رغم عدم توقف المعارك مع بداية شهر رمضان لكن العنف انتقل باتجاه آخر، ووفق سير الحدث فإن إعاد السيطرة الميدانية للجيش السورية يرافقه هجوم اقتصادي يسعي إلى "إسقاط" الليرة السورية وفرض حصار على بعض المناطق وعلى الأخص مدينة حلب الذي يستهدف التجويع فيها أكثر من 2 مليون سوري يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الدولة.

وشهد يوم أمس إعلانا من التمرد المسلح عن البدء بما يسمى معركة "عاصفة الجنوب" التي تهدف حسب الإعلان للسيطرة على مخيمي فلسطين واليرموك وحي التضامن، بينما بقيت المعارك في حمص والشمال وفق نفس الإيقاع مع حديث عن سيطرة الجيش السوري على 60% من حي باب هود في مدينة حمص، ووفق عدد من المؤشرات فإن الوضع الميداني لم يعد متبدلا كما حدث منذ عام أي في رمضان الماضي وذلك بعد اغتيال خلية الأزمة في سورية، فسير المعارك يوضح أمرين اثنين:

 لا تنقل المعارك العسكرية صورة حقيقية عن مستقبل الصراع، فالمسألة لا تتعلق فقط بالسيطرة الميدانية بل بالقدرة على تنظيم العملية السياسية والتعامل مع الصراع على المستوى الإقليمي والدولي، فالتقدم العسكري الذي أحرزه الجيش السوري استند إلى قدرة دمشق على إدارة تحالفاتها، بينما لم يستطع التمرد المسلح سوى كسب الوقت وخلق التصعيد والفوضى وذلك في موازاة "ائتلاف معارض" لا يملك بنية استراتيجية.

 يعتبر "استعادة التوازن" الذي طالب به الائتلاف المعارض، والولايات المتحدة"، أمرا يصعب تحقيقه ليس بسبب عدم القدرة على التسليح بل لأن البنية السياسية للمعارضة في الخارج غير قادرة على رسم استراتيجية لإدارة صراعها على الأرض.

وحسب بعض المصادر الدبلوماسية في باريس، التي تحتضن أغلب أنشطة المعارضة، فإن التحولات المتوقعة في تحرك المعارضة ستكون خلال المرحلة القادمة ستكون أكثر هدوءا بعد أن اصبحت الرياض مسؤولة عن هذا الملف، ومن المتوقع حسب نفس المصادر أن تركز الرياض على فصيل معارض وتقوم على تقويته سياسيا، كما أن الواقع العسكري سيكون رديفا على حساب الحرب الاقتصادية التي تشنها السعودية حسب نفس المصدر.

وركز المصدر أن أي كسب للتمرد المسلح لم ينعكس على واقع المعارضة وتقوية جبهتها، وعلى الأرض كانت تلك "المكاسب" تؤدي إلى تسرب كبير لعناصر متطرفة احرجت الدوائر السياسية الغربية، بينما يستطيع الجيش السوري تحويل المكاسب العسكري بشكل مباشر لأنها على الأقل تخفف من العبء الذي يتحمله منذ أكثر من عامين، وهو مادفع إلى الدخول باتجاه "الحرب الاقتصادية" التي ستحقق حسب نفس المصدر "التوازن" في حال انعقاد مؤتمر جنيف.

وتشهد الأسواق السورية عموما ارتفاعا حادا للأسعار مع انهيار في سعر الليرة وارتفاع في سعر الذهب، وحسب بعض المواقع الالكترونية السورية فإن الدولة قد تلجأ لتغير الليرة لإيقاف المضاربات، وأما في مدينة حلب فهناك حصر تام يهدف حسب بعض المصادر إلى "خنف" المناطق التي تتواجد فيها الدولة، وإجبار الجيش على التحرك نحو غرب حلب لتخفيف الضغط العسكري عن المناطق الأخرى.