ألقى السيد الرئيس بشار الأسد خطاباً قبل ظهر أمس حول القضايا الداخلية والأوضاع محلياً وإقليمياً في مدرج جامعة دمشق وفيما يلي نصه الكامل..
أعلم أنني غبت فترة طويلة عن الإعلام لكنني اشتقت لمثل هذه اللقاءات للتواصل المباشر مع المواطنين لكني كنت دائماً أقوم بمتابعة الأمور اليومية وتجميع المعطيات كي يكون كلامي مبنياً على ما يقوله الشارع.
أحييكم تحية العروبة التي ستبقى عنواناً لانتمائنا وملاذاً لنا في الملمات كما سنبقى قلبها النابض بالمحبة والعنفوان.. وأحييكم تحية الوطن الذي سيبقى مصدر فخرنا واعتزازنا كما سنبقى أوفياء لقيمه الأصيلة التي ضحى من أجلها الآباء والأجداد كي يبقى شامخا مستقلا وأحيي صمودكم لتبقى سورية قلعة حصينة في مواجهة جميع أشكال الاختراق.. حرة ضد الارتهان للأجنبي.
أتحدث إليكم اليوم بعد مضي عشرة أشهر على اندلاع الأحداث المؤسفة التي أصابت الوطن وفرضت ظروفاً مستجدة على الساحة السورية.. هذه الظروف التي تمثل لنا جميعا امتحاناً جدياً في الوطنية لا يمكن النجاح فيه إلا بالعمل الدؤوب وبالنوايا الصادقة المبنية على الإيمان بالله وبأصالة شعبنا وبمعدنه النقي والذي صقلته العصور فجعلته أشد متانة وأكثر إشراقاً.
وإن كانت هذه الأحداث كلفتنا حتى اليوم أثماناً ثقيلة أدمت قلبي كما أدمت قلب كل سوري فإنها تفرض على أبناء سورية مهما كانت اتجاهاتهم وانتماءاتهم أن يتخذوا سبيل الحكمة والرشاد وأن يستنيروا بإحساسهم الوطني العميق كي ينتصر الوطن بكليته بتوحدنا وبتآخينا وبسمونا عن الآفاق الضيقة والمصالح الآنية.. بارتقائنا إلى حيث هي قضايانا الوطنية النبيلة.. فهذا هو قدرنا وهنا تكمن قوة وطننا وعظمة تاريخنا.
التآمر الخارجي لم يعد خافياً على أحد لأن ما كان يخطط في الغرف المظلمة بدأ يتكشف أمام أعين الناس واضحاً جلياً
إن التآمر الخارجي لم يعد خافيا على أحد لأن ما كان يخطط في الغرف المظلمة بدأ يتكشف أمام أعين الناس واضحاً جلياً ولم يعد الخداع ينطلي على أحد إلا على من لا يريد أن يرى ويسمع.. فالدموع التي ذرفها على ضحايانا تجار الحرية والديمقراطية لم تعد قادرة على إخفاء الدور الذي لعبوه في سفك دمائها للمتاجرة بها.. ولم يكن من السهل في بداية الأزمة شرح ما حصل فقد كانت الانفعالات وغياب العقلانية عن الحوار بين الأفراد هي الطاغية على الحقائق أما الآن فقد انقشع الضباب ولم يعد بالإمكان تزوير الوقائع والأحداث من قبل الأطراف الإقليمية والدولية التي أرادت زعزعة استقرار سورية.
إن الأقنعة سقطت الآن عن وجوه هذه الأطراف وبتنا أكثر قدرة على تفكيك البيئة الافتراضية التي أوجدوها لدفع السوريين نحو الوهم ومن ثم السقوط.. كان يراد لهذه البيئة الافتراضية أن تؤدي إلى هزيمة نفسية ومعنوية تؤدي لاحقاً إلى الهزيمة الحقيقية.. كان المطلوب أن نصل من هذه الهجمة الإعلامية غير المسبوقة إلى حالة من الخوف وهذا الخوف الذي يؤدي إلى شلل الإرادة وشلل الإرادة يؤدي إلى الهزيمة.
هناك أكثر من ستين محطة تلفزيونية في العالم مكرسة للعمل ضد سورية
الآن هناك أكثر من ستين محطة تلفزيونية في العالم مكرسة للعمل ضد سورية البعض منها يعمل ضد الداخل السوري والبعض منها يعمل لتشويه صورة سورية في الخارج.. وهناك العشرات من مواقع الانترنت والعشرات من الصحف والوسائل الإعلامية المختلفة.. يعني نحن نتحدث عن المئات من وسائل الإعلام.. كان الهدف أن يدفعونا باتجاه حالة من الانهيار الذاتي كي يوفروا على أنفسهم الكثير من المعارك وفشلوا في هذا الموضوع ولكنهم لم ييئسوا.
إن إحدى المحاولات التي تعرفونها هي ما قاموا به معي شخصياً بمقابلتي مع القناة الأميركية وأنا لا أشاهد نفسي على التلفاز نهائيا منذ أن أصبحت رئيساً.. لم أرَ نفسي لا في مقابلة ولا في خطاب.. لا أشاهد نفسي على التلفزيون.. وفي هذه المرة شاهدت نفسي وعندما شاهدت نفسي كدت أصدق ما أقوله.. أنا قلت الكلام فإذا كانوا قادرين على إقناعي بالكذبة ما هو الوضع بالنسبة للآخرين.. لحسن الحظ كان لدينا نسخة أصلية.. هم تجرؤوا وفعلوا هذا الشيء لأنهم يعتقدون أنه لا توجد نسخة أصلية ولو لم يكن لدينا نسخة أصلية نعرضها على المواطنين ونقوم بعملية مقارنة ولو تحدثت في هذا المكان لساعات وأنا أقول لكم أنا لم أقل هذا الكلام لكان من الصعب لأي شخص أن يصدق عملية الفبركة المتقنة التي قاموا بها.
طبعاً هم يهدفون إلى شيء وحيد.. عندما فشلوا في خلق حالة انهيار على مستوى سورية.. على المستوى الشعبي أو المؤسساتي.. أرادوا أن يصلوا إلى رأس الهرم في الدولة لكي يقولوا للمواطنين وطبعاً ليقولوا للغرب.. إن هذا الشخص يعيش في قوقعة لا يعرف ما الذي يحصل وليقولوا للمواطنين وخاصة الموجودين في الدولة.. إذا كان رأس الهرم يتهرب من المسؤولية ويشعر بالانهيار فمن الطبيعي أن يفرط العقد.
إن المحاولات مستمرة لا تنتهي.. مرة الرئيس سافر ومرة هاجر وهذا الكلام الذي تعرفونه يعني بما معناه الرئيس يتخلى عن المسؤولية وهذا ما يحاولون تسويقه.. نقول لهم خسئتم لست أنا من يتخلى عن مسؤولياته.
عندما كنت أشرب الماء في الخطاب الماضي كانوا يقولون الرئيس متوتر.. لا في الأزمات ولا في الأحوال العادية.. نحن دائماً نستبق الاصطياد في الماء العكر.. سيستخدمون هذه الكلمة ليقولوا الرئيس السوري يعلن بأنه لن يتنازل عن المنصب وهم يخلطون بين المنصب والمسؤولية وأنا قلت في عام 2000 أنا لا أسعى إلى منصب ولا أهرب من مسؤولية.. المنصب ليس له قيمة هو مجرد أداة ومن يسع الى منصب لا يحترم.
نحن نتحدث الآن عن المسؤولية وهذه المسؤولية أهميتها بالدعم الشعبي فأنا أكون في هذا الموقع بدعم من الشعب وعندما أترك هذا الموقع يكون أيضاً برغبة من هذا الشعب وهذا الموضوع محسوم.. ومهما سمعتم كلاما فأنا في سياساتي الخارجية وفي كل المواقف استندت إلى الدعم الشعبي وإلى البوصلة الشعبية.. ولكن ماذا نستفيد من موضوع المقابلة مع المحطة الأميركية في الإطار الإعلامي.. وكان هناك سؤال متكرر عن حسن نية لدى الكثيرين من داخل سورية ومن خارجها.. لماذا لم نكن نسمح للإعلام أن يدخل إلى سورية.. الحقيقة خلال الشهر أو الشهر ونصف الشهر من بداية الأزمة كان الإعلام الأجنبي والعربي حراً تماماً في التحرك داخل سورية ولكن كل الفبركات الإعلامية والحالة السياسية والإعلامية التي بنيت ضد سورية بنيت على تلك المرحلة وعلى ذلك التزوير ولكن هناك فرق بين أن تزور الحقيقة من داخل سورية وتأخذ مصداقية وبين أن تزور من خارج سورية وتكون المصداقية أقل لذلك أخذنا قراراً بألا نغلق الباب ولكن أن تكون هناك انتقائية في دخول الإعلام على الأقل لنضبط نوعية المعلومات أو نوعية التزوير الذي يخرج خارج الحدود.
الانتصار قريب جدا طالما أننا قادرون على الصمود واستثمار نقاط قوتنا وما أكثرها ومعرفة نقاط ضعف الخصوم وهي أكثر
صبرنا وصابرنا في معركة غير مسبوقة في تاريخ سورية الحديث فما ازددنا إلا صلابة وإن كانت هذه المعركة تحمل في طياتها مخاطر كبيرة وتحديات مصيرية فإن الانتصار فيها قريب جدا طالما أننا قادرون على الصمود واستثمار نقاط قوتنا وما أكثرها ومعرفة نقاط ضعف الخصوم وهي أكثر.
إن وعيكم الشعبي المبني على الحقائق لا على التهويل ولا التهوين ولا على المبالغات ولا التبسيط كان له الدور الأهم في كشف المخطط والتضييق عليه تمهيدا لإفشاله تماماً وفي سعينا لتفكيك تلك البيئة الافتراضية بادرنا بالحديث بشفافية عن تقصير هنا وخلل أو تأخير هناك وفي بعض المجالات حرصاً منا على أهمية الوضع الداخلي في التصدي لأي تدخلات خارجية.. وأنا أقصد في الخطابات السابقة عندما كنت أتحدث عن أخطاء.. لكننا لم نقصد مطلقا التقليل من أهمية تلك المخططات الخارجية ولا أعتقد أن عاقلاً يستطيع اليوم إنكار تلك المخططات التي نقلت أعمال التخريب والإرهاب إلى مستوى آخر من الإجرام استهدف العقول والكفاءات والمؤسسات بهدف تعميم حالة الذعر وتحطيم المعنويات وإيصالكم إلى حالة اليأس الذي من شأنه أن يفتح الطريق أمام ما خطط له خارجياً ليصبح واقعاً لكن هذه المرة بأياد محلية.
لقد بحثوا في البداية عن الثورة المنشودة فكانت ثورتكم ضدهم وضد مخربيهم وأدواتهم وهب الشعب منذ الأيام الأولى قاطعاً الطريق عليهم وعلى أزلامهم وعندما صعقتهم وحدتكم حاولوا تفكيكها وتفتيتها باستخدام سلاح الطائفية المقيت بعد أن غطوه برداء الدين الحنيف.. وعندما فقدوا الأمل بتحقيق أهدافهم انتقلوا إلى أعمال التخريب والقتل تحت عناوين وأغطية مختلفة كاستغلال بعض المظاهرات السلمية واستغلال ممارسات خاطئة حصلت من قبل أشخاص في الدولة فشرعوا بعمليات الاغتيال وحاولوا عزل المدن وتقطيع أوصال الوطن وسرقوا ونهبوا ودمروا المنشآت العامة والخاصة وبعد تجريب كل الطرق والوسائل الممكنة في عالم اليوم.. مع كل الدعم الإعلامي والسياسي الإقليمي والدولي.. لم يجدوا موطئ قدم لثورتهم المأمولة.
الدول العربية ليست واحدة في سياساتها تجاه سورية
هنا أتى دور الخارج بعد أن فشلوا في كل محاولاتهم.. لم يكن هناك خيار سوى التدخل الخارجي.. وعندما نقول الخارج عادة يخطر ببالنا الخارج الأجنبي.. مع كل أسف أصبح هذا الخارج مزيجا من الأجنبي والعربي وأحيانا وفي كثير من الحالات يكون هذا الجزء العربي أكثر عداءً وسوءاً من الجزء الأجنبي وأنا لا أريد التعميم.. الصورة ليست بهذه السوداوية.. الدول العربية ليست واحدة في سياساتها.. هناك دول حاولت خلال هذه المرحلة أن تلعب دوراً أخلاقياً موضوعياً تجاه ما يحصل في سورية.. وهناك دول بالأساس لا تهتم كثيراً بما يحصل بشكل عام يعني تقف على الحياد في معظم القضايا.. وهناك دول تنفذ ما يطلب منها.. الغريب أن بعض المسؤولين العرب معنا في القلب وضدنا في السياسة.. وعندما نسأل لماذا.. يقول أنا معكم ولكن هناك ضغوطا خارجية.. يعني هو إعلان شبه رسمي بفقدان السيادة.. ولا نستغرب أن يأتي يوم تربط الدول سياساتها بسياسات دول خارجية على طريقة ربط العملة بسلات عملات خارجية وعندها يصبح الإستغناء عن السيادة هو أمر سيادي.
الحقيقة هي ذروة الانحطاط بالنسبة للوضع العربي ولكن دائماً أي انحطاط هو الذي يسبق النهوض.. عندما ننتقل من الاستقلال الأول وهو التحرير الأول الذي حصل عندما جلا المستعمر عن أراضيها.. ننتقل الى الاستقلال الثاني وهو استقلال الإرادة وهذا الاستقلال سنصل إليه عندما تأخذ الشعوب العربية زمام المبادرة في الأوطان العربية بشكل عام.. لأن ما نراه من سياسات رسمية لا يعكس نهائيا ما نراه على الساحات الشعبية في العالم العربي.
إن هذا الدور العربي الذي رأيناه الآن بشكل مفاجئ لا نراه عندما تكون هناك أزمة أو ورطة بدولة عربية ما ولكن نراه بأفضل حالاته عندما تكون هناك ورطة لدولة أجنبية.. لدولة كبرى.. وغالبا ما يكون إنقاذ تلك الدولة من ورطتها على حساب دولة أو دول عربية وغالباً ما يكون من خلال تدمير دولة عربية.. وهذا ما حصل في العراق وليبيا.. وهذا ما نراه الآن في الدور العربي تجاه سورية.. فبعد أن فشلوا في مجلس الأمن لعدم إمكانية إقناع العالم بأكاذيبهم كان لا بد من غطاء عربي.. وكان لا بد من منصة عربية ينطلقون منها.. فهنا أتت هذه المبادرة.
الحقيقة أنا من طرح المبادرة وموضوع المراقبين في لقائي مع وفد الجامعة العربية منذ عدة أشهر وقلنا طالما أن المنظمات الدولية أتت إلى سورية واطلعت على الحقائق وكان هناك رد فعل إيجابي.. على الأقل يطلع على الأمور.. ونحن لا نقول الأمور كلها إيجابية.. يرون الإيجابي ويرون السلبي ونحن لا نريد أكثر من معرفة الحقيقة كما هي فالأحرى بالعرب أن يرسلوا وفدا لكي يطلع على ما يحصل في سورية.. وطبعا لم يكن هناك أي اهتمام بهذا الطرح الذي طرحته سورية وفجأة بعد عدة أشهر نرى أن هذا الموضوع أصبح هو محل اهتمام عالمي.. ليس اهتماماً مفاجئاً بما طرحناه على الإطلاق وإنما لأن المخطط بدأ من الخارج تحت هذا العنوان.
بكل الأحوال استمرينا بالحوارات مع الجهات المختلفة وتحدث وزير الخارجية بمؤتمراته الصحفية حول تفاصيل لن أكررها.. وكنا نركز على شيء وحيد هو سيادة سورية.. وكنا ننظر على اعتبار أن المواطن العربي والمسؤول العربي والمراقب العربي مهما يكن.. على سوء الوضع العربي.. يبقى لديه عواطف تجاهنا.. يعني نحن نبقى عرباً نتعاطف مع بعضنا البعض.
لماذا بدؤوا المبادرة العربية.. نفس الدول التي تدعي الحرص على الشعب السوري كانت في البداية تنصحنا بموضوع الإصلاح.. طبعاً هي لا يوجد لديها أدنى معرفة بالديمقراطية وليس لها تراث في هذا المجال ولكن كانوا يعتقدون بأننا لن نسير باتجاه الإصلاح وسيكون هناك عنوان لهذه الدول لكي تستخدمه دوليا بأن هناك صراعاً داخل سورية بين دولة لا تريد الإصلاح وشعب يريد أن يصلح أو أن يتحرر أو ما شابه.
لو أردنا أن نتبع الدول التي تعطينا نصائح فعلينا أن نعود باتجاه الخلف على الأقل قرنا ونصف القرن
عندما قمنا بالإصلاح كان هذا الشيء مربكاً بالنسبة لهم فانتقلوا إلى موضوع الجامعة العربية أو المبادرة العربية.. والحقيقة لو أردنا أن نتبع هذه الدول التي تعطينا نصائح فعلينا أن نعود باتجاه الخلف على الأقل قرنا ونصف القرن.. ما الذي حصل منذ قرن ونصف القرن.. عندما كنا جزءا من الإمبراطورية العثمانية تشكل أول برلمان ونحن كنا جزءاً من هذه الإمبراطورية.. المفروض أننا معنيون فيه بشكل أو بآخر.. أول برلمان افتتح في عام 1877 وإذا وضعنا هذا الأمر جانبا فأول برلمان في سورية كان في عام 1919 يعني أقل من قرن بقليل.. فتخيلوا هذه الدول التي تريد أن تنصحنا بالديمقراطية.. أين كانت في ذلك الوقت.. وضعهم كوضع الطبيب المدخن الذي ينصح المريض بترك السيجارة وهو يضعها في فمه.
بالمحصلة كان رد الفعل العربي أو الشعبي في سورية تجاه موضوع الجامعة العربية الغضب.. الحقيقة أنا لم أغضب.. لماذا أغضب من شخص لا يمتلك قراره.. إذا قام شخص بالهجوم علينا بسكين ونحن ندافع فنحن لا نصارع السكين.. نحن نصارع الشخص.. السكين مجرد أداة.. فصراعنا ليس مع هؤلاء.. صراعنا مع من يقف خلفهم.. كان رد الفعل الشعبي غضباً واستياءً واستغراباً.. لماذا لم يقف العرب مع سورية بدل أن يقفوا ضد سورية.. أنا أسأل سؤالاً متى وقفوا مع سورية.. لن أعود بعيداً في الماضي.. لكن لنتحدث فقط عن السنوات القليلة الماضية.. لنبدأ في حرب العراق بعد الغزو عندما بدأ التهديد تجاه سورية بالقصف والاجتياح وكل هذا الكلام.. من وقف مع سورية... في عام 2005 عندما استغلوا اغتيال الحريري من وقف مع سورية.. في عام 2006 ومواقفنا من العدوان الإسرائيلي على لبنان.. في 2008 في موضوع الملف في هيئة الطاقة الذرية في الملف النووي المزعوم من وقف معنا... الدول العربية تصوت ضدنا.. هذه الحقائق ربما غير معروفة للكثير من المواطنين ولكن في هذه المفاصل وهذه الحالات لا بد من شرح كل شيء.. في موضوع حقوق الإنسان مؤخراً الدول العربية تصوت ضد سورية.. بالمقابل دول غير عربية تقف مع سورية.. فلذلك علينا ألا نستغرب.. يعني ألا نفاجأ بوضع الجامعة.
إن الجامعة العربية هي مجرد انعكاس للوضع العربي.. هي مرآة لحالتنا العربية المزرية فإذا كانت قد فشلت خلال أكثر من ستة عقود في إنجاز موقف يصب في المصلحة العربية فلماذا نفاجأ بها اليوم والسياق العام هو ذاته لم يتغير ولم يتبدل سوى أنه يسير بالوضع العربي من سيىء إلى أسوأ وما كان يحدث بالسر أصبح يحصل بالعلن تحت شعار مصلحة الأمة.
هل استقلت الجامعة عمليا بدولها.. وبالتالي بذاتها وهل نفذت قراراتها يوما ومسحت عنها غبار الأدراج وتمكنت من تحقيق ولو جزء يسير من طموحات الشعوب أم هي ساهمت بشكل مباشر في زرع بذور الفتنة والفرقة.. وهل احترمت ميثاقها ودافعت عن دول أعضاء فيها انتهكت أراضيها أو حقوق شعبها.. وهل أعادت شجرة زيتون واحدة اقتلعتها إسرائيل أو منعت هدم بيت عربي واحد في فلسطين العربية المحتلة.. وهل منعت تقسيم السودان أو حالت دون مقتل أكثر من مليون عراقي أو أطعمت جائعاً في الصومال.
نحن اليوم لسنا في صدد الهجوم على الجامعة لأننا جزء منها وإن كنا في زمن الانحطاط العربي ولا أتحدث لأن الجامعة أو لأن الدول العربية اتخذت قراراً بإخراج سورية أو بتجميد عضويتها فهذا الموضوع لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد وإنما أتحدث لأنني لاحظت مدى الإحباط الشعبي الذي يجب أن نضعه في إطاره الطبيعي.. فالجامعة حكم عليها منذ زمن طويل وعندما كنا نجلس في القمم العربية كنا نسمع الذم والقدح وتتردد أصداؤه داخل قاعات المؤتمرات وكنا نتحدث به كمسؤولين عرب بشكل صريح ولكن البعض يخجل والبعض منا لا يعنيه هذا الموضوع.. إذا الخروج من الجامعة العربية أو تعليق العضوية وكل هذا الكلام ليس القضية.. والسؤال من يخسر هل تخسر سورية أم تخسر الجامعة العربية.. بالنسبة لنا خاسرون مع الدول العربية طالما أن الوضع العربي سيىء وهذه حالة مزمنة ولا شيء جديداً ولا يوجد ربح.. ونحن نعمل منذ سنوات لتخفيف الخسائر لأن الأرباح غير ممكنة ولكن خروج سورية من الجامعة العربية يطرح سؤالاً.. هل يمكن للجسد أن يعيش من دون قلب.. ومن قال ان سورية هي قلب العروبة النابض ليس سورياً بل جمال عبد الناصر هو من قال هذا الكلام وما زال مستمراً.
الجامعة بلا سورية تصبح عروبتها معلقة
بالنسبة للكثير من العرب لديهم قناعة بهذا الموضوع والعروبة.. بالنسبة لسورية ليست شعاراً بل هي ممارسة.. فمن أكثر من سورية قدم للقضايا القومية ودفع الثمن وما زال.. ومن أكثر من سورية قدم للقضية الفلسطينية تحديدا.. ومن أكثر من سورية قدم للتعريب في كل مكان.. في الإعلام.. وحتى أن هناك تشددا في التعريب وفي المناهج التربوية.. ومن يقدم للعروبة أكثر.. ومن قام بعملية التعريب والإصرار على الثقافة العربية في مناهجه كما هي سورية الآن في كل الجامعات والمدارس.
إن القضية بالنسبة لنا إذا ليست شعاراً وإذا كانت بعض الدول تسعى لتعليق عروبتنا في الجامعة فنحن نقول.. إنهم يعلقون عروبة الجامعة ولا يستطيعون تعليق عروبة سورية.. فالجامعة بلا سورية تصبح عروبتها معلقة.
إذا كان البعض يعتقد أنه يستطيع أن يخرجنا من الجامعة فانه لا يستطيع إخراجنا من العروبة لان العروبة ليست قراراً سياسياً بل هي تراث وتاريخ.. أما تلك الدول التي تعرفونها فهي لم تدخل العروبة ولن تدخلها لأنها لا تملك تراثاً ولا تقرأ التاريخ وإذا كانوا يعتقدون أنهم بالمال يشترون بعض الجغرافيا ويستأجرون ويستوردون بعض التاريخ من هناك فنقول لهم.. إن المال لا يصنع أمما ولا يخترع حضارات وبالتالي وبحسب ما سمعت من كثير من السوريين.. وأنا أوافق حول هذه النقطة.. ربما بموقعنا الحالي نكون أكثر حرية في ممارسة عروبتنا الحقيقية والصافية التي كان المواطن السوري أفضل من يعبر عنها عبر تاريخه.
لذلك نستطيع أن نقول انهم بهذه المحاولة قد لا يركزون كثيراً على إخراج سورية من الجامعة وإنما يركزون أكثر على تعليق العروبة لكي يبقى اسمها فقط جامعة عربية ولكنها لن تكون لا جامعة ولا عربية وإنما ستكون جامعة مستعربة لكي تتناسب مع سياساتهم ومع الدور الذي يقومون به على الساحة العربية.. وإلا كيف نفسر هذا اللطف غير المعقول وغير المسبوق مع العدو الصهيوني في كل ما يمارس.. وهذا الحسم والتشدد مع سورية.. ونحن نسعى منذ سنوات لتفعيل مكتب مقاطعة إسرائيل ودائما تأتينا الأعذار بأن هذا الشيء لم يعد مقبولا في هذا الوقت.. ولكن خلال أسابيع يفعلون مقاطعة سورية أي أن هدفهم استبدال سورية بإسرائيل وهذا مجرد نموذج ونحن لسنا ساذجين ونعرف هذا الوضع العربي منذ زمن طويل ولم نتعلق بأوهام وأردنا من صبرنا على هذه الممارسات قبل الأزمة وخلالها بأن تظهر لمن لديه شكوك حول سوء النوايا المنمقة والمغلفة بكلام جميل أن تظهر لهم سوء النوايا وخبث الأهداف وأعتقد أنها الآن أصبحت واضحة للكثيرين.
لن نغلق أي باب على أي مسعى عربي طالما أنه يحترم سيادة بلادنا واستقلالية قرارنا ويحرص على وحدة شعبنا
كنا ندرك كل ذلك ولكننا من منطلق العروبة الصادقة واستعادة الفكرة الأساسية للجامعة العربية والتي تساندنا فيها بعض الدول الشقيقة الحريصة على أن تعود الجامعة العربية جامعة وعربية لم نغلق الباب على الحلول والاقتراحات ولن نغلق أي باب على أي مسعى عربي طالما أنه يحترم سيادة بلادنا واستقلالية قرارنا ويحرص على وحدة شعبنا.
إن كل هذه التراكمات السلبية على الساحة العربية على مدى عقود يضاف إليها الحالة الراهنة أدت إلى أن يصب البعض من مواطنينا جام غضبهم على العروبة التي التبست مع الجامعة أو مع أداء بعض المستعربين على نحو خاطئ إلى حد تنكرهم لها.
إن وطننا العربي بتنوعه الواسع يرتكز ببنيته الاجتماعية على دعامتين قويتين متكاملتين بأبعادهما الحضارية هما العروبة والإسلام.. وكلتاهما عظيم وغني وضروري.. ولا يمكن بالتالي أن نحملهما وزر الممارسات البشرية الخاطئة كما أن التنوع الإسلامي والمسيحي في بلادنا هو دعامة عروبتنا وأساس قوتنا.. وعندما نغضب من العروبة أو نتنكر لها بسبب ما قام به البعض على هذه الساحة العربية الواسعة.. ففي ذلك تجن كبير.. فكما رفضنا تعميم أخطاء بعض المسؤولين على البلاد كلها لا يجب تعميم أخطاء بعض المستعربين على العروبة.. نحن الآن ما نقوم به كرد فعل تجاه العروبة.. كما قام الغرب به تجاه الإسلام وخاصة بعد 11 أيلول.
نحن نقول ان هناك شريعة عظيمة هي الإسلام وهناك إرهابي يتغطى بالإسلام فعمن نبتعد.. عن الشريعة أم عن الإرهاب.. نذم الشريعة أم نذم الإرهابي.. نحارب الدين الإسلامي أم نحارب هذا الإرهاب .. الجواب واضح .. لا ذنب للإسلام عندما يوجد إرهابي يغطي نفسه أو يلبس عباءة الإسلام.
إن الدين المسيحي دين المحبة والسلام فما ذنبه في حروب شنت تحت عنوان الدين المسيحي وفي جرائم ارتكبت في قلب أمريكا أو الدول الأوروبية من ناس يدعون التمسك بقيم هذا الدين.. لا ذنب لهم وذات الشيء بالنسبة للعروبة.. لا يجوز أن نربط بين العروبة وبين ما يقوم به البعض من المستعربين وإلا فإننا نذهب باتجاه الخطيئة الكبرى.. هناك أشياء وجدت من خلال سياق تاريخي لا نستطيع برد فعل أو بقرار.. لأنها لم تأت بقرار.. أن نغيرها.. هناك سياق تاريخي وهناك إرادة إلهية بالنسبة للأديان والقومية لا يجوز أن نتعامل معها برد الفعل.
إن رد الفعل الأول كان طرح سورية أولا ومن الطبيعي أن تكون سورية أولاً فأي شخص ينتمي لوطنه قبل أن ينتمي لأي وطن آخر ولا يجوز أن يكون الوطن ثانياً ولا ثالثاً ولا رابعاً ولكن السياق الذي طرح فيه هو سياق انعزالي يعني سورية فقط.. لم تكن سورية أولاً وإنما كانت تعني أن سورية فقط.
إن كل إنسان ينتمي لمدينته أكثر من باقي المدن .. يرتبط بها بشكل طبيعي .. وكل إنسان يحب القرية التي عاش وتربى فيها أكثر من باقي القرى ولكن الأولى والثانية لا تتناقض ولا تمنع أن يكون هذا الإنسان وطنيا ويحب كل الوطن.. فأن نكون سوريين لا يمنعنا بأن نكون عرباً وإذا كنا عرباً لا يوجد تناقض بين عروبتنا وسوريتنا.
لذلك علينا أن نؤكد على هذه النقطة بأن العلاقة بين العروبة والوطنية هي علاقة وثيقة وضرورية للمستقبل وللمصالح ولكل شيء وهي ليست قضية رومانسيات ولا مبادئ فقط بل هي مصالح .. فإذا فصلنا هذا الأمر عن ردة الفعل فعلينا أن نعرف دائما أن العروبة هي انتماء لا عضوية.. العروبة هي هوية يمنحها التاريخ لا شهادة تمنحها منظمة.. العروبة هي شرف يتمثل بالشعوب العربية وليست عاراً يحمله البعض من المستعربين على الساحات السياسية في العالم أو في الوطن العربي.
قد يقول البعض ان كل هذا الكلام عن العروبة.. ونحن نتحدث عن العرب والعروبة.. لا يوجد في سورية إلا عرباً.. فأقول.. من قال إننا نتحدث عن عرق عربي.. لو كانت العروبة هي فقط عرق عربي لما كان لدينا الكثير لكي نفخر به.. فآخر شيء في العروبة هو العرق.. والعروبة هي حالة حضارية وهي المصالح المشتركة والتاريخ المشترك والإرادة المشتركة والأديان المشتركة وهي كل شيء مشترك بين القوميات المختلفة التي تتواجد على هذه الساحة وآخر شيء العرق .. وقوة هذه العروبة هي في تنوعها وليس في انعزالها ولونها الواحد.
إن العروبة لم تبن من قبل العرب.. العروبة بنيت من كل من ساهم في بنائها من الأصول غير العربية التي تشكل هذا المجتمع الغني الذي نعيش فيه.. قوة العروبة بغناها.. لو كانت هناك مجموعة من الأصول غير العربية وأرادت اليوم أن تغير تقاليدها وعاداتها أو تستغني عنها أو تذوب فسنقف في وجهها ونقول.. لا نقبل بهذا الأمر لأنكم تضعفون العروبة.. فإذا.. نحن قوتنا في العروبة بالانفتاح والتنوع وإظهار مكوناتها وليس بدمجها لكي تظهر وكأنها مكون واحد لأن العروبة اتهمت ظلماً عبر عقود بأنها شوفينية وهذا الكلام غير صحيح وإذا كان هناك شخص شوفيني لا يعني بأن العروبة شوفينية بل هي حالة حضارية.
إن كل ما سبق لن يؤثر على رؤيتنا للوضع الداخلي في سورية وكيفية التعامل معه ولا شك أن الأحداث الراهنة وتداعياتها قد طرحت كماً هائلاً من التساؤلات والأفكار التي تهدف إلى إيجاد حلول مختلفة للوضع الحالي الذي تمر به سورية وإذا كان الأمر طبيعيا وبديهيا إلا أنه لا يمكن أن يكون إيجابياً وناجعاً إلا عندما ينطلق من ضرورة مواجهة المشكلة وليس الهروب منها .. أي عندما ينطلق من الشجاعة لا من الذعر ومن الإقدام لا من الهروب إلى الأمام.
إذا أردنا أن نتحدث في الشأن الداخلي واعتقد هو محور الاهتمام بالنسبة للسوريين الآن لابد من أن نحدد الأمور.. فهناك أفكار كثيرة وقد تكون جيدة ولكن إن لم يكن هناك إطار لهذه الأفكار تصبح أفكارا بلا فائدة وأحيانا تصبح أفكارا ضارة فبدلا من أن تسير الأفكار باتجاه واحد تتناقض وتتصارع .. لذلك دعونا نضع بعض التعاريف قبل أن ندخل في التفاصيل.
لا يمكن أن نقوم بعملية إصلاح داخلي بدون التعامل مع الوقائع
أولا لا يمكن أن نقوم بعملية إصلاح داخلي بدون التعامل مع الوقائع كما هي على الأرض سواء أعجبتنا أم لم تعجبنا.. لا نستطيع أن نتعلق بقشة في الهواء فلا القشة تحمل ولا الهواء يحمل وهذا يعني السقوط.. البعض تحت ضغط الأزمة يتحدث عن أي حل ويطالب بأي حل.. ولن نقوم بأي حل قد يؤدي بالبلد إلى الهاوية أو قد يؤدي إلى تعميق الأزمة وإلى الدخول في نفق لا يمكن الخروج منه.. لذلك ضغط الأزمة لا يدفعنا للقيام بأي خطة حتى لو كان الزمن ضروريا لكنه ليس أهم من نوعية الحل الذي نقوم به.
نحن اليوم نتعامل مع جانبين في الإصلاح الداخلي.. الأول هو الإصلاح السياسي والجانب الآخر هو مكافحة الإرهاب الذي انتشر بشكل كبير مؤخراً في مناطق مختلفة من سورية.. ففي العملية الإصلاحية هناك من يعتقد بأن ما نقوم به الآن هو طريق لحل الأزمة أو هو كل الحل للأزمة.. وهذا كلام غير صحيح.. نحن لا نقوم به لهذا السبب فعلاقة الإصلاح مع الأزمة علاقة محدودة وفي البداية كان لها دور أكبر عندما قررنا أن نقوم بعملية فرز ما بين من يدعي الإصلاح لأهداف تخريبية وبين من يريد الإصلاح فعلاً.. وهذا الفرز تم.. لماذا لا يوجد علاقة بينهما.. وهذه الرؤية هي رؤيتي منذ البداية.. ولكن لم يكن من السهل الحديث فيها كما قلت في البداية لأن الأمور لم تكن واضحة بالنسبة للكثير من السوريين كما هي واضحة الآن.
وتساءل الرئيس الأسد .. ما هي العلاقة بين العملية الإصلاحية والمخطط الخارجي.. وإذا قمنا اليوم بالإصلاح هل ستتوقف المخططات الخارجية تجاه سورية.. أنا أريد أن أقول لكم شيئاً.. نحن نعرف الكثير من الحوارات التي تدور في الخارج وخاصة في الغرب حول الوضع في سورية.. لا أحد من هؤلاء يهتم لا بعدد الضحايا ولا بالإصلاحات ولا ما سيأتي ولا ما تم إنجازه.. الكل يتحدث عن سياسة سورية وهل تغير سلوك سورية من بداية الأزمة حتى هذا اليوم.
الجزء الخارجي من المخطط هو ضد الإصلاح الذي سيجعل سورية أقوى
من جانب آخر هناك من أتى لكي يساوم.. أي لو قمتم بواحد واثنين وثلاثة وأربعة... فالأزمة على الأقل في جزئها الخارجي وأذياله الداخلية ستتوقف فوراً.. إذا.. لا علاقة بين الإصلاح والجزء الخارجي لان هذا الجزء من المخطط هو ضد الإصلاح الذي سيجعل سورية أقوى.. وإذا كانت سورية أقوى فهذا يعني تكريس النهج السوري وكلنا نعلم أن النهج السوري غير مرغوب خارجيا بل مكروه من كثير من الدول التي تريد منا أن نكون عبارة عن إمعات.
وأضاف الرئيس الأسد .. النقطة الثانية تتجسد في طبيعة العلاقة بين الإصلاح والإرهاب.. فإذا قمنا بالإصلاح هل سيتوقف الإرهابي وهل هذا الإرهابي الذي يقتل ويخرب يسعى لقانون أحزاب أو لانتخابات أو لإدارة محلية أو ما شابه.. الإصلاح لا يعني الإرهابي ولا يهمه.. والإصلاح لن يمنع الإرهابي من القيام بإرهابه.. فإذا.. ما هو المكون الذي يعنينا.
