لم تكن مشاركة المملكة المتحدة في التخطيط للحرب على سورية، إلا لوضع الإخوان المسلمين في السلطة.

بيد أنه حصل في الأشهر الأخيرة تحول في اهتمامات لندن الرئيسية، التي صار سبب استمرارها في هذا الصراع، فقط إضعاف روسيا.

لقد رسمت رئيسة الوزراء تيريزا ماي، معالم سياسة لندن الخارجية، عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في خطابها الذي ألقته في مبنى بلدية لندن في 13 تشرين الثاني الفائت. وقد قام رئيس أركان جيوشها، الجنرال سير نيك كارتر، في 22 كانون ثاني من العام الجاري، بشرح كلمتها أمام المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث تابع لوزارته، مع تعديل وحيد في مسألة العلاقات مع الصين.

تعتزم السيدة ماي إعادة إحياء الإمبراطورية البريطانية، من خلال تكييفها مع متطلبات العالم الحديث: بريطانيا العالمية.

بمعنى أنها ستعمل على تنشيط التجارة الحرة العالمية، ولكن فقط عن طريق البحر، وليس من خلال خطوط المواصلات التي بدأت الصين في بنائها تحت الاسم الشائع "طريق الحرير". وفي الوقت نفسه، سوف تطلق جميع العمليات الممكنة، من أجل اتهام روسيا بأبشع الجرائم، والحصول على قرار باستبعادها من مجلس الأمن.

إن فكرة "بريطانيا العالمية" تستعيد تصور جورج بوش الابن لعالم أحادي القطب، إلا أنه هذه المرة، المملكة المتحدة - وليس الولايات المتحدة - التي تعتزم حكم الكرة الأرضية، وهي فكرة مناقضة للديمقراطية، لا يمكن فرضها إلا بالقوة.

إذا افترضنا أن العلاقات بين لندن وبكين تبدو جيدة حتى الآن، إلا أن رحلة تيريزا ماي إلى الصين في أواخر شهر كانون ثاني الماضي، لم تكن موفقة، بل كانت سيئة للغاية.

من المؤكد أنها تفاوضت على عقود مهمة، لكنها استشاطت غضبا من الرئيس الصيني، شي بخصوص مشروعه الكبير، "طريق الحرير" الذي رفضت تقديم أي دعم له. هذا يعني أن لندن سوف تدعم، من دون أن تظهر ذلك بالضرورة، جميع الصراعات التي ستنشأ على مسارات هذا الطريق، ربما في الأناضول، طالما أن بكين قد تخلت عن فكرة إنشاء ممرات عبر سورية.

من هنا، من منظور "بريطانيا العالمية"، ينبغي علينا أن نفهم المحاولات الثلاث التي جرت هذا الشهر لتنفيذ هجمات كيميائية تحت علم زائف في الغوطة، هجمات أحبطتها المخابرات السورية إثر الاستيلاء على مختبرات سرية لتصنيع الأسلحة الكيميائية في الأفتريس والشيفونية. ومن هذا المنظور أيضا ينبغي أن نفهم قضية سكريبال، الجاسوس الروسي الخائن الذي تعرض لهجوم كيميائي في سالزبوري.

ذُهلت المملكة المتحدة بالأسلحة الروسية الجديدة التي تم نشرها في سوريا. لذلك قررت البدء بإطلاق ابتكارات تقنية جديدة. هذا فضلا عن اقتناع لندن بأن الحرب ضد روسيا، سوف تتطلب وجود قوات على الأرض، لاسيما في أوروبا الوسطى. وبالتالي سوف يترتب على جيشها أن يجري قطيعة مع تشكيلاته الحالية، وتكوين تشكيلات جديدة ضخمة.

ومع ذلك، فإن الجنرال كارتر مقتنع بإمكانية الفوز بأي "حرب جيدة" عبر وسائل الإعلام، أكثر من الفوز بها في ساحة المعركة. لذلك قام بتطوير وحدة غير نظامية، اللواء 77، الذي قام جنوده المستعربون بتصميم شعارات الجهاديين، وهو يعمل بالتواصل مع لواء الشؤون المدنية 361 في الولايات المتحدة.

كما تمت إضافة هذه الآلية إلى الشركات التي أنشأتها المخابرات البريطانية، ام.آي6، والتي صممت على سبيل المثال، لا الحصر، كافة شعارات المنظمات الجهادية في سورية.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan #2865
(PDF - 175.2 كيليبايت)