المراقبين سيدخلون تباعا إلى سورية، ودلالة القرار الدولي يمكن أن تتجه نحو نوع من "تفكيك" الأزمة، رغم أن معظم الأطراف لا يشعرون بالرضى على اتجاهات هذه الأزمة التي خالفت التوقعات، فهي بدأت في سورية وتمر اليوم بـ"موسكو" من خلال قدرتها على تشكيل آليات دولية جديدة، فالتحولات في الشرق الأوسط تتكون وفق علاقات دولية جديدة كليا، لكن السؤال يبقى مفتوحا حول المستقبل السوري؟

عمليا فإن حل الأزمة وفق آلية منطقية يبدأ بوقف العنف من أجل اتاحة مجال للسياسة، لكن الواضح أن الصراع هنا وبغض النظر عن طبيعتة "الجيو- استراتيجية"، دخل في كل مكونات المجتمع السوري، وأكثر من ذلك حيث تم استخدام رموز وشعارات أضاعت الكثير من القدرة على التحكم بالأزمة داخليا، وهو ما يجعل مسألة الحوار تنتقل من دائرة التوافق حول الصيغة السياسية المستقبلية باتجاه نوعية "التوافق الاجتماعي" الذي يمكن أن يرسم الصورة السياسية.

مسألة "التوافق الاجتماعي" هي التي تحتاج إلى حوار، خارج تلك البنادق المدعومة بأصوات سياسية، وهي أيضا مسألة على هيئات المجتمع المدني، بما فيها الأحزاب الناشئة، إعادة النظر فيها، وتكوين رؤية حولها، فالحوار الوطني في النهاية ليس مكانا يجمع المتخاصمين مادام أنه "وطني"، ومن المفترض أن لا يكون بداخله تصنيفات على سياق "المعارضة" و "الموالاة"، فهو مكان "الولادة" لرؤية سياسية مختلفة.

ليس مطلوبا قلب المفاهيم السورية أو تشكيل المجتمع السوري من جديد، إنما "رؤيته" على قواعد جديدة تأخذ بعين الاعتبار التجربة القاسية التي عاشها مهما كانت تقييمات الأطراف السياسة لهذه التجربة، وأنه أيضا ورغم مساحة الأزمة الممتدة كان قادر على إبراز إرادة جامعة لولاها لشهدنا حالة تقارب النموذج الليبي، فلا الفيتو الروسي ولا طغيان مؤسسة السلطة حسب تعبير البعض هي التي منعت تكرار السيناريو الليبي، بل طيسعة التماسك الاجتماعي الذي انهار في بعض المناطق لكنه بقي قادرا على تجاوز بؤر التوتر بشكل عام.

المراقبون وخطة كوفي عنان لن تكون بديلا عن "المجتمع" الذي سيرسم مستقبل سورية، ويكرس سيادتها بغض النظر عن كل التصريحات التي تصدر من المعارضة التي تقيم في العواصم العالمية، ففي النهاية ما حدث هو "تجربة سورية" ولا يمكن الخروج منها إلا بتجربة سورية بديلة.