أبو زبيدة السجين حتى الآن في خليج غوانتانامو, لايزال المصدر الرئيسي لمعلومات الغرب عن تنظيم القاعدة. فقد أخبر تحت التعذيب بأسماء مسؤولين آخرين في هذه المنظمة الارهابية, الأمر الذي سمح بعد اعتقالهم بالحصول على المعلومات التي بحوزة السلطات الأمريكية.
باختصار, إن ماتدعيه الولايات المتحدة من معرفة بتنظيم القاعدة هي مدينة به إلى هذا المصدر.
لكن هناك مشكلة: أصبح من المسلم به الآن أن أبو زبيدة لم يكن يوما من أعضاء تنظيم القاعدة, وبالتالي فإن الاعترافات التي أدلى بها تحت التعذيب لم تكن إلا وسيلة لاختصار عذاباته.
إذن فإن جوهر مايصرح به قسم مكافحة التجسس الأمريكي عن معرفته بتنظيم القاعدة, مصدره خياله الخصب, وبالتالي فكل مايدعيه غير صحيح.
أبو زبيدة, الرجل الذي وصف ذات مرة بأنه " قائد العمليات" في تنظيم القاعدة", يبدو أنه الآن في قلب استجواب يطول الأسطورة الرسمية التي أحاطت بهذا التنظيم.
عرف أبو زبيدة منذ ألقاء القبض عليه في بداية العام 2002, كأول سجين يتعرض للتعذيب على يد عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية. لذا فإن المعلومات التي انتزعها سجانوه منه, شكلت أرضية حاسمة لتطوير الرواية الرسمية للحادي عشر من سبتمبر, فضلا عن تبرير اللجوء بشكل مستمر لهذه الأساليب.
مع ذلك, فقد اعترفت الولايات المتحدة عام 2009 بأن أبو زبيدة لم يكن يوما عضوا, أو حتى شريكا في تنظيم القاعدة.
هذه الحقائق الجديدة تثير عددا مقلقا من الأسئلة المتعلقة بصحة ما هو معروف عن تنظيم القاعدة. كما تقودنا هذه الحقائق أيضا إلى إعادة النظر في قناعاتنا المتعلقة بالهويات الحقيقية للأشخاص المشتبه بهم بالوقوف وراء هجمات 11 سبتمبر.
خلافا لغيره ممن يفترض أنهم من زعماء تنظيم القاعدة, بمن فيهم خالد شيخ محمد, ورمزي بن الشايبة, لم توجه لأبي زبيدة أية تهمة بارتكاب جريمة, بينما ينتظر كل المشتبهين الرئيسيين بالوقوف وراء هجمات 11 سبتمبر محاكمة عسكرية يتم تأجيل انعقادها باستمرار, وجعل أبو زبيدة منسيا في التاريخ.
لماذا تريدنا الولايات المتحدة أن ننسى هذا الرجل, الذي كان يعتبر أول وأهم عنصر في تنظيم القاعدة تم القاء القبض عليه مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر؟
لقد وصفت لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر أبو زبيدة ب " شريك في تنظيم القاعدة" و أنه " حليف قديم لأسامة بن لادن" و " مساعد أركان حرب بن لادن" , " رئيس أركان حرب القاعدة" [1].
غير أن ادعاءات اللجنة كانت حافلة إلى حد ما بالتناقضات, طالما أنها وصفت في تقريرها الرسمي أبو زبيدة على أنه أحد زعماء القاعدة, واتهمته في نفس الوقت بأنه مجرد شريك بسيط في ارهاب هذه المنظمة, حيث كان يساهم في تجنيد وتدريب العناصر المقاتلة. فقد أوردت اللجنة في تقريرها على سبيل المثال أن أبو زبيدة " كان يشارك في ادارة أحد أشهر معسكرات تدريب الارهابيين بالقرب من الحدود الباكستانية (معسكر خالدن). وبموازاة ذلك, أكدت اللجنة أن بن لادن أجرى اتفاقا معه يرمي إلى " بذل جهود متبادلة في عمليات التجنيد, تفضي إلى وعد العناصر في معسكرات التدريب بأنه سوف تتم دعوتهم للالتحاق بالقاعدة". وهو الأمر الذي يفسر سبب حاجة "مساعد أركان حرب لبن لادن" لاتفاق متبادل معه. هذا أمر غير واضح.
