قبل أربع سنوات مضت، في تموز-يوليو 2012، وفي الوقت الذي تم فيه استهداف مكتب الأمن القومي في دمشق، قام إرهابيون، تلقوا تدريبهم على يد قوات تركية خاصة، بغزو أحياء حلب الشرقية.
كان هدف كل من رجب طيب أردوغان، وفرانسوا هولاند، وهيلاري كلينتون، احتلال شمال سوريا، وفي المدى المنظور، إنشاء ممر يربط بين أربيل والبحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى إنشاء دولة جديدة تكون أربيل عاصمتها السياسية، وحلب عاصمتها الاقتصادية.
كان مقرراً لهذه الدولة أن تسمى "كردستان" وأن يتم ترحيل ملايين الأكراد-الأتراك من حزب العمال الكردستاني إليها.
سقط هذا المشرع بفعل المقاومة السورية له. الأمر الذي دفع المتآمرين إلى استعجال الإعلان عن قيام "دولة الخلافة" في الرقة، وجعلها تشرع ب"إدارة الوحشية"، تماشياً مع عنوان كتاب الإستراتيجية العسكرية لداعش.
دخول حزب الله ومن بعده الجيش الروسي ميدان الصراع، غير بشكل كبير الأوضاع على الأرض، فضلاً عن أن التحولات الجارية حاليا في تركيا، لا تسمح لها بقمع الشعب، والاستمرار بالتدخل في سورية بنفس الزخم السابق.
مع ذلك، يتعين على حزب الله وروسيا التصرف بحذر شديد: عدة هجمات وقعت في لبنان سابقاً، وفقا للاستخبارات الفدرالية الروسية، فإن العدو قد جنًدَ أو أدخلَ عشرين ألف انتحاري داخل روسيا.
البريطانيون، هم الذين رتبوا عملية تغير أقنعة جهاديي تنظيم القاعدة، تماما مثلما كانوا يفعلون في السابق مع الشركات متعددة الجنسيات، حين تواجه مشكلات مع العدالة.
أعلنوا عن (تمثيليتهم الهزلية تلك) من خلال مؤتمر صحفي نظمته شركة علاقات عامة بريطانية تدعى (ان كو سترات)، أحد ذيول جهاز الاستخبارات البريطانية ام16. فصار لزاما العدول عن نعتهم بجبهة النصرة، ومناداتهم منذ الآن بجبهة فتح الشام. وهكذا لم يعد هؤلاء الجهاديون أعضاء في تنظيم القاعدة التي هنأتهم على انطلاقتهم الجديدة، وتمنت لهم حظاً سعيداً.
طبعا لا شيء قد تغير على مستوى الرجال، والداعمين، والسلاح، وإستراتيجية فتح الشام.
حتى قبل تحرير أحياء حلب الشرقية منذ بضعة أيام، كانت هناك محاولة لإعادة تدوير جهاديي القاعدة، وربما سوف ينسحب ذلك قريباً على مجموعات أخرى.
على النقيض مما قد يبدو في الظاهر، تقدم هذه الخطوة الدليل على احتمال نهاية وشيكة للحرب في سورية، وعدم وجود حلفاء لائقين بالنسبة للبريطانيين.
لايزال جيفري فيلتمان، الشخص الثاني في منظمة الأمم المتحدة، يتابع من مكتبه في نيويورك تنسيقيات الحرب على سورية منذ أربع سنوات حتى الآن. ولكي يمسك بكل الأمور بيده، فكر أولاً بإطلاق مفاوضات جنيف، قطعا ليس بهدف المساعدة على المصالحة، بل لفرض إرادته: إما أن تتنازلوا عن هذه النقطة وتلك، أو أننا سنواصل نزف دمائكم. ثم انتقل إلى وضع يده على ملف الممرات الإنسانية التي أنشئت لإنقاذ المدنيين من دكتاتورية الجهاديين. وإذا كانت الأمم المتحدة قد قبلت تحمل هذه المسؤولية، فلأنها فرصة لدس شاحنات محملة بالأسلحة بين القوافل الإنسانية.
أمامنا ثلاثة أشهر فقط لتحرير حلب الشرقية. هناك احتمال بصعود هيلاري كلينتون سدة الرئاسة في 6 نوفمبر القادم. حينذاك ستأخذ القوى المعادية لسورية الضوء الأخضر مجدداً باستئناف دعم الجهاديين.