إن الجزء الأكبر من الشعب السوري هو الذي يريد الإصلاح وهو الذي لم يخرج ولم يخالف القانون ولم يخرب ولم يقتل.. والإصلاح بالنسبة لنا هو السياق الطبيعي لذلك أعلنا عنه على مراحل في العام 2000 وأنا تحدثت في خطاب القسم الاول عن التحديث والتطوير وكنت أركز في ذلك الوقت على مؤسسات الدولة.. وفي العام 2005 تحدثنا عن الإصلاح السياسي.. وجزء مما نقوم به الآن هو ما طرح في المؤتمر القطري في العام 2005 وفي ذلك الوقت لم تكن هناك ضغوطات على سورية في هذا الإطار وإنما كانت هناك ضغوطات مختلفة باتجاه آخر ولم يكن هناك من يتحدث عن موضوع الإصلاح الداخلي فطرحناه لأننا نعتقد بأنه سياق طبيعي وليس قسرياً.. لا يمكن أن يكون قسرياً وهو حاجة طبيعية للتطوير ولا يمكن أن نتطور من دون أن نقوم بعمليات إصلاح.. تأخرنا أم لم نتأخر هذا موضوع آخر.. لماذا تأخرنا موضوع آخر.. ولكن هو حاجة طبيعية ولو كان الإصلاح قسرياً أو جزءاً من الأزمة فسيفشل لذلك دعونا نفصل في حديثنا عن الإصلاح بين الحاجات الطبيعية وبين الأزمة.
إذا انطلقنا من الأزمة الحالية سيكون الإصلاح مبتوراً ومرتبطاً بالظروف الحالية المؤقتة.. أما بالنسبة للعقود المقبلة فالأمور تختلف وعلينا أن نربط ما قبل الأزمة بما بعد الأزمة بغض النظر عنها وننطلق من العملية الإصلاحية.. طبعا هذا الكلام ليس مطلقا ونحن نأخذ أحيانا بعين الاعتبار ما نمر به الآن في الإصلاح.. لا نفصله بشكل كامل كالجدول الزمني.. أحيانا نستعجل وأحيانا نفترض بأن رد فعل الناس بحاجة لتحرك باتجاه معين.. يعني يكون هناك بعض التأثيرات للأزمة ولكن لا نبني الإصلاح على الأزمة.. إذا بنيناه سنعطي المبرر للقوى الخارجية لكي تتدخل في أزمتنا تحت عنوان الإصلاح.. فلنتفق حول موضوع الفصل ونتعامل مع التفاصيل انطلاقاً من هذا الشيء.
طرحت في خطابي في هذه القاعة في حزيران الماضي خطة العمل وتحدثت بشكل أساسي حول المحور التشريعي بما يتعلق بالقوانين والدستور في ذلك الوقت ووضعت جدولاً زمنياً.. وبالنسبة للقوانين صدرت بأكملها تقريبا ضمن الجدول الزمني الذي حدد في ذلك الوقت.. الآن لو سمعنا من كثير من الناس حول هذا الموضوع سيقولون إننا لم نلمس نتائج وأنا أحب أن أتحدث دائما بشفافية حول المواضيع.. وكل موضوع على حدة.
إن أول قانون أصدرناه هو رفع حالة الطوارئ.. وفي مثل هذه الظروف التي تمر فيها سورية هل يمكن لأي دولة الا أن تفرض حالة الطوارئ ومع ذلك لم نقم بهذا الشيء وأصررنا على رفع حالة الطوارئ.. والبعض من المواطنين السوريين اتهمنا بأننا نتنازل عن جزء من الأمن في سورية بسبب رفع حالة الطوارئ.. طبعاً هذا الكلام غير دقيق لأن رفع حالة الطوارئ أو حالة الطوارئ نفسها لا تعطي الأمن وإنما هي قضية تنظيمية.. وعندما يكون هناك حالة طوارئ يكون هناك إجراءات وعندما ترفع يكون هناك إجراءات مختلفة.. التنازل عن الأمن غير موجود.. لا يوجد دولة يمكن أن تقبل بالتنازل عن الأمن.
إن القوانين والإجراءات الموجودة حاليا تعطينا كامل الصلاحية لكي نقوم بعملية ضبط الأمن بغض النظر عن قانون الطوارئ وإن رفع حالة الطوارئ بحاجة لتأهيل الأجهزة المعنية من الأمن والشرطة وغيرها التي تتعامل مع المواطن.. وكلنا يعلم أن هذه الأجهزة منتشرة في كل مكان في سورية والبعض منهم لم يأخذ إجازات ولم ير عائلاته منذ أشهر فهل من المعقول والمنطقي والواقعي أن نقوم بتأهيله.. هذا الكلام مستحيل.. لن يكون هناك تأهيل في الظروف الحالية.. ومع ذلك نحن نصر على الأجهزة بأن يتم التأكيد على بعض الأساسيات من الأنظمة المتعلقة برفع حالة الطوارئ.
عندما يكون هناك بيئة تخريب وقتل وفوضى وخرق للقانون وإذا كان هناك أخطاء فسوف تتضاعف مئات المرات وليس عشرات المرات لذلك علينا أن نتعامل ليس فقط مع النتائج وإنما أيضا مع الأسباب.. والنتائج هي الأخطاء التي نراها من قبل البعض ولكن الأسباب مرتبطة بالفوضى في حد ذاتها.. فعلينا أن نعمل من أجل ضبط الفوضى وبمعنى آخر لا يمكن أن نشعر بالنتائج الفعلية لرفع حالة الطوارئ في ظل الفوضى.. وطبعا هنا أنا أفرق بين الأخطاء بمختلف مستوياتها والقتل.
لا يوجد أي أمر في أي مستوى من مستويات الدولة بإطلاق النار على أي مواطن
أولا.. لا يوجد غطاء لأحد.. موضوع القتل بحاجة الى أدلة.. البعض يعتقد أنه لم يتم إلقاء القبض على أي شخص ممن ارتكبوا أعمال قتل.. وأنا أقصد العاملين في الدولة.. وهذا الكلام غير صحيح حيث تم إلقاء القبض على عدد محدود في جرائم قتل وغيرها ولكن أقول محدودا لأن الأدلة المتوفرة بحد ذاتها كانت محدودة ومربوطة بهؤلاء الأشخاص.. ووجود الأدلة أو البحث عنها بحاجة لمؤسسات والمؤسسات بحاجة لبيئة وظروف والبيئة الحالية تعيق عمل هذه المؤسسات.. لكن أؤكد بأنه لا يوجد غطاء لأحد وأؤكد مرة أخرى على أنه لا يوجد أي أمر في أي مستوى من مستويات الدولة بإطلاق النار على أي مواطن ولا يحق إطلاق النار بحسب القانون إلا دفاعا عن النفس ودفاعاً عن المواطن وعند الاشتباك مع شخص مسلح يحمل السلاح.. يعني هناك حالة محددة في القانون.. وأؤكد على التعامل مع الأسباب والنتائج في هذا الموضوع.
وفيما يخص الأحزاب فقد صدر قانون الأحزاب وتقدمت أحزاب وأعطي الترخيص لأول حزب منذ أسابيع قليلة وهناك حزب ثانٍ على الطريق بعد أن توفرت فيه كل الشروط وهناك عدة أحزاب أخرى.. يعني تنتظر الجهة المعنية استكمال الأوراق أو الشروط المطلوبة لكي تعطي الترخيص.. ونحن لم نشعر بالأحزاب لأنها بحاجة إلى وقت.. ولكن بكل الأحوال بعد أن صدر قانون الأحزاب ونحن نقوم ليس بإعطاء الرخص فقط بل بتشجيع جهات كثيرة على أن تقدم من أجل أن يكون لديها أحزاب.. ولا أعتقد أن الدولة تتحمل المسؤولية في هذا المجال فنحن لن نقوم بتشكيل أحزاب أو بالظهور على الإعلام أو ممارسة نشاطات نيابة عن أي أحد فإذا.. لا توجد عقبات في هذا الموضوع والقضية قضية زمن.
أما بالنسبة للإدارة المحلية فقد صدر القانون وحصلت الانتخابات في ظروف صعبة جداً ومن الطبيعي ألا تعطي النتائج المتوقعة بسبب الظروف الأمنية لأن المشاركة لم تكن بالنسبة للمرشحين أو الناخبين كما كان يفترض مع قانون جديد.. وكان هناك وجهة نظر تقول.. علينا أن نؤجل انتخابات الإدارة المحلية لمرحلة لاحقة.. وكان هناك وجهة نظر مختلفة وهو ما تبنيناه من أجل أن نقوم بعملية تبديل لأن أي تبديل سيكون إيجابياً وخاصة ان كثيرا من شكاوى المواطنين كانت حول أداء الإدارة المحلية ولذلك سرنا في هذا الموضوع ولكن بكل الأحوال كل ما يتعلق بالانتخابات لا يمكن أن يعطي نتائج إن لم يكن هناك مشاركة واسعة في الترشيح والتصويت لكي يكون هناك منافسة.. وإن لم يكن هناك منافسة لن تشعروا بهذا الموضوع وبالتالي ما يتعلق بالانتخابات بحاجة الى جزء من المسؤولية يحمله المواطن وليس فقط الدولة.
بالنسبة لقانون الإعلام فقد انتهت الحكومة الأسبوع الماضي من إعداد تعليماته التنفيذية وأصبح جاهزا للتنفيذ وهناك طلبات جاهزة لمحطات تلفزيونية وصحافة وغيرها.. أما قانون الانتخابات فقد صدر والهدف منه تأطير كل هذه الأفكار التي نسمعها على الساحة السياسية ومن لديه فكرة فليذهب إلى صندوق الانتخاب وهو الفيصل في كل شيء في هذا البلد.
إن القانون المهم هو قانون مكافحة الفساد وهو القانون الوحيد الذي تأخر لعدة أشهر لأنه قانون مهم جدا وفيه جوانب كثيرة جداً.. وأنا طلبت من الحكومة أن تدرسه بشكل واسع وبالتعاون مع مختلف الفعاليات والجهات وقد تم وضعه على الانترنت.. وكان هناك الكثير من المشاركات والأفكار المفيدة وقد انتهت الحكومة من دراسته وأرسل إلى رئاسة الجمهورية وأعيد مؤخراً إلى الحكومة.
إن قانون مكافحة الفساد قانون جيد وفيه نقاط مهمة جدا ولكن هناك نقطة تتعلق بهيئة التفتيش ففي القانون الحالي ألغيت هيئة التفتيش وحلت هيئة مكافحة الفساد مكانها ولكن قانون مكافحة الفساد يختص في قضايا الفساد فقط أي أنه يختص بقضية ضيقة غالبا هي ليست بقائمة للفساد وإنما التعامل مع الفساد بعد ظهوره بينما كانت هيئة التفتيش تأخذ مهام أوسع بما فيها تنظيم الإدارة ورفع مقترحات في مجال الإدارة ومراقبة عمل الدولة من الناحية الإدارية بالإضافة الى مكافحة الفساد.. ولذلك فإن إلغاء كل هذه المهام وربطها فقط بعنوان واحد هو الفساد شيء غير جيد وخاصة انه لا يمكن مكافحة الفساد بمعزل عن تنظيم الإدارة.
لا يمكن أن نكافح الفساد لوحده لأن هذا خلل كبير عدا عن وجود نقاط أخرى وهناك مقترحات حول دمج هيئة التفتيش مع هيئة الرقابة المالية وهذا الموضوع ليس مهما فالأهم هو ما هي علاقة التفتيش مع هيئة مكافحة الفساد.. وإذا كان هناك إلغاء لهيئة التفتيش فهل ستقوم هيئة مكافحة الفساد بضم كل المهام الموجودة في الهيئتين أم تبقى هناك هيئتان وتأخذ كل واحدة مهام مختلفة أم يكون هناك تنسيق بينهما في موضوع الفساد.. ولذلك تمت إعادة هذا القانون للحكومة لحل هذه النقطة وبعدها سيتم إصدار قانون مكافحة الفساد.
لو صدر هذا القانون بأفضل الأحوال سيكون من السهل على الدولة مكافحة الفساد على المستوى المتوسط فما فوق.. ولكن من الصعب عليها أن تكافحه من مستوى ما دون متوسط من دون مساهمة المواطن والإعلام.. وهذا يعني أنه حتى هذه الهيئة لن تقوم هي بالملاحقة وانما ستتلقى المعلومات فعلينا أن نبحث عن المعلومات ونحولها إلى هذه الجهات وهذا يعني أن نجاح هذا القانون بحاجة الى وعي شعبي كبير.
في إطار موضوع الفساد هناك كثير من الناس الذين ألتقي بهم يأتون إلي ويقولون نريد من الرئيس أن يحاسب.. وهنا أريد أن أوضح أن الرئيس لا يحل محل مؤسسات.. أنا أعالج قضية وقضيتين عندما أرى خطأ.. ولكن المؤسسة تحاسب الافا أو تعالج آلاف القضايا وعندما يحل الرئيس محل المؤسسات ولو كان يقوم بعمل صحيح هذا ليس مطمئناً ولذلك يجب علينا العمل من أجل تفعيل المؤسسات.
أنا أقول لجميع المواطنين الذين التقي بهم انني سأهتم بهذا القانون وبتفعيل هذه المؤسسات وأريد أن أرى مكافحة الفساد بالأقنية القانونية الطبيعية وعندها نحل مشاكل آلاف وعشرات آلاف ومئات آلاف وملايين من السوريين.. فأنا أركز دائماً على العمل المؤسسي ولو قمت بحل مشكلة فهي مشكلة فردية ونحل مشكلة شخص لا نحل مشكلة آلاف الأشخاص.
الدستور سيركز على نقطة أساسية جوهرية هي التعددية الحزبية والسياسية
أما المحور الآخر في الإصلاح فهو الدستور وقد صدر المرسوم الذي شكلت بموجبه لجنة تقوم بإعداد الدستور وأعطيت مهلة زمنية أربعة أشهر وأعتقد أن اللجنة أصبحت في المراحل الأخيرة وهذا الدستور سيركز على نقطة أساسية جوهرية هي التعددية الحزبية والسياسية.. وقد كانوا يتحدثون عن المادة الثامنة فقط وقلنا انه يجب أن نعدل كل الدستور لأن هناك ترابطاً بين المواد.. والدستور سيركز على أن الشعب هو مصدر السلطات وخاصة من خلال الانتخابات وتكريس دور المؤسسات وحريات المواطن وغيرها من الأمور والمبادئ الأساسية.
لقد كان هناك سؤال .. لماذا قمنا بالإصلاح القانوني قبل تغيير الدستور.. وهنا أقول.. منطقياً يجب أن نبدأ بالدستور وبعدها نأتي بالقوانين وهذا الكلام صحيح من الناحية المنطقية.. ولكن ضغط الناس والتشكيك بمصداقية الدولة بأنها ترغب بالقيام بإصلاح حقيقي دفعنا الى العمل بالتوازي.. والقوانين أسرع بالوقت فهي تأخذ بضعة أشهر وهذا أقل مما يحتاجه الدستور وإذا تناقض المنطق مع الواقع فنحن نسير مع الواقع وعلى كل الأحوال هذه ليست قضية مهمة.. والمهم عندما تصدر القوانين ويصدر الدستور سنكون في مرحلة جديدة وهي ليست انتقالية وهذا بالنسبة للجانب التشريعي.
وحول المواعيد المتعلقة بالدستور قال الرئيس الأسد.. بعد أن تنتهي اللجنة في المدة المحددة من إنجاز الدستور كان هناك عدة طروحات إما أن يقوم الرئيس بإصدارها بمرسوم أو أن تذهب إلى مجلس الشعب وتصدر بقانون وأنا رفضت الأولى والثانية.. وأؤكد على أن يكون هناك استفتاء شعبي لأن الدستور ليس دستور الدولة بل هو قضية تخص كل مواطن سوري.. ولذلك سنذهب إلى الاستفتاء بعد أن تنهي اللجنة أعمالها وتقدم الدستور وسنضعه في الأقنية الدستورية بهدف الوصول إلى الاستفتاء.. ومن الممكن أن يكون الاستفتاء على الدستور في بداية شهر آذار.
إن انتخابات مجلس الشعب مرتبطة بالدستور وخاصة أن معظم القوى السياسية تريد أن تكون انتخابات المجلس بعد الدستور وأنا كنت أفكر كما قلت في خطابي الأخير بأن تكون الانتخابات في نهاية العام الماضي أو في بداية هذا العام لكن وافقنا نزولا عند رغبة معظم القوى السياسية على أن تكون الانتخابات مرتبطة بالدستور الجديد كي تعطي الوقت لهذه القوى لتؤسس نفسها وقواعدها وتحضر نفسها للانتخابات.
إن الجدول الزمني مرتبط بالدستور الجديد وإذا كانت المهلة الدستورية شهرين فإن الاستفتاء سيكون في شهر آذار ومن الممكن أن تكون الانتخابات في أوائل أيار أما إذا كانت المهلة الدستورية ثلاثة أشهر فيمكن أن تكون في أوائل حزيران وكل هذا يعتمد على الدستور الجديد.
أما بالنسبة للأشياء التي يمكن أن نقوم بها كمبادرات فقد سمعنا كثيراً عن حكومة وحدة وطنية وأنا أحب أن أدقق دائماً في المصطلحات.. فلا يجوز أن نأخذ المصطلح دون أن نعرف المضمون.. فحكومة وحدة وطنية نسمع بها في دول فيها انقسام كامل على المستوى الوطني بين أطراف وحرب أهلية وأمراء طوائف وأمراء قوميات وأمراء حرب اجتمعوا على الطاولة بشكل مباشر أو من خلال ممثلين وشكلوا حكومة وحدة وطنية.. ونحن لا يوجد لدينا انقسام وطني.. لدينا مشاكل ولدينا انقسام في حالات معينة لكن لا يوجد لدينا انقسام وطني بالمعنى الذي يمكن أن يطرح.. وأنا أعرف أنهم لا يقصدون هذا الكلام لكنني لا أستخدم كلمة حكومة وحدة وطنية لهذا السبب.. فلا يوجد لدينا حكومة انشقاق وطني في كل الأحوال فالحكومات في سورية دائما هي حكومات متنوعة فيها المستقلون والأحزاب المختلفة.
كلما وسعنا المشاركة في الحكومة كان هذا أفضل من كل النواحي وللشعور الوطني بشكل عام
الآن لدينا خريطة سياسية جديدة مع الأزمة.. ومع الدستور الجديد ومع قانون الأحزاب ظهرت قوى سياسية جديدة فلابد أن نضعها بالاعتبار فهناك من يطرح مشاركة هذه القوى السياسية في الحكومة بكل أطيافها والبعض يركز على المعارضة.. وأنا أقول.. إن كل الأطراف السياسية من الوسط إلى المعارضة إلى الموالاة والكل يساهم.. فالحكومة هي حكومة الوطن وليست حكومة حزب أو دولة.. وكلما وسعنا المشاركة كان هذا أفضل من كل النواحي وللشعور الوطني بشكل عام.. فتوسيع الحكومة فكرة جيدة.. ولا أعرف ما هي التسمية التي نطلقها.. فالبعض سماها وفاقاً وطنياً والبعض توسيع مشاركة.. والمهم أننا نرحب بمشاركة كل القوى السياسية وفي الواقع قمنا ببدء الحوار مؤخراً.. حوار ولو بالعناوين العامة مع بعض القوى السياسية لنأخذ رأيها في هذه المشاركة فكانت الجوانب إيجابية.
إذا تحدثنا عن مشاركة كل الأطياف بما فيها المعارضة فمن هي المعارضة.. كل شخص الآن يستطيع أن يسمي نفسه معارضة والتقيت انا بعدد من هؤلاء وكنت أسألهم سؤالاً من تمثل.. المعارضة تعني قاعدة شعبية ولا تعني بأنني معارض كشخص والآن لدينا شخصيات معارضة وتيارات معارضة.. ولكن المعارضة عادة هي حالة مؤسساتية وتظهر من خلال الانتخابات.. الآن لا يوجد لدينا انتخابات.. كيف نعرفها .. ومن يشارك .. وما هو حجم المشاركة.. لا يوجد لدينا الآن معايير قبل الانتخابات المقبلة.. كنا نستطيع أن نقول هذه الحكومة بهذا الشكل يمكن أن تتم بعد الانتخابات ولكن نحن نريد أن نستبق الأمور ونسرع الزمن ونبدأ الآن بالمشاركة قبل تلك الانتخابات.. إذا.. سنعتمد على معايير خاصة وليس على معايير مؤسساتية.
نحن لم نخن الشعب والمعايير واضحة.. فماذا تعني المعارضة الوطنية .. لا نريد معارضة تجلس في السفارات أو معارضة تأخذ المؤشرات من الخارج حيث يقولون لها الان لا تحاوروا الدولة يعني ان الموضوع منته.. الانهيار بقي له بضعة أسابيع.. أجلوا الحوار الآن.. نحن لا نريد معارضة تجلس معنا وتبتزنا تحت عنوان الأزمة لتحقق مطالب شخصية ولا نريد معارضة تحاورنا بالسر كي لا تغضب أحدا ويقولون لنا نحاوركم لكن بالسر.
إذا أخذنا المعايير الوطنية والأشخاص أو الشخصيات الوطنية فإنها موجودة ونستطيع أن نبدأ مباشرة الآن بالعمل من أجل هذه الحكومة بعد أن فهمنا الموضوع.. وليسموها ما شاؤوا.. حكومة وحدة وطنية.. انقساما .. لم يعد هذا الأمر مهما على الإطلاق.. إذا.. سنبدأ بهذا الموضوع خلال فترة قصيرة جدا ولكن يبقى سؤال مهم .. هل الحكومة سياسية أم تقنية.. البعض طرح حكومة سياسية مصغرة.. هذا الكلام لا يمكن أن ينجح لعدة أسباب أولا.. نحن بلد فيها قطاع عام كبير وهذا القطاع العام ليس له استقلالية وكل مؤسسة تعتمد حتى الآن على الوزارة والوزير ومعاون الوزير والمديرين وغيرهم.
وتساءل الرئيس الأسد.. هل سيستطيع الشخص السياسي أن يقود قطاعاً تقنياً.. طبعاً هذا الكلام غير ممكن عدا عن أن مشاكل الناس الآن لا ترتبط فقط بالموضوع الأمني فهناك قضايا خدمية والكل يشكي منها الآن.. فهل ستأتي حكومة سياسية لتؤمن المازوت والغاز والدواء وإلخ... هذا الكلام غير واقعي في ظروفنا فلتكن حكومة موسعة وفيها مزيج من سياسيين ومن تقنيين تمثل القوى السياسية وإذا كانت تريد أن تمثل ويكون فيها الجانب التقني لا نخسر هذه ولا نخسر تلك.. أعتقد هذا الشكل هو الشكل الأفضل.. طبعاً مع ذلك أنا دائماً أحب ان أحاور وأناقش وأن نرى سلبيات كل طرح من الطروحات.. وأنا الآن أضع عناوين لم نحسمها بشكل نهائي ولكن أضع تفضيلات ممكن تغييرها من خلال النقاش.
كان هناك سؤال عن الحوار الذي بدأ شهر تموز وكان المفترض أن نبدأ بالحوار الموسع وننتقل للحوار المركزي وقد ضغطت القوى المختلفة من أجل عكس الآية فوافقنا وقمنا بالمرحلة الأولى أو أنجزنا المرحلة الأولى من الحوار ولم تشارك كل قوى المعارضة وإنما شارك جزء منها فقط وقد انتقلنا إلى الحوار الموسع الذي كان حواراً مفيدا جدا وكانت هناك مشاركة واسعة جدا من مختلف الفعاليات في المحافظات حيث طرحت من نحو الشهرين العودة للمرحلة الثالثة من الحوار بشكل مركزي.
مقبلون على تبديلات وأهم شيء في هذه التبديلات أن نركز في المستقبل على جيل الشباب
أستطيع أن أقول اننا نحن كدولة أو كحزب أو كسلطة مستعدون للبدء غدا بهذا الحوار ولا يوجد لدينا مشكلة ولكن جزءا من القوى في المعارضة غير مستعد.. فالبعض يريد أن يحاورنا بالسر من أجل مكاسب والبعض يريد أن ينتظر ليرى كيف تذهب الأمور لكي يحدد ومع ذلك لن ننتظر هذه القوى لكي نقوم بحوار بطريقة مهرجانية لكي يقال اننا نجري حواراً.. نحن الآن نحاور القوى الأخرى المستعدة للحوار بشكل علني.. ونتحدث حول هذه الافكارالتي طرحت قبل قليل وما أردت توضيحه بأن التأخير في موضوع الحوار لا يرتبط بسورية وحتى المبادرة العربية التي بدؤوا بها تحت فكرة الحوار مع كل القوى بما فيها القوى المعادية التي ارتكبت جرائم إرهاب في السبعينيات والثمانينيات وقد قلنا إنه لا يوجد لدينا مشكلة في الحوار حتى مع هذه القوى إذا أرادت أن تأتي إلى سورية ونحن نقدم كل الضمانات ولا يوجد لدينا أي قيود.. لدينا انفتاح كامل.. عندما نرى أن الجميع مستعد للحوار وتكون لديه وجهة نظر حول هذا الحوار ونحن على استعداد للبدء به مباشرة.
