يشهد تعيين الأخضر الإبراهيمي، البالغ من العمر 85 عامًا، رئيسًا للمؤتمر الوطني الجزائري، المكلف بتنفيذ المرحلة الانتقالية الموعودة قبل عشرين عامًا، لكنها لم تُطلق أبداً، على من يمسك بخيوط اللعبة اليوم في الجزائر العاصمة.

يدعي الأخضر الإبراهيمي أنه ينحدر من عائلة مقاومة، بينما كانت هذه العائلة تقف وراء مجزرة الدكيميا في نيسان 1948.

وكان الإبراهيمي آخر شخص استقبل مهدي بن بركة عام 1965، ثم أبلغ أجهزة المخابرات المغربية بنوايا أمين مؤتمر القارات الثلاث، مما ساعد على اختطافه في باريس، واغتياله.

ترأس في عام 1982 اتفاقات الطائف التي وضعت حداً للحرب الأهلية في لبنان، وعهدت إلى سوريا بنشر قوة سلام هناك. والأهم من ذلك أنه فرض نظاماً طائفياً يمنع لبنان بحكم الواقع من التمتع بسيادته الكاملة.

وكان في نهاية عام 1991، أحد الأعضاء العشرة في المجلس الأعلى للأمن الجزائري الذي أقال الرئيس الشاذلي بن جديد من منصبه، وألغى الانتخابات البلدية وحرض على نشوء العشرية السوداء.

كما دعا في عام 2000 إلى إنشاء جهاز استخبارات داخل إدارة الأمم المتحدة، مما جعله غير قابل للإلغاء من قبل الأمناء المتعاقبين العامين للأمم المتحدة.

وبناءً على طلب واشنطن، أبرم في عام 2001، اتفاقيات بون التي أنهت التدخل الأمريكي البريطاني، في أفغانستان، ووضع حامد كرزاي (داعم داعش في المستقبل) في السلطة.

يتذكره السوريون حتى الآن كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في عام 2012. وقد خلف كوفي عنان، لكن بمهمة جديدة. ولم يعد لديه لقب "مفاوض"، بعد أن استقال عنان من تلك المهمة، قائلاً إن القوى العظمى هي التي عرقلت السلام في سورية.

وكان الإبراهيمي بقدم تقاريره أولاً ومباشرة إلى جيفري فيلتمان، السفير الأمريكي السابق في بيروت، ثم مساعد هيلاري كلينتون في وزارة الخارجية وأخيراً الرجل الثاني في الأمم المتحدة.

لم نكن نعرفه في ذلك الوقت، ولم نكتشفه إلا في وقت لاحق، عندما وقعت هذه الوثيقة المذهلة في أيدي الدبلوماسية الروسية : كانت خارطة الطريق الخاصة بها هي خطة فلتمان-بيرتس للاستسلام الشامل وغير المشروط لسورية.

عاد اليوم مدني مزراق، الرئيس التنفيذي للجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ، إلى الساحة الجزائرية. وهو لا يتردد في الاعتماد على اتفاق سري (مع من؟) يسمح له بممارسة السياسة مرة أخرى على الرغم من عشرات الآلاف من الضحايا التي تعزى إليه.

الرسالة واضحة : ينبغي على الجزائريين الصمت والطاعة، وإلا فإن مذابح العشرية السوداء يمكن أن تبدأ من جديد.

وفي هذا السياق، يبدو تعيين الأخضر الإبراهيمي أمرا منطقيا.

عندما كان مسؤولاً عن الملف السوري، حارب من أجل "حل سياسي" يشمل اعتقال الرئيس بشار الأسد واستبداله بأستاذ السوربون، برهان غليون. وعلى الرغم من أنه أحد المتعاونين مع "الصندوق الوطني للديمقراطية"، وعلى الرغم أيضاً من كونه من أنصار سورية غير طائفية، إلا أنه كان يكتب جميع خطب عباسي مدني، القائد السياسي للجبهة الإسلامية للإنقاذ، أثناء منفى الأخير في قطر.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي