إبان خطابه عن حال الاتحاد، اعلن الرئيس أوباما ومن طرف واحد افتتاح الحوار حول الشراكة العامة عبر الأطلسي في التجارة والاستثمارات، وبعد ساعات قليلة تم تثبيت هذا السبق السياسي في بيان مشترك لرئيس الولايات المتحدة ورئيسي المجلس الأوروبي، هيومان فان رومبي ورئيس اللجنة الاتحاد الأوروبي جوزيه ما نويل باروزو.

فمشروع منطقة التبادل الحر كان قد ابصر النور رسميا على هامش المفاوضات حول منطقة التبادل الحر لدول الشمال الأميركي ( ALENA) عام ١٩٩٢ ووفق منهجية التوسع، فإن واشنطن أرادت توسيع هذه الاتفاقية لتشمل الاتحاد الأوروبي . لكن في ذلك الوقت ارتفعت أصوات داخل الولايات المتحدة تطالب بتأجيل هذا الابتلاع إلى حين تثبيت منظمة التجارة العالمية. وذلك خوفا من ان يتناقض المشروعات بدل ان يتعززا.

والواضح ان مشروع سوق عبر الأطلسي هو جزء من مشروع اوسع يتضمن إنشاء حكومة فوق المؤسسات مع مجلس اقتصادي عبر الأطلسي، ومجلس سياسي عبر الأطلسي. وهذه المنظمات الثلاث تم إنشاؤها بشكل غامض ودون الإعلان عنها.

هندسة هذا المشروع قديمة جدا تقودنا إلى مشروع إنشاء الكتلة الرأسمالية التي تضم كل الدول تحت النفوذ الأميركي-البريطاني. وتجد جذورها في مشروع مارشال وفي البنود السرية لاتفاقية إنشاء حلف شمال الأطلسي ( المادة ٤٢ ). لهذا يجري الحديث عن اتحاد عبر الأطلسي او حلف شمال الأطلسي بلا فروق.

من وجهة النظر هذه نلاحظ انه من جهة الولايات المتحدة الأميركية فإن من يتابع هذا المشروع ليس وزارة التجارة بل مجلس الامن القومي.

وفي نظرة عامة حول كيفية عمل هذا الاتحاد العابر للاطلسي نرى طريقة حل النزاعات حول تبادل المعلومات الاسمية . فللأوروبيين طريقتهم ومنهجهم حول حماية الحياة الشخصية وهو نهج دقيق ، بينما في الولايات المتحدة فان نظامها يسمح بكل شيء بلا حدود ولا ضوابط تحت ذريعة مكافحة الإرهاب. وبعد سلسلة حوارات ونقاشات أنحنى الأوروبيون أمام الولايات المتحدة التي فرضت موقفها ونسخها المعطيات الشخصية للأوروبيين بينما لم يحصل الأوروبيون على المعطيات
الشخصية الأميركية.

يضاف إلى هذه الاستراتيجية الطويلة الأمد تكنيك متوسط الأمد. فخلال العامين ٢٠٠٩-٢٠١٠ أنشأ الرئيس أوباما هيئة من المستشارين الاقتصاديين برئاسة المؤرخة الاقتصادية كريستينا رومر المتخصصة بالأزمة الاقتصادية الكبرى لعام ١٩٢٩,والتي بدورها طورت فكرة مفادها ان ثمة حل وحيد للازمة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة الأميركية هو نقل الرساميل الأوروبية إلى الولايات المتحدة الأميركية أي إلى وول ستريت
ولهذه الغاية أقفلت واشنطن معظم الملاذات الضرائبية غير الأنجلو- ساكسونية ومن ثم عمدت للتلاعب بالعملة الأوروبية (اليورو) لكن الرأسمال واجه صعوبة في الاستقرار في عمليات الانتقال هذه. لذا فإن حلف شمال الأطلسي الاقتصادي سيجعل الامور اكثر سهولة . والولايات المتحدة ستنقذ اقتصادها في عملية جلب الرساميل الأوروبية على حساب الاقتصاد الأوروبي.

ابعد من اللاتكافؤ واللاعدل في هذا المشروع والفخ الذي يمثله راهنا فان الأهم هو ان مصالح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبية متناقضة . فالولايات المتحدة وبريطانيا قوتين بحريتين ومصالحما مرتبطة بتعزيز التجارة عبر الاطلسي تماماً كما ورد في ميثاق حلف شمال الاطلسي. وبالمقابل فإن المصالح الأوروبية المشتركة هي مع روسيا خاصة في مجال الطاقة .
ان استمرار الخضوع الأوروبي لواشنطن سيعني بالتأكيد ان الاتحاد الأوروبي سيكون معبر واشنطون للسيطرة على القارة الأوروبية.

مصادر
سوريا