قالت جينيفر ميللر وايز المتحدثة باسم وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي أي إيه) ان التقارير حول الوكالة تفقد اهميتها غير المنطقية، موضحة انه تقرر زيادة أعداد المحللين والعملاء بنسبة 50 في المائة بموجب خطة غير معلنة. وجاءت تصريحات ميللر وايز بعد نحو شهرين من تولي جون نجروبونتي منصبه الجديد كرئيس لجميع أفرع الاستخبارات الاميركية، وتقارير خبراء ذكرت ان وضع وكالة الاستخبارات ـ كمركز لتحليل ومقارنة المعلومات عن القضايا الهامة بما فيها محاربة الارهاب ـ اخذ في التأكل. ويقول خبراء ان جهود اصلاح مجتمع الجاسوسية المكون من 15 وكالة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 على الولايات المتحدة الى جانب الاخطاء حول قدرات العراق التسلحية قلصت وضع المخابرات المركزية على عدة جبهات. ويهدد انشاء المركز القومي لمكافحة الارهاب الجديد للقيام بأعمال التحليل والتخطيط العملياتي بسرقة دور المخابرات المركزية كمركز رئيسي لمعلومات المخابرات عن الجماعات الدولية المتشددة بما فيها تنظيم «القاعدة» الذي يتزعمه اسامة بن لادن.

ويقول خبراء انه منذ تولي نجروبونتي مسؤولية تقديم البيان الاستخباري اليومي الموجز للرئيس الاميركي جورج بوش، أصبحت وكالة المخابرات المركزية التي كانت تحدد يوما فحوى محتويات التقارير مجرد مساهم الى جانب اخرين مثل وكالات الاستخبارات التابعة لوزارتي الخارجية والدفاع (البنتاغون). ويقول مسؤولون سابقون ان هذه التطورات اثارت تكهنات بان المخابرات المركزية قد تفقد مهمتها التحليلية بالكامل لصالح نجروبونتي وتصبح مكرسة فقط لجمع المعلومات.

وقالت ميليسا بويلي ميهل وهي ضابطة سابقة بالمخابرات المركزية «هناك قدر كبير من القلق...انهم ليسوا متأكدين من كيفية اندماجهم في مجتمع المخابرات الجديد كما أنهم ليسوا واثقين من أنهم في موقع سلطة يخولهم حق تشكيل الرؤية». ونفت جينيفر ميللر وايز المتحدثة باسم المخابرات المركزية ان الوكالة تفقد أهميتها، وقالت انه تقرر زيادة أعداد المحللين والعملاء بنسبة 50 في المائة بموجب خطة غير معلنة.

وقالت «هذه وكالة آخذة في التنامي.. آخذة في التحسن.. تزداد قوة.. منظمة تركز على العمليات وتجند الكثير من الناس في مختلف أنحاء العالم»، وأضافت ان القدرات الاستخبارية البشرية للمخابرات المركزية التي لا تضاهى تقوم بدور حيوي في الحرب على الارهاب.

واتفق لي هاميلتون النائب السابق لرئيس لجنة 11 سبتمبر مع هذا الرأي، وقال «المخابرات المركزية لا تزال وكالة التجسس الاولى ولا أعتقد ان دورها تقلص، ووجهة نظري الشخصية هي انها باتت أكثر تركيزا»، وقال ريتشارد بوسنر القاضي الاميركي ومؤلف كتاب «منع الهجمات المفاجئة.. اصلاح المخابرات في أعقاب 11ـ 9» ان «هناك احساسا بأن المخابرات المركزية محاصرة بدرجة كبيرة». وقد تأسست المخابرات المركزية الاميركية عام 1947 مع اندلاع الحرب الباردة وظل ينظر اليها على مدى اجيال على أنها المحرك القوي والسري للصراع الذي جرى في القرن العشرين بين الشرق والغرب، ورغم ذلك الا انها منذ هجمات 11 سبتمبر تعرضت لانتقادات شديدة في تقارير رسمية بسبب دورها في فشل عمليات استخباراتية كبيرة، وتواجه أخيرا منافسة جديدة من جانب مكتب التحقيقات الاتحادي والبنتاغون لقيامهما بأنشطة استخباراتية متنامية، لكن المخابرات المركزية تلقت أيضا الدعم من جانب حليفتها التقليدية بالكونغرس وهي اللجنة الفرعية الدائمة للمخابرات بمجلس النواب، وحاولت اللجنة الحفاظ على مهمة المخابرات المركزية في جمع المعلومات وصياغة مشروع قانون عام 2006 خاص بالمهام الموكلة اليها ينص على وضع كل المعلومات البشرية التي يتم جمعها من خارج الولايات المتحدة تحت اشراف مدير المخابرات المركزية، ويتوقع أن يصوت مجلس النواب على مشروع القانون الاسبوع الجاري. وقال النائب بيتر هويكسترا رئيس اللجنة الجمهوري «نريد فقط تقديم ايضاح، اذا لم تكن لديك نقطة تحكم واحدة فهناك فرصة كبيرة للغاية لحدوث ارتباك». ويقول خبراء من بينهم مسؤول بالكونغرس مطلع على خطة الاصلاح ان نجروبونتي قرر ان تحتفظ المخابرات المركزية بدورها البارز في جمع المعلومات البشرية.

لكن محللين يقولون ان قلق العاملين بسبب الشكوك التي تساورهم يمكن ان يمثل تحديا لمدير المخابرات المركزية بورتر جوس الذي تعرض لانتقادات حادة من داخل وكالته بعد ان اتهمه البعض بانه لم يكافح بما فيه الكفاية للحفاظ على وضعها. وقال ديفيد روثكوف من مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي «اذا كنت من الداخل وترى أن المخابرات المركزية هي منظمة تؤدي مهامها بكفاءة عالية وتريد الحفاظ على مهامها هذه فأنت أما تعتقد أن هذا الشخص (جوس) قد باعك أو أنه مجرد شخص غير فعال». وأجبرت الاصلاحات الجديدة جوس على التخلي عن مقعده في اجتماعات مجلس الأمن القومي لصالح نجروبونتي، كما طلب نجروبونتي من رؤساء مكاتب المخابرات المركزية حول العالم ارسال تقاريرهم اليه وليس الى جوس في أمور تشمل أنشطة تقوم بها الوكالات الاستخبارية الاخرى. وقال مسؤول بالمخابرات طلب عدم كشف هويته لحساسية القضية، ان الامر الذي أصدره نجروبونتي قلص من دور المخابرات المركزية كوكالة مخابرات مهيمنة في الخارج.

مصادر
الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)