ويبقى السؤال كنوع من الفضول حول هل سنكون مقبلين على تغييرات وتبديلات وعادة لا أتحدث حول هذه النقطة فعندما يكون هناك تبديل نبدل ولكن من الواضح من الكلام الذي طرح انفا اننا مقبلون على تبديلات فعندما نتحدث عن حكومة جديدة وشكل جديد وعندما تعلن القيادة القطرية منذ أسبوع عن مؤتمر قطري قريباً فنحن مقبلون على تبديلات جزء منها بدأ منذ أيام وأهم شيء في هذه التبديلات ان نركز في المستقبل على جيل الشباب لأن هذا الجيل يعتبر نفسه مهمشاً في كثير من الحالات في الوقت الذي وقف فيه بوجه هذه الأزمة ولاحظنا كم كان الشباب فاعلين في الدفاع عن وطنهم بكل ما تعني هذه الكلمة من معان خلال الأزمة.
سورية بحاجة لكل أبنائها الصادقين بغض النظر عن الانتماءات السياسية
بكل الأحوال فإن سورية بحاجة لكل أبنائها الصادقين بغض النظر عن الانتماءات السياسية وعندما نتحدث الآن عن المرحلة المقبلة ونحن في بداية العام الجديد.. البعض يتحدث عن سورية الجديدة.. وأنا أقول لا يوجد لدينا سورية الجديدة وإنما لدينا سورية المتجددة.. فالتجدد عملية مستمرة ونحن نتحدث عن مرحلة جديدة وليس عن سورية جديدة.. وعلينا أن نستوعب كل مرحلة من المراحل وإذا لم نستوعب هذه المرحلة فكل ما قلناه ليس له قيمة وكل ما أتحدث عنه هو إجراءات وقوانين والأساس في نجاح عملية التطوير والانتقال في هذه المرحلة الجديدة التي تحدثت عنها هو الوعي.. واستطيع أن أعطي جواباً مباشراً عن هذه النقطة وأقول إن هذه الأشهر العشرة بكل مآسيها كانت مفيدة جدا بالنسبة لهذه الناحية حيث أثبت الشعب السوري أنه شعبٌ واعٍ وقادر على أن يقدم نموذجا لدولة عصرية تسبق بمراحل وقرون.. وأنا كنت أتحدث عن 150 عاماً إلا أننا نستطيع أن نسبق ب1000 عام تلك الدول التي تعطينا دروساً في الديمقراطية.. وأنا مطمئن لهذا المستقبل ولكن مع ذلك كلما تمكنا من تعميم حالة الوعي التي رأيناها كان هذا الموضوع أفضل.. وبمقدار ما رأيناه من وعي شامل في سورية هناك بؤر صغيرة من الجهل ولكنها تؤثر على الوضع العام ولا نريد لهذه البؤر ولبعض حالات الجهل أن تؤثر على عملية التطوير ونريد أقصى حد من الايجابيات والحد الأدنى من السلبيات.
إن الأمور في موضوع الإصلاح الداخلي أصبحت واضحة فبعد أن يصدر الدستور لا يوجد لدينا أي خطوات إضافية نقوم بها سوى الإجراءات.. وإذا كان هناك خلل في القوانين فيمكن بعد إصدار الدستور أن نعيد دراسة القوانين ونحن لم نقف عند هذه المرحلة من التطوير وسيكون هناك ملاحظات حول القوانين والممارسة ومن خلال الممارسة ستنكشف الأخطاء وعملية التجدد هي عملية مستمرة على المستوى التشريحي.
إن ما يجري في سورية هو جزء مما هو مخطط له في المنطقة منذ عشرات السنين فحلم التقسيم فلا يزال يراود أحفاد سايكس بيكو لكن حلمهم ينقلب كابوساً اليوم فإذا كان البعض يعتقد أن زمن الصراع على سورية قد عاد فهو واهم فالصراع اليوم مع سورية وليس عليها وهزيمة سورية التي لن نسمح لهم بتحقيقها تعني هزيمة الصمود والمقاومة كما تعني سقوط المنطقة كليا بيد القوى الكبرى والهزيمة ليست بالضرورة عسكرية ولكن يمكن أن تتحقق من خلال نجاحهم في جعلنا ننكفئ على أنفسنا ونهمل أو ننسى قضايانا الكبرى وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
إن هدفهم الذي يريدون تحقيقه في المحصلة هو سورية المنشغلة بقضايا ذاتية هامشية والمنعزلة ضمن حدودها القطرية لا حدودها الطبيعية القومية التاريخية وسورية المنكمشة والآيلة للفناء والزوال عبر الانقسام والتقسيم.. وهدفهم هو تفكيك الهوية والشخصية الثقافية لشعبنا التي كانت تحمينا من الهزائم بمختلف أنواعها.. وتفكيك هذه الهوية هو الذي يؤدي إلى الهزيمة الفعلية التي لم تحققها الحروب المتكررة بل يحققها تدمير بنية المجتمع الذي أنتج منظومات المقاومة الاجتماعية والثقافية التي أثارت قلقهم أكثر من أي منظومة أخرى لأنها أساس كل مقاومة والحاضن الفعلي لها ولكنهم لم ينجحوا في تدمير هويتنا ولا في زعزعة قناعاتنا بأن المقاومة هي في صلب هذه الهوية التي ستبقى راسخة كما كانت أبداً عبر التاريخ.
لا مهادنة مع الإرهاب ولا تهاون مع من يستخدم السلاح الآثم لإثارة البلبلة والانقسام.. ولا تساهل مع من يروع الآمنين ولا تسوية مع من يتواطأ مع الأجنبي ضد وطنه وشعبه
إن الدول تعيد ترتيب أولوياتها في حالة الحرب أو المواجهة والأولوية القصوى الآن والتي لا تدانيها أي أولوية هي استعادة الأمن الذي نعمنا به لعقود وكان ميزة لنا ليس في منطقتنا فحسب بل على مستوى العالم.. وهذا لا يتحقق إلا بضرب الإرهابيين القتلة بيد من حديد فلا مهادنة مع الإرهاب ولا تهاون مع من يستخدم السلاح الآثم لإثارة البلبلة والانقسام ولا تساهل مع من يروع الآمنين ولا تسوية مع من يتواطأ مع الأجنبي ضد وطنه وشعبه.
إن المعركة مع الإرهاب لن تكون معركة الدولة أو مؤسساتها فقط بل هي معركتنا جميعا وهي معركة وطنية من واجب الجميع الانخراط بها .. فالفتنة أشد من القتل .. وهي تفتت المجتمع وفي النهاية تقتله وهذا ما لن نسمح به لتبقى سورية محصنة عصية.
إن الدولة القوية هي التي تعرف متى وكيف تسامح وكيف تعيد أبناءها إلى طريق الصواب فتنزع من أيادي المضللين بنادقهم المأجورة وتعيدهم إلى طريق بناء الدولة العصرية والحديثة والمحافظة على أصالتها وينابيع عروبتها.. وبمقدار ما علينا أن نضرب الإرهابيين بمقدار ما علينا أن نستعيد من وقع في الخطأ إلى جادة الصواب .. فهناك أشخاص وقعوا في الخطأ وهناك أشخاص غرر بهم وبعد أن بدؤوا في الخطأ قيل لهم الدولة ستنتقم منكم ولا يمكن أن تعودوا إلى الخلف فتابعوا في هذا الطريق.. والهدف أن يدفعوهم باتجاه الجريمة لكي يصلوا إلى نقطة اللاعودة.
إن الدولة كالأم التي تفتح المجال دائماً لأبنائها لكي يكونوا في كل يوم أفضل حفاظا على الاستقرار وحقنا للدماء لذلك في هذا الإطار كنا نصدر من وقت لآخر العفو تلو الآخر والبعض كان يعتقد بأن إصدار العفو يؤدي لمزيد من الخلل الأمني ولكن الحقيقة أن أغلب الحالات كانت معاكسة ففي معظم الحالات كانت النتائج إيجابية وخاصة عندما تم العفو بالتنسيق مع الأهالي والفعاليات المحلية في كل مدينة وقرية ومحافظة الذين التقينا بهم وتحدثنا إليهم وكان لديهم وعي كاف لكي يعيدوا أبناءهم الى طريق الصواب.
الحزم والحسم ضروريان ولكن الاستمرار بالتسامح والعفو من وقت لآخر ضمن أسس واضحة وبآليات سليمة هو شيء ضروري ويجب أن نستمر به دون توقف
طبعا هناك حالات لا تنجح ولكنها ليست الحالة العامة ولذلك أعتقد أن الحزم والحسم ضروريان ولكن الاستمرار بالتسامح والعفو من وقت لآخر ضمن أسس واضحة وبآليات سليمة هو شيء ضروري ويجب أن نستمر به دون توقف. سأشرح هذه النقطة لأن البعض لم يفهم تماماً ماذا نفكر عندما نصدر العفو في هذه الظروف الأمنية... لقد قمنا بالحوار مع كل القوى ما عدا المجرم الذي يرتكب الخطأ وأنا التقيت بعدد من هؤلاء في الأيام القليلة الماضية.. وقسم كبير منهم تغير تماماً عندما رأى أن الأمور تذهب باتجاه السلاح والقتل وذهب باتجاه التعاون مع الدولة التي كان يقف ضدها لأسباب قد تكون موضوعية وقد لا تكون.. لكن البعض أصر على غيه وهؤلاء وردت فيهم الآية الكريمة "في غيهم يعمهون" يعني من يصاب بالعمى البصري يعوضه الله بالأحاسيس الأخرى ويتفوق على أقرانه بالفن .. بالعلم .. بالأدب .. بأشياء مختلفة.. بالمهن.. ولكن من يصب بالعمى العقلي لا أمل منه فالعمى هو العمى العقلي وليس عمى العيون.
البعض من هؤلاء يعتقد فعلا بأنه ثائر.. فتعالوا نرى ماذا فعل هؤلاء وما هي مواصفاتهم.. هل يمكن لثائر أن يسرق سيارة أو بيتا أو منشأة وهل يمكن للثائر أن يكون لصاً.. بالنسبة لنا صورة الثائر هي صورة ناصعة ومثالية وغير ملطخة وفيها شيء خاص جدا وقد قاموا بعمليات اغتيال غدر لشخصيات مختلفة بريئة في الدولة وخارج الدولة.. فهل يمكن للثائر أن يتصف بالجبن وبالغدر... هم منعوا المدارس من القيام بمهامها وواجباتها على مستوى المجتمع وذات الشيء بالنسبة للجامعات.. فهل من الممكن أن يكون هناك ثائر ضد العلم.. في بعض المناطق انخفض التدريس إلى النصف.. يعني أصبحنا نخرج نصف متعلم ..نصف جاهل.. ومع ذلك لدينا جيش آخر غير القوات المسلحة والأمن والشرطة وقوات حفظ النظام هم العاملون في المجال التربوي تحديدا في المدارس في بعض المناطق التي انخفض فيها التدريس خمسين بالمئة .. كانت نسبة الدوام 85 بالمئة وهم يخاطرون بحياتهم من أجل أن تستمر العمليات التربوية وحتى نهاية عام 2011 كان عدد الشهداء من الأساتذة والمعلمين في الكادر التربوي قد قارب الثلاثين شهيدا وعدد المدارس التي أحرقت أو خربت أو دمرت قارب الألف.
أوجه باسمكم تحية لكل العاملين في المجال التربوي.. للمدرسين والموجهين والأذنة في المدارس وللإداريين وغيرهم.. فهل من الممكن أن تكون هناك ثورة ضد العلم وثورة ضد الوحدة الوطنية أو ثائر يستخدم ألفاظا وشعارات تفتيتية في المجتمع.. هل من الممكن أن يكون الثائر ضد المواطن يقطع عنه الغاز الذي يحتاجه يومياً في أمور الطبخ والطعام لكي يموت من الجوع ويقطع عنه المازوت والوقود لكي يموت من البرد ويقطع عنه الدواء لكي يموت من المرض ويقطع الأرزاق ويحرق المعامل والمنشآت الحكومية والخاصة لكي يجعل الفقراء أشد فقراً.
وتابع الرئيس الأسد .. إن هذه ليست ثورة .. فهل من الممكن أن يعمل الثائر لمصلحة العدو بما يعني ثائراً وخائناً.. هذا غير ممكن.. وهل من الممكن أن يكون من دون شرف ولا أخلاق ولا دين.. لو كان لدينا فعلا ثوار حقيقيون بالصورة التي نعرفها لكنت أنا وأنتم وكل الشعب الآن نسير معهم وهذه حقيقة.
إن السؤال الأساسي الذي طرح معي بشكل مكثف يبقى متى وكيف تنتهي الازمة.. وطبعا هذا سؤال صعب ولا نستطيع أن نعطي جواباً من دون معطيات وهناك أشياء نعرف معطياتها وهناك أشياء لا نعرفها .. وأول نقطة.. لا نعرف معطيات تحديدا .. ولكن نستطيع أن نستقرئ.. فالمؤامرة تنتهي عندما يقرر الشعب السوري أن يتحول إلى شعب خانع وعندما نخضع ونتنازل عن كل تراثنا.. تراث حرب 1973 حرب تشرين التحريرية وعندما نتنازل عن مواقفنا القومية وعندما دافعنا عن لبنان في عام 1982 وكانت منطلق المقاومة في ذلك الوقت والتي أدت بالمقاومة إلى تحرير لبنان في العام 2000 وعندما نتنازل عن وقوفنا إلى جانب المقاومة في عام 2006 وفي 2008 في لبنان وفي غزة وعندما نقدم مجانا التنازلات كلياً أو جزئياً في عملية السلام وتحديداً في أراضينا المحتلة في الجولان وعندما نتنازل عن مواقفنا القومية تجاه القضية الفلسطينية .. هذا الموقف القومي الذي حملناه عبر التاريخ منذ عام 1948 وعندما نقبل أن نكون شهود زور على ما يحصل تجاه المسجد الأقصى الآن من عملية تدمير منهجية لا نسمع عنها إلا فيما ندر.
وتساءل الرئيس الأسد لا أعرف إذا كانت الجامعة العربية ستشكل لجنة لمعالجة هذا الموضوع.. ولا أعتقد ذلك لأن هذا الموضوع لا يهم سوى مليار وثلاثمئة مليون مسلم .. لا يستحق الاهتمام .. ولذلك لن يقوموا بذلك وهذا فقط للمقارنة.
إن الشعب السوري لن يخضع لعدة أسباب أولاً.. للمبادئ التي تربى عليها المواطن السوري وثانيا.. لان النماذج التي قدمت لنا من مسؤولين خاضعين أو سياسات خاضعة أو من دول خاضعة لا تبشر بالخير.. فدائما في كل الظروف وفي أسوأ الظروف كان وضع سورية أفضل من وضع كل تلك الدول حتى من يظهر بأن وضعه جيد الآن فالأعراض لم تظهر وستظهر في يوم من الأيام.
لا يمكن أن نتنازل عن الكرامة لأنها أغلى ما يملكه الشعب السوري.. فكرامتنا أقوى من جيوشهم وأغلى من ثرواتهم
إن هذه الأمور نختصرها بكلمة واحدة هي الكرامة السورية فلا يمكن أن نتنازل عن الكرامة لأن هذه الكرامة هي أغلى ما يملكه الشعب السوري فكرامتنا أقوى من جيوشهم وأغلى من ثرواتهم.
إن النقطة الثانية مرتبطة بالأولى.. متى تتوقف ومتى تنتهي.. عندما يتوقف تهريب السلاح الذي يأتي من الخارج والأموال وهذه النقطة مرتبطة بالأولى.. وعندما نخضع ونتنازل سنصل إلى النقطة الثانية.. ولكن ما أعرفه تماما أن المؤامرة تنتهي وتتوقف عندما ننتصر عليها ولا يجوز أن نكون منفعلين.. وتنتهي متى ننهيها ويمكن أن ننتصر عليها أولا عندما ننتصر عليها في الخارج سياسيا وفي الداخل وعندما ننتصر على الذراع الخطيرة لهذه المؤامرة وهو الإرهاب.. أما النقطة الثانية فهي مرتبطة بوعينا فننتصر على المؤامرة عندما ننتصر على أهوائنا وانفعالاتنا وعندما نعود الى العقل والمحبة الصافية التي كانت عليها سورية والحمد لله فهذه الحالة عامة ولكن أنا أتحدث عن بعض البؤر.
سورية قوية لا شك في هذا الشيء ولكن القوة ليست شيئا مطلقا فالإنسان القوى صحيح الجسم تنخفض أو تضعف مناعته وعندما تضعف مناعته يصاب بالمرض فالقوة ليست شيئاً مطلقاً ولكن الموت والانهيار ليسا شيئاً حتمياً.. هذه المناعة تضعف عندما تكون هناك فوضى والفوضى والأحداث التي حصلت في سورية أضعفت هذه المناعة وعندما ضعفت هذه المناعة ضرب الإرهاب وبالتالي كل من يسهم في الفوضى الآن هو شريك في الإرهاب وشريك في سفك الدماء السورية ولا نستطيع أن نفصل الأولى عن الثانية ولا نستطيع أن نكافح الإرهاب من دون أن نكافح الفوضى فكلاهما مرتبط وهذه النقطة يجب أن تكون واضحة بمعنى أن المناعة تضعف عندما يضعف الوعي الوطني.
أنا هنا أتحدث عن أصحاب النية الطيبة أما سوء النوايا فلا يعنينا .. وكنا نقول لأصحاب النية الطيبة في البداية إن هناك مؤامرة خارجية ويقولون هذا نوع من إلقاء المسؤولية على الآخرين فنقول لهم .. هناك سلاح ويقولون هذه فبركات إعلامية من قبل الدولة .. والآن أصبحت الأمور واضحة ولكن متأخرة .. ولا يمكن لهذا الإرهاب أن يظهر فجأة فهناك مراحل بدأت منذ البداية فكان هناك إرهاب صغير بالحجم وبنوعية السلاح وبالمساحة الجغرافية وكبر حتى وصل إلى هذا المستوى وهذه المرحلة.
نحن تأخرنا وهم تأخروا حتى فهموا هذا الشيء وهذا كان عقبة أساسية ولكن تأخرنا لا يعني بأننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة أو أن الأمور غير عكوسة .. المهم الآن أن نقف في صف واحد وعندما تصبح القضايا وطنية لا يعود هناك خلافات .. نختلف وهناك صندوق انتخابات نذهب إليه .. نأتي بحكومتنا ونأتي ببرلماننا فهذا موضوع آخر .. ولكن عندما يهدد الوضع الدول والأمم التي تحترم نفسها فهي تتوحد وتضع الخلافات جانبا والكل يقف صفا واحدا ولا يوجد لون رمادي في هذه الحالة ومن يقل إنه رمادي يظهر نفسه بأنه رمادي أو في الوسط ومن يقف في الوسط في القضايا الوطنية يخن الوطن .. لا يوجد خيار فيجب أن نقف صفا واحدا وكلنا مسؤول وكلنا نساهم بالقول والكلمة والفعل وبأي طريقة.
النقطة الثانية عندما نضع الخلافات علينا بالتوازي أن نفرق بين أخطاء الأشخاص والمؤسسات وقلت هذا الكلام سابقا فالمؤسسات لا تخطئ وإنما هي تتبنى سياسات خاطئة وهذا موضوع آخر ولكن الأخطاء هي أخطاء أفراد وعلينا أن نفرق بين أخطاء الأفراد وسياسات المؤسسات.. ونحن نتبع سياستين الأولى .. هي الاستمرار في الإصلاح والثانية.. هي مكافحة الإرهاب .. فهل يستطيع أن يقول أي شخص أن هذه السياسة خاطئة أو أنه ضد الإصلاح ومع الإرهاب .. هذا كلام مستحيل طبعا ولكن في الإعلام الذي نراه الآن لا يوجد شيء مستحيل وأنا أتحدث هنا على الساحة السورية.
وتابع الرئيس الأسد .. عندما نضع هذه الأمور جانبا ماذا يعني هذا الكلام .. يعني بأننا نقف صفاً واحداً مع مؤسسات الدولة.. نساعدها ونساعد الجيش والأمن ونحتضنهما معنويا ولو عدنا للسبعينيات والثمانينيات عندما قام إخوان الشياطين الذين تغطوا بالإسلام بأعمالهم الإرهابية في سورية في البداية كان هناك الكثير من السوريين غرر بهم وكانوا يعتقدون بأنهم فعلا يدافعون عن الإسلام فلم يأخذوا أي موقف حتى ظهرت الأمور .. بدأ الحسم وكان الحسم سريعا عندما وقف الشعب مع الدولة في ذلك الوقت وطبعا استغرقت هذه الأمور والاغتيال والقتل ست سنوات .. ونحن لا نريد أن ننتظر كل ذلك الوقت فالأمور واضحة بالنسبة لنا جميعا .. إذا وقفنا الآن واحتضنا الأمن والأجهزة المختلفة المختصة فأنا أعتقد أن النتائج ستكون حاسمة وسريعة لأن الإرهاب يضرب وكلما ضرب الإرهاب كان ثمن الإصلاح أكبر وكان الإصلاح أصعب.
القضية قضية سباق بين الإرهابيين والإصلاح.. فالإرهاب ومن يقف خلف الإرهاب لا يريد أن يصلح ويريد أن نصل إلى مرحلة نقول الآن لم يعد وقت الإصلاح.. دعونا نهتم بالإرهاب ليكون لديه حجة ليستفرد بالتدخل في سورية.
مؤخراً لمسنا كلنا قلق الناس واستياءهم وغضبهم عبر التلفزيون والانترنت والإذاعات وكل الأماكن والكل يطالب بالحسم.. طبعاً هذا الموضوع محسوم بالنسبة لنا فالتعامل مع الإرهاب لا بد أن يكون بأشد الطرق القانونية ونحن نحرص على القانون لأننا نحرص بنفس الوقت على دماء الأبرياء ولا نريد أن يكون ثمن مكافحة الإرهاب دماء الأبرياء ولكن المشكلة أنهم بدؤوا بضرب الأبرياء والآن يقتل الشعب السوري ولا علاقة لمن قتل بانتمائه السياسي فقد يكون معارضاً للدولة ولكنهم يقتلون الشعب السوري ويعاقبونه لأنه رفض أن يتخلى عن أخلاقه وأن يتحول إلى مرتزقة وأن يبيع الضمير فكان لا بد من معاقبته في كل مكان.
علينا أن نتوحد وأن نحسم ولكن المحور الأساسي هو كيف يقف المواطن مع الدولة وفي بعض الحالات دخل الجيش إلى مدينة وكان هناك من يسيطر عليها من الإرهابيين ولا أريد أن أقول يحتل .. فقام أشخاص من سكان المنطقة بتشكيل فرق لحماية مجنبات الجيش لكي يدخل وفي مناطق أخرى شكلوا دوريات مراقبة لكي يمنعوا الإرهابيين من القيام بأعمال القتل والتخريب أو الفتنة في بعض المناطق ..وفي مناطق أخرى كانوا يدلون بمعلومات.. لدينا وسائل كثيرة وأنا اعتقد أننا يجب أن نبدأ الآن مباشرة حواراً بين الجهات المعنية في الدولة والمناطق المختلفة والفعاليات المختلفة لنرى كيف يمكن أن نحقق الأمن على كل الأراضي السورية.
أريد أن أمر على نقطة وحيدة مرتبطة هي موضوع المصالحة الوطنية كونها طرحت في هذا الإطار يعني إذا حسمنا وإذا وقفنا صفاً واحداً إلى أين نصل بعدها.. هناك من طرح في بداية الأزمة مصالحة وطنية.. المصالحة الوطنية هي في نهاية الأزمة أن الكل يسامح الكل ... نقول يعني الكل أخطأ مع الكل وهناك أخطاء كثيرة والكل يسامح الكل والانتقام لا يؤدي إلى نتيجة إيجابية والانتقام لا يبني بلدا ولا يعيد الدماء التي هدرت والفوضى تدمر الوطن كما نرى الآن.. وفقط التسامح يبني الأمم ويحقق المستقبل المزهر.
إذا.. حالة المصالحة الوطنية تنطلق من هذا الشعور الموجود لدى المواطنين لأن البعض في بداية الأزمة طرح المصالحة الوطنية فهي بحاجة لشعور عام لدى المواطنين بأننا اقتربنا من نهاية الأزمة ونقف في مكان واحد غير منقسمين ولكن النقطة الأهم من هي الأطراف.. فالمصالحة الوطنية تقوم بين أطراف وهذه الأطراف لم تحدد فإذا.. نحن نصل للمصالحة الوطنية بالوعي الوطني ولا نصل إليها بقرار يأخذه الرئيس ويصدر قانونا وعفوا عاما... لأن الدولة تعفو عن طرف ولكن ماذا عن أطراف أخرى .. فهي حالة وطنية تلحق بقوانين وتشريعات وغيرها فإذا.. نحن لا بد من أن نصل لتلك المرحلة ولكن في التوقيت المناسب وأنا أرى أننا الآن نتيجة الوعي الشعبي الذي ظهر مؤخرا نستطيع أن نسير بهذا الاتجاه مع حسم الإرهاب على الساحة السورية.
