اقتراح القوات العربية في سورية ربما يشكل بحد ذاته أزمة حلول سياسية، فالمسألة مرتبطة أساسا بمجموعة الإجراءات التي تقدمها قطر تحديدا ثم نجد أنها تولد مأزقا مختلفا عن سابقة، وهو ما حدث أساسا في مسألة المراقبين
اقتراح القوات العربية في سورية ربما يشكل بحد ذاته أزمة حلول سياسية، فالمسألة مرتبطة أساسا بمجموعة الإجراءات التي تقدمها قطر تحديدا ثم نجد أنها تولد مأزقا مختلفا عن سابقة، وهو ما حدث أساسا في مسألة المراقبين، حيث انتقلت الأزمة من الإطار السوري إلى مساحة التعامل الإقليمي، لأن وجود المراقبين على ما يبدو كان "حزمة" تعامل وليس إجراءا ضمن المبادرة العربية.
حزمة التعامل التي أوجدها عمل المراقبين مرتبطة أساسا بالقدرة على تحريك عمليات التظاهر، لكن ما حدث أن "العنف" هو الذي ظهر، وهما كانت التقارير التي سيرفعها المراقبين، إلا أن حدت عمليات التخريب وحتى الإرهاب وسمت الزمن الذي قضاه المراقبين في سورية، وظهرت بيئة مناسبة للحديث عن حرب أهلية أو حتى عن إعادة صياغة المعارضة المسلحة التي لم تعد مشكلة بالنسبة لمن قام بالاحتجاج في البداية مطلقا تعابير "السلمية".
هذه النقطة بالذات شكلت التحول الأساسي لأن "العمل المسلح" ليس فقط آلية، بل هو أيضا انتهاء من زمن الضغوط السياسية المترافقة مع العمل المسلح باتجاه العنف فقط، وهو يعني أيضا أن ذروة الأزمة ظهرت اليوم بعيدا عن التصورات الأولى التي رافقت الحدث السوري، وهي كانت مرتبطة مع مشروع الإصلاح في مقابل أطراف معارضة نادت بإسقاط النظام، لكننا اليوم أمام مشهد مختلف ومرتبط بعاملين أساسيين:
الأول – الصراع الإقليمي لإدخال الملف السوري باتجاه مجلس الأمن، فالمسعى القطري الذي يتحدث عن قوات عربية يشكل عنوانا من الصعب إيجاد تفاصيل له، فلا الدول العربية تملك ممكنات التدخل العسكري، ولا الظرف السياسي يمكن أن يتيح مثل هذا الأمر، إضافة إلا سورية ماتزال تملك جيشا منتشرا في مختلف أراضيها، وهو يعني في النهاية صداما مع الجيش السوري تحديدا. فمسألة القوات العربية هي نافذة سياسية لتدخلات دولية مختلفة وربما أكثر تنوعا من مسألة الهجوم العسكري المباشر.
الثاني – سيشكل الاقتراح القطري مجال تعبئة جديد سواء على الصعيد الداخلي السوري أو حتى على الساحة العربية عموما، فعدم قدرة المعارضة المسلحة أو حتى المجموعات الإرهابية على فرض إرادتها دفع الأمير القطري لاقتراح القوات العربية كدعم ولو على المستوى المعني لهذه المعارضة.
المشكلة الأساسية اليوم أن زمام التحرك يتم وضعه في يد قطر، وبالتأكيد فإن اقتراح الأمير حمد لا يمثل استراتيجية لدولته التي لا تملك بعدا جيوستراتيجيا فاعلا، حتى ولو كانت تمتلك قناة الجزيرة، فهو اقتراح يعبر عن الرسم الإقليمي كما تراه واشنطن وبعض الدول الأوروبية، وأن تتعامل معه قطر فهذا يعني أيضا أن سياسة الضغوط الإعلامية التي تمارسها ستستمر في التصاعد، وأن القاعدة الذهبية التي استخدمت ستبقى مستمرة، فالإعلام على ما يبدو هو إطار المعركة وليس البحث عن سياسة جديدة واستراتيجية تنتشل المنطقة كلها وليس فقط سورية.