حاول ان يبحث فيما يجري، لكن الأخطر أن السياسة شكلت استقطابا ثقافيا معزولا حتى عن الأزمة، وباعتقادي أن الثقافة بنخبها كانت خارج الحدث واقحمت نفسها من زاوية هذا الاستقطاب، والنتيجة يمكن مشاهدتها أو قراءتها في الإنترنيت أو من خلال المشهد الإعلامي عموما...

هل نحن بحاجة لمزيد من الشكوك... البعض يعتبر أن الرأي العام مازال حائرا، وأن ما يجري يمكن حسمه عبر "الأطراف الجانبية" التي تتبرع بالتصريحات أو التظاهر، وأن التشكيلات الافتراضية من الصعب أن تعيد موقعها في العالم الواقعي بنفس الطريقة الموجودة فيها حاليا على "المساحة الافتراضية" (الإنترنيت)... لكن الرأي العام ربما يبحث عن زمنه الخاص الذي يستطيع فيه التعبير عن نفسه بشكل مختلف عن الاستقطاب الحالي.

الأمر ليس دعوة لتيار وسطي... هو مجرد محاولة لنفي عملية "الشك" وبناء ثقة اجتماعية مختلفة... ومن الممكن هناك البحث بشكل دائم عن نوعية المسار السياسي لكن في الحقيقة نحتاج إلى عصبية اجتماعية بعيدة عن كل عمليات الاستقطاب السياسي.

والأمر أيضا هو دعوة للتفكير كي نخرج من دائرة الشك حتى نستطيع الانطلاق، فنحن نحمل في داخلنا كل المخزون التاريخي لهذا البلد، وفي المقابل فنحن ربما نحتاج إلى بناء مواز باتجاه رؤية أنفسنا كسوريين نملك في عمقنا "هما" حقيقيا في تكريس هويتنا.

ما قدمه الحدث السوري بمظهره القاسي هو ضرورة العودة عن مساحة الشك بأنفسنا أو بقدرتنا على التواصل وخلق مستقبل مختلف تماما يمكن أن نصل فيه إلى مساحات تعبر عن أحلامنا بالدرجة الأولى.