وجريدة "دار المدى" اليومية نشرت يوم الأحد 25 يناير 2004 قائمة لحوالي 270 شخصية وشركة أجنبية ، تدعي الجريدة أنها تلقت تلقت أجورا من قبل " صدام حسين " منذ عام 1999 ، وبأنها قد تلقت مكافآت من قبل النظام العراقي السابق بقيمة ملايين من براميل النفط العراقي،وذلك في خضم الحديث عن برنامج " النفط مقابل الغذاء " أي في صميم أزمة التغذية التي عانى منها الشعب العراق سنوات الحصار الاقتصادي العجاف . و من أجل تأكيد هذه المعلومة ، جريدة المدى اليومية أظهرت الكثير من الوثائق لتعزيز ما أذاعته .

في الغد من يوم نشر الخبر ، مجلس الحكم الانتقالي بالعراق يؤكد هذه المعلومات ، " عبد الصاحب سلمان قطب " ، الناطق الرسمي لوزارة البترول ، أعلن أنه سيقدم لاحقا قائمة كاملة بأسماء من تعاطوا مع النظام العراقي ضد ثروات شعبه ، وبأنه سيلاحق قانونيا هذه العصابة من الخونة التي استنزفت مقدرات الشعب العراقي . وبناءا على التأكيد الرسمي ، قامت الجريدة الفرنسية "لوموند"يوم الأربعاء 28 يناير 2004بتمرير هذه الاتهامات مقدمة في ذلك ما يتعلق بالشخصيات الفرنسية التي كذبت الخبر .

اليوم الموالي ، الصحافة الغربية تستعمل هذا الاتهامات وتروج لها ، بعض الجرائد الأمريكية لم تتوانى في اخراج كل الوثائق التي تدعم الخبر والتي كان أغلبها وثائق للنظام العراقي ، هذاالنظام الذي اشترى فرنسا بين قوسين على حد زعم الأمريكان في رسالة واضحة الى شعوب العالم لتبرير نهجهاالاستعماري للعراق .

وعلى الرغم من هذه الاتهامات المتضمنة في هذه الوثائق التي لا تقاوم حتى قليلا من التفكير والتحليل . فعلى سبيل المثال تذكر الجريدة أن النائب البريطاني " جورج جالوواي " المناصر للمنهج السلمي في حل أزمة العراق سابقا ، تذكر الجريدة أنه تلقى 15 مليون برميل من البترول!!!!!! ، ونتساءل نحن ، لنقل هذه الكمية من البراميل كان لزاما على هذا النائب أن يستأجر سبعة من ناقلات النفط " سوبر تانكرز" وكان علىهذه الناقلات أن تجتاز التراب العراقي دون أن تعلم بها قوات التحالف الأنجلو الأمريكي ، وفي زمن مفروض فيه الحصار الآقتصادي على العراق!!!! . وكان لزاما على النائب بعد ذلك أن يستهلك هذه الكمية من النفط في السوق العالمية بحذر حتى لا تضطرب موازنات هذه السوق!!!!!!، هذا مثال ، ومثال آخر من أمثلة التخاريف التي تصلح على باقي الشخصيات التي تظهر على القائمة التي أذاعتها الجريدة ، نذكر " عبد المجيد عطار " وزير النفط الجزائري السابق الذي وجد اسمه هو الآخر على القائمة ، طاللع ان شئت المقال الذي أوردته جريدة " دار الحياة " على صفحتها الانجليزية ، أو تصفح الرابط التالي لتعرف المزيد عن حقائق الأمريكان ، واللبيب بالاشارة يفهم ..

شيرهنا الى أن جريدة "دارالمدى" قد أنشئت في بغداد في نوفمبر 2003 ، من قبل رئيس الحركة من أجل السلام "فخري كريم " وهو مسؤول معروف يقف وراء الحملة الدعائية للحزب الشيوعي العراقي ، وقد فر من العراق لاجئا اثناء حكم صدام ، وابتداءا من تاريخ حرب الخليج الأولى 1991 ، تمت هناك لقاءات بين حزبه وبين المخابرات السعودية ، والتي أبدت مساندتها لهذا الحزب في حملته للاطاحة بالنظام العراقي . " فخري كريم " ترأس البعثة التي استقبلت من قبل الرياض ، وعند عودته الى دمشق يصرح لأصدقائه أنه قد رفض الأموال التي عرضها عليه النظام السعودي ، دون أن يتوانى في دعم قوات التحالف في قصف بلاده ، في حين الاستخبارات السعودية لم تتأخر في نفي ذلك في انتظار استثمار لاحق مع هذا لأخير .
فخري كريم ينفى بعدها من حزبه باعتباره خائنا ، ليعود غنيا فجأة و بعد أشهر قليلة ، ويؤسس دارا للنشر وجريدة تدعى "دار المدى " ببيروت
عاد " فخري كريم " الى بغداد عام 2002 مع قوات التحالف ، وقد ساعدته هذه القوات على انشاء الحركة من أجل السلام التي تضم العراقيين العائدين من المنفى ، والمقبولين من طرف الولايات المتحدة الأمريكية ، وفي هذاالجوالحيوي للأمريكان تمت تنشئة العناصر الموالية للادارة الأمريكية .

حسب مصادرنا في العراق ، فان ثروة " كريم فخري " والتي حصل عليها فجأة ، تكمن في أنه قد اشترى محلات عدة ، وعتاد مستورد يخدم الجريدة اليومية التي أعلن بدءها ، وكذا القناة التلفزية الفضائية التي يزعم انشاءها ، وقد حصل على تشجيعات من ذلك الانساني المضلع جورج سوروس ، الذي وفر له محفزات ومحركات الاستثمار ، وكذا دعم الهيئة الديمقراطية الأمريكية " النيد" "ناشنل أندومنت أوف ديمكراسي " الواجهة الشعبية لجهاز المخابرات الأمريكية التي كانت وراء دعم وتأطير مراسلي الحسابات العالقة مع فرنسا والمانيا وكل دول العالم لالتي عارضت غزو العراق ..
حكومة " بول بريمر " طمأنته شخصيا أنه لن ينقصه شيء من مستلزمات عمله الصحفي ، أما رجل الأعمال السابق لجريدة " صوت أمريكا " فقد تنقل شخصيا اليه الى ابغداد لتقديم مزيد من النصائح والتوجيهات والدعم .

دار المدى اذن هي في حقيقتها يومية " مستقلة " للعراقيين على الأقل ،وليست في شيء ما للتحالف
.
في بعض الظروف ، يصعب علينا فهم كيف أن شخصاما يفقتد الى أبسط أشكال الشرعية ، كيف يمكنه أن يسمم الصحافة الغربية وذلك بنشره لمعلومات غيردقيقة ، وأخبار لماض بعيد لا تستند الى أي أبسط دليل مثل ما أتهم به النائب البريطاني "جورج جالوواي"

متهم آخر على القائمة ، وزير النفط الجزائري السابق " عبدالمجيد عطار ، هذا الأخير كذب الخبر في مقال مستفيض نشرته جريدة " دارالحياة " تجده علىالرابط التالي

مسار عملية التضليل هذه باتت معروفة في بعض جوانبها ، ومعلوماتنا تفيد ان الوثائق المقدمة كأدلة ، هي في الحقيقة وثائق تمت فبركتها في المملكة البريطانية المتحدة ، من قبل مجموعة اعلامية محدودة النشر وغير معروفة بالوسط الاعلامي ،وهي نفسها التي اعتنت بتقنين برنامج " النفط مقابل الغذاء " ، أو على الاقل بعض أعضائها ، فهي اذن قانونيا مأجورة من قبل لجنة العقوبات الدولية التابعة للأمم المتحدة ، ومن غريب الصدف ظهور بعض الأسماء جزافا على القوائم المقترحة من قبل هذه المجموعة لتخفي تلك الفلسفة وذاك المنطق المعتمد في انتقاء من أريد لهم الانتقاء على القوائم، و لتكون المحصلة في النهاية تجريد كل من عارضوا الحرب على العراق من أي شرعية ، بحجة أنهم كانوا مرتشين من قبل صدام حسين . ونشير هنا الى أن القائمة قد نقلت من قبل " ديوان العلاقات العامة " الى يومية " دار المدى " التي كانت تعرف تماما ماهو المطلوب منها تنفيذه دون محاولة للفهم أو تقصي الحقائق .وبعدما تمت العملية بنجاح، و نقلت المعلومات والقائمة المسربة بنجاح الى موقع
ايلاف الذي يديره أحد المقربين من الملك المغربي الحسن الثاني، لتتم في
الأخير ترجمة هذه المعلومات الى مختلف لغات العالم بسرعة هائلة من قبل ما يعرف بالميمري ميدل ايست ميديا روسيرش انستيتيووكالة صحفية يقف وراء تأسيسها ضباط التسحال
. وقد كان من شروط نجاح هذه الاتهامات ، هو اختيار بعض الشخصيات غير المرغوب فيها من الصحافة الغربية والتي يمكنها تصفية الحسابات معها بأقل الأثمان ، وفي السياق ذاته يأتي اتهام كل من " شارل باسكوا " ، و " باتريك موجين " ، و " جيل مينييه " في محاولة التشويش والضغط على الرئيس الفرنسي جاك شيراك .

الشركات والأشخاص الذين اتهموا في ال46 دولة كلهم قدموا اعتراضهم وتكذيبهم على هذه الدعاوي ، ولا أبسط دليل قدم لتأكيد هذه الاتهامات من قبل "دار المدى " ، في حين يشير موقع " ايلاف " فقط الى أن كريم فخري له معلومات سرية سيتم الكشف عنها لاحقا ،وبأن هذه المعلومات لا علاقة للادارة الأمريكية بها اذ لو كانت لها علاقة بها لما نشرتها على حد تعبيره في تحليل بسيط على مايبدو !!!، وكالعادة يصدق أصدقاؤنا الصحفيون أنه كانت هناك ثمة طائرة اصطدمت بمبنى البنتاغون بواشنطن، وأن نظام صدام حسين كان يهدد الأمن العالمي بأسلحة الدمار الشامل، واليوم الكل يصدق أن الدول التي عارضت الحرب ، عارضتها بسبب أنها كانت مرتشاة من قبل صدام حسين ، ولعل هذا باختصار مايريد قوله العم سام لأبنائه الظرفاء في العالم ، وستنبؤنا الأيام ماكنا نجهل ، ويأتينا بالأخبار من لم نزود .

ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: رامي جميع الحقوق محفوظة 2004©