لكي ننجح في كل هذه الإجراءات والإصلاحات والمواجهات والظروف المعقدة علينا أن نحذر المنهزمين نفسيا الذين يسعون لبث روح الهزيمة والإحباط بين المواطنين سواء انطلاقاً من أسبابهم النفسية أو لاعتباراتهم المصلحية .. فإذا قررت هذه القلة القليلة أن تساهم في هزيمة الوطن في الساحات الافتراضية فالشعب بغالبيته العظمى قرر الانتصار في ساحاته الحقيقية.
إن المعارك الوطنية لها ساحاتها ورجالاتها ولا مكان فيها للأيدي المرتعشة والقلوب المذعورة .. وأما حصارهم فلن يرهب شعبنا ولن يتمكن من إذلاله فليس السوري من يبيع شرفه وعرضه مقابل المال وهذا ليس من قبيل الإنشاء اللفظي فنحن من أطعم دولا عربية عدة في سنوات عجاف.. وأنا أتحدث عن السنوات العجاف التي مرت من ثلاث أو أربع سنوات.. هناك أربع دول أكلت من القمح السوري إضافة إلى الشعب السوري.. ونحن من طور صناعته في الثمانينيات من دون احتياطي ولم يكن لدينا حتى جزء بسيط من الاحتياطي وكنا بالكاد ندفع الرواتب في ذلك الوقت وبالكاد نحصل على القمح من أجل الخبز.. وأقول للجيل الذي لا يذكر تلك المرحلة والذي لم يكن قد ولد ربما.. لا تسمح للخوف أن يدخل الى قلبك نتيجة الحرب الإعلامية التي تحصل تجاهك فسورية مرت بظروف أصعب بكثير حتى أمنيا كانت الظروف اصعب بكثير وتفوقنا عليها وانتصرنا.
إن الأزمات بكل ما تحمله من سلبيات أو مآس هي فرص للشعوب الأصيلة القادرة لكي تنجز واليوم نحن أقدر على تحويل كل ذلك إلى مكاسب من خلال الاعتماد على الذات إذا فكرنا بشكل علمي وجماعي بعيدا عن الأنانية وبذلك نعوض الخسائر في المدى القريب ونحولها لأرباح في المدى الأبعد.
إن أهم شيء ألا يظهر لدينا طبقة محتكرة تستغل الأزمات لكي تبني الثروات على حساب قوت ودماء الشعب.. وطبعاً هذه من مسؤوليات الدولة بأن تكافح هذه الحالة ونحن دائماً نوجه المؤسسات لكي تضبط هذا الموضوع ولكن نحن نعرف بأنه في ظروف الفوضى أيضا يتسلل الخلل إلى المؤسسات وهنا عقبة أخرى تعترضنا وهذه حقيقة ولكن بالتعاون نستطيع أن نجد الحلول لهذا الموضوع.
علينا أن نركز على الصناعات المتوسطة والصغيرة في الموضوع الاقتصادي وأن نركز على الحرف أولا نحو قاعدة عريضة من فرص العمل والمزيد من العدالة الاجتماعية.. نحن دائما نتحدث عن مقدار النمو ولكن لا نحدد ما هو الهرم .. قاعدة الهرم المستفيدة من هذا النمو .. وهذا النوع من الصناعات بالإضافة الى الحرف يخلق عدالة اجتماعية كبيرة وبنفس الوقت لا يتأثر كثيرا بالحصار الخارجي ولا يتأثر كثيرا بالظروف الأمنية لذلك بدأنا مؤخراً نركز بشكل كبير على المناطق الحرفية ولذلك دعم الحرف في هذه المرحلة ضروري جداً.
إن الزراعة في سورية قطعت مراحل جيدة بالرغم من كل الصعوبات واهتممنا بشكل مستمر بالفلاحين والعمال ولكن أعتقد بأن الاهتمام بموضوع الحرفيين وهذا المستوى من المهن لم يكن كما يجب.
إن جزءاً كبيراً من الحرب النفسية الآن الموجهة لسورية انتقل إلى الموضوع الاقتصادي عندما فشلوا في الموضوع الطائفي والموضوع الوطني وفي كل القضايا ذات الجانب السياسي.. طبعاً أسعار الأسهم والليرة لها تأثير ونعرف عندما تنخفض الليرة ترتفع الأسعار ولكن هذا ليس المعيار الوحيد بل هناك معيار أهم.. ما هو مقدار الإنتاج في سورية.. الإنتاج في سورية بشكل عام كان إنتاجا ضعيفا وفي السنوات الأخيرة مع الانفتاح تحولنا للاستهلاك وحتى المادة الموجودة في سورية نشتريها صناعة غير سورية وهذا أضر كثيرا في الاقتصاد.
إذا.. علينا أن نركز على مستوى الإنتاج في سورية ونحن قادرون حتى في هذه الأزمة أن نزيد من هذا الإنتاج ويجب أن نعرف أنه لدينا نقاط قوة كبيرة فالمديونية في سورية قليلة جدا وعلاقاتنا مع الدول المختلفة لم تنقطع .. ولدينا الزيتون وأعتقد بأننا كنا في المستوى الخامس عالميا وهناك من يقول اننا قفزنا للمستوى الرابع أو الثالث ولست متأكدا من هذه النقطة .. نحن دولة صغيرة وأن نكون بهذا المستوى الخامس من بين مئات الدول فهذا شيء كبير جدا.. إضافة إلى إنتاج القمح.. فالأرض موجودة والمزارع موجود والأمطار موجودة بمعنى أنه لدينا نقاط قوة حقيقية لكن يجب أن ننظم العملية الاقتصادية ونستطيع أن نقلع حتى في قلب هذه الأزمة.
إذا أرادوا أن يحاصروا سورية فسيحاصرون معها منطقة كاملة
إنهم يحاولون التصوير بأن سورية معزولة وفي كل مرة يقولون هذا الكلام .. طبعا نقاط قوتنا هي الموقع الاستراتيجي وإذا أرادوا أن يحاصروا سورية فسيحاصرون معها منطقة كاملة .. فلدينا نقاط قوة نستطيع أن نواجه فيها.
وقال الرئيس الأسد .. بالنسبة للعلاقة مع الغرب.. فالغرب يقول مجتمعاً دولياً وبالنسبة له المجتمع الدولي هو عدد من الدول الكبرى الاستعمارية وكل العالم بالنسبة لهم عبارة عن ساحات وفيها عبيد يقومون بخدمة مصالحهم.
إن الغرب مهم بالنسبة لنا ولا نستطيع أن ننكر هذه الحقيقة لكن الغرب اليوم ليس هو الذي كان قبل عقد من الزمن فالعالم يتغير وهناك قوى صاعدة وهناك بدائل.. وهذا مهم ولكنه ليس الأوكسجين الذي نتنفس من خلاله وليس حبل النجاة الذي نغرق من دونه .. نستطيع أن نسبح لوحدنا ومع أصدقائنا ومع أشقائنا وهم كثر ولذلك قررنا في عام 2005 أن نتوجه شرقا ففي ذلك الوقت كنا نعرف بأن الغرب لن يتغير.. ما زال استعماريا بشكل أو بآخر .. فهو يتغير من الاستعمار القديم إلى الاستعمار الحديث وينتقل من الاستعمار الحديث أيام سايكس بيكو إلى الاستعمار المعاصر.. هي أساليب وأشكال ولكن لن يتغير.. فإذا.. علينا أن نتوجه شرقا ونحن كدولة بدأنا بهذا الإجراء منذ سنوات عدة وكانت زياراتي خلال السنوات الماضية تصب في هذا الاتجاه بشكل أو بآخر ولكن هذا لا يكفي ولا بد من توجه القطاع الخاص في سورية من أجل فتح أقنية مع هذه الدول.
إن علاقات معظم دول العالم جيدة مع سورية وحتى في ظروف هذه الأزمة والضغوط الغربية عليها بقيت مصرة على إقامة علاقات مع سورية وكل هذا لا يعني بأننا لن ندفع ثمنا وبأنه لن يكون هناك خسائر من الحصار ومن الظروف السياسية والأمنية ولكن نستطيع أن نحقق إنجازات تخفف من الأضرار.
وتابع الرئيس الأسد .. في هذه المرحلة تبقى نقطة أساسية وهي أن كل هذه الإنجازات مربوطة بموضوع الأمن .. يعني قطع الطرق وموضوع الغاز والمازوت أو يمر قطار في مكان فنلغي القطار وننقل المازوت أو الوقود أو الغاز بسيارات وتصبح الكلفة أكبر وكمية النقل أقل بما لا يتوافق مع استهلاك المواطن ولا مع استهلاك محطات الكهرباء أو أي منظومات أخرى .. فكل معيشتنا الآن مرتبطة بموضوع ضبط الحالة الأمنية لذلك نعود لهذا الموضوع لكي نتعاون جميعا من أجل حسمه كي لا نخون الأمانة كدولة ..والتي كلفنا بها تجاه المواطن.. فالأمن والاقتصاد وكل هذه الأشياء هي أشياء أساسية بالنسبة للمواطن السوري.
بالرغم من كل هذه الظروف المعقدة فإن ثقتي بالمستقبل كبيرة وهي في ذلك تنطلق منكم ومن حناجركم التي هتفت بالعزة والكرامة والتحدي عندما ملأتم بالملايين عشرات المدن والساحات على امتداد الوطن وأقول لكم وأنا كما عهدتموني دائما واحد منكم .. وعندما لا نستجيب للتحدي لا نستحق اسم سورية وعندما لا نجرؤ أو لا نستطيع أن ندافع عنها ونهزم الأعداء فنحن لا نستحق أن نعيش على ترابها.
إن شعبنا أثبت أصالته ونقاء معدنه فلم يتمكن الإعلام الدموي من ضرب وحدته ولا محاولات التجويع من تركيعه والمساس بشرفه وكرامته .. إن شعبا بمثل هذا الانتماء الصوفي للوطن وبمثل هذه الأخلاق الرفيعة التي يجابه بها أخطر المحن وبمثل هذه الثقة العميقة بقدرته على تجاوز هذه اللحظات الفاصلة في تاريخه لن يدع حفنة من الضالين أو المضللين تحرف مساره عن جادة الحق والحقيقة ولن يفسح المجال لفئات باعت نفسها لشيطان الأهواء الخبيثة والمصالح المشبوهة أن تخرب ما بناه عبر تاريخ طويل من الجهد والتضحيات.
دماء شهدائنا وهي أساس صمود الوطن ستكون المنارة التي تضيء طريق الأجيال المقبلة لبناء سورية المستقبل
إن ثقتي في ذلك تنطلق منكم ومن رجال قواتنا المسلحة.. رجال الضمائر الحية والعزائم الصلبة.. الذين يعبرون عن وجدان الشعب ويحمون قيمه وتطلعاته ويقدمون التضحيات كي ينعم بالأمان فباسمكم جميعا وباسم كل مواطن شريف نوجه لهم التحية وهم يقفون على أهبة الاستعداد ويصونون شرف الوطن ووحدة ترابه وشعبه.
وتابع الرئيس الأسد .. أما دماء شهدائنا وهي أساس صمود الوطن فستكون المنارة التي تضيء طريق الأجيال المقبلة لبناء سورية المستقبل فعندما تروي دماؤهم الأرض فإنها تثمر غدا أكثر أمناً ووحدة وحرية لنا جميعا أما قوة عائلاتهم في فقدان أعز الناس إليهم فقد جعلتنا أكثر صلابة وتحديا وتصميماً على المضي بالطريق نفسها التي سلكها أخوتهم وآباؤهم وأبناؤهم دفاعاً عن الوطن وقيمه مهما تطلب ذلك من ثمن ليكونوا قدوة لنا جميعا في كيفية فناء الفرد ليحيا الوطن.
واختتم الرئيس الأسد خطابه بالقول.. أوجه التحية لكم يا أبناء هذا الشعب العظيم بمختلف مواقعكم الفكرية وانتماءاتكم السياسية.. يا من تدافعون بقوة واستبسال عن قيم التضامن والمحبة التي توحد أبناء شعبنا ضد مشاعر الحقد والكراهية التي يحاول البعض بث سمومها في أرجاء البلاد والذين يعملون بلا كلل من أجل تطوير الوطن واستعادة أمانه وتكريس وحدته وصون سيادته.. والمجد للشعب الأبي الذي يرفض الانكسار في عصر الانهيار ويقول لأعدائه.. هيهات منا الهزيمة .. فبك أيها الشعب الأبي نصمد وبك نستمر وبك ننتصر وسوف ننتصر بإذن الله.