هل يمكن الوصول الى «اجندة» للحوار السياسي بين سوريا والادارة الاميركية في ضوء التطورات الاخيرة على الساحتين العراقية واللبنانية؟ والى اي مدى يمكن لمثل هذا الحوار ان ينطلق فعليا؟

إن واشنطن عندما تتحدث عن وجود مطالب محددة لها تريد من دمشق ان تنفذها‚ فهذا لا يمكن ان يتحقق إلا في اطار الحوار والجلوس على طاولة التفاوض‚ لأنه من غير المعقول ان تصر الادارة الاميركية على املاء هذه المطالب على الجانب السوري بلغة الشروط الاحادية الجانب !

وعودة الى أرض الواقع نكشف بأن القيادة السورية قد حققت الكثير من المطالب الاميركية‚ ومع ذلك فان الولايات المتحدة تظهر عدم رضا ازاء السلوك السوري في المنطقة‚ وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس عندما دعت سوريا الى اقامة علاقات مع كل دول الجوار ! وهنا لا بد من التساؤل: على اي اساس تقيم رايس علاقات سوريا الاقليمية بأنها متوترة‚

ألم تنجح دمشق في تطوير علاقاتها مع أنقرة حتى الاقتراب من مستوى التحالف والشراكة الاستراتيجية؟ ألم تنفذ سوريا قرار مجلس الامن 1559‚ وتسحب قواتها من لبنان‚ وتقرر اقامة علاقات اكثر من طبيعية مع هذا البلد؟ ألم تنجح الدبلوماسية السورية في حل مشكلات الحدود مع الاردن وهو ما جرى التعبير عنه من خلال التوقيع على اتفاق ترسيم الحدود الذي وضع الكثير من الاشكالات والتجاوزات التي كانت قائمة بين البلدين‚ وأبقت على حالة من التوتر؟ ألم تقم سوريا بخطوات عملية محسوسة لضبط مراقبة حدودها مع العراق‚ وأبدت موافقتها حتى على اقامة «منطقة عازلة»؟

إن هذه المعطيات تؤكد أن علاقات سوريا مع دول الجوار في غاية الدينامية والفعالية‚ وهو ما يفسر سعي دمشق القوي الى تسوية خلافاتها مع جميع الدول الاقليمية في الشرق الاوسط الامر الذي يشير الى ان التقييم الاميركي غير موضوعي وغير منصف‚ وهو يتجاهل الواقع بكل تفاصيله‚ ولكن يبدو ان الولايات المتحدة مصرة على ابقاء سيف «الاتهامات» مسلطا فوق سوريا‚ لأن واشنطن اذا ما اقرت بأن دمشق يمكن التعاون معها اقليميا فهذا معناه سقوط نظرية «المحافظين الجدد» أي الغاء مسوغات وجود الادارة الاميركية الحالية‚ فقد ارتكز هذا الوجود على معاداة سوريا وتوجيه الاتهامات ضدها ومحاصرتها وذلك لحساب اسرائيل ومشروعها التوسعي في المنطقة‚ فهل يمكن لجورج بوش ان يتراجع عن هذه الحسابات ؟!

مصادر
الوطن (قطر)