تتفق المصادر الدبلوماسية في مختلف العواصم الأوروبية على ان "العقد" اليوم تتركز في المعارضة السورية، فمؤتمراها الذي عقد في اسطنبول قدم بيانا لكنه لم يشكل اتفاقا، في وقت تبدو المواقف من مهمة كوفي عنان، المبعوث الأممي إلى سورية، تركز على ما ستقوم به دمشق بينما لا يظهر تركيز على مهام المعارضة في الخارج على الأقل ودورها في تخفيف التوتر، بينما فقد التأثير العربي على الأزمة السورية ثقله الحقيقي حيث لا يتوقع من قمة بغداد الكثير تجاه الحدث السوري.

معارضة وبيانات

ورغم اتفاق بعض أطراف المعارضة السورية في اسطنبول أمس على بيان "العهد والميثاق" إلا أن أجواء المؤتمر لم تحمل معها "رؤية" موحدة أو آليات جديدة، فالبيان جاء وفق "أقكار ومواقف" تحتاج إلى الكثير من التفصيل، واتفق المجتمعين على توسيع واعادة تنظيم "المجلس الوطني السوري"، واعلن منظمو المؤتمر عن تشكيل لجنة تنكب على "اعادة هيكلة المجلس الوطني" لضم كافة اطياف المعارضة اليه على ان ترفع تقريرا بنتائج عملها خلال ثلاثة اسابيع.

معارضة
جورج صبرا يتلو "العهد والميثاق"

وتضمنت "وثيقة العهد والميثاق" التي اتفق عليها المؤتمرون وتلاها جورج صبرا على عدم التمييز بين مكونات الشعب السوري و"تنظيم انتخابات نزيهة ونظام متعدد الاحزاب"، وركزت على العناوين العريضة في مسائل الديمقراطية والتعدد وفي المقابل لم يقدم المؤتمرين موقفا متكاملا تجاه الآليات السياسية القادمة على الأخص مع دخول مهمة كوفي عنان مرحلة حرجة مع موافقة دمشق عليها وعدم ظهور مواقف من المعارضة تتجه نحو التزامها بالحل الذي قدمه عنان.

في المقابل دعت موسكو أمس المعارضة السورية إلى "أن تحذو حذو دمشق" وتوافق "بوضوح" على خطة التسوية السلمية التي اقترحها المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية، كوفي عنان، وقال بيان الخارجية الروسية أنه "من الواضح أن الكثير يعتمد الآن على تدخل جهات خارجية، وعلى الأخص تلك التي يمكنها التأثير إيجاباً على المعارضين"". واعربت الخارجية الروسية عن اقتناعها "بوجود فرصة حقيقية" لتلبية التطلعات المشروعة لجميع السوريين.

دور تركي متقلب

وقبل يومين على مؤتمر "أصدقاء سورية" فإن ملامح باهتة رسمت التحرك التركي، فانقسام المعارضة يقدم مؤشرات على عدم قدرة أنقرة خلق اختراق في الخلافات التي تعصف بـ"المجلس الوطني"، أو حتى إيجاد آليات لاقناع "معارضة الداخل" على الدخول إلى المجلس أو حضور المؤتمرات المتنقلة ما بين تونس واسطنبول وباريس، وجاءت مباحثات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغن في طهران لتؤكد عدم توافق البلدين في الموضوع السوري، الأمر الذي يزيد من تعقيدات إيجاد ضغوط إضافية على دمشق تتوافق مع الرغبة التركية في إبجاد تحول عميق للبنية السياسية السورية.

وكانت مباحثات أردوغان في طهران أظهرت توافقا حول "الملف النووي الإيراني"، لكنها أظهرت خلافات بشأن الملف السوري، حيث أكد وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي اقر وجود خلافات في وجهات النظر بين ايران وتركيا حول سورية، مؤكدا أهمية مواصلة التشاور لازالة الخلاف في وجهات النظر، موضحا أن البلدين يقتربها من "ردم هوة الخلافات. ومع المهمة التي يقوم بها كوفي عنان وبدعم تركيا ودول عربية والامم المتحدة نأمل في إيجاد مخرج للقضية السورية".

مهمة عنان

من جانب آخر أوكل عنان إلى نائبه ناصر القدوة مهمة العناية بملف المعارضة السورية، والتواصل مع شقّيها الداخلي والخارجي على السواء. وحسب ما نقلته صحيفة الأخبار اللبنانية فإن القدوة فإن العقبات التي تواجه مهمة كوفي عنان تتصل بالمناخ الدولي الراهن، وعدم وجود توافق دولي على رؤية موحدة للحل في سوريا، إضافة لصعوبة الجولة الثانية من المفاوضات الحافلة بمئات التفاصيل التي تحتاج إلى إيجاد صيغ تُلائم بينها وبين توزانات دولية وإقليمية متناقضة، وأيضاً بينها وبين شروط متباينة يطرحها النظام السوري من ناحية والمعارضة من ناحية ثانية. والعقبة الأخيرة هي واقع المعارضة السورية المفكّكة. وحددد القدوة الخطوة الثانية لمهمة بـ"التباحث لتنظيم آلية مراقبة، وإقرار بروتوكول ذي صلة لتنظيم عمل المراقبين".

وحسب صحيفة الأخبار أيضا فإن عنان سمع مع كافة موفديه إلى دمشق كلاماً واضحاً مفاده أن التسوية المتعلقة بوقف العنف لا يمكن اعتبارها فضّ نزاع أو ربط نزاع بين جهتين، وأن سوريا ترفض رفضاً مطلقاً بقاء أي مسلح، وأنها مستعدة لتوفير كل الضمانات السياسية والقانونية لأجل عدم التعرض لكل من يلقي سلاحه.