لكن لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر أطلقت تهما أخرى تفيد بأن خالد شيخ محمد, وأبو زبيدة (سبق) وأن لعبا دورا رئيسيا في عملية تسهيل سفر عناصر القاعدة, وأن أبو زبيدة كان شخصية مفتاحية في المشاريع الارهابية (المخططة في المنظمة لعام 2000). تستند هذه الفرضيات بشكل رئيسي إلى الشهادات التي حصل عليها جلادو أبو زبيدة من مذكراته الشخصية, واعترافات آخرين.
وبمناسبة التحول الكبير الذي حصل عام 2009, كتب محامي الدفاع عن أبوزبيدة في صحيفة الغارديان أن غالبية الاتهامات الموجهة ضد موكله, كانت خاطئة في كل جزء منها.
وفي الواقع, فقد كتب : " كان واضحا زيف هذه الاتهامات بمجرد أن نطقوا بها" [2].
وهكذا أعلن المحامي برنت ميكوم أن موكله, الذي كان يوصف بأنه " الرجل الثالث في تنظيم القاعدة" لم يكن يوما شريكا أو عضوا في هذا التنظيم, وأنه لم تجر أبدا أية مراجعة من قبلهم لهذه المعطيات.
لم يكن أبو زبيدة يوما عضوا في حركة طالبان, أو تنظيم القاعدة. لقد تمكنت CIA من تحديده بعد اخضاعه لتعذيب طويل الأمد.
في الواقع, لم يكن أبو زبيدة عضوا في أي قوة مسلحة تقاتل ضد الولايات المتحدة. كما لم يكن يوما زعيم أحد معسكرات التدريب الارهابية. هذا الاتهام الموجه له باطل.
لقد اتضح فيما بعد أن مقال صحيفة الغارديان كان على صواب, وأن العلاقة المفترضة لأبي زبيدة مع تنظيم القاعدة كانت خرافة تامة [3].
نحن نؤكد ذلك, لأن الولايات المتحدة بدأت تعترف منذ سبتمبر 2009 أن أبو زبيدة لم يكن يوما أحد عناصر القاعدة. أثناء تقديم التماس بمثول هذا الرجل أمام المحكمة, ( لتكن ادانة قضائية لاعتقاله التعسفي) أقرت الحكومة أن أبو زبيدة لم يكن يوما جزءا من هذه المنظمة, ولم يكن يوما متورطا في الهجمات التي وقعت ضد السفارات الأمريكية في أفريقيا, أو حتى في أحداث 11 سبتمبر 2001 [4].
لقد أكد الطلب المقدم من الحكومة الأمريكية على ما يلي: " (....) طيلة هذه الاجراءات, لم تؤيد الحكومة الأمريكية مسألة أن مقدم الالتماس كان أحد أعضاء تنظيم القاعدة, أو أنه تم التعرف إليه بشكل قطعي ضمن صفوفها.
المدعي (حكومة الولايات المتحدة) لايزعم أن طالب الالتماس كان عضوا في منظمة القاعدة, بمعنى أنه أقسم على الولاء لها (بايات), أو أنه أوفى بمعايير أخرى تعتبر ضرورية بالنسبة لمقدم الالتماس أو لتنظيم القاعدة كي ينضم إليها.
ليس بوسع الحكومة الأمريكية الاحتفاظ بمقدم الالتماس في المعتقل على قاعدة اتهام يجعله يعتبر نفسه جزءا من تنظيم القاعدة, سواء في وعيه الشخصي, أو في الايديولوجيا الخاصة به, أو في نظرته للعالم.
لم تؤكد الحكومة في هذا الاجراء أن مقدم الالتماس قد لعب دورا مباشرا, أو كان على علم مسبق بهجمات 11 سبتمبر الارهابية عام 2001.
(...) لم تؤكد الحكومة أن مقدم الالتماس متورط شخصيا في التخطيط, أو تنفيذ هجمات عام 1998 ضد السفارات الأمريكية, أو هجمات 11 سبتمبر 2001.
ويتابع الأستاذ ميكوم, في مقاله بصحيفة الغارديان المنشور عام 2009 كشف المزيد من الأسرار التي تشير إلى أن أبو زبيدة كان شخصية رئيسية في أفلام التعذيب المسجلة التي أتلفتها وكالة الاستخبارات المركزية CIA بعد انكشاف كذبها على لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر.
وبحسب الأستاذ ميكوم فإن " أشرطة الفيديو التي تحتوي تسجيلات التعذيب قد تم مسحها. وقد كشفت الحكومة مؤخرا أن 90 شريطا تم مسحها من قبل CIA من أصل 92 شريطا كانت تخص موكلنا". وبكشفه للمزيد من الأسرار أوضح أن الحكومة الأمريكية عمدت إلى مسح كل إشارة تخص موكله من متن الضبوطات, أو من وثائق المثول أمام المحكمة من بين أسماء باقي السجناء الملاحقين. تقارير وسائل الاعلام وكذلك الوثائق الرسمية ( سجن غوانتانامو) ربطت أبو زبيدة مع نحو 50 معتقلا وسجناء سابقين. من بين هؤلاء هناك حوالي 25 سجينا سقطت عنهم كافة التهم, أو قد تم اطلاق سراحهم".
في الواقع فقد مسحت حكومة الولايات المتحدة أبو زبيدة من التاريخ.
من الواضح أن هذه المحاولة الرامية إلى جعل الناس تنسى من كان يعتقد بأنه أحد أهم المتورطين في أحداث 11 سبتمبر, من شأنها أن تغير جذريا الرواية الرسمية للأحداث.
وبما أننا بتنا نعرف أن هذا الرجل لم يرتبط يوما بالقاعدة, صار لزاما علينا أن ننتظر منهم اجراء مراجعات هامة لتقرير لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر.
ولكي نستوعب إلى أي حد كان أبو زبيدة مصدرا كبيرا في المعلومات التي حيكت حولها الرواية الرسمية, لابد لنا أن نحلل الاتهامات العديدة التي نسبتها له الحكومة الأمريكية, والتي تشدقت بها وسائل الاعلام الكبرى طيلة سنوات متتالية.
لقد رأينا أن لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر كانت تصفه (ظلما) بأنه "مساعد أركان حرب في تظيم القاعدة". وفي التقرير المشترك مع لجنة الكونغرس تم نعته أيضا ب " مساعد أركان حرب بن لادن, تم ايقاعه بالأسر في شهر 20 مارس 2002", وأنه أيضا أحد زعماء القاعدة. وفي وقت متأخر من عام 2006, وصفه تقرير للمفتش العام بوزارة العدل حول أحداث 11 سبتمبر ب " مساعد اركان حرب بن لادن".
في شهر مارس 2002, حين تم القاء القبض على أبو زبيدة, قدمه المسؤولون في الحكومة الأمريكية على أنه أهم صيد في الحرب على الارهاب, على الأقل إلى حين القاء القبض على خالد شيخ محمد في وقت لاحق. وقد صرح روبرت موللر, مدير مكتب التحقيق الفدرالي FBI بأن القاء القبض على هذه الطريدة سوف يسهم بمنع وقوع هجمات ارهابية لاحقة [5].
آري فليشر, الناطق باسم البيت الأبيض آنذاك, أكد بدوره أن أبو زبيدة هو منجم معلومات عن تنظيم القاعدة [6].
أما وزير الدفاع دونالد رامسفيلد, فقد ذكر بأن أبو زبيدة كان على معرفة بهجمات أخرى, وأنه هو من قام بتدريب العناصر التي كانت ستنفذ هذه الهجمات, وأنه في النهاية صيد ثمين نظرا لكنز المعلومات التي يعرفها عن تنظيم القاعدة [7].
وهكذا توالى كيل الاتهامات لأبي زبيدة.
قيل أنه:
كان يشكل إلى جانب خالد شيخ محمد, أهم قائدي عمليات في تنظيم القاعدة.
ريتشارد كلارك, " قيصر مكافحة الارهاب" في ظل ادارتي بيل كلينتون وجورج والتر بوش, في كتابه ضد كل الأعداء " كوارث" يقول أن هناك أدلة تثبت بأن أبو زبيدة كان واحدا من المخططين والقادة في تنظيم القاعدة, ويمضي إلى حد القول: أعتقد أنه شخصية مفتاحية في هذا التنظيم.
مايكل شيهان, المدير السابق لجهاز مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية [8]. يصف أبو زبيدة" بالشخص الخطر للغاية" وأنه أحد المنظمين لهجمات 11 سبتمبر.
وجون ب. بيلنجر المستشار القانوني في الخارجية الأمريكية يصفه في معرض شرح موجز للأحداث في عام 2007 [9] بأنه كان يجند ويدرب العناصر, وكان يتقن صناعة القنابل والتزوير..وأنه كان ينفذ المشروعات التي شغلت القاعدة.
بوب غرونييه, رئيس محطة سابق في وكالة الاستخبارات المركزية CIA وصفه بأنه مساعد مقرب من بن لادن, وربما الشخصية الثانية في القاعدة [10].
وزير الدفاع دونالد رامسفلد [11]:" مسؤول كبير في القاعدة متورط في سلسلة من أنشطة القاعدة. ويضيف رامسفيلد [12]: شخصية مهمة جدا في القاعدة. هو المسؤول عن تجنيد الارهابيين, مخطط عمليات وعضو في الحلقة الضيقة المحيطة بأسامة بن لادن"
آري فليشر, الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض [13]: شخص يمثل القاء القبض عليه نكسة حقيقية للقاعدة, لأن واحدا من المخالب العديدة للقاعدة قد تم اقتلاعه.
ويضيف: " واحد من أهم عناصر القاعدة الذين كانوا يعملون على التخطيط والقتل وتدمير الولايات المتحدة".
الرئيس جورج والتر بوش [14]: هو واحد من أهم قادة تنظيم القاعدة, وهو من بين أهم مسؤولي العمليات في المنظمة, وقد كرس الكثير من الوقت لوضع وتخطيط عمليات قتل.
الرئيس جورج والتر بوش [15] " قائد العمليات في القاعدة".
الرئيس جورج والتر بوش [16] " هو واحد من أعلى ثلاثة مسؤولين في تنظيم القاعدة- الرئيس جورج والتر بوش [17]"هو شخص, قادتنا التحقيقات معه إلى معلومات ذات مصداقية", " إنه مورد معلومات غزيرة. كان يقف وراء 25% من المعلومات ذات المنشأ البشري عن تنظيم القاعدة.
مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايكل هايدن [18]: هو واحد من أهم ثلاثة أشخاص ممن يحتلون مواقع هامة تؤهلهم ليكونوا على اطلاع على أفظع الأعمال الارهابية" مايكل هايدن [19].
ففي حين كانت الأسطورة تنسج حول أبو زبيدة, كانت الصحف تكتب:
– كان واحدا من حفنة من الرجال المكلفين بقيادة الشبكة الارهابية في حال وقع بن لادن في الأسر أو توفي [30].
– كان أهم مساعدي أركان حرب بن لادن, متهم بتنظيم موارد القاعدة الرامية إلى تنفيذ هجمات ضد أهداف أمريكية [31].
– كان الشخص الرابع بعد بن لادن, وأيمن الظواهري, ومحمد عاطف [32].
– يعرف هوية آلاف الارهابيين الذين مروا عبر معسكرات التدريب التابعة للقاعدة في أفغانستان [33].
– كان أحد زملاء ريتشارد ريد, الارهابي الذي كان يلبس بقدميه حذاء مفخخا [34].
– كان واحدا من أهم مخططي العمليات الارهابية لحساب بن لادن, وكان على علم بمخططات القاعدة وخلاياها [35].
