العالم يتغير، وعمليات التحول والتغيرات العامة التي تجري فيه حاليا تنطوي على مخاطر مختلفة، غالبا ما تكون طبيعتها غير متوقعة. ويظهر على خلفية الأزمات الاقتصادية العالمية، وغيرها من المخاطر العامة، دائما إغراء لحل المشاكل على حساب الآخرين وعن طريق الضغط بالقوة. ليس مصادفة أن تتعالى اليوم أصوات، تقول إنه ستطرح قريبا وبشكل موضوعي مسألة مفادها أنه لا ينبغي أن تنسحب السيادة الوطنية على الموارد ذات الأهمية العالمية.

ولذلك لا ينبغي ان يكون لروسيا حتى مجرد إمكانيات افتراضية في ذلك. ويجب علينا ألا نغري أي احد بمستوى ضعفنا .

ولهذا السبب بالذات نحن لن نتخلى، مهما كانت الظروف، ليس عن قاعدة الردع الاستراتيجي فحسب، بل سنقوم بتعزيزها وتقويتها. وقد ساعدتنا قاعدة الردع الاستراتيجي هذه على الحفاظ علي سيادة دولتنا في فترة التسعينيات الصعبة، وبصراحة تامة لم تتوفر لدينا انذاك حجج مادية أخرى.

مهما كانت الظروف .. لن نتخلى عن قاعدة الردع الاستراتيجي فحسب، بل وسنقوم بتعزيزها.

ومن الواضح إننا لن نستطيع تعزيز مواقعنا الدولية وتطوير الاقتصاد وتقوية المؤسسات الديموقراطية، اذا لم نكن على استعداد للدفاع عن روسيا، وإذا لم نقم بحساب مخاطر ألازمات والصدمات المحتملة وعدم تأمين الاستقلالية العسكرية والتكنولوجية ودون تهيئة الرد العسكري المتكافي، كاجراء اخير على هذه او تلك من التحديات.

وقد اتخذنا، ونقوم بتنفيذ، برامج غير مسبوقة لتطوير القوات المسلحة وتحديث المجمع الصناعي العسكري. و إجمالا، فانه سيتم خلال العقد المقبل تخصيص نحو 23 تريليون روبل لهذا الغرض. ولا اخفي انه كان هناك جدل كبير حول حجم وتوقيت هذا التمويل الواسع. وأنا واثق بان التمويل متكافئ تماما ومناسب لامكانيات وموارد البلاد. والأهم من ذلك فانه لا يمكن تأجيل العمل على تشكيل القوات المسلحة الحديثة والمتكاملة وتعزيز قدراتها الدفاعية.

ان الحديث لا يدور حول عسكرة الميزانية الروسية. وجوهر الامر ان الأموال التي نخصصها هي عبارة عن "دفع فواتير" لتلك السنوات حينما كان الجيش والاسطول البحري يعانيان من نقص التمويل المزمن، عندما لم يتم عمليا تسليم أنواع جديدة من الأسلحة. بينما قامت الدول الأخرى، بشكل مستمر، بتقوية "عضلاتها العسكرية".

" الدفاع الذكي" ضد التهديدات الجديدة

من الضروري بالنسبة لنا خلق آليات الرد، ليس فقط على المخاطر الراهنة، بل علينا تعلم "النظر فيما وراء الأفق"، لتقييم طبيعة التهديدات للـ 30-50 سنة المقبلة. ان هذه مهمة جدية، تتطلب تعبئة امكانية العلوم المدنية والعسكرية والقيام بالتشخيص والتقييمات بعيدة المدى.

ما هي ألاسلحة التي ستكون ضرورية للجيش الروسي؟

وما هي المتطلبات التكنولوجية التي سيتم تقديمها لمجمع الصناعات العسكرية الوطنية؟ .. في الواقع يجب علينا إنشاء" نظام ذكي لنوع جديد للتحليل العسكري والتخطيط الاستراتيجي " ، وإعداد "وصفات" وتنفيذها العملي في تشكيلات مؤسساتنا العسكرية.

ما الذي يجهزه لنا القرن القادم ..؟

ان احتمال اندلاع حرب بين الدول النووية بعضها ضد بعض ليس عاليا، ان ذلك يعني نهاية الحضارة. فطالما أن "بارود" القوات النووية الاستراتيجية، التي تم خلقها بجهود آبائنا وأجدادنا الجبارة، يظل (البارود) "جافا"، لم يجرؤ احد على إطلاق العنان لعدوان واسع النطاق ضدنا.

ومع ذلك، من الضروري الاخذ بالاعتبار أن التقدم العلمي والتقني في مختلف المجالات، بدءا من ظهور أنواع جديدة من الأسلحة والمعدات العسكرية وانتهاء بتكنولوجيا الاتصالات، أدى إلى تغيير نوعي في طبيعة الصراع. لذا، وبالارتباط مع درجة التسليح الشامل للقوات بأسلحة بالغة الدقة، غير النووية وبعيدة المدى، فإنها تصبح سلاحا أساسيا لنصر حاسم على العدو، بما في ذلك في النزاعات الشاملة.

الاهمية الكبرى، ان لم تكن الحاسمة، في تحديد صفة النزاع المسلح ستمتلك الامكانيات العسكرية للدول في المجال الفضائي، و في مجال المواجهة الاعلامية، وفي المقام الاول، في الفضاء الالكتروني. اما على المدى البعيد - خلق اسلحة على اساس فيزيائية جديدة (الاشعاعية، الجيوفيزيائية، الموجية، الجينية، الاشعاع سيكوفيزياوية .. وغيرها).كل ذلك سيتيح، الى جانب السلاح الذري، امكانية الحصول على وسائل نموذجية لبلوغ الاهداف السياسية والستراتيجية.

تندلع أمام أعيننا حروب اقليمية ومحدودة جديدة. وتظهر مناطق عدم استقرار وفوضى موجهة ومفتعلة.. أضف الى ذلك من الممكن ملاحظة المحاولات المتعمدة لاستفزاز مثل هذه الصراعات في المناطقة المجاولة المباشرة لحدود روسيا وحلفائنا.. نحن نشهد كيف انهارت وانحطت قيمة المبادئ الاساسية للقانون الدولي، وخاصة في مجال الأمن الدولي.

في هذه الظروف لا يمكن لروسيا لاعتماد على الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية فقط لرفع التناقضات وحل الأزمات .. وتقف أمام دولتنا مهمة تطوير الكفاءة العسكرية، في إطار استراتيجية الاحتواء وعلى مستوى الكفاءة الدفاعية المطلوبة.. وعلى القوات المسلحة والقوات الخاصة ووحدات الجيش أن تكون مستعدة للقيام برد سريع وفعال على التحديات الجديدة.. إنه شرط أساس لتشعر روسيا بالأمان ويأخذ شركاؤنا حجج بلادنا بعين الاعتبار في المنظمات الدولية المختلفة.

سوية مع حلفائنا يجب علينا أيضا تعزيز إمكانيات منظمة معاهدة الأمن الجماعي، بما في ذلك قوات الرد السريع.. إن منظمة معاهدة الأمن الجماعي مستعدة لتنفيذ مهمتها، التي تكمن في ضمان الاستقرار على الساحة الأورو- اسيوية.

وتبقى مسائل ضمان التطوير الديناميكي لقوات الأمن والصناعة في المجال الفضائي والنووي والمجمع الصناعي الدفاعي والتعليم العسكري والعلم العسكري الأساسي والبرامج التطبيقية للأبحاث، تبقى من المسائل الاساسية لسياسة الدولة في روسيا.

الجيش أنقذ روسيا

إن انهيار البلد الموحد والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي جرت في التسعينات، ضربت جميع مؤسسات الدولة. كما كان جيشنا يعيش أيضا أوضاعا صعبة.. وكان التدريب العسكري على حافة الانهيار. وقد تم سحب الوحدات الإستراتيجية الأولى من أوروبا الشرقية إلى مواقع غير مجهزة للمرابطة فيها. ولم تكن هناك موارد لتجهيز وبناء معسكرات للجيش وميادين للتدريب. ولم يحصل الضباط على رواتبهم لأشهر.. لماذا يتعين إخفاء ذلك! حصلت مرارا مشاكل متعلقة حتى بتغذية أفراد الوحدة.. وقدم عشرات آلاف العسكريين استقالاتهم..

وتجاوز عدد الجنرالات والعقداء والمقدمين عدد النقباء والملازمين في الجيش. كما

كانت مؤسسات الدفاع تغرق بالديون وفقدت أحسن الخبراء والمتخصصين. لقد تعرضت القوات المسلحة لضربة إعلامية قوية، فكان هناك أشخاص في تلك الأيام لا يمكنهم العيش حتى ليوم واحد دون انتقاد الجيش والتقليل من دوره فضلا عن الانتقاص من كل شيء يتعلق بالأمن والواجب وخدمة الوطن والروح الوطنية والتاريخ العسكري لبلادنا.. كنت أعتقد ومازلت بأن ذلك يشكل جريمة روحية حقيقية وخيانة.

وعلينا أن نتذكر دائما واجب دولتنا أمام الجنود والضباط الذين حافظوا في فترة التسعينات المريرة على الجيش والقدرات القتالية لوحداته.. وإذ دعت الضرورة قاتلوا.. وفقدوا أصدقاءهم وانتصروا.. وقع ذلك في شمال القوقاز وطاجيكيستان ونقاط ساخنة أخرى.. إن أولئك الأشخاص حافظوا على روح وشرف الجيش فضلا عن سيادة ووحدة الدولة الروسية.. ودافعوا عن أمن مواطنينا.. ولم يسمحوا بإهانة وانهيار البلاد.

ولكن دفعنا ثمنا غاليا لتلك الأخطاء التي رافقت التغيرات والإصلاحات الكثيرة وغير المتناسقة التي لم يكن وراءها في كثير من الأحيان سوى هدف تقليل عدد من أفراد الجيش بشكل آلي. وعندما شنت عصابات الإرهابيين الدوليين في العام 1999 عدوانا مباشرا على روسيا واجهنا أوضاعا مأساوية. كان يجب جمع مجموعة مؤلفة من 66 ألف شخص مختص من القطعات والكتائب والوحدات المنفصلة.. تجاوز عدد الأفراد في القوات الروسية 1360000 شخص.. في حين لم تكن هناك وحدات كاملة مستعدة لتنفيذ المهام دون تدريب إضافي. ولكن جيشنا حقق مهمته ونفذ الضباط والجنود واجبهم وكان أداء القسم للوطن بالنسبة لهم أهم من حياتهم وصحتهم ورفاهيتهم. وأهم شيء هو أنه عاد إلى المجتمع والدولة إدراك حقيقة بسيطة وهي الاعتزاز بالقوات المسلحة وتطوير قدراتها وخلاف ذلك يتعين علينا "إعالة جيش غريب" أو الوقوع في عبودية الإرهابيين الدوليين والمجرمين.

لقد بدأنا من النقاط التي لا يمكن تأجيلها.. وقمنا باستئناف نظام الضمانات الاجتماعية الأساسية لعناصر الجيش والإنتهاء من مشكلة التاخير في دفع مستحقاتهم المالية. وسنة بعد أخرى رفعنا رواتب أفراد الجيش والأسطول بعد أن كنا في وقت لا نملك فيه موارد كافية حتى للمتطلبات العاجلة.

التسلح

أنا على قناعة تامة بأن أي شراء "دقيق" للتقنيات والمعدات العسكرية لا يمكن أن يكون بديلا لإنتاجنا لمختلف انواع الأسلحة، بل يجب ان يستخدم فقط كأساس للحصول على تكنولوجيات ومعارف.

أتذكر العام 2002 حيث اقترح رئيس الأركان العامة إلغاء قاعدة الغواصات الإستراتيجية في شبه جزيرة كامتشاتكا.. بلا شك كان ذلك بسبب الظروف السيئة.. ولو حدث ذلك لكنا فقدنا تواجد قواتنا البحرية النووية في المحيط الهادئ.. لم أتخذ هذا القرار.. وبسبب عدم توفر النقود من ميزانية الدولة اضطررنا لطلب المساعدة من الشركات الخاصة.. وأريد أن أتذكر تلك الشركات بكلمات الشكر، ومن بينها شركتا "سورغوط نيفتيغاز" و"تي-إن- كا" اللتان قدمتا كل ما يلزم لبدء إعادة بناء القاعدة البحرية. وبعد ذلك توفرد الموارد المالية في ميزانية الدولة، وأصبحت لدينا قاعدة بحرية حديثة في مدينة فيلوتشينسك التي سوف تستقبل قريبا غواصات الجيل الجديد لتنفيذ مهماتها العسكرية في المنطقة.

إضافة إلى ذلك تم إنشاء وحدات التاهب الدائم على جميع الاتجاهات الإستراتيجية والتي تشكلت من المتعاقدين. وشُكلت بهذه الطريقة المجموعات العسكرية ذات الكفاءة الذاتية. ونفذت مثل هذه المجموعة عملية في أغسطس 2008 لفرض السلام على جورجيا ودافعت بذلك عن شعبي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.

وأظهرت خبرة السنوات السابقة أن إمكانيات تطوير الهيكلة العسكرية التي حصلنا عليها من الاتحاد السوفيتي، استنفدت بشمل كامل.. ما هي تلك الهيكلة القديمة في حقيقتها؟ لقد مثلت آلاف مستودعات الأسلحة والذخيرة ومختلف مقرات القيادات ووحدات مخفضة.. بالإجمال كان ذلك كل ما هو مطلوب في القرن الماضي لامتلاك جيش كبير يبلغ تعداده ملايين الأفراد.

وكان من دون فائدة تعزيز المنظومة القديمة بالأفراد والمعدات فلن تكفي لذلك الموارد البشرية والمالية.. وأهم شيء هو أن الهيكلية القديمة لم تعد تناسب المتطابات الحديثة والمستقبلية. ولو لم نقدم على التغيير مكتفين بالتحولات الجزئية والمحددة لفقدنا عاجلا ام آجلا قدرتنا العسكرية وقواتنا المسلحة كمنظومة قادرة على القتال.

وكان لدينا مخرج واحد فقط - وهو إنشاء جيش جديد. جيش من النوع الحديث وجيش يتمتع بسرعة التحرك والاستعداد القتالي الدائم. هذه العملية صعبة للغاية وتمس عشرات آلاف الأشخاص، وترتبط بأخطاء لا مفر منها ومطالبات. وكما تتعلق العملية برد فعل الجمهور الحاد بما في ذلك رد فعل العسكريين أيضا.

إن الإصلاح يعني تغيير نظام معقد تراكم داخله عدد كبير من العيوب. وإن فشل المنفذين والعمل الإعلامي الضعيف وتنفيذ التوجهات بصورة شكلية كل ذلك يمثل نقاطا مثيرة للمشاكل في الإصلاح الجاري. إن هدفنا يتمثل في رؤية هذه النقاط وتعديل وضبط هذه القرارات او تلك، والتمسك في المنطق العام في إصلاح القوات المسلحة.

ما تم انجازه

لا توجد حاليا وحدات غير مكتملة في جيشنا. وتم في القوات البرية نشر أكثر من مائة من ألوية المشاة والألوية الخاصة. وإن هذه الألوية تمثل وحدات عسكرية متكاملة مجهزة بالأفراد والمعدات. وإن مدة تحولها إلى التأهب القتالي لا تتجاوز الساعة الواحدة .بينما تتطلب عملية نقلها إلى مسرح العمليات العسكرية المحتملة يوما واحدا فقط. وكانت وحداتنا في السابق بحاجة إلى مدة، قد تصل إلى خمسة أيام من أجل الاستعداد للقيام بمهمة قتالية.

لماذا اخترنا "اللواء" بالذات بمثابة وحدة تكتيكية رئيسية؟ بالدرجة الأولى اعتمدنا على خبرتنا في أفغانستان والحملات العسكرية ألاخرى، عندما أظهرت مجموعات اقتحام ومجموعات قتالية معززة بالطيران ووسائل دعم أخرى فعاليتها عند استخدامها، بدلا من الأفواج والفرق. كما أن اللواء قادر على العمل بشكل مستقل وضمن قوام تشكيلات أخرى على حد سواء. ولا أستبعد أن الجودة المطلوبة في بعض الحالات لم تصل إلى المستوى المثالي. ويتعين علينا في أقرب وقت تحقيق المعايير الضرورية.

أخذ الجيش الروسي يتخلى عن الوظائف الخارجة عن اختصاصه، كتلك التي تتعلق بالخدمات العامة وغيرها. وتم اختصار فترة انشغال الوحدات عن التدريب العسكري إلى ادنى حد ممكن. وإذا أخذنا بعين الاعتبار مدة خدمة العلم، التي تبلغ 12 شهرا، لرأينا أن هذه هي الطريقة الوحيدة لتحويل المكلفين الجدد بالخدمة العسكرية إلى مقاتلين مدربين. ويتعين على الأفراد والضباط أن ينشغلوا بمهمتهم المباشرة، وهي التدريب القتالي المكثف، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على الانضباط العسكري وتطبيق القانون في القوات المسلحة وتعزيز سمعة خدمة العلم.

يشهد نظام التعليم العسكري إجراء إصلاحات جدية ومهمة، إذ يجري حاليا إنشاء عشرة مراكز تعليمية علمية كبرى. كما تم ترتيب كافة هذه المنشآت بشكل هرمي لتتيح للضباط، وفقا لسير خدمتهم، إمكانية رفع مستواهم المهني بشكل مستمر وننطلق هنا من تقاليدنا والخبرة العالمية المتراكمة في هذا المجال.

لا يمكن وضع عقيدة عسكرية، أو عسكرية فنية، دون تطوير جدي للأبحاث العسكرية. كما لا يمكن أن تعمل مؤسسات تابعة لهيئة الأركان العامة بصورة فعالة دون هذه الأبحاث. ويتعين علينا إعادة بناء تخصصات المعاهد العسكرية ودمجها في النظام المتطور للتعليم العسكري، كما هو الحال في القطاع المدني للاقتصاد. يجب أن يؤثر العلم العسكري تأثيرا حاسما على صياغة مهمات مجمع الصناعات العسكرية. ويتعين على مؤسسات وزارة الدفاع المسؤولة عن الطلبيات العسكرية تامين صياغة فعالة للمهمات الفنية لتصميم الأسلحة والمعدات العسكرية وإنتاجها وتخطيط مواصفاتها بصورة فعالة.

بلا شك لا يجوز تطوير الأبحاث العسكرية، دون تحقيق الشراكة مع مؤسسات العلوم المدنية، ودون استخدام طاقات جامعاتنا الرائدة ومراكز الأبحاث الحكومية. يجب أن يمتلك علماؤنا معلومات كافية حول الأوضاع الحالية للجيش ومنظومات الأسلحة وآفاق تطويرها، لكي يتمكنوا من توجيه أبحاثهم المستقبلية، آخذين بالحسبان - ضمن اعتبارات أخرى - إمكانية تطبيقها للأغراض الدفاعية.

أشير أيضا إلى أنه تم تقليص اجهزة الإدارة في القوات المسلحة بمرتين. كما تم إنشاء دوائر عسكرية موسعة، وهي الغربية والجنوبية والوسطى والشرقية. وانتقلت إلى هذه الدوائر إدارة القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي والأسطول البحري. ومن الناحية الجوهرية يدور الحديث حول إنشاء قيادات عملياتية إستراتيجية. ومنذ الأول من ديسمبر/ كانون الأول الماضي استلم صنف جديد في روسيا مناوبته القتالية، وهو صنف قوات الدفاع الجوي الفضائي.

وتم في إطار القوات الجوية إنشاء 7 قواعد جوية كبرى ذات بنية تحتية قوية ومتطورة. كما يجرى تحديث شبكة المطارات، إذ نفذت خلال السنوات الأربع الماضية عمليات إصلاح شامل لـ28 مطارا وذلك للمرة الأولى منذ 20 عاما. ونخطط لتنفيذ عمليات إصلاح مماثلة لـ12 مطارا عسكريا آخر في العام الحالي.

لقد طورنا بصورة جدية إمكانيات منظومة الإنذار المبكر من الهجمات الصاروخية. وتم تدشين محطات للمراقبة في مقاطعتي لينينغراد وكالينينغراد وفي مدينة أرمافير. كما بدأت التجارب لموقع مماثل في مدينة إركوتسك. وزودت كافة ألوية الدفاع الجوي الفضائي بمنظومات معاصرة لوسائل الأتمتة من طراز "أونيفيرسال-1إس". كما تمكنا من نشر المجموعة الكاملة للأقمار الاصطناعية التابعة لمنظومة "غلوناس" الفضائية للإرشاد وتحديد الموقع.

تم تأمين الاستقرار المضمون والاكتفاء للعناصر البرية والبحرية والجوية المكونة للقوة النووية الروسية الإستراتيجية. وخلال السنوات الأربع الأخيرة تزايدت حصة منظومات الصواريخ المرابطة برا من 13 إلى 25%. كما سنواصل إعادة تسليح عشرة أفواج صاروخية أخرى بمجموعات صواريخ إستراتيجية من طراز "توبول-إم" و"يارس". وفي مجال الطيران بعيد المدى تم الحفاظ على الطائرات الإستراتيجية الحاملة للصواريخ "تو-160" و"تو-95إم إس" بعددها الكامل إضافة إلى تحديثها. واستلمت هذه الطائرات الإستراتيجية صواريخ جديدة ذات مدى بعيد. ومنذ العام 2007 استؤنفت طلعات الطائرات الإستراتيجية في مناطق دورياتها. وبدأت أعمال التصميم لمجمع جوي مستقبلي للطيران بعيد المدى.

كما تبدأ المناوبة القتالية للغواصات الإستراتيجية الحاملة للصواريخ من المشروع الجديد "بوريي". وتجري حاليا اختبارات رسمية لغواصتي "يوري دولغوروكي" و"الكسندر نيفسكي". واستؤنف تواجد الأسطول الروسي في مناطق إستراتيجية من العالم، بما في ذلك البحر المتوسط. وسيبقى مثل هذا الاستعراض "للعلم الروسي" دائما.

مهمات العقد المقبل

بدأنا عملية شاملة لإعادة تسليح الجيش والأسطول البحري وغيرهما من عناصر وأجهزة القوى التي تتولى ضمان أمن الدولة. وتتمتع بالأولوية في هذا المجال القوات النووية وقوات الدفاع الجوي الفضائي ومنظومات الاتصالات والاستطلاع والقيادة والحرب الإليكترونية والطائرات الموجهة عن بعد (بدون طيار) والمنظومات الضاربة المؤتمتة وطيران النقل المعاصر ومنظومات حماية الأفراد في أرض المعركة والأسلحة الدقيقة ووسائل مواجهتها.

ويجب تطوير منظومة تدريب وإعداد أجهزة الإدارة والقيادة والقوات لتصبح ذات جودة عالية وشاملة. وينبغي تركيز الجهود في هذا المجال على إنشاء مجموعات قوات فعالة تابعة لصنوف مختلفة، ورفع جاهزية الوحدات والتشكيلات ومدى استعدادها لتنفيذ المهمات العسكرية المطلوبة.

ويتعين على خبرائنا ومختصينا تحديد آفاق التطور الإيديلولوجي لصنوف وأنواع القوات، ورسم أهدافها ومهماتها وفقا لما تنص عليه الوثائق في هذا المجال. وأصبح من الواضح أن هيكلية القوات المسلحة ستبقى محتفظة بدور وأهمية قوات الردع النووي. وعلى كل حال سيبقى الأمر على هذا المنوال إلى أن نمتلك أنواعا أخرى من الأسلحة والمنظومات الضاربة التي تنتمي إلى الجيل الجديد، بما في ذلك في الأسلحة الدقيقة القادرة على تنفيذ نفس المهمات التي تنفذها أسلحة الردع النووي حاليا. إضافة إلى ذلك، ستزداد في السنوات القريبة القادمة أهمية القوات البحرية والجوية وقوات الدفاع الجوي الفضائي.

إن متطلبات الزمن تحتم اتخاذ إجراءات حاسمة لتعزيز المنظومة الموحدة للدفاع الجوي الفضائي. وما يدفعنا إلى القيام بهذه الخطوات هو سياسة الولايات المتحدة وحلف الناتو فيما يخص نشر عناصر الدفاع المضاد للصواريخ. ولضمان عدم الإخلال بتوازن القوى، يتعين علينا اما إنشاء منظومة مضادة للصواريخ، وهي مهمة مكلفة بالإضافة إلى عدم فعالية مثل هذه المنظومات في الوقت الراهن، أو بناء وتطوير تقنيات قادرة على اختراق أية أنظمة للدفاع المضاد للصواريخ وحماية قدرات الرد الروسية. وستعمل القوات النووية الإستراتيجية ومكونات الدفاع الجوي الفضائي على تحقيق هذا الهدف بالذات. وسيكون الرد الروسي العسكري التقني على منظومة الدرع الصاروخية العالمية الأمريكية وعنصرها الأوروبي فعالا ومتناسبا مع الخطوات التي تتخذها الولايات المتحدة في مجال الدفاع المضاد للصواريخ.

تتلخص مهمتنا في إحياء القوة البحرية الروسية القادرة على العمل في المحيط العالمي وقبل كل شيء في الشمال وفي الشرق الأقصى. إن النشاط الذي تمارسه الدول الكبرى في منطقة القطب الشمالي يضع أمام روسيا مهمة العمل على ضمان مصالحها في هذه المنطقة.

الدفاع

لن يتمكن أي أحد من شن عدوان واسع النطاق علينا ما دام "بارود" القوات النووية الإستراتيجية التي بناها آباؤنا وأجدادنا جافا.

تستلم قواتنا خلال الأعوام العشرة المقبلة أكثر من 400 صاروخ باليستيي عابر للقارات من الصواريخ التي تطلق من البر والبحر، و8 غواصات صاروخية إستراتيجية، ونحو 20 غواصة أخرى متعددة المهام، وأكثر من 50 سفينة، وحوالي 100 جهاز فضائي للأغراض العسكرية، وأكثر من 600 طائرة حديثة، بما في ذلك مقاتلات الجيل الخامس، وما يزيد عن ألف مروحية، و28 منظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز "إس-400" لتسليح أفواج الدفاع الجوي، و38 مجموعة من الصواريخ المضادة للطائرات من طراز "فيتياز" لتسليح الفرق، و10 منظومات صواريخ من طراز "إسكندر-إم" لتسليح ألوية الصواريخ، وأكثر من 2300 دبابة حديثة، وزهاء 2000 منظومة مدفعية ذاتية الحركة، و17 ألف عربة عسكرية.

لقد تم تحويل أكثر من وحدة عسكرية، بما في ذلك 30 سربا جويا إلى استخدام الأسلحة والتقنيات الحديثة، التي لن تقل حصتها بحلول العام 2020 عن 70% من مجمل الأسلحة والتقنيات العسكرية المستخدمة في القوات المسلحة الروسية. كما ستجري عمليات تحديث وتطوير كبيرة على منظومات الأسلحة المتبقية.

وبهذا الشكل فستتلخص مهمة العقد المقبل في تأمين إمكانية اعتماد البنية الجديدة للقوات المسلحة على معدات وتقنيات حديثة – أي على المعدات التي "تبصر" لمسافة أبعد، وتصوب بدقة أكبر، وتتفاعل بشكل أسرع من من التقنيات المستخدمة لدى أي عدو محتمل.

الوجه الاجتماعي للجيش

الجيش المعاصر هو قبل كل شيء أفراد اكفاء ومؤهلون، قادرون على استخدم احدث منظومات الاسلحة. وانهم خبراء يمتلكون معارف عميقة، ولديهم مستوى تأهيل عالي. لكن المتطلبات المطروحة اليوم امام كل ضابط وجندي تزداد من سنة الى اخرى.

ويجب ان يتمتع العسكريون بضمانات اجتماعية تتماشى تماما مع حجم المسؤولية الهائل، التي يتحملونها. وبين تلك الضمانات توفير الخدمات الطبية والعلاج والراحة في المصحات والمنتجعات والتأمين وراتب تقاعدي لائق وتوفر فرص عمل بعد التقاعد، وبطبيعة الحال الاجر الذي يتناسب مع مستوى الرواتب التي يتقاضاها الخبراء الاكفاء والكوادر الادارية في مرافق الانتاج الرئيسية.

واتخذ عام 2007 قرار باصلاح نظام دفع الرواتب للعسكريين وزيادتها بشكل ملموس، ناهيك عن رفع رواتب التقاعد العسكرية. وشهدت تلك العملية عدة مراحل، أولاها هي اجراء تجربة خاصة برفع رواتب اولئك الذين يتحملون مسؤولية خاصة عن تأمين القدرة الدفاعية للبلاد.

واتخذنا ابتداء من 1 يناير/كانون الثاني الماضي خطوة عملية تالية، وهي رفع رواتب العسكريين بمقدارثُلاثة أضعاف، والقوات المسلحة، باعتبارها رب العمل، اصبحت اكثر قدرة على المنافسة. وقد ادى هذا الامر الى لتغيير جذري للوضع في المؤسسات العسكرية وتحفيز الشباب على أداء الخدمة العسكرية.

كما تم رفع الرواتب لمنتسبي وزارة الداخلية بدءا من 1 يناير/كانون الثاني عام 2012. اما مطلع عام 2013 فسيشهد زيادة ملموسة لرواتب منتسبي المؤسسات الامنية الاخرى واجهزة الامن الخاصة.

وازدادت رواتب المتقاعدين العسكريين جميعهم، بغض النظر عن انتماءهم الى هذه المؤسسة العسكرية او تلك، في 1 يناير/كانون الثاني بمقدار 1.6 مرة. وسيتم رفع تلك الرواتب فيما بعد كل سنة ما لا يقل عن مستوى التضخم المالي بنسبة 2%.

وبالاضافة الى ذلك سيتم اعتماد شهادة تأهيل خاصة تمكن العسكري من تلقي التعليم، او اعادة التأهيل، في اية مؤسسة تعليمية للبلاد، بعد تسريحه او احالته الى الاحتياط.

اتوقف بشكل منفصل الآن عند مشكلة الاسكان التي لم تحل لسنوات طويلة. وكانت الدولة في تسعينات القرن الماضي تقدم، في احسن الاحوال، للعسكريين كل سنة 6 – 8 آلاف شقة، او شهادة حكومية تمكنهم من إنشاء او شراء الشقق والمساكن. وغالبا ما تم تسريح العسكريين او احيلوا الاحتياط دونحصولهم على شقق، مجرد سجلوا في طابور البلديات الذي لم يتحرك عمليا.

فلنتذكر ما انطلقنا منه، حيث قمنا عام 2000 بزيادة حجم السكن المقدم للعسكريين ووصلنا الى مستوى 25 ألف شقة سنويا. لكن اتضح ان هذا الامر لا يمكن ان يحل المشكلة حلا جذريا، علما ان الدولة كانت بحاجة الى إعادة تعبئة مواردها المالية والتنظيمية.

واصبح برنامج "15 + 15" الرئاسي الذي تم تطبيقه في عامي 2006 – 2007 خطوة اولى على هذا الطريق، حيث وزعت على العسكريين نحو 20 ألف شقة في المناطق التي تواجه مشكلة الاسكان.

ثم اقتنت وزارة الدفاع في اعوام 2008 – 2011 للعسكريين 140 ألف شقة للسكن الدائم و46 ألف شقة للسكن المؤقت. ولا مثيل لهذا الحجم في تاريخ الاجيش الروسي. وما زلنا نوظف الاموال، حتى في ظروف الازمة. لكن، وبغض النظر عن ان البرنامج كان اكثر شمولا بالمقارنة مع ما كان مخططا له سابقا، لم تحل المشكلة بعد. ويجب ان نذكر اسباب ذلك بصراحة. اذ يعود السبب الاول الى المستوى السئ لاحصاء العسكريين الذين يحتاجون الى مساكن في وزارة الدفاع. اما السبب الثاني فيكمن في عدم ربط الاجراءات العملياتية والتنظيمية ( التنقلات واعادة التموضع) بامكانات وزارة الدفاع الخاصة بتوفير السكن. ويجب علينا تصحيح هذا الوضع.

من الضروري ان يتوفر السكن للعسكريين عامي 2012 – 2013 بشكل كامل. ناهيك عن استكمال عملية توفير السكن المؤقت في الوحدات العسكرية، الامر الذي سيسمح لنا بحل مشكلة الاسكان للعسكريين حلا نهائيا.

كما اننا نعتزم توفير المساكن الدائمة للعسكريين الذين تم تسريحهم في التسعينات والذين لا يزالون ينتظرون دورهم في طوابير البلديات. ويبلغ عددهم حاليا نحو 20 ألف عسكري. اما العسكريين الذين قد وقعوا عقودا مع وزارة الدفاع بعد عام 2007 فسيتم توفير السكن لهم بطريقة منهجية، وفي اطار نظام الرهن العقاري. وقد تجاوز عدد المشاركين في هذا النظام 180 ألف شخص. وقد تم شراء 20 ألف شقة.

هناك مشكلة اخرى، وهي مصير المعسكرات وآلاف المواطنين الذين يقيمون فيها، وبينهم عسكريون سابقون وعائلاتهم ومتقاعدون وخبراء مدنيون، او بالاحرى اولئك الذين كرسوا عشرات السنين من حياتهم لخدمة الجيش والبلاد.

ولا يجوز ان تقوم وزارة الدفاع بشطب مثل هذه المعسكرات، بمشاكلها، من مسؤوليتها. كما ان من الضروري اجراء جرد دقيق لممتلكات القوات المسلحة التي ينبغي احالتها الى السلطة المدنية، وبينها روضات الاطفال ووحدات سكنية والمرافق التي تقدم لها خدمات. ويجب ان تسلم وزارة الدفاع كل تلك الممتلكات الى البلديات، بعد ان ترميمها وجعلها صالحة للاستخدام. كما يجب ان ترافقها ألاموال اللازمة لصيانتها.

وسيشهد نظام التجنيد والخدمة بالتطوع في القوات المسلحة تغييرات جذرية. ويخدم الآن في القوات المسلحة 220 ألف ضابط و186 ألف جندي ورقيب قد وقعوا عقودا مع الجيش. ويخطط لان تعقد العقود خلال السنوات الخمس القادمة مع 50 ألف متطوع، سيتم تعيينهم في مناصب نواب الضباط العرفاء والخبراء الذين يقومون بصيانة المعدات الحربية.

وسيختار الجيش كوادره بطريقة دقيقة متعددة المستويات. وقال المارشال جوكوف في حينه :" انا والعرفاء نقود الجيش". ويعتبر نواب الضباط والعرفاء العمودا الفقري للجيش، يحرص على مراعاة الانضباط واداء التدريبات القتالية المطلوبة. ويجب ان يشغل مناصب نواب الضباط الافراد الذين يتميزون بصفات معنوية وبدنية وتأهيلية تناسب متطلبات الجيش الحديث. ولا يمكن تحقيق هذا الامر الا بعد ان يتلقى كل عريف ومساعد وجندي متطوع التدريب في مركز التدريب او مدرسة العرفاء.

ويخطط لان يشمل الجيش الروسي بحلول عام 2017 نحو 700 ألف محترف من الضباط والطلاب العسكريين ونواب الضباط والعرفاء والجنود المتطوعين، وذلك ضمن مليون فرد لتعداده الاجمالي. وسيقلص عدد المجندين بحلول عام 2020 حتى 145 ألف فرد.

ويدل منطق التغييرات بوضوح على ان هدفنا هو بناء جيش محترف بالكامل. لكن لا بد من الفهم ان الجيش المحترف هو جيش غال. ويعتبر بقاء النظام المختلط لتشكيل الجيش في المستقبل القريب حلا وسطيا بين المهام المطروحة وامكانات البلاد. الا انه يجب ان تطرأ على خدمة المجندين تغييرات نوعية ايضا، باعتبارها شرطا ضروريا لاجراء الاصلاح العسكري.

ومن اجل الحفاظ على الانضباط في المجموعات العسكرية يتم استحداث الشرطة العسكرية. اما المنظمات الاجتماعية والدينية ومنظمات المحاربين القدماء وحقوق الانسان فيجب ان يحرصوا على تربية العسكريين وحماية حقوقهم ومصالحهم .

واعتقد انه من الضروري الارتقاء بمستوى رجال الدين في الجيش الروسي بحيث يظهر قسيس او امام في كل جماعة عسكرية في المستقبل القريب.

واننا نفهم ان النظام المعمول به للتجنيد يتصف بنوع من الظلم الاجتماعي، علما ان التجنيد غالبا ما يطال الشباب من العائلات الفقيرة والذين لم يلتحقوا بالجامعات. ويتوجب علينا اتخاذ الخطوات التي من شأنها رفع سمعة الخدمة العسكرية وتحويلها من خدمة اجبارية الى امتياز. والمقصود بالامر هو منح المجندين حقوق اضافية تمكنهم من الالتحاق بافضل الجامعات بعد انتهاء الخدمة، ناهيك عن منحهم الفرص لرفع كفاءتهم في دورات تحضيرية وتقديم منح مالية وشهادات تمكنهم من الدراسة في مدارس البزنس الوطنية والخارجية والالتحاق بالخدمة المدنية والادراج في لوائح احتياطي الكادر التي تتيح لهم امكانيات الترقي في السلم الاجتماعي. ويجب ان نفكر مستقبلا في تطبيق مفهوم "الخدمة في الاحتياطي المؤهل" او بالاحرى ان يقوم جنود الاحتياط، كما هو الحال في دول اخرى، باداء الخدمة النظامية في دورات اعادة التدريب.

ليست لدينا اليوم فكرة واضحة بشأن تنظيم الاحتياطي الوطني للقوات المسلحة. ويجب علينا ان نقوم باستحداثه بعد مناقشة فكرته بشكل علني.

اود الحديث بشكل خاص عن القوزاق. وينتمي اليوم الملايين من مواطنينا الى هذه الفئة الروسية القومية التاريخية. وكان القوزاق دوما يقومون باداء الخدمة العسكرية دفاعا عن الدولة الروسية وحدودها ويشاركون في الحملات العسكرية للجيش الروسي. وتعرض القوزاق بعد قيام ثورة عام 1917 لحملة الاضطهاد والمطاردة والابادة الجماعية احيانا. الا انهم تمكنوا رغم كل ذلك من الحفاظ على ثقافتهم وتقاليدهم. وتكمن مهمة الدولة في مساعدة القوزاق وجذبهم الى اداء الخدمة العسكرية وتربية الشباب تربية وطنية وعسكرية.

اريد الاشارة مرة اخرى الى ان الجيش يجب ان يصبح جيشا محترفا، يشكل الافراد المحترفون فيه النواة. الا انه ليس بوسعنا إلغاء واجب الرجال للوقوف ذودا عن وطنهم في اللحظات الحرجة. ولا بد من بذل الجهود الرامية الى التربية الوطنية والعسكرية لتلاميذ المدارس وتطوير انواع الرياضة العسكرية والرياضة البدنية بشكل عام. وجدير بالذكر ان الخدمة الالزامية تدوم سنة واحدة حين يركز الجندي على التدريب القتالي. ويعني ذلك انه يجب ان يجند في الجيش كونه شخصا مدربا ومعدا من الناحية البدنية والمعنوية وقد استوعب التعامل مع الناقلات والكومبيوترات والتكنولوجيات المعلوماتية. وفي هذا السياق اريد ان اشدد على اهمية الجهود التي تبذلها الجمعية المتطوعة لمساندة الجيش والاسطول البحري.

