وأمام تركيز جريدة الغارديان البريطانية في تقارير سابقة عن مركز أبحاث "عربي" عن التغيير والثورة في العالم العربي في وقت سابق من اندلاع أحداث تونس،
سها مصطفى
مع اندلاع الأحداث في محافظة درعا، بدا أن الحرب الافتراضية تسير على قدم وساق جاهزة بمتاريسها، حرب شائعات استهدفت ضباطا وشخصيات تمت بصلة قربى للرئيس الأسد مع جملة من مقاطع الفيديو الجاهزة، حرب على الشبكة الافتراضية مع بدء التويترينغ واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ولكن كنا كلنا سذج... فهل سيقود فعلا موقع تواصل اجتماعي "ثورة" إن جاز التعبير؟
مساعدات ...إنسانية
يقول إياد ونوس"باحث سياسي"بداية ضمن استهداف الرئيس ضمن نفس المنطلق هناك مراكز أبحاث تدرس هذه المجتمعات وتدرس عقليتنا، ولهذا الموضوع جانبان، الأول يقول بأن السوريين لا يزالون في مرحلة كرامة الزعيم وكبرياءه هي مسألة جدا مهمة، فلا بد من ضربها لإختزالها مجموعة مفاهيم، والتمكن من كسرها يعني التمكن من كسر كرامة الشعوب، والموضوع يتجاوز أحيانا الشخص، الشيء الآخر له علاقة بشخص الرئيس الأسد تحديدا ويشكل خطرعلى سياسات هي من بعد الحرب العالمية الثانية وهي السياسات الغربية، الرافضة فكرة الزعامة بهذه المنطقة لأنها تشكل لها عقبات، ومخاوفهم منها تعود للأحلام الامبراطورية الألمانية والسوفيتية الستالينية، وهم ضد الزعامة المطلقة القادرة على أخذ قرار مستقل، هنا نتحدث عن الشخص".
يضيف" وأمام الدورات التدريبية وتكاليفها يغدو لاشيء بالمجان في المطلق، يقول إياد ونوس" بالنسبة لي لدي شكوك لكوني احتكيت مع المنظومة الغربية وأعرف أن لاشيء مجاني وعبثي وعلمي خالص".
يضيف"من خلال قراءة التاريخ السياسي على الأقل بعد الحرب العالمية الثانية، أنه لم يكن هناك في أي مرة مساعدات إنسانية صادقة، المساعدات الإنسانية تأتي إما لتدعيم دولة بهدف الحصول منها فيما بعد على مكاسب أو توريطها، وبالحالتين هناك أهداف معينة خلف هذه المساعدات أو القروض التي قد يكون هدفها تنموي أو إنساني علنا ولكن في الخفاء ليس بالضرورة، ومصر نموذج للتورط بالقروض والمعونات، وإن عدنا للخلف قليلا تحديدا فكرة المساعدات الأمريكية، بدأت بها الولايات المتحدة الامريكية تجاه اوروبا الشرقية بالتنافس مع التمدد الشيوعي، أطلقوا فكرة المارشال بلان وهي مساعدات بالأساس هدفها غير إنساني وإنما هو محاولة كسب هذه الشعوب والحكومات في مقابل تأثير شيوعي، كونه معظم هذه الدول التي توجهوا لها في مارشال بلان هي السوفييت حررها من النازيين وليس الحلفاء، أعود وأؤكد ليس لدي نوايا طيبة بقراءة مساعدات إنسانية أو مراكز الأبحاث أو العمل الأكاديمي حتى".
