ديفيد بتريوس

الصقور الليبراليون الذين يعارضون من داخل الحزب الديمقراطي السياسة الخارجية والدفاعية للرئيس أوباما, تجمعوا بداية داخل " مركز الأمن الأمريكي الجديد ", ثم راحوا يجذبون جمهوريين من المحافظين الجدد إليهم. وفي غضون سنوات قليلة صار هذا المركز البحثي- الذي يذكر اسمه بالمحافظين الجدد (مشروع القرن الأمريكي الجديد) - أهم مراكز البحوث التي تروج للغزو الأمبريالي للولايات المتحدة. وهو المحرض الأول حاليا في اذكاء الحرب على سورية.

تأسس "مركز الأمن الأمريكي الجديد" عام 2007 على يد باحثين أمريكيين هما كورت كامبل وميشيل فلورنوي, اللذين كانا صبيحة اليوم التالي لهجمات 11 أيلول 2001 من أوائل المؤيدين للرواية الرسمية للأحداث, وكذلك لمشروع "الحرب على الارهاب". ولم يختلفا عن المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري إلا في الطريقة التي راحت تدار فيها هذه الحرب التي لانهاية لها : عارضوا على سبيل المثال "صدام الحضارات", وأوصوا عوضا عنها بتعزيز التحالفات مع الدول العربية . وأعربوا عن قلقهم من الطريقة التي تم الاعلان فيها عن الحرب على العراق, والشكوك التي أحدثتها تلك الطريقة بين أعضاء حلف شمال الأطلسي, كما انتقدوا فشل دونالد رامسفيلد في اصلاح القوات المسلحة, وتورطه في العراق.

في أعقاب لجنة بيكر-هاملتون واستقالة رامسفيلد, عقد الباحثان تحالفا مع الجنرال ديفيد بترايوس, وأعدا بالتعاون مع الباحث الأسترالي ديفيد كيلكولن استراتيجية جديدة مضادة للتمرد في العراق. وبفضل مساعدتهما تلك, أخذ الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش قراره بتشويه سمعة المقاومة العراقية وزيادة الضغوط عليها, من خلال زيادة عدد القوات الأمريكية المقاتلة في المكان.

لقد أدت هذه الاستراتيجية-بعد أن دمرت البلد- الغرض منها, لكن ليس طبقا للأهداف التي تم الاعلان عنها اطلاقا.

في الواقع, لم يكن التغلب على المقاومة العراقية ممكنا إلا من خلال العزف على وتر الخلافات الطائفية في بلد منظم على أسس قبلية.

داعموا "مركز الأمن الأمريكي الجديد", هم عموما اللوبي العسكري-الصناعي, وبعض كبار رجال المال, وكبرى المؤسسات والشركات الأمريكية, لكن الجديد في الأمر هو تلقي المركز دعما ماليا من بعض الدول, كاليابان واسرائيل وتايوان.

لهذا ليس مستغربا أن يوصي, رغم الأزمة الاقتصادية, بزيادة ميزانية الدفاع, وسحق سورية, واعداد القوات المسلحة الأمريكية لشن حرب ضد الصين.

تم دمج عشرين موظف من "مركز الأمن الأمريكي الجديد" داخل إدارة أوباما, على الأقل حتى الصدام الذي وقع بين الرئيس أوباما وديفيد بترايوس, مدير وكالة الاستخبارات المركزية.

إذا كان البعض قد اختار في الوقت الراهن, الوقوف إلى جانب أوباما, كسوزان رايس, مستشارته للأمن القومي, إلا أن الغالبية من هؤلاء يستخدمون مواقعهم لتخريب سياساته, كالجنرال جون آلن, قائد قوات التحالف ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).

أما ديفيد بترايوس, فلا يزال يحيك المؤامرات من خلال صندوق الاستثمار العائد للجمهوري هنري كرافيس.

التعارض بين الديمقراطيين والجمهوريين متواصل, وسوف يؤدي بالتأكيد إلى تحديد وظائف فردية جديدة, لكنه سيفضي أيضا إلى تحديد سياسة واشنطن .

في الواقع ليس ثمة سياسة لواشنطن الآن.

هناك فقط منازعات صماء تعبر كلا المعسكرين.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan 2057
(PDF - 176.1 كيليبايت)