خلال أسبوع أصبحت العبوات الناسفة "هواية" على ما يبدو، فهي تصنع في أي مكان وتوضع كيفما اتفق وتخلق ترقبا في كل لحظة، وهناك من يدعي أنه جاء إلى سورية ليعلمنا "فن التفجير"، ورغم أنه "قُتل" أثناء تحضير عبوة ناسفة، ولكن لا مشكلة هنا فعلى ما يبدو أن هناك ثقافة انتشرت عند شريحة "المتفجرين"، فأصبحت المسألة بالنسبة لهم مجرد "طبخة" يمكن تحضيرها بشكل سريع.

هي بالفعل "طبخة" تؤدي أحيانا لانفجار مبنى، أو لخطأ في التوقيت يجعل العبوة الناسفة موتا متنقلا ينتشر في الشوارع، وليس علينا التفكير سوى بتلك الطريقة التي ينتشر فيها "التوحش" كلما اقتنع شخص ما بأنه يستطيع تحضير عبوة ناسفة، فالمسألة هي أكثر من مجرد "القتل" بل "الرغبة" التي تحول المجتمع إلى صراع مع الثواني، وتجاوز للزمن بانتظار انتهاء كل "العبوات" التي تم تحضيرها كي تنفجر في أي لحظة.

المهم عندما نسمع صوت انفجار الواقع الجديد الذي يخترقنا، لأنه يسعى لحفر ثقافة ولو بقوة التعامل مع العبوات الناسفة، فهناك جيل كامل يظهر على إيقاع البحث عن مخارج من خلال تلك "العبوات" التي لا تقتل البشر فقط، بل تسعى لإزاحة "التفاعل" مع المجتمع والوطن وتحرير العقل من حالة "الوحدانية" و "التفرد" التي تحكم من يزرع عبوة ناسفة أو يفجر نفسه وهو يحلم بنصر في عالم الماوراء.

من يسعى لجعل "المتفجرات" ظاهرة فهو يريد أن يقوم باستبدال ثقافي – حضاري، ويقدم "نموذجا عدميا" لا يرى من المستقبل سوى أوهام من التراث أو من وعود أصحاب العمائم المزروعين على فضائيات وجدت لهذا الغرض.

ومن يحمل "عبوة" فهو يحمل معه أيضا صورا باهتة لإثارة غرائز ما قبل الدولة والتحضر، ويرى في اصفرار الصحراء رمزا للقدرة والقوة والفظاظة، ولعصور من الغزوات والاقتتال القبلي، وربما ينسى بأن الزمن لم يعد يحتمل قيما لها زمنها وظرفها، وان أصحاب الصحراء لا يملكون خيما ولا سيوفا، ولا يريدون الغزو والفتح ولا يبحثون عن "جنات تجري من تحتها الأنهار"، فهم ينتقلون عبر العالم دون جمال وهوادج، وجيش حريمهم منتشر في أصقاع العالم فلا يحتاجون لحوريات.

من يهرول بالمتفجرات ينتقل على مساحة الفراغ، لكنه يكرس ظاهرة نحتاج لعقود كي نخرج منها.