– كان يجسد دور الاتصال بين بن لادن ومعظم الخلايا العاملة التابعة للقاعدة [36].
– كان مصدر المعلومات عن الرحلة 93 لشركة يونايتد ايرلاينز التي كان يفترض أن تضرب البيت الأبيض [37].
بما أننا بتنا نعرف أن أبو زبيدة لم يكن يوما عنصرا أو شريكا في القاعدة, صار لزاما علينا أن نستنتج باستغراب أن كل الحكاية كانت كاذبة.
من بين الأسئلة التي يمكن طرحها: كم كانت حصة ما بتنا نعرفه عن القاعدة, بفضل شهادات انتزعت تحت التعذيب من رجل لم يكن بوسعه معرفة شيء عن هذه المنظمة, في التحضيرات للحرب على الارهاب؟
قيل لنا في البداية أن أبو زبيدة كان أول من تعرف على خالد شيخ محمد بوصفه شريك بن لادن, والذي كان يلقب ب "المختار". لقد وصلتنا هذه المعلومة من موظف في مكتب التحقيقات الفدرالي FBI يدعى علي صوفان, والذي كان أول شخص يستجوب أبو زبيدة في سجن سري تابع لوكالة الاستخبارات المركزية في تايلاند. ذكر صوفان أيضا أن الأخير وشى له خالد شيخ محمد بوصفه "العقل" المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
وفي كتابه المنشور عام 2007, مضى مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت إلى أبعد من ذلك بقوله: " التحقيق مع أبو زبيدة قادنا إلى رمزي بن الشايبه" [38].
لكننا كما عرفنا حتى الآن, أنه أثناء أحد التحقيقات معه, أكدت وكالة الاستخبارات المركزية لأبي زبيدة بأنها اكتشفت بأنه لم يكن مناضلا في صفوف القاعدة, ولا عضوا أو مشاركا فيها [39] ومع ذلك فقد تم أسر خالد شيخ محمد, وبن الشايبه, واخضاعهما للتعذيب رغم كل ذلك.
من الواضح أن تقرير لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر قد ارتكز كثيرا إلى القصص التي أنشأتها أطراف أخرى انطلاقا مما كان يدلي به المعتقلون من تصريحات تحت التعذيب – " اثنان من ثلاثة أطراف في الاتصالات, هما موظفون في الحكومة" [40] .
كتبت اللجنة نفسها: " الفصول 5 و 7 ترتكز على نطاق واسع إلى المعلومات التي أخذت من سجناء القاعدة". [41].
حقيقة الأمر, هو أن أكثر من نصف المعلومات المتضمنة في تقرير لجنة التحقيق بأحداث 11 سبتمبر ترتكز إلى معلومات منحرفة كليا لأنها معلومات مأخوذة تحت التعذيب, والتي لم تصل اللجنة إليها مباشرة لأنه لم يسمح لها أصلا باستجواب المحققين.
لقد ذكرت إفادات خالد شيخ محمد المأخوذة تحت التعذيب 221 مرة في التقرير, وكذلك إفادات بن الشايبه 73 مرة. وفي المحصلة فقد استخدمت اللجنة هذه الاستجوابات كمصدر 441 مرة في ملاحظات تقريرها.
أقرت حكومة الولايات المتحدة بأن أبو زبيدة تعرض للتعذيب بالايهام بالغرق 83 مرة, وأن خالد شيخ محمد قد تعرض بنفس الطريقة 183 مرة.
جميعنا يعلم أن السواد الأعظم من الناس غير قادرين على تحمل هذا الصنف من التعذيب أكثر من بضع ثوان, لذا فلا يبدو أن تكرار تلك الجلسات كان بهدف الحصول على المعلومات, بقدر ما كانت في المقابل موجهة لازالة معلومات حساسة من خلال التدمير الممنهج لنفسية الضحايا.
نكتشف من الشهادات الموجزة التي سمح لمحاميه بالحصول عليها مباشرة كيف وصف أبو زبيدة مكان اعتقاله لفترة طويلة من الزمن ضمن قفص شبهه بتابوت صغير الحجم. [42].