اما السلطات الفيدرالية والاقليمية والمحلية فيجب عليها ان تقدم كافة انواع الدعم لهذه المنظمة الاجتماعية في تنفيذ المهام الملقاة على عاتقهم. كما يجب الدمج بين جهود المنظمات الحكومية والاجتماعية. وفي هذا السياق فانني اؤيد بشتى الوسائل فكرة استحداث الحركة الطوعية للجبهة الشعبية الداعمة للجيش والاسطول ومجمع الصناعات الحربية.

ولا يمكن تحقيق اهدافنا في مجال الدفاع والامن القومي دون الحفاظ على الحوافز المعنوية المرموقة لدى العسكريين والعمال والمهندسين العاملين في مجمع الصناعات الحربية واحترام القوات المسلحة والخدمة العسكرية في المجتمع الروسي.

حول المتطلبات الجديدة للمجمع الصناعي العسكري

إن المجمع الصناعي العسكري، هو فخرنا، إذ يضم أقوى العقول والامكانيات العلمية والتقنية. ولكن علينا أن نشير بصراحة الى وجود مشاكل متراكمة فيه. عمليا إن المجمع والمؤسسات التابعة له قد تخلفت خلال 30 سنة عن عدد من دورات التحديث. لذلك علينا خلال السنوات العشر القادمة ان نلحق بالركب وأن نعيد زعامتنا التكنولوجية في مجال الصناعات العسكرية. اريد ان اؤكد مرة ثانية على أن تحديث الجيش سيكون في المجمع الصناعي العسكري الروسي وعلى اساس قاعدتنا العلمية.

اعادة تسليح الجيش سيقسم بين مؤسسات المجمع الصناعي العسكري

علينا ان نجد حلولا لعدد من المسائل المترابطة فيما بينها، مثل زيادة تزويد الجيش بالتقنيات الحديثة من الجيل الجديد عدة مرات. وايضا تشكيل قاعدة علمية – تكنولوجية ووضع واستيعاب التكنولوجيات الحديثة لتطوير وتصنيع منتجات عسكرية قادرة على المنافسة. واخيرا انشاء قاعدة تكنولوجية جديدة لانتاج نماذج من التقنيات المستقبلية، وبناء واعادة بناء وتجهيز القاعدة العلمية – التجريبية.

إن روسيا اليوم مرتبطة بقوة بالاقتصاد العالمي وهي مستعدة للحوار مع كافة الشركاء، حتى حول مسائل الدفاع وفي مجال التعاون العسكري – التقني. ولكن دراسة خبرة واتجاهات البلدان الاجنبية لا يعني ابدا أن روسيا ستستعير من تلك البلدان نماذجها ولن تعتمد على قوتها الاساسية. بل على العكس، فلاجل التطور الاجتماعي – الاقتصادي الثابت وضمان أمن الدولة، علينا أن نأخذ الافضل وندعم استقلالية روسيا في المجالين العلمي والعسكري – التقني. ولهذا فان استيراد معدات عسكرية من الخارج "موضوع حساس". وكما تبين التجارب العالمية فان البلدان الاساسية المصدرة للسلاح، وأكثرها تطورا في المجالين الصناعي والتكنولوجي، تشتري في الوقت نفسه منظومات معينة ونماذج ومواد وتكنولوجيا. إن هذا يسمح بحل المسائل الملحة في مجال الدفاع وتحفيز الصناعات المحلية.

عدا هذا هناك فرق مبدئي بين قيامنا بشراء البضاعة لنحتفظ بما لدينا وبين الشراء للتخلي عن تصنيع مثلها محليا. أنا واثق من ان شراء "نماذج" من المعدات العسكرية لا يمكن أن يحل محل انتاجنا المحلي من مختلف انواع الاسلحة، بل يمكن ان يكون الأساس للحصول على التكنولوجيا والمعارف. وبالمناسبة كان هذا على مدى التاريخ. هنا أريد أن اذكر ان دباباتنا في ثلاثينات القرن الماضي كانت تصنع على قاعدة الماكنات الامريكية والانجليزية ، وبعد الحصول على معلومات ومعارف كافية تمكن خبراؤنا من انتاج الدبابة "تي – 34" التي كانت الافضل في الحرب العالمية الثانية. ولكي نرفع فعلا القدرة الدفاعية للبلاد، لا بد من تقنية حديثة، الافضل في العالم، وليس "صرف" المليارات والتريليونات. يجب ألا نسمح بان يصبح الجيش سوقا لتصريف الاسلحة والتقنيات القديمة وكذلك البحوث العلمية والتصاميم الهندسية القديمة، على حساب ميزانية الدولة. لهذه الاسباب نضع متطلبات قاسية امام مؤسساتنا الدفاعية ومكاتب التصميم. إننا نشجع تطور المنافسة، ونخصص الاموال لتحديث المجمع الصناعي العسكري واعداد الكوادر.

يجب ان يركز نشاط مؤسسات المجمع الصناعي العسكري، على انتاج أسلحة وطنية ذات جودة عالية وميزات تقنية رفيعة، تطابق المتطلبات الحالية. كما ان الاسلحة والتقنيات العسكرية الحديثة فقط تسمح لروسيا بتعزيز وتطوير مواقعها في اسواق السلاح العالمية، التي يسيطر عليها.

المهمة

ليس لدى المجمع الصناعي العسكري امكانية للحاق بجهة ما بهدوء، علينا ان نخترق الزمن وأن نصبح روادا في الاختراع والإنتاج. إن تحديث المجمع سيكون قاطرة تسحب خلفها قطاعات مختلفة.

إن التفاعل مع المخاطر والتهديدات الحالية فقط، يعني بقاءنا متخلفين. علينا بكل مانملك من قوى ضمان تفوقنا تقنيا وتكنولوجيا وتنظيميا علىأي عدو محتمل. إن مثل هذه المتطلبات يجب أن تكون معيارا لمهام المجمع الصناعي العسكري. وهذا سوف يسمح للمؤسسات ان تضع خططها للمدى البعيد وتخصيص الموارد بعقلانية للتحديث التقني وصنع نماذج واشكال جديدة من الاسلحة. كما ستحصل المراكز والمعاهد العلمية على حافز واتجاه واضح في تطوير العلوم الاساسية والتطبيقية كما في القطاع العسكري، كذلك في القطاع المختلط.

لقد تقدمنا في مجال الاصلاحات في الجيش. وعلينا اعادة النظر في مبادئ التخطيط وتنفيذ برامج التسليح الحكومية. ولكي تتمكن مؤسسات المجمع الصناعي العسكري من العمل بانتظام، قررنا توزيع الطلبات الحكومية على عدة سنوات تتراوح بين 3 – 5 وحتى 7 سنوات. اعتقد ان هذه الخطوة غير كافية.

يجب أن نبدأ بالتنسيق بين التخطيط العسكري وتزويد الجيش بالاسلحة والمعدات العسكرية وغير ذلك من الامور. اضافة لذلك التفكير بفائدة تأسيس جهة موحدة مسؤولة عن توزيع ومراقبة العقود "الدفاعية". إن مثل هذه الجهة ستكون مسؤولة عن تنفيذ الطلبات الحكومية لمصلحة كافة الدوائر.

يجب أن يقل ادخال تعديلات على طلبات الدولة بعد اعتمادها من قبل الحكومة إلى أدنى حد. ويتعين علينا أن نتذكر أن القيمة الشرائية في كافة الحالات يجب أن تكون عادلة وتتضمن نسب الاسترداد والاستثمار والتحديث واعداد الكوادر.

وهناك مشكلة أخرى، هي عدم وجود قاعدة معلوماتية موحدة لمؤسسات المجمع الصناعي العسكري، حيث يتم في كثير من الاحيان تكرار البحوث العلمية. علينا أن نؤسس "سجل موحد" للمعلومات والمقاييس وآلية تسعير شفافة لمنتجات المجمع الصناعي العسكري. كما يجب تطوير التعاون والتكامل بين المؤسسات المختلفة وتوحيد القدرات الانتاجية.

كما يجب تحفيز المنافسة من خلال المشتريات الحكومية، وتشجيع المنافسة في مجال الجودة، وقبل كل شيء على مستوى الافكار، ومن خلال البحوث. ولكن في مرحلة الانتاج يجب أن تكون الافضلية للمشروع الفائز، لكي لا يتم تكرار منظومات الاسلحة.

ليس لدى المجمع الصناعي العسكري امكانية للحاق بهدوء بجهة ما، علينا ان نخترق الزمن وأن نصبح روادا في الاختراع والانتاج.

إن بلوغ الزعامة التكنولوجية بالعالم في مجال انتاج الاسلحة، يتطلب وجود دورة صناعية كاملة من النمذجة والتصميم الى التصنيع المتسلسل الكامل، وضمان استعمالها في القوات المسلحة ومن ثم اعادة تدويرها لاحقا.

إن عدم كفاية الحوافز لتطوير حملة الافكار الاختراقية وفقدان الاتصالات بين الجامعات والمعاهد العليا ومؤسسات ومعاهد المجمع الصناعي العسكري يؤدي الى التخلف في مجال البحوث الصناعات الدفاعية، وتفكك المدارس العلمية والصناعات التكنولوجية العالية. لا يمكن لكل هذه الامور أن تجتمع بحد ذاتها ولا يمكن للدولة ان تكتفي بعرض طلباتها للمنافسة.

يجب على الدولة أن تبحث باستمرار عن المواضيع التنموية واكتشاف المجموعات العلمية التي بامكانها تنفيذ مقترحاتها في المجال المطلوب، وتحفيز المنافسة الحقيقية في مراحل البحوث العلمية والتجارب العملية، بما في ذلك جذب افكار غير اعتيادية من تلك التي تولد لدى مجموعات الشباب المتحمس.

تشكل البحوث في مجال الدفاع في كافة البلدان ذات الصناعات الدفاعية المتطورة، محركا قويا لنمو الابتكارات والاختراعات. ووتتيح البحوث والنماذج التجريبية لـ "الدفاع" التي تحصل على دعم مالي كبير وثابت من الدولة، بتنفيذ العديد من التكنولوجيات، التي لن تجتاز "عتبة الجدوى الاقتصادية"، والتي يتم بعد تصنيعها تكييفها واستخدامها في القطاع المدني.

نحن بحاجة الى هياكل حديثة، للعمل كوسيط بين العسكريين والصناعيين والدوائر العلمية والسياسية التي بامكانها اكتشاف ومساندة الافضل في الابتكارات الوطنية، وتجنب الموافقات البيروقراطية العديدة. يتم حاليا وضع النماذج المثالية لمثل هذه الهياكل، وسوف يتم تنفيذها عمليا.

قبل ايام وخلال لقائي بخبراء في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مدينة نوفوسيبيرسك، ذُكرت جامعات امريكية رائدة التي صنعت لنفسها "اسما" في الطلبات والتنمية الدفاعية. اعتقد أنه من الضروري أن نستفيد من الجامعات المدنية في تنفيذ برامج تحديث المجمع الصناعي العسكري. وبامكان الطلبات "الدفاعية" الضخمة ان تكون احد مصادر تطور جامعاتنا ومراكز البحوث الرائدة. وفي بعض الاحيان يجري التأكيد على أن انبعاث المجمع الصناعي العسكري هو نير وعبء على الاقتصاد، وهو الذي ادى الى افلاس الاتحاد السوفيتي. أنا واثق من أن هذا وهم كبير.

من الأولويات

من المهم تأمين تدفق موازي م الاستثمارات والتقنيات بين القطاعين "المدني" و"العسكري"

لقد قضى الاتحاد السوفييتي نتيجة ضغط مقدمات السوق الطبيعية في اقتصاد البلاد ونتيجة لاهمال مصالح الناس خلال سنوات عديدة، وكذلك نتيجة المحاولة الخائبة لجعل البلد بكامله يعمل "كورشة موحدة" وكانت النتيجة الحتمية - فقدان فقدان القدرة على السيطرة حتى في قطاع الصناعات الدفاعية. حينئذ لم تجر تجارب لعدد من المنظومات التنافسية في آن واحد فحسب، بل وتسلم هذه المنظومات لتسليح الجيش. وحينذاك لم يتمكنوا من من نقل نقل أبسيط التقنيات إلى القطاع المدني.

علينا ألا نكرر أخطاء الماضي. أن الاموال الهائلة المستثمرة في تحديث مجمع الصناعات الدفاعية ينبغي ان تكون محركا لعصرنة الاقتصاد بكامله .. يصبح دافعا جديا للنمو النوعي، عندما يكون انفاق الدولة لخلق فرص عمل جديدة وتدعم متطلبات السوق وتدعم العلم. هنا يدور الحديث عمليا عن ذات المفعول الذي موجود في في برامج التحديث السارية. غير ان قطاع الدفاع يقوم بتامين مفعول اوسع مما تمكنا من فعله لحد الان.

سيصبح تحديث مجموعة الصناعات الدفاعية القاطرة التي تجر وراءها عملية نمو مختلف القطاعات مثل الميتالورجيا وصناعة الماكنات والكيمياء وصناعة الألكترونيات ومجموعة كاملة من التقنيات المعلوماتية والاتصالات، الأمر الذي سيزود منشآت هذه القطاعات بالطاقات لتحديث قاعدتها التقنية وابتكار توجهات تقنية جديدة. كما سيؤمن ذلك ثبات العديد من فرق العمل من المصممين والعلماء، ما يعني تواجدهم في قطاع التصميم الخاصة بالقطاع المدني.

لقد تشكلت في عالمنا المعاصر موازين التأثير المتبادل للتقنيات الدفاعية والمدنية. في بعض القطاعات (منظومات الاتصال ومواد جديدة والتقنيات المعلوماتية والخاصة بالاتصال) تعتبر التقنيات المدنية بالذات قوة دافعة لنمو المعدات العسكرية بصورة هائلة، بينما بالعكس تعطي الدراسات العسكرية في البعض الآخر من القطاعات (صناعة الطائرات ومعدات الفضاء) دفعة للقطاعات المدنية. يتطلب مثل هذا الوضع الوقوف موقفا جديد تجاه مبادئ التبادل بالمعلومات وإعادة النظر بموضوع حماية الأسرار. علينا أن نؤمن حماية صارمة للأسرار المهمة حقا، وبالعكس لا بد من تشجيع التبادل بحزء أكبر من المعلومات الفنية العلمية بين كل من يستطيع الاستفادة منها بشكل فعال.

عند ذلك من المهم أن نؤمن بالمقابل تدفقات من الابداعات التقنية بين القطاعين "المدني" و"العسكري". ومن الضروري ان تحصل على تقييم حقيقي الملكية الفكرية، التي تخلق في مجال "الدفاع". وعلى هذا التقييم ان يأخذ بالحسبان امكانية استخدامها في القطاع المدني وآفاق تحويل التقنيات. ومن الضروري التوجه لإنتاج منتجات مدنية في منشآت الصناعة الدفاعية، ولكن ينبغي، مع ذلك، تجنب تكرار التجربة المؤسفة خبرات مؤسفة "للتحويل" السيئ الصيت، حينما تم انتاج الطناجر والرفوش من التيتانيوم. وفي هذا المجال يتوفر لدينا مثال جيد وهو إطلاق إنتاج طائرة ركاب روسية من طراز "سوبر جيت" وذلك بالجملة وبناء على التقنيات الرقمية.

من البديهي أنه يتطلب الامر منا إجراء مراجعة معمقة للنشاط الاقتصادي لمنشآت مجموعة الصناعات الدفاعية. توجد هنا مجالات كثيرة غير فعالة ومصروفات هائلة غبر مبررة وتكاليف ونفقات تقدر بألاف بالمائة. إضافة إلى علاقات غامضة وغير شفافة مع مقاولين- عندما تحاول المؤسسة الرئيسية الحفاظ على التوازن وهي على حافة الإفلاس، بينما تحسب أرباح الشركات المنتمية والممولين بأرقام ذات مرتبتين وثلاث مراتب.

سنواجه بحزم الفساد في الصناعات العسكرية وفي القوات المسلحة التزاما بمبدأ عدم الافلات من العقاب. إن الفساد في مجال الأمن الوطني هو في الحقيقة خيانة للدولة.

