هو مجرد "تخمين" ظهر في تصريحا ت أحد الناشطين خارج سورية، وتحدث فيه عن إغلاق المساجد خلال رمضان بعد صلاة العشاء، لكن حديثه السريع كان كافيا لدفع جيش "الفيس بوك" لحالة حماس قصوى، وربما معظمهم ممن لا يرتادون المساجد إلا أن "حمية الدين" على ما يبدو تشكل "العصب" الذي يمكن أن ينهض في أي لحظة.

التصريح استوجب تصريحا معاكسا جاء على لسان مفتي الجمهورية السورية، لكن الرواية لا تنتهي فهناك زخم رمضاني على الساحة الافتراضية والإعلامية، فالوعيد برمضان حافل وبشرنا بحالة من الحياة التي كنا نراها على إيقاع ممل خلال ساعات صيام، إلا أنها على ما يبدو متحفزة أكثر من اللازم، فدعوة التنسيقيات سبقت الجميع للتجمع في ساحة الأمويين... أمر عظيم حقا في حالة المبارزة من اجل التجمع.. من يجمع أكثر ومن يستطيع أن يحشد تجمعات تفوق ما حدث في ميدان التحرير.

السؤال لا يرتبط بالاعتراض على التظاهر بل باعتباره النقطة المفصلية في أي حراك قادم، فمسألة احتلال الساحات تبقى هاجسا على ما يبدو لعدد لا بأس به ممن يتحركون أو يحركون الاحتجاج، في المقابل فإن الساحات بقيت مفتوحة لنشاط آخر يعتبر نفسه مؤيدا لعملية الإصلاح، وعلى ما يبدو فإن "هاجس الساحات" لم يتوقف وهو يتحرك على مساحات إضافية في محاولة لكسر "الروتين" الخاص بيوم الجمعة...

المسألة أصبحت مربكة، فالقضايا الأساسية المتعلقة بـ"الاحتجاج السلمي" كما بدت قبل أربع أشهر تحولت بشكل جذري، ومسألة العمليات الأمنية التي يتحدث عنها البعض، أو حتى موضوع "المسلحين" اتخذت بعدا مختلفا لأن الصراع على ما يبدو هو كسر للإرادات بغض النظر عن مستقبل البلاد عموما، لأن الأسئلة الكبرى مازالت معلقة، فنحن أمام احتجاج ذروة برامجه السياسية تحاول تجنب هذه الأسئلة التي تشكل الجامع للدولة السورية، بينما يبدو الخطاب الخاص بطيف المثقفين المعارضين يدافع عن الوحدة الوطنية من خلال "تعداد المذاهب"!

قبل رمضان هناك حديث عن تظاهر يومي، وإذا أردنا عدم استباق الحدث فنحن أمام نوع من "الإثارة" من خلال التصريحات التي تريد الوصول إلى رمضان بأسرع وقت ممكن للرهان على "إرادة الصائمين"، إلا أن مسألة الاحتجاج باتت تفكيرا خارج السياسة طالما أن "الحراك السياسي" يتلخص بالتصريح والاحتجاج الذي يسير منفصلا عنه، فرمضان القادم لن يكون على إيقاع الصيام بل في نوعية ما بعد ساعات الإفطار، ولن يقتصر على الدراما والنشاطات المرافقة لها لأن البعض يريد التعامل معه في بعد خاص وتحد لإرادة المجتمع بشأن التظاهر من عدمه، فهل سينجح هذا الرهان؟ ربما لكن بلا شك فإن الشهر القادم سيكون أيضا شهر التحدي السياسي لأنه اختبار من نوع آخر للقوانين التي يمكن أن تقرأ و لنشوء عمل سياسي مختلف فيما لو تم إقرار قانوني الأحزاب والانتخابات....