الكاتب : ظافر الجنابي
ينقسم الفرقاء في لبنان بالنسبة لمواقفهم من سوريا الى فريقين , فريق لا يرضى عن سوريا ابدا ولو اشعلت لهم الاصابع العشرة شمعا وفريق اخر يذهب في تاييده للمواقف السورية ابعد من السوريين احيانا .
ورغم ذلك , فان الاضطرابات في سورية حدثت في لحظة , بدا فيها جليا لجميع الاطراف اللبنانية , ان لاجدوى من تجاهل تأثير سوريا في لبنان , أو محاولة انكار دورها , ونرى ذلك جليا في مواقف مثل زيارات رئيس الوزراء اللبناني السابق وزعيم تكتل 14 آذار سعد الحريري الى دمشق ولقائه بالرئيس بشار الاسد , او في خروج زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وليد جنبلاط من تكتل 14 اذار ليصبح فيما وصفه بـ ’منزلة بين المنزلتين’ , ولكن الاحداث السورية شجعت تكتل 14 آذار على مشاكسة سوريا وحلفائها مرة اخرى , وهو ما رأيناه في الهجمة الشرسة على حكومة ميقاتي , واتهامها انها تشكلت بقرار سوري , مع انه كان هناك من يرى قبل تشكيل الحكومة , ان دمشق هي السبب في تأخير تشكيل الحكومة .
ورغم ذلك كانت مشاكسة 14اذار مشاكسة خجولة , اقتصرت على المناكفات المعتادة بين الاحزاب اللبنانية , او بعض التصريحات التي تدعم الاحتجاجات في سوريا , وحين دعت قوى 14 اذار الى لقاء تضامني في فندق البريستول للتضامن مع الشعب السوري , اضطرت فيما بعد الى الغاء اللقاء والاقتصار على بعض التصريحات الصحفية , اما المسيرة التي انطلقت في طرابلس , فقد انتهت بمواجهات بين جبل محسن وباب التبانة , حين وصلت الى شارع سوريا , في حين لم تحظ المسيرة التي دعا اليها حزب التحرير في طرابلس ايضا , الا بعدد محدود من الحضور .
وعلى الرغم من سوريا اتهمت قوى 14 اذار بتشجيع الاضطرابات وتسليح مجموعات للقيام بعمال مسلحة في سوريا , وبارسال شحنات اسلحة الى سوريا , وذكر بالاسم النائب محمد الجراح , الا ان حدة هذه الاتهامات بدأت بالخفوت في الاونة الاخيرة مع انتقال بؤر الاحداث من المناطق الساحلية مثل اللاذقية وبانياس , ومناطق الحدود مع لبنان مثل تلكلخ , الى مناطق اخرى مثل تل الشغور وحماه وحمص .
على الجانب الاخر , تبدو قوى الاكثرية الجديدة في لبنان مؤيدة للموقف السوري الرسمي ومتماهية معه , اكثر من كثير من السوريين , وهي تبدو في بعض الاحيان متقدمة حتى على الموقف الرسمي السوري , ولا غرابة في ذلك اذ ترتبط هذه القوى مع دمشق بعلاقات تحالف ستراتيجي في اطار محور الممانعة الذي يجمع الطرفين مع ايران , واذا كانت دمشق طالما دعمت هذه القوى وساندتها , فلا ضير من رد بعض الجميل لها , كما ان فقدان حليف قوي كسوريا , سيعني اختلالا كبيرا في موازين القوى , لن يكون بالتأكيد في صالح قوى محور الممانعة.