لقد أدى الانغلاق المفرط إلى انخفاض المنافسة وتفاقم اسعار للمنتوجات العسكرية وإلى الحصول على أرباح كبيرة، تستخدم ليس لغرض تحديث الإنتاج، بل ولملئ جيوب بعض التجار والمسئولين. دائما، عندما لا يتناقض الامر مع المصالح الوطنية فيما يتعلق بالمحافظة على أسرار الدولة يجب رفض مسألة المتاجرة المغلقة. يجب أن تكون المشتريات العسكرية تحت الراقابة الاجتماعية الصارمة، كما يجب تشديد العقوبات على الخروقات في مجال مشتريات الدولة العسكرية.

سنقوم بوضع تسلسل عمودي للتشكيلات التكاملية التي لا يجب ان تترأسها عناصر اللوبي من هذه المؤسسة او تلك. في ذات الوقت من الضروري كسر المؤسسات النمطية، ويجب جذب إمكانيات مصانعنا المدنية والشركات الخاصة إلى إنتاج المعدات العسكرية والمشاريع الدفاعية، بشكل نشيط.

ان تطوير مجموعة الصناعات الدفاعية اعتمادا على قوى الدولة فقط غير فعال الآن. اما على المدى المتوسط فانه غير ممكن. ومن المهم تفعيل الشراكة الحكومية والخاصة في الصناعات الدفاعية، بما في ذلك تبسيط إجراءات إنشاء مؤسسات جديدة للإنتاج العسكري. على الشركات الخاصة استثمار الأموال والخبرات والتقنيات المتوفرة لديها في مصانع مجموعة الصناعات الدفاعية. ونثق بظهور رجال أعمال بارزين جدد مثل "ديميدوف" و "بوتيلوف".

ان جميع منتجي الاسلحة والمعدات العسكرية المرموقين في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا- غير تابعين للدولة. وان نظرة جديدة لهذا القسم من الخارج، والمدخل العملي لتنظيم الانتاج ستبث به روحا جديدة. وسترفع القدرة التنافسية للاسلحة الروسية في الاسواق العالمية. وبطبيعة الحال من الضروري ان يسري نظام خاص في المؤسسات الخاصة التي يجري فيها الانتاج العسكري، بما في ذلك متطلبات السرية اللازمة. ولكن لا ينبغي ان يكون ذلك معرقا لإنشاء مثل هذه الشركات وتطويرها وإمكانية مشاركتها في تنفيذ الطلبات الدفاعية للدولة. إن الشركات الخاصة الجديدة بالذات يمكن أن تشكل مصدرا لتدفقات تقنية، مؤهلة لتغيير هذا القطاع تغييرا جذريا.

ان المشكلة تكمن في كون المستثمر الوطني لا يعرف اي من امكانياته ستكون مطلوبة من قبل مجموعة الصناعات الدفاعية واين يمكنه استثمار جهده وامواله الخاصة. في هذا الاطار من الضرري ايجاد مصدر إخباري حر خاص باحتياجات مجموعة الصناعات الدفاعية لجذب البزنس والاستثمارات الخاصة.

يقف في جدول الأعمال أيضا موضوع تحديث المصانع الموروثة عن الاتحاد السوفيتي. كما يجب ترشيد العملية الإنتاجية بالكامل، التي تسمح باستخدام التقنيات المتقدمة. ويجب أيضا جذب المهنيين الإداريين والتكنولوجيين والمنظمين للإنتاج من قطاع الأعمال الخاصة. وكذلك تشديد الرقابة على جودة المنتوجات في مصانع الصناعات الدفاعية وتنظيم المسؤوليات عن الوسائل المستخدمة في إطار طلبية الدولة الدفاعية.

بالاضافة الى ذلك يجب إجراء مراجعة احتياجات التعبئة العسكرية العامة للبلد. فالنظام الموجود أصبح باليا في الكثير من جوانبه. لسنا اليوم القوى القادرة على "نسيخ" الأسلحة القديمة والذخائر. يجب أن تشكل منشآت الإنتاج الحديثة القادرة على تصنيع المنتوجات ذات النوعية العالية والقدرة على المنافسة أساسا لمجموعة الصناعات الدفاعية و"إحتياط التعبئة". ويمكن إنشاؤها، مثلما على أساس المصانع العاملة الموجودة، التي هي بحاجة الى الاصلاح، من نقطة "الصفر" كذلك.

بطبيعة الحال، من الضروري الارتفاع بسمعة المهن المرتبطة بالعمل لصالح "الصناعات الدفاعية". ولذلك من المعقول منح المتخصصين العاملين في الصناعات العسكرية ضمانات اجتماعية إضافية وحتى أفضليات. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يتناسب متوسط الأجور في مصانع قطاع الدولة لمجموعة الصناعات الدفاعية وفي مراكز التصميم والأبحاث العلمية مع ألاجور في الجيش.

يجب إبداء اهتمام خاص لنظام التعليم وتدريب كوادر جديدة للإنتاج. وقد واجهت الكثير من المصانع اليوم أزمة حادة في توفر المهنيين والتقنيين، وهذا ما يمنع تنفيذ طلبية الدولة في الوقت المناسب، ناهيك عن رفع القدرات الإنتاجية.

دور محوري في حل هذه المسالة يجب أن تلعب الكليات المتخصصة العليا والمتوسطة (بما في ذلك برامج البكالوريوس) والمعاهد، وكذلك الكليات التقنية ذات الاختصاص العام التي يتوجه خريجوها للعمل إلى الصناعات الدفاعية. وأعتقد أنه من الممكن تحقيق مخطط تأمين فرص العمل على أساس اتفاقية ثلاثية ما بين الكلية والمركز الصناعي المحدد والطالب. ويجب أن يبدأ العمل في المصنع حتى أثناء مرحلة التعلم، أي في إطار برامج التطبيق الدراسية. حيث يحصل الطلبة بذلك، بالاضافة الى الخبرة، على الأجر المجزي وعنصر التشجيع، لاستيعاب المعلومات والقدرات المطلوبة بشكل جاد. ومن الطبيعي أنه يجب أن يصبح مثل هذا العمل جزء من أجزاء الخطط الدراسية.

ترتفع تدريجيا مكانة المهن التقنية، ومؤسسات مجموعة الصناعات الدفاعية مدعوة أن تصبح مركزا لجذب الشباب الموهوبين، مع تقديم، مثلما كان ذلك في العهد السوفيتي إلامكانيات الواسعة لتحقيق الطموحات إلابداعية في مجال الاختراع والعلم وفي التقنيات.

أعتقد أنه يجب علينا التفكير حول التوجه الهادف لارسال شغيلة مجمع الصناعات الدفاعية الشباب وطلبة المعاهد التقنية لغرض التطبيق إلى أكثر المختبرات والمصانع والمعاهد الروسية والعالمية تقدما. وتتطلب ادارة المعدات التقنية الحديثة كفاءات عالية ومعرفة وقدرات جادة وتعليما مستمرا، ولذا يجب الدعم الدائم لبرامج رفع المهنية في مؤسسات الإنتاج مباشرة.

خلال صياغتنا للسياسة الدفاعية وتحديث القوات المسلحة علينا التوجه الى احسن الصيغ في الفن العسكري. وان التخلف عن هذه الاتجاهات يعني وضع أنفسنا مسبقا في موضع الضعف ووضع البلد وحياة جنودنا وضباطنا في موضع الخطر. يجب علينا، ان لا نسمح ابدا بتكرار مأساة عام 1941 حينما دفعت الدولة ثمن عدم استعدادها وجيشها للحرب بخسائر فادحة بأرواح.

ان مقياس برنامج التسليح وتحديث مجموعة الصناعات الدفاعية غير المسبوق يؤكد مدى جدية نوايانا. وندرك أن على روسيا موارد مالية هائلة جدا لتحقيق هذه الخطط.

ان المهمة تكمن ليس في ارهاق، بل بمضاعفة القوى الاقتصادية لإنشاء الجيش والصناعات الدفاعية التي تستطيع تأمين سيادة روسيا واحترام الشركاء والسلام الوطيد.