وأمام تركيز جريدة الغارديان البريطانية في تقارير سابقة عن مركز أبحاث "عربي" عن التغيير والثورة في العالم العربي في وقت سابق من اندلاع أحداث تونس، يضيف ونوس"الدراسات موجهة بالعموم للشرق الاوسط وركزت بمرحلة من المراحل على أسباب التوتر بالشرق الأوسط، وتوصلوا لنتيجة أنه الصراع العربي الإسرائيلي، واستنتجوا حسب معلوماتي أنه لابد من حالة تطبيع ولو ينته هذا الصراع، ولم تعود الحقوق للعرب بالقانون، لابد من تطبيعه بطريقة ما، ومن هنا بدأ التوجه حسبما أعلم بأنه كمؤسسات إعلامية حتى الأونروا بدؤوا يستثمروها بهذا المجال، الأونروا بمنشوراتها ومطبوعاتها حاولت تطبع الموضوع، بسوريا منعت هذه المنشورات مثلا رغم محاولتها إدخالها للمخيمات الفلسطينية والتعاطي مع إسرائيل كحالة قائمة وموجودة، خاص بالبرامج الموجهة لشريحة الشباب وفي الأردن لم تمنع".
وحيال دراسة الغارديان يضيف ونوس"هل نعلم نحن كيف توصلوا لهذه النتيجة وكيف طبقوها ومالشريحة التي درسوها وبأي مناطق وما الأسئلة كانت؟، هذه الدراسات تعلن نتائجها هكذا بلا معرفة كيفية تطبيقها وآلياتها، وبالنسبة لي أنا معني بالمحتوى أكثر من العناوين، التي لا أتعاطف معها، ولن تكتسب مصداقية بلا معرفة محتواها ومن طبقها وما الأطر"؟
لافتا إلى أن برامج الزيارة قد تبدو "بريئة أو للاطلاع وقد تبدو مبهرة لمن ينبهر لمن يذهب ولكن السؤال لماذا، الاعلاميين الذين أخرجوهم يسمونهم نشطاء قادة رأي، ولكمن لماذا استهدافهم السؤال مطروح ولاعلاقة له بتحسين العلاقات بدلالة تجنب المواضيع ذات الحساسية بين الدولتين أحيانا في حال اثارتها تجاب بطريقة تدوير الزوايا، مثلا مامبررات التحالف المطلق مع إسرائيل ماهي مبرراته، بعض من ذهبوا بهذه البعثات عادوا قادة معارضة لماذا؟ فيما بعضهم لم يكونوا كذلك لماذا؟ بعضهم السفارات تابعت معهم، وبعضهم لم تتابع لماذا؟ السؤال مطروح للجميع لماذا الانتقائية"؟
و ثوابت
في سياق الحملة استهدف العلم الوطني والعملة الوطنية، الأخيرة استهدفت بإشاعات متعددة بعضها نقدي وبعضها الآخر بالتهويل بهدف دفع الناس لشراء الدولار وسحب احتياطيه من السوق السورية، بالتالي ارتفاع سعره في السوق السوداء مقابل الليرة السورية الأخيرة التي هبطت قيمتها عن التسعيرة الرسمية المعلنة، إضافة لشائعات أخرى لم يكن آخرها أن الدولة تسحب كميات من العملة في السوق كتب عليها شتائم لإتلافها، يقول عدنان عبد الرزاق"عندما أرى طفلا في منطقة ما يمزق صورة رئيس أو يكتب كلمات نابية عن رئيس وأقول طفل، ماذا يمكنني أن أتنبأ لاحقا وفق ما يتكون في وعي هذا الطفل وفي نفسيته، هل يمكنني أن أضبط هذا الطفل لاحقا في أن ينضوي تحت مظلة قانون، أرجو أن أفهم ولا أتهم بالدفاع عن أحد على الإطلاق، ولكن الرموز تبقى رموزا، العلم يبقى علم ويجب ألا يدنس أو يحرق، أيضا العملة الوطنية يجب أن يكون لها قدسيتها، وكذلك الجيش الوطني في أي بلد في العالم وكذلك الدولة".
