تم تفسير الهجوم الذي وقع بفرنسا الأسبوع الفائت على أنه فعل إسلاموي يرمي إلى الانتقام من صحيفة شارلي ايبدو لتجرئها نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد (صلى اللـه عليه وسلم).

مع ذلك، فالأشخاص الذين هاجموا الصحيفة الساخرة، لم يسعوا إلى تدمير لوحات «الصفحة الأولى» التي كانت تزين المبنى. فقد اكتفوا بقتل اثني عشر شخصاً طبقا لأساليب وحدات الكوماندوز العسكرية.

ونظرا لعدم معرفته بأصول الجهاد التي تدمي العالم الإسلامي، لم يسع الإعلام الفرنسي إلى التعرف على رعاة هذه العملية، مركزا جل اهتمامه على مسار القتلة. وأعلمنا أن واحداً منهما قد اتبع دورة تدريبية لدى تنظيم القاعدة في اليمن، في حين ادعى الآخر أنه ينتمي لداعش. هكذا خلص الإعلام إلى تنفيذ عملية مشتركة للتنظيمين الجهاديين، على الرغم من انخراط التنظيمين منذ نحو سنة بحرب طاحنة فيما بينهما، كلفتهما 3000 مقاتل من كلا الطرفين.

لو سأل الإعلام الفرنسي عن رعاة هذه الهجمات، لاضطر حينذاك إلى القول إن هذه الهجمات لم تكن ثأرا للشتائم، بل لإثارة انقسام في المجتمع بين مسلمين وغير مسلمين. ما يؤدي الى أن فرضية «صدام الحضارات» لم يخترعها حسن البنا أو أسامة بن لادن، بل برنارد لويس ومساعده صموئيل هنتنغتون. ما يعني بالتالي أن رعاة هذه الهجمات ليسوا في القاهرة أو الرياض، بل في واشنطن وتل أبيب.

استجابت حكومة فالس برفع مستوى جهاز مكافحة الإرهاب في منطقة باريس. وبالنظر لاعتقادها بأنه يمكن للجهاديين أن يستهدفوا أي تجمع للمواطنين، قامت بتعليق وتأجيل كل طلبات التظاهر، تحت أي حجة كانت، لكنها سمحت بمظاهرة نظمتها هي، جمعت أكثر من مليوني شخص، ولإضفاء الهيبة عليها، دعا الرئيس فرانسوا أولاند 56 رئيس دولة وحكومة للمشاركة فيها.

كان من بين المدعوين ديفيد كاميرون وبنيامين نتنياهو، اللذان تتمتع دولتاهما بأقوى رقابة عسكرية، نعثر أيضاً على وزير العدل الأميركي، ايريك هولدر، الذي تعشق بلاده حرية التعبير إلى درجة أنها قصفت ودمرت عدة محطات تلفزيونية كانت تعارض سياساتها بدءا من بلغراد وانتهاء بليبيا. كما نعثر أيضاً على رئيس وزراء تركيا، أحمد داوود أوغلو، وعبد اللـه ملك الأردن، اللذين أعانت دولتاهما تنظيم قوات داعش في مثل هذا الشهر من العام الماضي 2014.

نظرا لعدم وجود سبب محدد لوجود أي من هؤلاء الشخصيات في هذا المكان، من حقنا أن نتساءل عن السبب في انعقاد قمة شبه دبلوماسية في باريس، أهي من أجل التحضير لتدويل الإرهاب، أم على العكس من ذلك، تهيئة المسوغات لعملية عسكرية جديدة؟
حتى لو تم ربط الهجمات حالياً على شارلي ايبدو باليمن فقط، هناك إعلان واضح من الولايات المتحدة في أيلول 2013، بإعادة تقسيم العراق وسورية، من جهة، وهذا ما تحاول داعش القيام به، وليبيا من جهة أخرى، هذا ما تسعى إليه فرنسا حتى الآن.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا