التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية في صون السلام والأمن الدوليين: منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة.
ورقة مفاهيمية
يعتزم الاتحاد الروسي أن يعقد مناقشة في 28 تشرين الأول/أكتوبر بشأن موضوع ”التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية في صون السلام والأمن الدوليين: منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة“، وذلك بوصفها محور فترة رئاسته لمجلس الأمن.
في ضوء الطابع العالمي للتحديات والتهديدات المعاصرة، تتطلب صياغة النهج الجماعية اللازمة للتصدي لها بفعالية تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ودون الإقليمية في صون السلام والأمن الدوليين.
وفيما يتعلق بالأمم المتحدة، يرتبط ذلك في المقام الأول بطابعها العالمي، وذلك من حيث عضوية المنظمة وعملها على السواء، وكذلك بشرعيتها المعترف بها دوليا. وبالمقابل، فإن المنظمات الإقليمية غالبا ما تتمتع بفهم أفضل للحالة في المجالات التي تندرج في نطاق مسؤولياتها، وفي الكثير من الحالات، تكون مجهزة بآليات وقائية وآليات لحفظ السلام تتكيف مع الحقائق المحلية. ومن المهم في هذا الصدد أن تكون أنشطة المنظمات الإقليمية موجهة نحو السعي إلى إيجاد حلول سياسية سلمية للنزاعات الناشئة.
وفي هذا السياق تحديدا، يكتسب التنسيق المنتظم مع الشركاء الإقليميين الرئيسيين للأمم المتحدة بشأن المسائل المتعلقة بصون السلام والأمن الدوليين أهمية بالغة. فعلى سبيل المثال، يعقد مجلس الأمن اجتماعات منتظمة بشأن التعاون مع الاتحاد الأفريقي، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والاتحاد الأوروبي. وفي السنوات الأخيرة، أجريت استعراضات للتعاون مع جامعة الدول العربية، ورابطة أمم جنوب شرق آسيا، واتحاد أمم أمريكا الجنوبية وغيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية.
ولا يخفى على أحد أن التعاون بين المنظمة وشركائها الإقليميين يغطي مجموعة لا تنفك تتسع من المسائل. وتكمل هدفي حفظ السلام وبناء السلام الجهود الرامية إلى مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل والتدفق غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة ومكافحة الإرهاب الإلكتروني والهجرة غير الشرعية - وكلها مجالات يزداد التعاون فيها بين المنظمات المذكورة أعلاه والأمم المتحدة زخما. وهذا أمر بالغ الأهمية لصون السلام والاستقرار على امتداد المنطقة الأوروبية الآسيوية المترامية الأطراف، وخاصة في منطقة آسيا الوسطى.
وفي هذا المجال تحديدا، تعمل ثلاث منظمات فتية نسبيا في المنطقة الشاسعة الممتدة من أوروبا الشرقية إلى الشرق الأقصى، وهي منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة. وتعمل هذه المنظمات على بناء نفوذها السياسي في العالم وتسهم إسهاما ملموسا في تعزيز الأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وستركز المناقشات على مساهمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة في التصدي للأخطار التي تهدٍّد السلام والأمن في المنطقة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة. وستوفر هذه المناسبة أيضا فرصة للتأكيد مجددا على التزام هذه المنظمات الثلاث بتطوير التعاون العملي مع الأمم المتحدة، بما في ذلك مركزها الإقليمي للدبلوماسية الوقائية لمنطقة آسيا الوسطى.
وتُعدُّ منظمة معاهدة الأمن الجماعي هيكلا متعدِّد الوجوه قادرا على الاستجابة بقوة للطائفة الواسعة من التحديات والتهديدات المعاصرة التي قد تواجهها الدول الأعضاء فيها. وفي هذا الصدد، تتوافر فرص جيدة لتعزيز التعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي في مجال حفظ السلام. وفي إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي، يجري العمل بشكل مكثف من أجل تطوير القدرات الخاصة بها على حفظ السلام، بما في ذلك القدرات التي يمكن أن تتاح لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وفي الوقت نفسه، تسهم منظمة معاهدة الأمن الجماعي بنشاط في الجهود الدولية لإعادة الإعمار بعد انتهاء النزاع في أفغانستان وتحييد خطر المخدرات النابع من إقليم ذلك البلد.
وتتطوَّر علاقات منظمة معاهدة الأمن الجماعي مع الأمم المتحدة بنجاح في مجالات عديدة منها مكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات، وحفظ السلام، ومكافحة الجريمة المنظمة. وتحافظ منظمة معاهدة الأمن الجماعي على صلات مثمرة مع هياكل الأمم المتحدة المتخصِّصة وتعمل على تطويرها، بما في ذلك لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وكل سنتين، تتخذ الجمعية العامة قرارا بشأن التعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي. ومن المقرر اتخاذ قرار بشأن هذا الموضوع في الدورة الحادية والسبعين في سياق النظر في بند جدول الأعمال المعنون ”التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمنظمات الأخرى“.
ولقد أُنشئ الإطار القانوني للتعاون بين الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون بشأن قضايا السلام والأمن الدوليين وفقا للفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة بتوقيع إعلان مشترك بشأن التعاون بين أمانتي المنظمتين عام 2010. وفي الوقت الراهن، تتعاون منظمة شنغهاي للتعاون والأمم المتحدة تعاونا نشطا في مجالات من قبيل منع نشوب النزاعات وحلها، ومكافحة الإرهاب (ولهذا الغرض، يعمل هيكل إقليمي لمكافحة الإرهاب داخل منظمة شنغهاي للتعاون)، وعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية والاتجار غير المشروع بالمخدرات، وضمان أمن المعلومات على الصعيد الدولي.
وفي هذا السياق، تؤيد منظمة شنغهاي للتعاون بهمَّة جهود المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة الرامية إلى استعادة السلام في أفغانستان وتدعو باستمرار إلى الحفاظ على الدور التنسيقي المركزي الذي تضطلع به الأمم المتحدة في عملية التسوية الأفغانية.
ولقد كان التعاون في ضمان الأمن والتصدي للتحديات والتهديدات المعاصرة دائما وسيظلَّ أحد المجالات ذات الأولوية للتعاون المتكامل بين الدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة.
ويعتبر التعاون البنَّاء مع المنظمات الدولية أيضا عاملا رئيسيا في مكافحة التهديدات المستجدة بفعالية. ودول رابطة الدول المستقلة أطراف في جميع أهم الصكوك الدولية التي تنظم التعاون في ضمان الأمن، وتعزيز نزع السلاح، والتصدي للتحديات والتهديدات المعاصرة، وتسهم إسهاما كبيرا في تنفيذها.
ويجري تنفيذ تدابير مشتركة مع مراعاة الدور القيادي للأمم المتحدة والحاجة إلى تطوير شراكات بنَّاءة مع الهيئات الدولية الأخرى وهياكلها المتخصِّصة مثل لجنة مكافحة الإرهاب، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، والمنظمة الدولية للهجرة، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية المتعلقة بغسل الأموال.
ويؤدي استمرار تعزيز التعاون وتوثيقه بين الأمم المتحدة ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة على أساس الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة دورا بنَّاء في تعزيز أهداف المنظمة، بما في ذلك مجابهة التحديات والتهديدات المعاصرة. ويجب أن تحدِّد هذه المنظمات الإقليمية موقعها بصورة فاعلة من حيث توظيف إمكانياتها لمصلحة الأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه، ينبغي للأمم المتحدة نفسها أن تواصل إيلاء الاهتمام اللازم إلى زيادة التنسيق والتعاون مع تلك المنظمات، في إطار التقيد الصارم باختصاصات المنظمة ومجلس الأمن التابع لها.
وفي هذا السياق، نود أن نقترح أن تقدم الدول الأعضاء رؤيتها الخاصة عن السبل الكفيلة بتعزيز الأمن في المنطقة الأوروبية الآسيوية باستخدام الآليات الإقليمية القائمة. ومن الواضح أن الاستقرار في هذه المنطقة الكبرى سيكون الأساس لتحقيق النمو الاقتصادي وبناء الدولة للبلدان الأوروبية الآسيوية، ولذلك نرحِّب بآراء الوفود، بما في ذلك بشأن الصلة القائمة بين الأمن والتنمية. ونحن مقتنعون بأننا هنا، في الأمم المتحدة التي تتمتع بالشرعية العالمية، سنتمكن بشكل جماعي من اقتراح نُهُج مبتكرة لتناول مسائل تحقيق الاستقرار في المناطق الضعيفة يمكن تطبيقها لاحقا على أجزاء أخرى من العالم تشكل محط اهتمام مجلس الأمن.
وستشمل المناقشة ملاحظات يدلي بها السيد بان كي - مون، الأمين العام للأمم المتحدة، والسيد ن. ن بورديوزها، الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، والسيد ر. ك. عليموف، الأمين العام لمنظمة شانغهاي للتعاون، والسيد س. إ. إيفانوف، نائب رئيس اللجنة التنفيذية لرابطة الدول المستقلة. والدعوة موجهة أيضا إلى الدول الأعضاء في المنظمات الإقليمية المذكورة أعلاه وممثلي الدول المهتمة الأخرى للمشاركة في الاجتماع.