إن التعذيب الذي خضع له أبو زبيدة كان بهدف دعم الادعاءات عن مخططات وعمليات بن لادن وتوجهات القاعدة, وكذلك تجنيد قراصنة الطائرات, والعناصر الآخرين المنتمين للتنظيم, إضافة إلى التفاصيل المتعلقة بالمسؤولين عن التخطيط لهجمات 11 سبتمبر. [43].
وبحسب المؤلفة جان ماير, ينقل عنصر الاستخبارات المركزية جون كيرياكو عن أبي زبيده "اعترافه علنا بضلوعه في هجمات 11 سبتمبر (وأنه) يزعم أنه نادم جراء قتله هذا العدد الكبير من مواطني الولايات المتحدة". [44].
من الواضح أن لجنة التحقيق في أحداث 11 سبتمبر قد صنفت هذه الادعاءات على أنها فاقدة للمصداقية, لكنها مع ذلك اعتمدت معلومات مشكوك في صدقيتها بسبب الحصول عليها من خلال تعذيب المشتبه بهم بأحداث 11 سبتمبر.
وبالنظر "للأخطاء" المؤكدة المتعلقة باعتبار أبو زبيدة واحدا من زعماء القاعدة, فإن مراجعة شاملة للرواية الرسمية حول أحداث 11 سبتمبر تبدو أكثر من ضرورية.
لكن الواقع ينبء بأن ثمة احتمال ضعيف بأن يجري انتزاع كل الاتهامات المنسوبة إلى أبو زبيدة من بنية الأسطورة الرسمية التي شرعنت الحرب على الارهاب, وبررت أفعال الحكومة الأمريكية المتوافقة معها. السبب في ذلك هو أن التعذيب الذي أخضع له هذا الرجل, كان بهدف دعم أفعال وانقلابات سياسية غير مسبوقة.
– الرئيس جورج بوش استخدم شخصيا قضية القاء القبض على أبي زبيدة وتعذيبه من أجل تبرير وسائل التعذيب التي كانت تمارسها وكالة الاستخبارات المركزية, وكذلك اعتقال المشتبه بهم, وزجهم في سجون سرية تابعة للوكالة في العديد من دول العالم [45].
– لقد استخدمت حكومة الولايات المتحدة المعلومات المشكوك بمصداقيتها ( المأخوذة تحت التعذيب) من أبو زبيدة, لتبرير غزوها للعراق. فقد صرح العديد من المسؤولين في الحكومة الأمريكية أن أبو زبيدة كان مصدر التصريحات التي تربط بين القاعدة والعراق. وقد ذهبت تصريحاتهم إلى حد القول بأن هذه المنظمة وهذا البلد يقومان معا بتدريب عناصر على كيفية استخدام أسلحة كيماوية. لم تخضع هذه الاتهامات لأي تدقيق مستقل حتى الآن. [46].
– إن الافادات التي تم الحصول عليها من أبي زبيدة تحت التعذيب كانت أيضا بهدف تبرير اللجوء إلى المحاكم العسكرية, ومنع محاكمة المشتبهين المزعومين بالانتماء للقاعدة أمام المحاكم المدنية العلنية.
– في معرض خطاب ألقاه في شهر سبتمبر 2006, طلب الرئيس بوش من الكونغرس أن يضع قواعد خاصة من شأنها أن تحيل أبو زبيدة للمحاكمة أمام لجنة عسكرية في غوانتانامو. [47].
بيد أنه, وفي نهاية شهر أبريل عام 2002, أي بعد أقل من شهر على اعتقاله, صرح المسؤولون في وزارة العدل بأنه "المرشح الأمثل لمحاكمة أمام المحاكم (المدنية)" [48]. ومن المفارقات أنه كان يمكن لأبي زبيدة أن يكون المشتبه الرئيسي الوحيد في هجمات 11 سبتمبر الذي لن يصدر بحقه حكم قضائي.
