برنارد ب.كريك في زيارة الى العراق

برنارد ب كيرك،عيّنه جورج بوش المدير السابق لشرطة نيويورك، سكرتيرا لأمن الدولة، بدلا عن "توم ريدج" الذي استقال. مجلس الشيوخ أيـّد ببساطة هذا التعيين لأن " بيرني" كما يلقبونه، شخصية شعبية. من هنا فصاعدا، النائبان الديمقراطيان لنيويورك، شارل إ.شومر و هيلاري ر.كلينتون، أعطيا دعمهما له [1] .

الأمريكيون يعرفون " بيرني" كرئيس شرطة نيويورك الذي نظم خطابات 11 سبتمبر 2001 في" مركز التجارة العالمي"، مساعدا في إخراج 20.000 شخص. تعلموا احترامه بعرض مذكراته التي بيعت بالملايين : " The Lost Son, a Life in Pursuit of Justice "

( الطفل الضائع، حياة في مطاردة العدالة) [2] . روى كيف أن طفلا تركه والده في سن الثانية، تبناه رجلا كان واحدا من المطاردين قانونيا و الذي كان يسيء معاملته. في سن 14، علم أن والدته كانت عاهرة، و أنها عـُذبت و قـُتلت. هاربا من المدرسة، غرق في الجنوحية. لكن عشقه للفنون القتالية أنقذه. حصل على الحزام الأسود في سن 18، انخرط في حرب كوريا كشرطي عسكري، أين تعلم فن " تاو كوون". مدركا فدائيته في خدمة العلم، قاد مهنة استثنائية إلى أن وصل إلى منصب وزير في إدارة بوش الثانية.

حكاية مثالية كهذه لا يمكن العثور عليها إلا في أمريكا، يعلق "أرنود دو بورشغراف" في الواشنطن بوست [3] .

غير أنه إن كانت كل تلك العناصر البيوغرافية صحيحة و رومانسية، فإن المتتيع للأحداث أبعد ما يكون من استيعاب المهنة الحقيقية ل"بيرني".

والحقيقة أن برنارد ب.كيرك تورط في كوريا عند إنشاء مكتب الحرب السيكولوجية (OCPW) [4] للعميد روبرت ماكلور. ثم بعودته إلى الولايات الأمريكية ببضعة أشهر، حُوّل إلى الفرقة الـ18 للمظليين كمعلم للمدرسة الجديدة للحرب السيكولوجية التي أنشأها فورد براغ.كما شارك في تكوين الفرقة العاشرة للقوات الخاصة، بمن فيها تلك الخاصة ب" ستاي بيهاند" الدولية، بالخصوص مع ضباط فرقة "الصدمة" للمظليين الفرنسية رقم:11، للجنرال بول أوساريس و العقيدين "داك فوكار" و " جاك مورليان" [5] . و الحال أنه أُرسل إلى العربية السعودية لضمان حماية، إن لم نقل مراقبة، الملك ابن عبد العزيز، الذي أخذ خلافة والده ابن سعود. هذاالملك الذي عرف عنه الادمان على الخمر و عدم كفاءته ،ماأدى الى إزالته رسميا من قبل مجلس العلماء.

ترك برنارد كيرك بزته و صار يتصرف كحارس شخصي. دون أن يترك مصالح الاستعلامات الخاصة. بنهاية تلك المهمة، عاد برنارد كيرك إلى الولايات الأمريكية، أين عُيـّن كشرطي لمجلس "Passaic" (نيوجيرزي). بسرعة صار قائدا لفرقة العمليات و الأسلحة الخاصة ( المنحدر من (GIGN ) و(RAID) الفرنسية )، قبل أن يُعيـّن مديرا للإدارة الإصلاحية للمجلس، و هو المنصب ذو المسؤولية العليا بما أن " باسايك" تضم أكبر مركب للسجون في نيوجيروي.

متخليا عن هذا العمل المربح، قرر سنة 1986، الالتحاق بشرطة نيويورك لمحاربة الجريمة. قاد عملية تسلل لـ"كارتل كالي" الذي انتهى إلى القبض على 60 من المهربين، و ضبط 10 أطنان من الكوكايين و 60 مليون دولار نقدا. متورطا في السياسة، صار خارج ساعات العمل حارسا شخصيا و سائق رودولف جيلياني [6]، المرشح الجمهوري للبلدية، عام 1993. الرجلان أبرما صداقة. فيما بعد زيـّن كيرك مكاتبه المتعاقبة بصــــورة الكولونيل "أولبيفر نوث " البطل" من عهد ريغان ، من زمن " إيران غيت".

