في نوعية الصراع القائم حول سورية هناك أسئلة تتجه نحو الداخل السوري، فإذا كانت مسألة شرعية المعارضة في الخارج أو تطبيق ما يسمى "المبادرة العربية" هي أمور مرتبطة أولا وأخيرا بالتوازنات الدولية
في نوعية الصراع القائم حول سورية هناك أسئلة تتجه نحو الداخل السوري، فإذا كانت مسألة شرعية المعارضة في الخارج أو تطبيق ما يسمى "المبادرة العربية" هي أمور مرتبطة أولا وأخيرا بالتوازنات الدولية بعد ان أصبح "الملفان" داخل مجلس الأمن، فإن مسألة الدولة السورية وعلى الأخص بعد إقرار الدستور هي موضوع داخلي، عليه شق طريقه وسط معركة إقليمية تلعب دول الخليج العربي دورا أساسيا فيها.
عمليا فغن الخسائر الدبلوماسية بالنسبة لـ"دمشق" تبدو ضخمة، رغم أنها لم تؤثر بعد على طبيعة المعادلة الداخلية، ولا حتى على نوعية تعامل الحكومة مع الأزمة، إلا ان الواقع يوضح مجموعة من الأمور:
– الأول متعلق بعملية "قطع الطرق" السياسية من خلال إغلاق السفارات، حيث يبدو أن بعض الدول الأوروبية سارت مع معركتها مع دمشق باتجاه واحد، حيث يصعب اليوم العودة باتجاه جديد، فهناك أكثر من مسألة انحياز، بل هي رهان نهائي على إسقاط سياسة دمشق الحالية مهما كانت، في وقت يصعب إيجاد رؤية قادمة لمستقبل العلاقات السورية مع أوروبا تحديدا بعد الصراع الحالي.
– الثاني أن انتهاء الأزمة بات مرتبطا بإيجاد مخرج مع تلك الدول المصرة على فرض رؤيتها على سورية، سواء عبر اعتبار "المجلس الوطني" يملك شرعية التعبير عن الشعب السوري، أو إصرارها على تفكيك الدولة السورية بالكامل قبل العودة باتجاه "العلاقات الطبيعية"، وبالتأكيد فعلى الصعيد الداخلي فإن البحث يمكن أن يسير نحو حالة من "التعامل الطويل" مع دبلوماسية أوروبية ضاغطة باتجاه أي تشكيل سياسي أو حتى اجتماعي واقتصادي لا يفبل الدخول في "لعبة" إسقاط النظام على طريقة "المجلس الوطني".
– الثالث هي "المنظومة العربية" التي تتحرك بشكل موازي للتحركات الأوروبية والأمريكية، وإذا كانت دول الخليج تُظهر ريدكالية في مسألة "تسليح المعارضة"، فإن الصراع مع هذه الدول سيكون الأقسى، لأن رهاناتها نهائية وهي مرتبطو اليوم بمشروع إعادة تنظيم للشرق الأوسط دون سورية.. لكن المستقبل مبني أساسا على قدرة سورية في العودة إلى نقطة التوازن ورسم علاقات عربية قوية، وهنا تظهر تلك الخيارات المعتمدة على تركيز التوجه للكتل التاريخية التقليدية، ففقدان مصر ربما لن يطول والعراق أيضا تشكل عمقا استراتيجيا أساسيا، فالمشروع السوري في النهاية سيلحظ أن "الاختصار العربي" لن يكون خليجيا نظرا لنوعية المصالح الاقتصادية لتلك "الدول" التي تعتمد أساسا على "حركة الطاقة" عالميا.
الشأن السوري اليوم ليس مجرد تعددية سياسية، بل هو شبكو علاقات جديدة داخل أوروبا وعلى أساس التعامل مع القوى السياسية الأوروبية في ظل قرارات من الاتحاد الأوروبي بقطع العلاقات الدبلومسية أو "إغلاق السفارات"، فبدون علاقات تقوم على قاعدة جديدة تكسر احتمال المشروع الذي يحاولون اليوم إقامته، فإن الشأن الداخلي السوري سيبقى مضطربا لأبعد الحدود.