– إضافة إلى تبريرها اللجوء لأساليب تعذيب لايجيزها القانون, فقد استخدمت ادارة بوش مسألة القاء القبض على أبو زبيدة من أجل تشغيل برنامجها في التجسس الداخلي. كان تبريرهم لذلك في تلك الفترة هو أن هذا البرنامج يسمح بالتحرك بسرعة بهدف استغلال أرقام الهواتف والعناوين التي تم الحصول عليها أثناء اعتقال أبو زبيدة [49].
كتبت مؤخرا محامية ثانية لأبي زبيدة مقالا ظهر في احدى الصحف الكبرى, وهي الأستاذة أماندا جاكوبسون أشارت فيه إلى أن: المسؤولين في الحكومة الأمريكية سبق أن صرحوا بأن أبو زبيدة هو ارهابي من الصف الأول في القاعدة. ثم قالوا أنه "الشخص الثالث" في هيكلية المنظمة, و,أنه قائد العمليات الذي ينسق مباشرة مع أسامة بن لادن. زعموا أيضا أنه متورط شخصيا بهجمات 11 سبتمبر 2001, إضافة إلى تورطه في كل العمليات الكبرى للقاعدة, وأنه كان على اطلاع على كل تفاصيل مخططات الهجمات المستقبلية للقاعدة. لكن الواقع أثبت أن كل هذه الاتهامات كانت كاذبة" [50].
وبما أن حكومة الولايات المتحدة قد اعترفت بعدم وجود أي سبب يقضي باستمرار ملاحقة أبو زبيدة, وأنه لم يكن يوما مرتبطا بالقاعدة, فهل سيتم اطلاق سراحه؟
وكما طلب الأستاذ ميكوم, فهل سيسمح أيضا لموكله بأن يروي رؤيته الخاصة للتاريخ؟
ثمة سؤال أكثر جزما: أملا في أن تتوقف كل المعلومات الخاطئة عن أبي زبيدة التي تغذي الحرب على الارهاب, فهل سيعاد النظر في الرواية الرسمية لأحداث 11 سبتمبر بحيث تنتزع منها كل الاتهامات الملصقة بحق هذا الرجل؟
الجواب هو, لا.
يكاد يكون من المؤكد, لا.
لكن هناك قرارا قضائيا يفرض على المحاكم أن تصنف "كل إفادة ينطق بها المتهمون" أثناء محاكمات خالد شيخ محمد ومشتبهين آخرين في أحداث 11 سبتمبر [51].
مع ذلك, فلو تم السماح لأبي زبيدة بأن يعبر عن رأيه بحرية, فسوف نكتشف أن روحه لم يدمرها التعذيب بشكل كامل, وأن الأسطورة الرسمية حول احداث 11 سبتمبر والقاعدة, يمكن أن تنهار أمام الشهادات العلنية التي يمكن أن يدلي بها المتهمون بهذه الجرائم, دون أن يكونوا عرضة للتعذيب.
وفي نهاية المطاف, يبدو أن قضية أبو زبيدة أصبحت تشكل تهديدا للقاعدة بحد ذاتها. كما تشكل في الوقت نفسه اعترافا علنيا بأن ثمة أكاذيب يجب أن تستمر حفاظا على الكذبة الكبرى التي تشرعن الحرب على الارهاب
Conséquences des aveux extorqués d’Abou Zoubeida en France
« Le comité exécutif d’Al-Qaida est alors formé, en dehors de Ben Laden, [notamment d’une] section d’accueil des moudjahidin. Cette dernière est placée sous l’égide d’Abou Zoubeida, dont le nom reviendra constamment dans toutes les procédures judiciaires françaises. » Juge Marc Trevidic, Au cœur de l’antiterrorisme (février 2011)
Les faux aveux obtenus sous la torture d’Abou Zoubeida ont été transmis au Parquet anti-terroriste français et utilisés dans de nombreuses procédures. Ils ont été validés par les aveux tout aussi imaginaires de Djamel Beghal, considéré pendant un temps comme le responsable d’Al-Qaida en France.
