خلافا لعادتهم، لم يدافع المئة وثلاثون مشاركا في الاجتماع السنوي للعام الحالي 2017 لمجموعة بيلدربيرغ عن نفس المشروع، بل على العكس من ذلك، نظمت كل من وكالة الاستخبارات المركزية، والمخابرات البريطانية ام.اي 6، في أعقاب مداخلات دونالد ترامب في القمة العربية-الإسلامية-الأمريكية، وفي قمة حلف شمال الأطلسي، مناظرة بين أنصار مكافحة التطرف الإسلامي، وبين داعميه، تمحورت حول، ايجاد تسوية بين المعسكرين، أو أخذ العلم بالخلافات القائمة، وعدم السماح لهم بتدمير الهدف الأساسي للحلف، ألا وهو مكافحة روسيا.

فمن جانب معاداة التطرف الإسلامي ( بمعنى ليس معاداة الدين الإسلامي، بل الإسلام السياسي على نهج سيد قطب)، لاحظنا تواجد الجنرال ماكماستر (مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب) ومساعدته الخبيرة ناديا شادلو.

عملت هذه الأخيرة على كيفية تحويل الانتصارات العسكرية إلى انجازات سياسية، علاوة على اهتمامها البالغ بإعادة هيكلة الحركات السياسية في البلدان المهزومة. من المتوقع أن يصدر لها قريبا كتاب جديد حول مكافحة التطرف الإسلامي.

أما من الجانب المؤيد للتطرف الإسلامي في الولايات المتحدة، فقد سجلنا تواجد جون برينان (الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية)، وعدد من موظفيه السابقين منهم آفريل هينس، وديفيد كوهن (تمويل الإرهاب). ومن الجانب البريطاني، سير جون ساورس (الرئيس السابق لجهاز المخابرات ام16، ظهير جماعة الأخوان لفترة طويلة من الزمن)، إضافة إلى الجنرال نيكولاس هوتون (الرئيس السابق لهيئة الأركان الذي أعد خطة للاجتياح البري لسورية). ومن الجانب الفرنسي، الجنرال بنوا بوغا ( الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة لقصر الاليزيه، قائد القوات الخاصة في سورية)، إضافة إلى برونو تيرتريه ( محلل استراتيجي من المحافظين الجدد في وزارة الدفاع).

وأخيرا من القطاع الخاص، هنري كرافيس ( مدير صناديق استثمار ك.ك.آر، والمدير شبه الرسمي لصندوق تمويل داعش ).

تدفع لندن باتجاه تغيير نوعي في الشرق الأوسط. ففي حال تم الخلي عن نموذج "الربيع العربي" ( والذي يعتبر استنساخا للثورة العربية الكبرى عام 1916، التي كانت تهدف إلى استبدال الإمبراطورية العثمانية بالبريطانية)، تأمل المخابرات البريطانية ام16 خلق اتفاق جديد على أساس الإسلام السياسي، والتخلي، في تلك الحال عن الصراع السني-الشيعي، وإنشاء " هلال الإسلام السياسي" الممتد من طهران، إلى الدوحة، فأنقرة، مرورا بإدلب، وبيروت، وصولا إلى غزة.

الأمر الوحيد الذي يبدو أنه جرى التوافق عليه بين الحلفاء تجلى في ضرورة التخلي عن مبدأ الدولة الجهادية، هذا يعني التخلص من داعش، مع احتمال أن يستمر البعض منهم مع تنظيم القاعدة.

لهذا، وبعد ان بدأ القلق يساوره في البقاء على قيد الحياة، أرسل الخليفة "البغدادي" إنذارا تحذيريا لداونينغ ستريت، والاليزيه.

تحول المملكة العربية السعودية يتيح للملك سلمان تطوير الوهابية من مذهب متعصب، إلى دين طبيعي.

يقوم مشروع "الإسلام السياسي" على توحيد الأخوان المسلمين مع الخمينيين. مما يستدعي أن تستبدل إيران هذه المسألة، بالنضال ضد الامبريالية.

يأخذ البيت الأبيض هذا الأمر على محمل الجد، وقد رأينا كيف سمى دونالد ترامب طهران عدوه الجديد في خطابه بالرياض، وعين لتوه مايكل داندريا- واضع خطة اغتيال عماد مغنية في دمشق عام 2008- رئيسا للقسم الإيراني في وكالة الاستخبارات المركزية.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا