حتى لا يدخل الكلام في الانتخابات السورية ضمن المنطقة الرمادية فربما علينا النظر لنقاط مختلفة، ففي الشكل لم يتبدل شيء رغم تبدل الحسابات السياسية وظهور أحزاب وتشكل قوى وتشتت اجتماعي واضح، لكننا مازلنا أمام الصورة النمطية فلا الأزمة بدلت من رؤية الباحثين عن مساحة داخل العمل العام، ولا القوانين استطاعت إيجاد بيئة تحتضن حركة المرشحين للوصول باتجاه "مجلس الشعب".

الرمز والصورة

ربما تم دقع السياسة الجديدة بـ"القوة" إلى المساحة السورية، وهو أمر يحتاج بالفعل إلى قراءة متأنية، لكن المهم أن مسألة الدفع أوجدت مصطلحات تم تزيين "اليافطات" الانتخابية بها, وهو أمر ظهر سابقا داخل الأحزاب الناشئة التي تعمدت إبراز مصطلح الديمقراطية وكأنه بناء سياسي مطلق، لكن هذا الاستخدام لم يغني عن "الصورة" التي تنقل الجانب الشخصاني من العملية الانتخابية.

الصورة التي تبدو ضرورية لخلق انطباع نفسي طغت على مسألة "الرمز" البصري، فحتى الأحزاب لم توحد من حملاتها أو تطرح شكلا أو حتى شعارا بصريا موحدا، فصورة الأشخاص والكلمات المتناثرة على أي ملصق انتخابي لا تطرح إلا نوعا من الفوضى، وأهمية الرمز وتوحيد الشكل هي فيما تقدمه من إيحاء بوجود "رؤية" تطرح أمام الناخبين تصورا شاملا لما يمكن أن يقدمه المرشح أو "الكتلة الانتخابية".

المستقلون...

هم الأكثر حضورا، وهو يعني أيضا تشتيت الكتلة الناخبة، وعدم حضور السياسة بعملها المؤسساتي، فمهما كانت قوة المرشح المستقل لكنه يحتاج وعلى الأخص في ظروف الأزمة السورية إلى عمل ممنهج لا يمكن ان يقوم به سوى فريق مؤسساتي، فالمستقلون الذين يعبرون عن فئات اجتماعية متعددة، ينقلون في نفس الوقت تصور مجتمعات "ما قبل السياسة" القائمة على الوجهاء والنشطاء وقادة الرأي بصفتهم الشخصية وليس بمواقعهم الاعتبارية داخل المؤسسات السياسية والاجتماعية وربما الاقتصادية.

الانطباعات الأولية لمسار العملية الانتخابية يوحي بخلل عميق داخل العملية السياسية لم تؤثر عليه الأزمة، فحتى المعارضة التي قاطعت الانتخابات لم تطرح أي خط مواز وهي تكتفي بإعلان المواقف وبالتحضير لمؤتمرات تؤجل أو تعقد وتنتهي دون ظهور نتائج، وربما كانت الصورة اليوم تبدو مشوشة بالنظر إلى سير الحملات الانتخابية، لكننا في النهاية أمام شكل نمطي لم تغير منذ أكثر من عقدين.