Ce qui importe ici, c’est que des aveux obtenus sous la torture ont servi de base à des analyses politiques et militaires erronées qui ont justifié des restrictions inutiles des libertés publiques. Pis, ces aveux ont empêché la prise des bonnes décisions.
On observera que les nombreux ouvrages rédigés par des «experts anti-terroristes» sur Al-Qaida et les réseaux jihadistes à partir des faux aveux d’Abou Zoubeida sont toujours en circulation et servent toujours de base à des analyses politiques et militaires bien que leurs fondements soient imaginaires.
RV
Folgen der erpressten Geständnisse von Abu Zubeida in Frankreich
"Das Executive Komitee von Al-Qaida wird dann, abgesehen von Ben Laden, [besonders durch eine] Empfangsabteilung der Mudschahiddin gebildet." Diese wird zuletzt unter die Ägide von Abu Zubeida platziert, dessen Name ständig in allen französischen Gerichtsverfahren zu finden sein wird. "Richter Marc Trevidic, « Im Herzen der Terrorismusbekämpfung »(Februar 2011)
Die falschen Geständnisse unter Folter von Abu Zubeida wurden den französischen Antiterror Staatsanwälten gesendet und in vielen Verfahren verwendet. Sie wurden durch die ebenso imaginären Geständnisse von Djamel Beghal bestätigt, der für eine Zeit als Leiter der Al-Kaida in Frankreich galt.
Was hier wichtig ist, ist, dass die unter Folter erzielten Geständnisse als Grundlage für falsche politische und militärische Analysen gedient haben, die zu unnötigen Einschränkungen der bürgerlichen Freiheiten geführt haben. Schlimmer noch, dieses Bekenntnis hat gute Entscheidungen verhindert.
Anzumerken ist, dass viele von "Anti-Terror-Experten" geschriebene Bücher über Al-Kaida und Dschihadisten Netzwerke, die von Abu Zubeida‘s falschen Geständnissen ausgehen, noch im Umlauf sind und noch immer als Grundlage zur Analyse politischer und militärischer imaginärer Begründungen dienen.
[4] Zayn al Abidin Muhammad Husayn v. Robert Gates, Respondents Memorandum of Points and Authorities in Opposition to Petitioner’s Motion for Discover and Petitioner’s Motion for Sanctions. Civil Action No. 08-cv-1360 (RWR), septembre 2009.
[42] Jane Meyer, The Dark Side: The Inside Story of How The War on Terror Turned into a War on American Ideals, (First Anchor Books, New York, 2009).
[43] Le Rapport de la Commission sur le 11-Septembre a basé onze de ses accusations sur les témoignages d’Abou Zoubeida obtenus sous la torture : les notes 18, 43 et 75 dans le chapitre 2 ; les notes 19, 31, 35 et 106 dans le chapitre 5 ; les notes 8 et 125 dans le chapitre 6 ; et les notes 90 et 108 dans le chapitre 7.
Ancien directeur du laboratoire d’expertise chimique de Underwriters Laboratories. Il fut renvoyé après avoir mis en cause le rôle de sa compagnie dans l’établissement du rapport du NIST sur les attentats du 11-Septembre. Il est co-rédacteur en chef du Journal of 9/11 Studies. Il est membre fondateur de Scholars for 9/11 Truth & Justice et du 9/11 Working Group of Bloomington.
يمكنكم إعادة نشر مقالات شبكة فولتير شرط ذكر المصدر وعدم التعديل فيها أو استخدامها لتحقيق الربح التجاري (رخصة CC BY-NC-ND).
مصادر: “أبو زبيدة "ميزان القاعدة"”, بقلم Kevin Ryan, ترجمة سعيد هلال الشريفي, شبكة فولتير , 17 كانون الثاني (يناير) 2013, www.voltairenet.org/article177257.html
We publish a weekly bulletin, Voltaire, international newsletter, intended for all those who want to follow live the end of Western hegemony and the transition to a multipolar world.
It consists of dispatches from all over the world. They are contextualized to help understand the issues.
This exceptional tool is available by subscription only.
–annual subscription: 150 euros –monthly subscription: 15 euros