أدهشني اعلان على شاشة التلفزيويون السوري عن أحد البرامج التي ينوي بثها ، وهو شيء من قبيل منبر المشاهدين يناقش فيه احدى القضايا التي تهم المواطن ، وهي في هذه المرة قضية ارتفاع أسعار المنازل !!! ولفتني انه يطلب من المشاهدين ان يدلوا برأيهم في هذه القضية الهامة فعلا عبر اجهزة الموبايل مجيبين على اسئلة عدة ادهشني احدها ، وهو من المسؤول ؟ . نظرا لما فيه من سريالية ثقافية وتناقض في الصيغة تجعل الاجابة على هذا السؤال في احسن احوالها نوع من ممارسة الامية والتأكيد عليها عبر ضجيج بلا اي معنا سوى ممارسة الكلام ومن ثم الكلام ومن بعده الكلام عسى ولعل في مستقبل من الايام يشكل المواطن ثقافة قد تفيده في حل هذا اللغز البديهي .

من المسؤول ؟ ببساطة ووضوح هو وزير الاسكان ليس بصفته الشخصية وليس بظروفه الادارية المعروفة او المعتم عليها … والسؤال برمته نافل لأنه ينتظر اكتشاف المكتشف ، وهنا لا أناقش مسألة ادارية او اتفوه بشكوى شجاعة ، فالموضوع هنا يتناول ثقافتنا المجتمعية التي وعلى ما يبدو ينتفي منها بند العقد الاجتماعي الذي يسلف الثقة لاناس يقومون بادارة شؤونه ، واذا استثنينا قدرتهم على المحاسبة ، ما يجعل تسليف الثقة يضاعف المسؤولية ، نصبح وجها لوجه مع المسؤول ذاته او بالأحرى المسؤول في مواجهة ذاته ، فمع كل ضجيج ارتفاع اسعار المنازل لم يسمع المواطن اي تصريح من وزارة الاسكان ولا هو طلب ذلك معتبرا ان لا حق له بالسؤال وهنا بيت القصيد ثقافيا ( على الأقل )

فالذي لا حق له لا يعتبر ان للآخرين حقوقا وبالتالي يحق له تحويل سوق العقارات الى شوربة يغرف منها ما يشاء او مقامرة يخسر فيها ما يشاء ، وعندما ينتبه المسؤول تكون الفاس وقعت في الراس فيصدر قرارات زجرية تضاعف من ارباح المخالفة واثمانها ، عبر طاولات البيروقراطية التي تتدخل في كل شاردة وواردة في عمليات انشاء المنازل عدا استراتيجية هذه المسألة .

السؤال نفسه سوف يتكرر .. لماذا واقعنا التعليمي هكذا ومن المسؤول ؟ ولماذا واقعنا الثقافي هكذا ومن المسؤول ؟ ولماذا واقعنا الفلاني هكذا ومن المسؤول ؟ … انه الوزير والتلفزيون السوري بتنكبه هذه المسؤولية عليه ان يكون واضحا ليس فقط بتنكبه مسؤولية تمثيل الناس وانما بمقدرته على تمثل وجهة ثقافية كمنبر يستطيع التأثير في ثقافة الناس كي تصبح اكثر وضوحا ودقة . ان سؤال من المسؤول هو سؤال ثقافي مجتمعي .. وهناك اجابة عليه وعلينا عدم المساهمة في مغمغة الموضوع تحت شعار المشاركة .