في 2 تشرين ثاني- نوفمبر 2010, أي قبل "الربيع العربي", وقعت فرنسا وبريطانيا اتفاقيات لانكستر- هاوس. تضمنت الملاحق السرية لهذه الاتفاقيات مهاجمة ليبيا وسورية في 21 آذار 2011.
عرفنا أن الهجوم على ليبيا قد حصل قبل يومين من موعده, من قبل فرنسا التي غدرت بحليفتها وأثارت غضبها.بينما في المقابل, لم تتم مهاجمة سورية بسبب اضطرار الراعي الأمريكي إلى مراجعة حساباته.
في 29 تموز- يوليو 2011, أنشأت فرنسا "الجيش السوري الحر", الذي أشرف على تأطيره ضباط من فيلق المرتزقة, بعد فصلهم عنه, ووضعهم بتصرف قصر الاليزيه. ثم تلقى الجيش الحر علم الانتداب الفرنسي.
تصر فرنسا على التمييز بين جهاديين "معتدلين" وآخرين "متطرفين", على الرغم من عدم وجود أي اختلاف بين المجموعتين, سواء بالأشخاص, أو بالتصرفات.
الجيش الحر هو من بدأ بإعدام المثليين عبر رميهم من أسطح المباني العالية.
الجيش الحر هو من نشر أول شريط فيديو, يظهر أحد قادته وهو يلتهم قلب وكبد جندي سوري.
الفرق الوحيد بين المعتدلين والمتطرفين يكمن في راية كل منهم : علم الانتداب الفرنسي, أو علم الجهاد.
في أوائل عام 2012, توجه 3000 من مقاتلي الجيش الحر, برفقة عناصر فيلق المرتزقة الفرنسي, إلى حمص, العاصمة السابقة للمستعمر الفرنسي, ليجعلوا منها "عاصمة الثورة". تمترسوا في بابا عمرو, وأعلنوا عن تأسيس إمارة إسلامية, وأنشئوا محكمة ثورية حكمت بالإعدام ذبحا أمام الجمهور على 150 فردا من الأهالي الذين آثروا البقاء في الحي. احتفظ الجيش الحر بموقعه لمدة شهر تحت حماية منصات إطلاق صواريخ ميلان المضادة للمدرعات التي زودتهم بها فرنسا.
حين استأنف الرئيس هولاند إطلاق الحرب على سورية في شهر تموز- يوليو 2012, استأنف أيضا خطاب وإيماءات الحقبة الاستعمارية. فقال عن الجمهورية العربية السورية أنها "ديكتاتورية دموية"(مما يقتضي إذاً "تحرير شعب مضطهد") وأن السلطة مصادرة من قبل الأقلية العلوية (التي يجب على السوريين أن "يتحرروا" منها).
منع السوريين المقيمين في أوروبا من المشاركة بالانتخابات الجارية في وطنهم, وقرر بالأصالة عنهم أن "المجلس الوطني السوري" –غير المنتخب – هو ممثلهم الشرعي الوحيد.
فيما صرح وزيره للشؤون الخارجية, لوران فابيوس, بأن الرئيس بشار الأسد, المنتخب ديمقراطيا, "لايستحق أن يكون على وجه الأرض".
في 27 أيلول- سبتمبر الماضي, صرح الرئيس السابق فاليري جيسكار ديستان بالقول : " أتساءل عن إمكانية إنشاء انتداب من الأمم المتحدة على سورية مدته خمس سنوات".
أبدا, لم تمنح الأمم المتحدة "انتدابا". وأبدأ أيضا, لم يتحدث رئيس فرنسي بهذه الصراحة علنا, منذ استقلال الجزائر قبل 53 عاما, عن طموح فرنسا الاستعماري.
الرئيس جيسكار ديستان, هو قريب فرانسوا جورج بيكو (صاحب اتفاقيات سايكس- بيكو).
وهكذا, فإن حل المعضلة السورية, وفقا لابن أخ الرجل الذي فاوض البريطانيين على انتداب فرنسي على سورية, ليس عبر تدخل روسيا عسكريا لاجتثاث الارهاب, بل عبر إعادة استعمار البلاد من جديد.