من جهة أخرى فإن المتعارف عليه عالميا وأقله في الغرب، أن الاقتراب من عنصر الأمن أو مهاجمته يخول العنصر التصرف بمقتضاه للدفاع عن نفسه وفق تعليمات ناظمة، وهو ماشاهدناه على الأقل في أفلام الأكشن الأمريكية، محليا انقلبت الآية إذ بات عنصر الأمن والجندي في الجيش العربي السوري ضحية فعليا على الأرض بقتله والتنكيل به والتمثيل بجثته، وتقديمه في الإعلام العربي على أنه الجلاد وتحويل "الثائر" إلى ضحية، يقول ونوس "استهداف الرموز موجود وهناك مراكز أبحاث تدرس تطورات سلوكنا أكثر مما ندرسه، مركز بلومبيرغ مثلا هو ليس مجرد مركز علمي، الأهم أن كل الاستخبارات الخارجية في هذه الدول ملحق فيها مراكز للأبحاث يستفاد من الأكاديميين فيها، هم من يقوموا بتزكية السياسات، ونتائج الدراسات تقدم أي عندما يتخذ قرار باستهداف شخص الرئيس الأسد مثلا، ليس لأن باراك أوباما يقررهذا الشيء ولا هيلاري، وإنما يستفيدوا من مجموعة دراسات من أجهزة استخبارات، ومراكز الأبحاث حتى بالجامعات يشك أنها يستفاد منها بتزويد مراكز الاستخبارات بنتائجها وهي نتائج علمية".
ويشير إلى أنه فيما يتعلق في الأحداث في سوريا، فإن استخدام المسلحين سيارات من نوع معين لم يكن عبثا، لكون السيارات الأخيرة إحصائيا تعد الأكثر مبيعا أي الأكثر تداولا وبالتالي من الصعوبة مطاردة السيارات المسروقة بلوحاتها وألوانها المزورة أمام انتشارها الواسع في المحافظات السورية، بالتالي الاستخدام لم يكن عبثيا ولم يكن من قبيل الصدفة القبض مؤخرا على لوحات مزورة مع علب دهان لتغيير لون السيارات المسروقة".
اللغة المؤبلسة
في عام 2005 ومع اغتيال الحريري في لبنان، خاض السوريون حملتهم الإعلامية الأولى، وربما كانت نموذجا تجريبيا للتضليل الإعلامي على مستوى دمشق وبيروت، حملة أسفرت في جملة التفجير الذي حملته متابعة انسحاب الجيش السوري من لبنان، فيما بعد تبين دجل الاغتيال واتهام سوريا، مع توضيح تيري ميسان الصحفي الفرنسي أن الحريري اغتيل بصاروخ من طائرة أواكس إسرائيلية اخترقت الأجواء اللبنانية، سبقه دجل أكبر في ماوصف بأحداث 11/ سبتمبر، التي شرعت قصف أفغانستان، بالنتيجة أحداث مصر وليبيا تسفر عن الكثير بعد عام على اندلاع شرارة الأحداث، ولعل أبسطه محاولة قتل ميسان في ليبيا، الأخير الذي كشف أن وفد الإعلاميين الفرنسيين والأمريكيين الذين ولجوا العاصمة الطرابلسية لم يكن إعلاما صرفا بقدر كونه موظفين في وزارة الدفاع الأمريكية، محليا "صناعة التثوير" لم تهدأ، والسلاح الأكبر المستخدم كان الإعلام، للمفارقة ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها، ففي صناعة الحروب يقول الباحث الدكتور علي ناصر كنانة في كتابه "جيوش اللغة والإعلام" أنه وبما معناه "عند الغزو العراقي، إن كانت هناك ثلاث دبابات تسير على الأرض لاجتياح العراق فإن هناك لغة توازي الدبابات الثلاث إعلاميا في زحفها"، الدراسة تشير أنه لدراسة الحروب وإعلامها يتعيّن علينا أن نبحث في اللغة: لغة الإعلام ولغة الحرب، فهناك يشرعُ صنّاعُ الحروب بحياكة المسوّغات التي يبرّرون بها قرارَ الحرب، ومن هناك يتم تحويل الإعلام إلى بوارج وطائرات للقصف اللغوي، ومن هناك يهرع الناس خلف حروب اللغة دفاعاً عن أمنهم هلعاً من العدو المؤبلس ألسنياً، ومن هناك تنتصرُ اللغة أو تُهزم، ومن هناك تُسفك دماءُ الشعوب ويصمت الإعلام ويتحدث الأقوياء عن قوتهم وانتصاراتهم، ومن هناك كما تُبرَّرُ الانتصارات تُبرَّر الهزائم، ومن هناك، بأكثر قليلاً من أضعف الإيمان، يمكن للبشرية أن تتوغّل في دهاليز الأسرار للكشف عن خبايا اللغة وتشريحها بمشارط لغوية مضادة لا ترائي أيّاً من المنتصرين والمهزومين، ولا ترى إلا الدم المسفوك على مذابح الطغاة والغزاة".
في لغة الإعلام الحاضر، يكفي أن تنقل فضائية عربية خبر عن مرصد لحقوق الإنسان "للمفارقة" في فرنسا "أن شهداء سقطوا بنيران الأمن السوري"، حتى تطلق اتهاما جديدا ضد الدولة ضمن سياق التأليب، غربيا في لغة الإعلام وفي المواجز الإخبارية"سوريا تتناهبها أعمال العنف" منذ مايفوق الستة أشهر، المصطلح غير المباشر الرديف لأعمال العنف يستفز محاكاة ذهنية تستدعي صور حروب أهلية، وسوابقها في تاريخ استعماري يحشد لبوسنة وهرسك أخرى..ويشرع لتدخل غربي مسبق في اللغة الإعلامية، عبر تداوله وتكراره في المواجز الإخبارية على مدار الساعة في ذهن المتلقي والرأي العام الغربي ممهدا له، ومثاله كذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق التي تدوالها الإعلام الغربي ولفظها دون حساب فيما بعد مع وضوح زيفها!
وول ستريت واليهود
محليا الإعلام السوري أداءه يختلف عليه وسنبتعد عن التقييم لتناول أخطاء يصر الإعلام السوري على ارتكابها، تقول سيدة "تتحفظ عن ذكر إسمها"، الإعلام السوري ارتكب العديد من الأخطاء، وأبرزه "عرض الإعلام السوري لمظاهرات وول ستريت من باب الشماتة كان خطأ صرفا، أمام انطلاق هذه المظاهرات بدعم وإشراف من اللوبي اليهودي وبعضهم حاضر بلباسه الديني في المظاهرات التي يمكن مشاهدتها على اليوتيوب، مظاهرات وول ستريت كانت ضد البطالة، لكن درجت العادة أو ربما غاب عن الذهن أن الاقتصاد الغربي يعالج البطالة والركود الاقتصادي بحرب إنقاذية، مثالها فلسطين وليبيا وغزة ولبنان وافغانستان، المفترض ألا يروج الإعلام السوري لهذه المظاهرات، لأن هذه المظاهرات تستبطن حربا جديدة قد تكون ضدنا بلبوس تدخل للناتو، وعلى الأقل الأجدى به أن يعرض المظاهرات المضادة للتظاهر في وول ستريت التي خرجت مؤخرا إلا أن ذلك لم يحدث"!
وتتساءل السيدة لماذا خرجت مظاهرات في الوقت الذي رفع فيه رولان دوما وزير خارجية فرنسا الاسبق دعوى قضائية على نيكولا ساركوزي، في بداية قصف ليبيا من الناتو بتهمة قتل أطفال ليبيا"؟ تضيف"ولماذا لم تظهر مظاهرة واحدة في أوروبا تندد بجرائم الناتو في ليبيا وخرجت مظاهرات وول ستريت"؟
بدوره يشير باحث آخر إلى أن إسقاط النظام بالـ"تثوير" لا يعد سابقة في تاريخ الاستخبارات الأمريكية، المتخصصة بالإنقلابات وصناعة الثورات، فإسقاط الحكم الشيوعي في براغ في تشيكلوسوفاكيا تم للسخرية بإنتقاء شاب معارض معروف في الوسط المجتمعي، معتمدين على هيستريا القطيع في حالات الثورة والفوضى!
الشاب للأمانة ثمة نباهة في انتقائه، لكونه من المشهود لهم بأنه شخصية محبوبة في براغ وهوناشط سياسي، وفي بعض التشابيه يرد نوع من المقارنة بين ملامح وجهه و وجه السيد المسيح، وهو عامل آخر في انتقائه!
