لم يكن البعض مشغولا بقمة الثمانية، فهناك تفاصيل أكثر وضوحا ترسم مسار حياتهم، ويبدو من الصعب اقناع الكثيرين أن "ثورة الكرامة" تحتاج لجوازات مرور من ثماني دول تمثل رأس الهرم العالمي، فللتفاصيل مسار في حياة السوري الذي اعتاد "الشقاء" واحتمال الموت أو الخطف أو حتى الجوع، واعتاد أن يتلبس الدور الدرامي المرسوم بعنوان "الكرامة" منذ آذار 2011.

هل حقا تختارنا "دراما الأزمة" لنشكل مسارا بدأ في درعا ويمر اليوم في "لوك إيرن" بإيرلندا الشمالية؟ وهل نستطيع رسم لوحة لـ"الحرية" يمكنها استيعاب كل العواصم التي استضافت "اصدقاء سورية"، وكل الفنادق التي قدمت "الكوباتشينو" لوجوه "الكرامة"، في وقت نعجز فيه عن الوصول إلى مصيف سوري كان يشكل جزء من الهواء الذي يجعلنا نمارس عملنا لبقية العام؟ هذا المسار الدرامي لم يفكر به أي مسؤول رسمي شهد بداية الحدث، ويتجاهله أي معارض أو ناشط يظهر على الفضائيات ثم يوجه سيل التهم للجميع، وهذا المسار الذي حفرته "ثورة الكرامة" على وجوهنا لم يترك لنا مساحة تفكير واحدة كي نرى قمة الثمانية، فالخطوط الدرامية تتشابك، والحلقات تتوالى وظهر فيها كل النجوم الذين اتعبونا داخل الفن، فهل كان صدفة ظهور نجوم الدراما السورية داخل الحدث السوري منذ بدايته؟

في قمة الثمانية بيان مدهش لا يحوي وضوح المشهد السوري، فيتقلب على الوجع الإنساني وينكسر على أنوفنا لأننا في حلبة ملاكمة تغلفها التصريحات السياسية، فإذا عجزنا عن تمييز رائحة البارود فلأن استنشاق الوطن انتهى في لحظة واحدة... هي اللحظة التي قررنا فيها اعتزال الحروف والتسمر خلف الشاشات واكتساب صفة الثوار لافتراضي، وهي اللحظة التي أصبح فيها الوطن جملة من مواقع التواصل الاجتماعي ثم تحول لميدان معارك ثم انتهى ببيانات صحفية مزروعة في عواصم العالم.

الدراما القميئة هي نسيج الأزمة السورية، وهي أيضا قدرة الاعتياد على حرب ممتدة ونسيان كيف بدأت، والقماءة فيها تنطلق من الوجوه الدائمة الحضور كي تشرح لنا إلى أين تسير الأمور، او تفسر الحدث على طريقة اللعب بالهواء أو مطاردة ذبابة مصرة على التحويم حولنا، ففي سورية يمكننا اكتشاف "منجم وجوه" قادرة على الظهور الإعلامي وعلى التعالي والتكبر ثم الانطلاق باتجاه الفراغ، ثم نسأل أنفسنا كيف تحولت "الكرامة" إلى بيان في قمة الثمانية!

G8 سيتحول من مجرد مصطلح للاختصار إلى مطولات على يد بعض السوريين، بينما سيتراجع البعض باتجاه تفاصيلهم الخاصة في البحث عن لقمة العيش وملاحقة ابنائهم ومتابعة مسار الموت الدرامي، فإذا ارتفع الدولار أدركوا أنهم سيضطرون للاستيدان بكميات أكبر من تجار التجزئة، وإذا احتدمت المعارك تعرفوا على انماط الانتظار أمام الأفران، ومع كل تجربة هناك خطوط درامية جديدة لا يراها الثمانية الكبار، وهم يستمتعون بالريف الإيرلندي، إلا في بيان ختامي عن المعاناة الإنسانية، بينما يتعرف عليها طفل سوري لم يكمل بسمته التي قطعها صوت سيارة مفخخة أو عبوة ناسفة.

رابط المقال:

http://www.souriaalghad.me/index.ph...