في العام الماضي، دعا أصحاب كبرى شركات النفط في العالم الغربي إلى تخفيض انبعاثات CO2غاز ثاني أكسيد الكربون . ولا زالوا يأملون في الحصول على الإعانات الحكومية لتطوير مصادر الطاقة البديلة للنفط. لكن أسعار النفط اليوم تحرم هذه الشركات من ريعية الاستثمار في هذا القطاع.

قلًص انكماش الاقتصاديات الغربية احتياجاتها من الطاقة، في وقت أصبحت فيه الصين منتجاً كبيراً للنفط، بما أدى إجمالاً إلى فائض في سوق النفط العالمية.

لهذا، شكًل نائب الرئيس ديك تشيني، فور عودته إلى البيت الأبيض عام 2001، مجموعة عمل حول تطوير السياسة الوطنية للطاقة.

توصل تشيني إلى نتيجة مفادها أن الوقت لايمهل، وأنً على وزارة الدفاع مسؤولية ضمان بقاء اقتصاد الولايات المتحدة على قيد الحياة من خلال الاستيلاء، بلا طول انتظار، على كل مصادر الطاقة في "الشرق الأوسط الكبير".

مجموعة العمل هذه، هي التي أوصت بشن حروب ضد أفغانستان، العراق، لبنان، ليبيا، سورية، الصومال، السودان، وإيران. وهو البرنامج الذي اعتمده الرئيس جورج والتر بوش في 15 أيلول-سبتمبر 2001.

استنتجنا مع مرور الوقت، أن الحروب الخمسة الأولى، من هذا المنظور، لم تكن ضرورية، حتى لو استمرت إلى يومنا هذا.

وكما في عام 2008، بدأت أسعار النفط في الهبوط تزامناً مع العقوبات الأوروبية ضد روسيا، التي أربكت التجارة العالمية، وهجًرت رؤوس الأموال، لكنها قضت في نهاية المطاف على فقاعة الاحتكارات البترولية.

غير أن انخفاض أسعار النفط هذه المرة، جاء بتشجيع من الولايات المتحدة التي رأت فيه وسيلة إضافية لإغراق الاقتصاد الروسي.

تفاقم انخفاض الأسعار أيضاً، حين وجدت السعودية فيه ضالتها. فمن خلال إغراق الأسواق بمنتجاتها، أبقت الرياض على معدل برميل النفط العربي الخفيف بين 20 و30 دولاراً. بهذا الشكل، تمكنت الرياض من تدمير ريعية الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة، وضمنت سيطرتها على عائدات النفط، على المدى الطويل.

في المحصلة، انقلب تخفيض أسعار النفط بتشجيع من واشنطن، وبالاً عليها.

إذا كان تخفيض الأسعار قد دمًرَ أكثر من 250 ألف وظيفة في قطاعات صناعة الطاقة، خلال عامين في العالم، فإن حوالي نصفها في الولايات المتحدة. 78% من منصات النفط في الولايات المتحدة تم إغلاقها.

جميع الشركات الكبرى خسرت أموالاً ضخمة، بلغت 23 مليار دولار لشركة "شيفرون" العام الماضي 2015.

حتى لو لم يكن التراجع في الإنتاج على ذلك القدر من المأساوية، إلا أنه على الأقل أوحى بأن الولايات المتحدة، لم تعد مستقلة في مجال الطاقة، أو ربما، لن تتأخر لتصبح كذلك.

هذه الأوضاع تقودنا إلى "مبدأ كارتر" لعام 1980، حين منحت واشنطن نفسها، في ذلك الوقت، حق التدخل عسكريا في الشرق الأوسط لضمان وصولها إلى حقول النفط. وفي وقت لاحق، أنشأ الرئيس رونالد ريغان "القيادة المركزية" لتطبيق هذا المبدأ.

ساد اعتقاد في الفترة الأخيرة أن الولايات المتحدة أصبحت مستقلة على صعيد الطاقة، خصوصا بفضل نفط خليج المكسيك. مما سمح للرئيس أوباما بإعطاء أوامره بتحريك قوات "القيادة المركزية" نحو "قيادة المحيط الهادي" (نظرية المحور نحو آسيا).

لوحظَ مؤخراً أن تعديل هذه الخطة ترافق مع تنامي القوى العسكرية في أوروبا الشرقية (القيادة الأوروبية)، وسيبقى كذلك، في حال استقرت أسعار النفط بين 20 و 30 دولاراً للبرميل.

في هذه الحالة، سيتوقف استغلال بعض أصناف النفط، وسيعود الجميع إلى "العربي الخفيف". وسيطرح السؤال اعتباراً الآن عن جدوى استمرار تموضع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan #2418
(PDF - 168.7 كيليبايت)