تروي الحكاية، أن الاستخبارات الأمريكية، بثت نصائحها في أذن الشاب بإطلاق مظاهرة تنادي بإسقاط الحكم، تبدأ المظاهرة بالسير مدنيا أعزل أمام الناس تجاه مبنى حكومي في شارع شهير من العاصمة يكتظ بالمارة، سينضم له بعض الشبان، فيما ترقد في أحد الأبنية على طرف الشارع العريض غرفة عمليات تشرف على المظاهرة وتتابعها في تقدمها من الشرفة نحو مبنى حكومي يعود للحزب، عند وصول الشاب إلى عناصر الأمن الواقفين أمام المبنى الحكومي، أحد العناصر "المتفق معهم" سيقترب منه الشاب ويقول له كلمة سر يميز الاثنان من خلالها بعضهما علما أن أوصاف كل منهما كانت مع الآخر مسبقا، يقترب الشاب يهمس بكلمة السر ويتظاهر العنصر بضرب الشاب الذي يسقط أرضا، خلال ثوان حضرت سيارة إسعاف "جاهزة مسبقا" سحبت الشاب بعيدا، عن تجمع وتجمهر الناس الذين لم يعرفوا ماحصل، وخلال عدة دقائق إنتشر خبر يفيد بموته، عندها اندلعت الثورة، علما أن الحزب الحاكم كان موافقا منذ البداية على مطالب المظاهرة التي انتهت بثورة في نهايتها وخلال ساعات قليلة سقط الحكم والحزب!
في مصر دعوات التثوير لم تنتهي، وقوالبها مختلفة ضد الجيش المصري، حينا باستخدام الأطفال للهتاف كما حدث في أحداث يناير العام الماضي، وحينا في حادثة سحل متظاهرة من دبابة للجيش المصري وتعريتها، حتى باتت حمالة الصدر الزرقاء التي كانت ترتديها الفتاة رمزا للـ"ثورة" في كاريكاتيرات عدة!
الفيديوهات الأخيرة نسفت قيم الإعلام، وهي مفارقة أن المرجعية في الإعلام التفاعلي الحديث فاقدة للمصداقية، بعكس قواعد الإعلام وأسسه الصارمة الناصة على المصداقية، المرجعية هنا هي صور تهتز غير واضحة مصدرها أي شخص من أي مكان، لا إمكانية للتأكد من الحدث ومكانه وزمانه وشخوصه، ماينسف قواعد الدقة والمهنية والمصداقية التي يفترضها الإعلام!
رغم ذلك، استمرت الفيديوهات بالظهور على فضائيات غربية وعربية، في تحطيم في غمرة ماتحطمه لأي سلطة أورقابة سواء كانت رسمية أو أهلية، بمعنى ما تحطيم تلك السلطة المجتمعية وإعادة صياغتها، على وقع مشاهد تستهدف مسلمات لجهة التعاطف مع الأطفال أو مشاهد الدم والتعرض للضرب دون التدقيق بالمحتوى الصوري، ثمة طرف ثالث مستفيد من عنف مجتمعي متبادل بين شارع تثيره مشاهد الدم وتستفز حميته "حرائر" الشوارع وجواري البيوت وأطفال يرمى بهم في الشوارع كدروع بشرية في مواجهة الأمن، دون أدنى إدانة لذويهم، وإنما الانتظار في حمامات الدم وبازارها لأدنى شرارة تستنفر الشارع وتستنهضه وفق مرجعية التراث والمجتمع الشرقي الذكوري لبديهيات العرض والشرف "مجسدا بالنساء" والأطفال في مدخل سريع وسهل لحصد الـ"تعاطف" المجاني...مرة أخرى ضمن نظرية الرصاصة السحرية التي تنظر للمتلقي والجمهور على أنه قطيع ينتظر منه التصرف بهيستريا "خلاقة" ومثالها دمشق في أحداثها الراهنة!