في 1994، بانتخابه جديدا، عينه رودولف جيلياني، رئيسا للإدارة الجنائية. وضع منظومته الشهيرة للتطوير الموظفين "TEAMS " [7] . خفـّض من غيابات الحراس بنسبة 31%، و عن طريق الحصيلة لـ44% من التكاليف المرتبطة برواتب الساعات الإضافية لتعويض تلك الغيابات. وفق إحصائياته الخاصة، فقد حد أيضا بنسبة76% من استخدام القوة من قبل الحراس و بنسبة 93% من حالات الاغتصاب بين المحبوسين. أرقام أثارت الجدال كثيرا.

في عام 1998، عُيـّن برنارد كيرك من قبل جيلياني مدير شرطة نيويورك، أكبر شرطة محلية في الولايات الأمريكية. قاد 41.000 و سيـّر ميزانية سنوية بقيمة 3.2 مليار دولار. تقديرا لوظائفه الماضية، سنة 2000 ، أعيد تسمية السجن المركزي لنيويورك ب: "مركـّب برنارد ب.كيرك".

الحاخام " ليب غلانز يصلي في
المركب الإصلاحي برنارد ب.كيريك
12 ديسمبر2000

مقدما أهدافه في معهد مناتان [8]، وضع برنارد كيريك رَفـْعْ من معنويات الشرطيين، و تحسين العلاقات بين المقاطعات كهدف للحد من الجريمة.

كنقطة أولى، الصحافة الجمهورية رغبت في الإعلان عن انخفاض الجريمة النيويوركية طوال عهدتي رودولف جيلياني، عندما كانت الشرطة مسيـّرة من قبل وليام براتون، ثم من قبل برنارد ب.كيريك.وقد في ذلك دليلا على فعالية نظريات " النافذة المكســـورة" و" التسامح الخالي". غير أن الصحافة الديمقراطية تذكـّر أن ذلك الانخفاض بدأ في نهاية عهدة الديمقراطي دافيد دينكين و أنه تم ملاحظتها في الوقت نفسه في العديد من المدن الكبيرة بمعزل عن الخيارات السياسية. لا شيء يثبت إذن فعالية العقيدة القمعية المطلقة التي وضعت للتطبيق، بينما الجميع يتأكد من النتائج الاجتماعية المدمـّرة.

بالنسبة للنقطة الثانية، نسى برنارد كيريك، الانسداد الذي أحدثه سابقه معترضا على أي تفاوض نقابي حول ظروف العمل. أمـّا عن النقطة الثالثة، فلم يقدر على تغيير أشياء كثيرة من السلوك العنصري للشرطة البلدية.

بالنسبة للحرب ضد الإرهاب، أسس برنارد كيريك، مركزا للقيادة " التكنولوجيا الرفيعة"، الذي وضع في الطابق الـ23 من المركز التجاري العالمي، مع قاعات خاصة في الطابق السفلي للمبنى. هذه التجهيزات الباهظة لم يتم استعمالها، بما أنه تم تدميرها أثناء أحداث 11سبتمبر 2001. و مهما يكن، حظي برنارد كيريك يومها باعتراف من قبل مواطنيه لتنظيمه عمليات الإنقاذ. باختصار، حتى ظهور تقرير اللجنة الرئاسية حـول الأحداث و الذي كشف أحد
المخبرين، سكرتير سابق لأسطول جون فورد ليهمان" عن المنافسة بين شرطة نيويورك و
رجال المطافئ الذين في قمة الأزمة، جعلوهم أقل فعالية كمتطوعي استكشاف" «boy scouts»

نهاية 2001، دوّن مذكراته مستعملا مكاتب التوثيق و التحرير الخاصة بالشرطة. فيما بعد، تم تغريمه بمبلغ 2500 دولار بتهمة توظيف موظفين من الدائرة لأغراض شخصية.

برنارد ب. كيريك ( على اليمين) و رودي جيلياني
(أمام المقرأ)

على غرار عهدة صديقه رودولف جيلياني، ترك برنارد كيريك، شرطة نيويورك للاشتراك في التجارة مع مديره السابق، في إطار مكتب " جيلياني و شركائه"، و هو مكتب للاستشارة الأمنية الحضرية. الشركة التجارية تختص في تصدير الطراز النيويوركي إلى أمريكا اللاتينية: كيف يمكن ضمان راحة الأغنياء بمعاقبة الفقراء.

في مايو 2003، عيـّن دونالد رامسفيلد، برنارد كيريك قصد إنشاء شرطة في العراق. وجد متعة العودة إلى الأرض العربية التي صنعت مساره في العربية السعودية، و تزوج في المرة الثانية من سورية. في ثلاثة اشهر، قام باجراء " تربصات في الديمقراطية" لـ40.000 شرطي منحدر عن نظام صدام حسين [9] . لأجل ذلك، نقل العمال إلى الأردن لضمان حمايتهم من هجمات المقاومين. زودهم بالأسلحة الجديدة، اشترى بقيمة 1.2 مليار من المعدات، في الوقت الذي كانت فيه شرطة صدام معدة جيدا [10] . ممتهنا عمالة الوظائف لوزارة الداخلية، تم إطلاق عليه اسم " ترميناتور بغداد" بالنظر إلى الطرق السريعة التي استعملها للتخلص من بعض الشرطيين العراقيين البعثيين.

بشكل قطعي أوصل كيريك الشرطة العراقية إلى 80 ألف رجل، لكن سيضطر خليفته إلى خفض العدد إلى 46 ألف بعد سلسلة التمرد.

خاض برنارد كيريك، الحملة الانتخابية لصالح جورج بوش في 2004. أخذ الكلمة أثناء " اتفاقية الجمهورية لإحياء " العالم أكثر ثقة " الذي أوصته لنا " الرئاسة القوية" للعهدة الأولى. ثم في حوار لنيويورك دايلي نيوز، أكد أن وحده الرئيس المصمم يمكنه ردع" الإرهابيين" عن ارتكاب هجمات أخرى، بينما مع رئاسة كيري سنرى جيدا ما سيحدث!.

في أول ديسمبر2004، افتتح جيلياني بارتنر مكتب مراقبة الحسابات الدولية " Ernst & Young ". يومان من بعد، عيـّن برنارد كيريك، سكرتيرا في أمن الوطن.

معلقون ديمقراطيون أعلنوا أن السيد كيريك مكلف بتحضير ترشح رودولف جيلياني إلى البيت الأبيض لانتخابات 2008، و عليه أن يهتم أيضا بتمويل تلك الحملة.

نترجم عبارة " Homeland Security" بـ" امن الوطن" و ليس " الأمن الداخلي". طبعا، صلاحيات المؤسسة لا تتحدد على أساس امن التراب، لكن تشمل أيضا تلك المتعلقة بالمواطنين الأمريكيين في الخارج. تلك المصلحة تم تأسيسها بضم 22 وكالة حكومية، إبان أكبر إعادة تنظيم إداري منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. في فكر كارل روف، مدير مكتب البيت الأبيض، كان ذلك الإصلاح طريقة لمسح القوانين الشخصية لموظفي تلك الوكالات و دمجهم في بالقوة في قانون واحد. رسميا، كان الأمر يتعلق بتنسيق عمل هذا و ذاك، لكن، إلى الآن بدا الموضوع مستحيلا، بسبب نقص الميزانية التي تشرف على 18000 موظف معني.

عدم الخبرة الكاملة لبرنارد كيريك في مجال مكافحة الإرهاب (عدا ما يمثل مكافحة المقاومة العراقية) و على عكس فعالياته الكبيرة في مجال الحرب السيكولوجية، و التسللات و القمع، يمكن التخوف من أن مؤسسة امن البلاد تتحول إلى أداة ضخمة للسيطرة الاجتماعية، في نفس ما كان عليه مكتب الاستخبارات لـ" ج.ادغار هوفر" أثناء " المكارتية".

ولا يهم، أن تعلن شركة " ميراماكس" عن نيتها لحمل إلى الشاشة السيرة الذاتية الأسطورية لأشهر شرطي في الولايات الأمريكية المتحدة.

ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: ياسمينة صالح جميع الحقوق محفوظة 2004©

[1" Bush Names Ex-Police Chief to Top Security Post " بقلم : ريتشارد ستيفانسون و كريستوفر دريو، نيويورك تايمز، 3 ديسمبر 2004.

[2" The Lost Son, a Life in Pursuit of Justice "، بقلم برنارد كريك، منشورات ريغان بوك، نوفمبر 2001.

[3" Only in America " بقلم : أرنود دو بورشغراف، واشنطن تاينز، 6 ديسمبر 2004. الصحفي نفسه وجه من المرتزقة و مناهضة الشيوعية، صار واحد من أقوياء الصحافة.

[4" Office of the Chief of Psychological Warfare "

[5اقرأ " ستاي بيهاند، شبكات التدخل الأمريكية" بقلم تيري ميسان، فولتير 20 أغسطس 2001.

[6" الحكاية الاجرامية ل" رودي جيلياني" بقلم: ادجارد كونزاليس رويز، فولتير، 6 سبتمبر 2004.

[7" Total Efficency Accountability Management System ".

[8" معهد مناتان، مخبر المحافظية الجديدة" بقلم : بول لابريك، فولتير، 15 سبتمبر 2004.

[9أنظر " Baghdad City Cop " بقلم: برنارد كيريك، وال ستريت جورنال، 28 سبتمبر 2003، قدمها في " حقائق و أوهام في العراق" عمود دولي حر رقم 198، فولتير،29 سبتمبر2003.

[10" Questions are Raised on Awarding of Contracts in Iraq " بقلم باتريك تيلر و ريموند بونير، نيويوك تايمز،4 أكتوبر 2003.