أيد مجلس الأمن بالإجماع أمس إرسال بعثة مراقبين "غير مسلحة" إلى سورية لمراقبة وقف إطلاق النار، فيما أعادت واشنطن التأكيد على "التزامات دمشق" بشأن خطة كوفي عنان، ويأتي قرار مجلس الأمن بعد ثلاثة أيام ساد فيها هدوء نسبي في عدد من المناطق السورية، إلا أن مناطق أخرى شهدت عودة للمسلحية ومحاولا استفزار لجيش السوري، كما تحول العمل الميداني للمسلحين باتجاه الخطف والاغتيال، الأمر الذي جعل احتمالات استنرار وقف إطلاق النار هشا، ووضع عددا من الأسئلة أمام قدرة المعارضة على التحكم بالمجموعات المسلحة.

قرار مثير للجدل

وشكل قرار مجلس الأمن تساؤلات حول مهام بعثة المراقبين التي منحت صلاحيات أعلى ولو بقليل مما هو متوقع، على الأخص في مسألة "الاتصال بالأطراف جميعها"، وهو ما يمكن أن يمنح المجموعات المسلحة المتعددة إمكانية الضغط على البعثة، رغم أن هذه المجموعات لا تتمتع بمرجعية سياسية واضحة.

مجلس الأمن
قرار يثير الشكوك

وفور الموافقة على إرسال المراقبين أمس اعلن كيران دواير، المتحدث باسم دائرة عمليات حفظ السلام في الامم المتحدة، ان اول مجموعة من المراقبين الدوليين وتضم 5 او 6 اشخاص ستصل الى سورية يوم الاحد على الارجح، اما بقية اعضاء فريق المراقبين الذي سيضم 30 مراقبا، فسيتم ارسالهم في الايام المقبلة.

ويخول القرار المراقبين "باقامة اتصال وتعاون مع الاطراف (السورية)"، ويكلفهم بـ"رفع تقارير حول مراعاة الوقف التام للعنف المسلح بشتى اشكاله من قبل جميع الاطراف حتى يتم نشر بعثة اممية هناك". كما يدعو الحكومة السورية وكافة الاطراف الاخرى إلى تأمين ظروف مناسبة لعمل المجموعة، وضمان امنها دون تقييد حرية تنقلها وإمكانية وصولها الى مختلف مناطق، وشدد مجلس الامن في قراره على ان المسؤولية الرئيسية عن ذلك تقع على عاتق السلطات السورية.

وينص القرار أيضاعلى انه سيتم "في حال استمرار وقف اطلاق النار"، وبعد مشاورات الامين العام للامم المتحدة مع الحكومة السورية، نشر بعثة الامم المتحدة لمراقبة التزام كافة الاطراف بوقف العنف المسلح بشتى اشكاله، والبنود الستة لخطة كوفي عنان، المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية لشؤون التسوية السورية، وذلك على اساس طلب رسمي يجب ان يحصل عليه مجلس الامن من الامين العام للامم المتحدة في موعد لا يتعدي 18 نيسان الجاري.

الجعفري يذكر بالخروقات

وكان واضحا من الكلمة التي ألقاها مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، قلق دمشق تجاه قرار مجلس الأمن رغم موافقتها على مسألة مراقبين، موضحا أن سورية وافقت على وجود مراقبين دوليين على الرغم من شعورها بأن القرار غير متوازن، وأن القرار "يستوجب اخلاصا" من الدول التي دفعت به ودعمته، مذكرا بالأعمال الإرهابية التي حدثت في سورية، حيث تثبت التحقيقات على الأمول المدفوعة للقيام بهذه الأمور.

وبين الجعفري إنه منذ قبول سورية بوقف اطلاق النار تصاعدت الاعمال الارهابية ضد القوات الحكومية؛ "تمهيدا لخلق ازمة لاجئين واستغلالها سياسيا ومن ثم عسكريا". معربا عن قلق بلاده من تجاهل افعال المجموعات الارهابية، ومذكرا أيضا أن دمشق زودت عنان بانتهاكات الجماعات المسلحة بعد دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ التي وصل عددها الى 50 انتهاكا. مؤكدا أيضا أن مهمة عنان لن تنجح عبر الالتزامات السورية فقط، بل لا بد من القيام باتصال مع الدول ذات العلاقة بالمجموعات المسلحة، حيث لم تتوقف هذه الدول عن تشجيع الجماعات المسلحة وتوفير الملاذات الامنة لاعضائها وتحريضها على عدم الموافقة على اية مبادرة لحل الازمة سياسا.

واعتبر الجعفري أيضا ان الدول التي فرضت عقوبات اقتصادية على الشعب السوري "شريك في الازمة". موضحا إنه "لا يمكن للدول أن تتباكى وهي تقوم بالعقوبات"، متسائلا "ما الهدف من الاضرار بقطاع الطاقة السوري؟ وهل فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على وزير الكهرباء السوري يساعد على ايصال الكهرباء إلى المواطن السوري؟". وقال ان "العقوبات مسألة غير أخلاقية ينبغي التوقف عندها".