قدمت روسيا لمجلس الأمن، في الثامن من آذار الماضي، تقريرا اتهمت فيه أنقرة، بالإشراف على تهريب الآثار لمصلحة داعش.
وفي 18 من الشهر نفسه، قدمت للمجلس تقريراً آخر، يتهمها بتوريد أسلحة وذخائر لداعش. وفي كلتا الحالتين، كانت تركيا «تنفي بالمطلق» هذه الادعاءات.
واصلت قيادة الأركان الروسية محاولاتها، فكشفت عن تغاضي أنقرة مؤخراً، عن دخول تسعة آلاف جهادي جديد إلى سورية، حتى ظننا أنها كانت تتصرف بمفردها، من دون الرجوع إلى الولايات المتحدة.
تأسيساً على ذلك، قامت وزارة الدفاع الأميركية في 7 نيسان الفائت، بتوريد كمية ألفي طن من الأسلحة «للجماعات المسلحة المعتدلة». تم تسليم 500 طن منها مباشرة لجبهة النصرة (القاعدة)، وكمية مماثلة أخرى لداعش.
يبدو أن احتجاج موسكو العنيف، بعيداً عن الأضواء، هو الذي دفع جون كيري وسيرغي لافروف إلى إصدار بيان مشترك، في التاسع من شهر أيار الجاري.
تم بشكل خاص الاتفاق على أن تحدد واشنطن لحلفائها موعدا نهائياً، في الأول من تموز القادم، للتوصل إلى اتفاق عن طريق المفاوضات في جنيف. بعد ذلك الموعد، ستضطر واشنطن إلى سحب قواتها المسلحة، في حين تدفع روسيا بحاملة طائراتها «الأميرال كوتزينسوف» قبالة الشواطئ السورية، لتستأنف، في نطاق ضيق، حملة القصف على المنظمات الإرهابية (التي تم تسليحها مؤخراً).
ثمة حادث جانبي أشعل مواجهة بين واشنطن وموسكو في الأمم المتحدة، لدى محاولة روسيا الدفع باقتراح يقضي بوضع «أحرار الشام» على لائحة « المنظمات الإرهابية».
ولكن على ما يبدو فإن «وزير خارجية» هذا التنظيم الإرهابي، لبيب النحاس، بريطاني الجنسية، يعمل لدى جهاز الاستخبارات البريطانية إم 16، تمكن في وقت سابق من شهر كانون الأول الماضي، من السفر إلى نيويورك، ومقابلة جيفري فيلتمان، على الرغم من ارتباطه بتنظيم القاعدة.
في 17 أيار الجاري، اجتمعت «المجموعة الدولية لدعم سورية» في فيينا، واتهمت في بيانها الختامي، الجيش العربي السوري بمواصلة إستراتيجية الحصار على البلدات الواقعة تحت سيطرة جهاديي «المعارضة المعتدلة». لكن الأهم من كل ذلك، أنها وافقت مرة أخرى، على جميع القرارات المتخذة بين روسيا، والولايات المتحدة، خلال الأشهر الأخيرة.
لذلك، على الرغم من عضوية السعودية في المجموعة الدولية لدعم سورية، إلا أن المعارضة التي تدعمها لا تزال تصر على المطالبة برحيل الرئيس الأسد، ومعه أغلبية كبار المسؤولين المسيحيين، والشيعة، والعلويين، قبل تشكيل آلية حكم انتقالي.
علاوة على ذلك، هي لا تنوي مواجهة القادة الحاليين، مع استحقاق انتخابات ديمقراطية.
في فرنسا، أعلن الجنرال بنوا بوغا عن استقالته من منصبه كرئيس لهيئة الأركان الخاصة برئيس الجمهورية.
الجنرال بوغا، كاثوليكي متطرف، يسكنه الحنين للنظام الملكي والاستعمار، هو الذي كان يقود شخصياً عمليات فرنسا السرية في سورية، والتي كانت تجري في بعض الأحيان ضد رأي قيادة أركان القوات المسلحة.
نحن مقبلون، لا محالة، على توقف المفاوضات في جنيف. ولو حصل اتفاق بين الأطراف السورية الموجودة حاليا، إلا أنه سيكون باطلاً بنظر القرارات الدولية، الصادرة في وقت سابق، نظراً لاستبعاد- بناءً على طلب تركيا- لأهم الأحزاب الكردية.
لذا، ينبغي أن يكون إخفاق جنيف متبوعاً باستئناف المفاوضات داخل سورية، مع الراغبين في ذلك- أي مع الأكراد، ومن دون موالاة السعودية، ثم تشكيل آلية انتقالية، مع المشاركين الجدد.
عسكرياً، سوف يترتب على الجيش العربي السوري والأكراد، استعادة المدن الرئيسية في البلاد، مع وجوب استمرار القتال على الحدود مع العراق.