بالتأكيد هناك شد عصبي.. وهناك حر خانق... وفي الأفق أيضا تصعيد دولي، فكيف يمكن أن تمضي ساعات النهار باتجاه الليل وليس زمن "الإفطار"، فنحن مفطرون أساسا وربما أكثر من فاسقين، وعلينا تعديل بعض المساحات التي يحسبها الشرع لطرح هذه المصطلحات، فكلما زادت الأزمة يوما أدركنا كم من الفراغ موجود وكم من الإبداع للخروج مما يحدث، وربما لم ينقصنا سوى "تباشير" تظهرفي التصريحات أو المؤتمرات التي تعقد في "الدوحة" وغيرها.
المسألة ليست في "نصرة الشعب السوري" وهو شعار يوحي ويؤشر على مبتكريه إذا كان في الأمر ابتكار، لأننا نعيش في زمن لا يمكن أن تكون "النصرة" على شاكلة زمن اجتياح المغول لبلادنا، ولا وفق فتاوى ابن تيمية والعز بن سلام، ففي النهاية يمكن أن يتحول الأمر إلى تفكير بأدوات لا نملكها لأنها تنتمي لزمن آخر، فالاحتجاجات لا يمكن ان تنتصر بصرخات العرور ولا البحث داخل المساجد يمكن ان ينقلنا إلى موقع جديد، وفي المقابل يصعب إيجاد آلية ضمن حزمة الإصلاحات تستطيع التأثير على التكتيك الداخلي أو الخارجي، وهو الأهم، كي يعيد النظر في مسألة الأزمة السورية.
نقطة اصطدام بالأزمة.. ربما يشكل التعبير الأكثر قابلية للتفكيك، لأن ما حدث هو ارتطام حقيقي بأزمة في داخلنا قبل أن تكون أي شيء آخر، فألوان الاستبداد هي ثقافة في النهاية تظهر عندما نريد ان نشكل أنفسنا على سياق غير موضوعي وعلى نسق يخرج من إطار التراث فقط، بينما نملك في أيدينا كل أدوات العصر ونستخدمها بما يمليه الماضي فقط.
في رمضان عبادة وكمٌ من التراث النفسي، وفي رمضان أيضا أجندات مختلفة عند كل الأطراف الذين يبحثون في نفس الدوائر المغلقة، ويقيسون الموضوع حتى في مؤتمرات المفكرين على قياس "السلطة القادمة"، متجنبين كل الأسئلة المعلقة في المستقبل السوري سواء كانت سياسية أو ثقافية أو حتى اجتماعية، ورغم أن رمضان أو الزمن الذي نعيشه لا يتيح لنا البحث كثيرا إلا أن الوطن يبدو في مشهد بانورامي وكأنه يقف في الارتطام بالأزمة وهو ما يوجب على الأقل إعادة الانتقال إلى موقع آخر.
ما يحدث أو سيحدث في رمضان لن يختلف عن الأيام السابقة، لكنه في نفس الوقت هناك تحفز والكثير من "التعبئة" إعلاميا على الأقل، وهناك تفكير جدي بأن أيام الشهر يمكن أن تحسم الأمور، وربما نسينا أن فوق أرض الوطن تبقى مسألة الحسم موضوع نسبي، لأنه صراع على إرادة الناس ولكن بطرق لا علاقة لها بالعمل العام، فهي تنتقل ما بين خلق بيئة للتوتر والتظاهرات أو محاولات تضييق هذه البيئة.
في سورية كوطن يمكن رسم ملامح متعددة، ويمكن كسر الحاجز السياسي، أو حتى الأمني كما يروق للبعض، من أجل فتح منافذ جديدة وربما تفكير جديد ينقلنا باتجاه المستقبل، أما صعوبة ما يجري فهي باتخاذ قرار بأن المسألة ليست ضمن استقطابات تقليدية ولا حوار لطرح المطالب بل هي في معرفة الرؤية التي تقودنا للمستقبل وهو أمر يحتاج لأن نتقابل...